ثقافة ومعرفة

بريتانيكوس.. الطفل الإمبراطور الذي كشفت الأمطار لغز وفاته

مُنذ نشأة الحياة على الأرض، ونشهد دائمًا صراعات بين الخلائق بسبب المال والسلطان، تنتهي أحيانًا بالحروب أو بالقتل.. ويروحُ ضحاياها أبرياءٌ من الرجال أو النساء وأحيانًا الأطفال الصغار.

ويحدثنا كتاب «الطاغية نيرون سنوات الهرطقة والمحرقة»، للكاتب محمد عصمت، عن قصة حياة (بريتانيكوس) ابن الإمبراطور الروماني (كلوديوس) والوريث الشرعى للحكم.. ذلك الطفل الذي أصبح حديث التاريخ في الغدر والمكر والدهاء.

فرغم أن (بريتانيكوس) هو الوريث الوحيد للحكم، فإنه لم يصل أبدًا للحكم، بل وصله «ملك الموت» قبل «كرسي الحكم»، حيث قُتل بريتانيكوس وأخفيت جثته، وفجأة كشفت عدالة السماء والأمطار لغز الوفاة، فبعد نزول المطر على قبره، تحولت جثته للسواد، وهو ما كان معروفًا وقتها بأن السبب فى تحول الجثة للسواد هو الموت بالسّم.

القصةُ تبدأ من هُنا.. من الإمبراطور كلوديوس، والد (بريتانيكوس)، ذلك الإمبراطور الذى تولى الحكم بعد مقتل الإمبراطور كاليغولا، وكان كلوديوس يتسم بالبلاهة والغباء بدرجة منقطعة النظير، حتى وصل الأمر أنه أصبح يُضرب به المثل في البلاهة والاحتقار.

بعد أن تولى الحُكم، تعامل بشهامة ونُبل مع أعدائه دون أن يدري.. فأعاد ابنة أخيه أغربينيا من منفاها بعد أن نفاها كاليغولا.. ومع الوقت نشبت علاقة حُب وعشق بين كلوديوس وابنة أخيه.. ورغم أن القانون الرومانى فى ذلك الوقت كان يُحرّم مثل هذه العلاقة، فإنه استطاع أن يخطف قلبها وجسدها، وتزوجها بمباركة مجلس الشيوخ له جبرًا وقهرًا.

 

سيطرت (أغربينيا) على قلبه وعقله ونفسه، ووصل به الحال لأن يعلن تبنيه ابنها (نيرون من زوجها السابق)، ليُصبح نيرون الابن الأكبر لكلوديوس، لأنه كان يكبر (بريتانيكوس) بثلاث سنوات.

مع الوقت، بسطت (أغربينيا) سيطرتها على كلوديوس، وأضحت تتحكم فى كل ما يتعلق بحياة الطفل المسكين بريتانيكوس، فكانت تتعمد أن تظهره في مَظهر الأطفال وتتحكم فى تعليمه وكل شيء.. وفى الوقت ذاته تُظهر ابنها (نيرون) في مظهر الرجال القادرين على إدارة شئون الحكم وأمور الدولة.

 

بدأت تنسج (أغربينيا) خيوط مؤامراتها، لتولية ابنها نيرون الحكم بدلًا من الوريث الشرعي (بريتانيكوس).. فاستطاعت بدهاء ماكر إقناع زوجها كلوديوس بأن يزوج ابنته أوكتافيا من نيرون.. ومن ثمّ اختفى بريتانيكوس تمامًا من الساحة.. وأصبح أسيرًا فى الحُجرات المغلقة للقصر الإمبراطوري، ويُعامل معاملة الأطفال.

 

تتوالى أحداث قُصور الحكم وعجائبها ومؤامراتها، فتدبر أغربينيا مقتل كلوديوس، ويتولى نيرون الحكم الإمبراطوري، ويتناسى الجميع بريتانيكوس الوريث الشرعي الوحيد للحكم.

تختتم القصة فصولها باشتعال الصراع بين (نيرون وأُمه)، وعندما يصل الصراع إلى ذروته تهدده بأنها ستُنصّب (بريتانيكوس) الوريث الشرعي للحُكم إمبراطورًا للبلاد بدلًا منه، مما أثار نفس نيرون، وذكره بأن الوريث الشرعى للحكم ما زال على قيد الحياة، فقرر أن يتخلص منه للأبد.
في النهاية، دبّر نيرون خطة جُهنمية لقتل بريتانيكوس بالسم، حيث تم قتله ودفنه دون أن يرى أحد جثته، حتى لا يعرف سبب الوفاة، وأشاعوا أن الوفاة طبيعية، نتيجة المرض، وكاد الأمر ينجح لولا ما أشرنا إليه في البداية: سقوط الأمطار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى