كان بركان جبل سانت هيلين هو محور حديث الملايين من حول العالم، في بداية ثمانينيات القرن الماضي، لذا انطلق إليه المصور الأربعيني المحترف، روبرت لاندزبورج، أملا في التقاط صور مثيرة للحمم المتصاعدة منه، ولو على حساب حياته!
مصور دؤوب
في هذا العالم، يوجد القليل من الأشخاص الذين يفضلون إتمام أعمالهم على حساب أي شيء آخر، وحتى إن تكلف الأمر دفع حياتهم في المقابل، هم قليلون ويوجد بينهم روبرت لاندزبورج، المصور الأمريكي الذي ذهل مثله مثل الكثيرين في مارس من عام 1980، مع سماع أخبار تصاعد الحمم المروعة من بركان جبل سانت هيلين، في ولاية واشنطن، ولكنه اختلف عنهم كونه ذهب إلى هناك، ليغطي الأمر على طريقته الخاصة.
على مدار شهري أبريل ومايو، تنقل المصور ابن الـ48 عاما حينئذ، بين مرتفعات سانت هيلين، حتى حل يوم الـ18 من مايو، حيث وجد نفسه شديد القرب من قمة البركان، فانتظر حدوث ثوران جديد، يكمل به تغطيته الفريدة لهذا الحدث الشهير.
انفجار البركان
تحقق لروبرت ما أراده بالفعل، وانفجر البركان بما يحمل من رماد ملتهب، كان يتطاير أمامه في السماء قبل أن يسقط بالقرب من عدسة الكاميرا الخاصة به، والتي جهزها وثبتها بكل قوته، لتلتقط صور حية شديدة الإثارة لبركان جبل سانت هيلين، إلا أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة وسط انهماك المصور المحترف في عمله، حين وجد نفسه محاصرا بالبركان بدرجة مخيفة للغاية.
كان روبرت ذكيا للدرجة التي جعلته يدرك بصعوبة موقفه، بل واقتراب أجله، لذا لف سريعا شريط تسجيل الصور واضعا إياه بداخل الكاميرا، التي جردها من حاملها ثلاثي القوائم، ليدسها في جيبه الخلفي، وينام على ظهره، ليس لحماية الكاميرا نفسها، بل للاحتفاظ بشريط التسجيل الملهم، الذي كشف عن صور فريدة لبركان سانت هيلين، إضافة إلى تفان واجتهاد لا يوجد له مثيل، لدى المصور روبرت.
بعد مرور 17 يوما، هدأ البركان قليلا، وعثر رجال الإنقاذ على جثة روبرت، الذي استطاع رغم موته، حماية الصور التي التقطها قبل رحيله، ليشاهدها العالم لاحقا، ويدرك قيمة عشق العمل، لرجل ودع الدنيا بآخر أعماله وأعظمها دون منازع.