الفرق بين الحزن والاكتئاب وتأثيرهما على الصحة النفسية والجسدية

الكثير منا قد لا يستطيع التمييز أو تحديد الفرق بين الحزن والاكتئاب فمع ازدياد ضغوطات ومشاكل الحياة اليومية نتعرض جميعًا بلا استثناء وبشكل دائم إلى العديد من الأحداث والمواقف المحزنة التي تزيد الشعور بالأسى أو الإحباط لفترات زمنية مختلفة، والتي قد يشخصها البعض عند استمرارها أو تطور اعرضها إلا أنها حالات من حالات الاكتئاب، لكن يعد هذا من الأفكار الخاطئة التي يعتقدها البعض دون وعي كافٍ بمعرفة الفرق بين الاكتئاب والحزن.

الحزن والاكتئاب

لا يمكن أن تخلو الحياة من المشاكل والأحداث اليومية التي تتسبب في شعور بالحزن والرغبة في البكاء أو العزلة عن الآخرين لبعض من الوقت، فهي من الأمور الطبيعية في حالة عدم استمرارها لمدة زمنية طويلة، ولهذا لا يمكن تصنيف الحزن بأنه اكتئاب فهناك فرق شاسع بينهم، لكن يمكن القول بأن الحزن هو أحد الأعمدة الرئيسية للاكتئاب، ولإمكانية تحديد الفرق بينهما يجب أولًا التعرف على المفهوم الصحيح لكل منهما:

الاكتئاب

يصنف الاكتئاب من الأمراض العقلية الخطيرة الشائعة والتي يمكن أن تصيب كافة الفئات العمرية، وهو حالة تسيطر على حياة الأفراد سلوكيًا ونفسيًا بشكل كبير دون معرفة سبب واضح لحدوثه، كما لا تمكنهم من القدرة على التعامل مع الأشخاص المقربين، وقد تزيد من شعور الفرد في عدم الرغبة لاستمراره في الحياة في بعض الحالات، وقد تستمر تلك المرحلة لمدة زمنية طويلة، كما يمكن أن يتسبب الاكتئاب في حدوث العديد من الاضطرابات النفسية والعقلية التي تحتاج إلى الذهاب إلى الطبيب النفسي على الفور.

الحزن 

يعد من ضمن الحالات النفسية المؤقتة التي تتلاشى بمرور الوقت بمجرد نسيان الموقف المسبب للحزن، يكون الشعور بالحزن بالكثير من الأوقات على مدار حياتنا فلا يشكل خطرًا ولا يحتاج إلى زيارة الطبيب النفسي، لكن مع استمرار مدة الشعور بالحزن دون تلاشيه لأكثر من أسبوعين فيمكن أن يتحول تلقائيًا إلى مرحلة شديدة من الاكتئاب، بالإضافة إلى أنه يمكن بكل سهولة تحديد سبب حدوثه حيث يحدث نتيجة ترك أو فقدان الأحبة أو التعرض لخسارة مادية من قِبل العمل.

الفرق بين الحزن والاكتئاب

يتشابه إلى حد كبير الفرق بين هذين المصطلحين وبين الفرق بين الكآبة والاكتئاب، فالحزن هي حالة لحظية كالكآبة، ولكن في بعض الأحيان قد تمر بالعديد من الاضطرابات النفسية المختلفة التي تجعلك حائرًا أمام نفسك لعدم قدرتك على تحديد هل هذا حزن أم اكتئاب؟ ولهذا سنقوم بتوضيح لك الفرق بين الحزن والاكتئاب بشكل مبسط للقدرة على التمييز بينهما، تتمثل تلك الفروق فيه:

عاطفة أم مرض نفسي

قد وصف بعض الأطباء النفسيين بأن الحزن ليس مرضًا بالشعور يميل للعاطفة بشكل أكثر، بالإضافة إلى أنه يساعد على اكتساب الفرد العديد من الخبرات الحياتية وعدم تعرضه للحزن مرة أخرى عند تعرضه لمواقف مشابهة، لكن يعد الاكتئاب من الاضطرابات النفسية المرضية الناتجة عن العديد من التراكمات النفسية، والتي يحتاج لتشخيص وعلاج.

محدودية التأثير

حين التعرض للحزن يمكنك ممارسة حياتك اليومية بشكل طبيعي فالحزن قد يغير شعورك أو مزاجك فقط، لكن الاكتئاب يقوم بالتحكم بشتى جوانب حياتك ولا يمكنك من العيش أو التأقلم معه، كما يعمل على استنفاد طاقتك ومتعتك تجاه الأشياء المفضلة لديك.

الأعراض

لا توجد أعراض نفسية أو جسدية واضحة تبين إصابة الفرد بالحزن فهو حالة عرضية وليست مرضية فقد يكفي الأفراد الذين يشعرون بالحزن بالبكاء فقط، لكن يتوافر للاكتئاب العديد من الأعراض والعلامات التي سنتعرف عليها خلال السطور القادمة.

طبيعة الشعور

يعد الحزن من الردود الفعلية الطبيعية بعد المرور بالمواقف العصيبة التي يمكن تقبلها وكما ذكرنا أنه يتلاشى مع الوقت، إنما الاكتئاب فهو شعور نفسي قاسٍ مليء بالآلام المضاعفة عن الحزن، كما يؤثر على كل من السلوك والتفكير وأيضًا العواطف بشكل كبير فلا يستطيع الشخص المكتئب الاستمرار للعيش بشكل طبيعي.

الحزن واعٍ لكن الاكتئاب لا شعوري

عند شعورك بالحزن ستكون قادرًا على فهم وتحديد مشاعرك رغم ما تمر به، لكن في حالة الشعور بالاكتئاب بأنك تمر بالعديد من المشاعر المتضاربة لا تستطيع التحكم بها أو فهم ما يحدث لك، كما قد تظن مع مرور الوقت دون التعافي بأنك ستظل هكذا دون تقدم وهذا قد يزيد من شعورك بالإحباط والرغبة للهروب.

أعراض الحزن والاكتئاب

بالرغم من محاولة الشخص المكتئب أو الحزين إخفاء ما يشعر به لعدم قدرته على التحدث في الوقت الحالي للآخرين، هناك العديد من العلامات الواضحة التي تبين مرور الفرد بحالة نفسية شديدة والتي تحتاج إلى ضرورة الذهاب إلى الطبيب النفسي للتخلص منها قبل حدوث مضاعفات كثيرة، كما يجب العلم بأنه تختلف تلك الأعراض وعلامات من فرد لآخر وليس من المشترط أن تظهر جميعها مرة واحدة، وتتمثل تلك الأعراض في:

• عدم القدرة على التركيز، والرغبة في النوم والجلوس في الظلام.
• التوقف عن التحدث أو الاستماع للآخرين والهروب من التجمعات. 
• الرغبة في التخلص من الحياة والانتحار وتعد من أصعب مراحل الاكتئاب.
• الحساسية والعصبية الزائدة، والشعور بعدم الثقة بنفسه.
• زيادة الشعور بالإرهاق الجسدي. 
• البكاء على أسباب قد لا تستدعي لهذا.
• قد يزيد أو ينقص في الوزن بشكل ملحوظ.
• الشعور باليأس وانعدام الأمل.
• الإحساس بالصداع بصورة دائمة.

أسباب الإصابة بالاكتئاب

بعد التعرف على الفرق بين الحزن والاكتئاب يجب العلم بأنه لم يستطع العلماء النفسيون حتى وقتنا هذا في اكتشاف سبب واضح وملموس لإصابة الأفراد بالاكتئاب، لكن هناك مجموعة من الأسباب الشائعة بمجال علم النفس والأمراض النفسية قد تسبب تعرض الأفراد لها في زيادة شعورهم بالاكتئاب وتتمثل أهم تلك الأسباب في:

عوامل وراثية

قد أثبتت العديد من التجارب والأبحاث بأن العوامل الوراثية تعد من الأسباب والعوامل الرئيسية المسؤولة عن إصابة الأفراد بمرض الاكتئاب، حيث يتم انتقالها عن طريق الجينات الوراثية أثناء الحمل.

أسباب بيوكيميائية

تعد الأسباب البيوكيميائية من العوامل التي تحفز على تعرض الأفراد للاكتئاب بشكل كبير، حيث تعمل التغيرات الكيميائية والفيزياء المتعارف عليها باسم الناقلات العصبية داخل أدمغة الأفراد في تغير الحالات النفسية والمزاجية في وقت قصير، بالإضافة إلى تأثير التغيرات الهرمونية بصورة كبيرة أيضًا على الإصابة بالاكتئاب خاصةً خلال فترة المراهقة.

عوامل بيئية

تعد البيئة هي اليد الأكبر لإصابة الأفراد بالاكتئاب نتيجة تعرضهم للعديد من الضغوطات والمشاكل الحياتية بشكل دائم والتي يصعب على الفرد تقبلها أو التأقلم معها مثل الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية.

عوامل مرضية

بلا شك تعد العوامل المرضية من أكثر العوامل التي تؤثر على الحالة النفسية بصورة كبيرة، حيث يتعرض المصابون بالأمراض السرطانية أو الأمراض القلبية والكثير من الأمراض الأخرى بالإحباط وعدم القدرة على المثابرة والمواجهة، كما أيضًا قد تتسبب الأدوية الخاصة بتلك الأمراض أو أثناء تناول حبوب الخاصة بمنع الحمل أو الحبوب المنومة على تحفيز التعرض للاكتئاب.

أنواع

قد يظن البعض أنه تنحصر أشكال وأنواع الاكتئاب في كون الفرد لا يريد التعامل مع الآخرين أو يشعر بالإحباط واليأس الشديد التي يمكن أن يصل به إلى زيادة رغبته في الانتحار، لكن بعد العديد من الأبحاث العملية قد أثبتت أنه يوجد العديد من أنواع الأشكال المختلفة له، كما ساعدت تلك الأبحاث على سهولة تحديد البرنامج العلاجي للمرضى، وتتمثل أنواع الاكتئاب فيه:

• الاكتئاب الدائم.
• الاضطراب الاكتئابي الرئيسي.
• الاكتئاب العاطفي الموسمي فقط.
• الاضطراب ثنائي القطب.
• الاكتئاب الذهاني.
• الاضطرابات النفسية ما بعد الولادة.
• اكتئاب ما قبل الدورة الشهرية.
• الاكتئاب غير النمطي.

تأثير الحزن والاكتئاب على الصحة الجسدية

بالرغم من وجود فروق عديدة بين الحزن والاكتئاب لكن كليهما يؤثر بالسلب على جسم الإنسان بصورة كبيرة على المدى البعيد بنفس المقدار، وتشمل أبرز أضرار الحزن والاكتئاب على صحة الجسدية والنفسية للإنسان فيه:

فقدان الشهية 

الاكتئاب وفقدان الشهية من أكثر أعراض المرض خطورة على الصحة الجسدية، وأيضًا عدم الشعور بمذاقه بشكل جيد، حيث يؤثر الحزن على المستقبلات الحسية المسؤولة عن تحديد مذاق الأطعمة.

مشاكل بالجهاز الهضمي

يتسبب الشعور بالحزن في زيادة حركة الأمعاء وعدم استقرار القولون العصبي مما يتسبب في احتمالية حدوث الإمساك أو الإسهال، كما يزيد من التشنجات المصحوبة بآلام أسفل البطن، وزيادة الشعور بالانتفاخات والغازات.

زيادة القلق والتوتر

يتسبب الحزن في تقليل المستوى الطبيعي لإفراز هرمون الكورتيزول مما يتسبب في زيادة الشعور بالقلق والاضطرابات المختلفة، وقد يتسبب التوتر والقلق على تقليل كفاءة عمل جهاز المناعة بشكل ملحوظ مما يؤدي إلى احتمالية الإصابة بالأمراض الخطيرة مثل الأمراض القلبية.

التأثير على صحة وطاقة الدماغ

تحصل الدماغ على نسبة 20% من الطاقة المخزنة للجسم بشكل عام ففي حالة التفكير الزائد والتعرض لحالات الحزن أو الاكتئاب فهذا يؤدي إلى رغبة الدماغ في الحصول على كم أعلى من الطاقة مما سيجهد عمل الخلايا الدماغية وتصبح مع الوقت أقل قدرة على الاستيعاب والتفكير خاصة بمنطقة الفص الأمامي التي تعرف باسم «الحصين» وأيضًا منطقة الفص «الصدغي».

ضعف النظر

قد أثبتت الدراسات على مجموعة من الأفراد قد تعرضوا لحالات حزن شديدة بأنه قد يسبب الاكتئاب والحزن ضعف النظر وصعوبة الرؤية بشكل جيد، كما يؤثر أيضًا على صعوبة التمييز بين درجات الألوان.

طرق علاج الاكتئاب

يعد الشخص المكتئب هو العامل الأساسي والمساعد بجانب الطبيب النفسي الخاص به؛ لسهولة تنفيذ البرنامج العلاجي للتخلص من الشعور بالحزن قبل تقدمه أو تطوره لحالات يصعب علاجها خارج المستشفى، وتتمثل أساليب وبرامج العلاج في:

العلاج باستخدام الأدوية الطبية

يفضل بعض الأطباء وصف الأدوية المساعدة في التخلص من أعراض الاكتئاب لكونها من الطرق الفعالة والتي لا تحتاج إلى مجهود، لكن تحتوي تلك العقاقير على العديد من الآثار الجانبية السيئة التي قد تضر بصحة المريض على المدى البعيد، ولهذا يحذر الأطباء من تناول أي نوع من أنواع تلك الأدوية دون استشارة أولّا.

العلاج نفسي الاجتماعي

بالرغم أنه من الأساليب التي قد تستغرق الوقت الطويل للعلاج إلا أنه من طرق العلاجية الفعالة والبسيطة للتخلص من الاكتئاب، والتي تتم من خلال التحدث والاستماع الجيد للمريض، حيث تساعد في سهولة ووصف ما بداخله، كما هناك من يقوم بالدمج بين الأسلوب العلاجي النفسي وبين العلاج بالعقاقير الطبية للحصول على أفضل النتائج.

نصائح هامة للتخلص من الحزن والاكتئاب

يعد الالتزام والتدخل السريع لعلاج الاكتئاب منذ المراحل الأولى له من أكثر الأسباب التي تساعد على تقليل أعراضه ومخاطره على المدى البعيد، كما أن هناك العديد من الإرشادات والتعليمات التي يجب الالتزام بها مثل:

• يجب عدم الجلوس بمفردك ومحاولة التقرب والجلوس مع الأقارب لمنع التفكير الزائد.
• الاندماج بالعالم الخارجي والذهاب للعمل أو الخروج لاستنشاق الهواء واللعب الرياضة صباحًا.
• الالتزام بالنظام العلاجي المحدد لك، وتناول الأدوية الخاصة بالاكتئاب في موعدها.
• يجب على الطبيب محاولة فهم والاستماع لمشاكل مريضه وعدم تجاهله أثناء جلسات العلاج النفسي. 
• يمكنك اصطحاب وتربية أحد الحيوانات الأليفة المفضلة لديك.
• مشاهده المواقف والمشاهد المضحكة والكوميدية.
• البعد عن القلق والتوتر، كما يفضل الذهاب إلى الأماكن الهادئة.
• تناول الأطعمة الصحية والإكثار من الفواكه والخضروات.
• يجب تجنب التفكير في الأمور التي تسببت في تعرضك للحزن والاكتئاب.

بعد التعرف على الفرق بين الحزن والاكتئاب يجب أن ندرك جيدًا بأن الحزن ليس إلا جزء مصغر من الاكتئاب، كما يجب العلم بأنه عند تعرضك لتلك المواقف الصعبة المؤدية للاكتئاب سيمنحك الله المزيد من الفرحة والسعادة لنسيان ما قد مررت به، فيعد الحزن والسعادة عاملين أساسيين لتقبل الحياة واستمرار العيش بها، فكن مدركًا بأنه لا شيء يستمر كما هو فكل شيء قابل للتغير.

المصادر:

ميديكال نيوز توداي.

هيلث لاين.

ماي مود باث.

ويكيبيديا.