ثقافة ومعرفة

أوتا بينغا.. الرجل الذي يحمل سجل البشر السيئ

كثيرا ما يعاني الأقزام في كل زمان ومكان، وكان منهم القزم الكونغولي أوتا بينغا الذي عانى من هؤلاء المجموعة البشرية الساخرة، وذلك بسبب هيئته البدنية، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية جعلته في القرن الـ 20 رمزا على إبراز العنصرية.
في هذا التوقيت تم اعتبار الإنسان الأسود حثالة البشر وليس له قيمة في المجتمع الأمريكي، وكانوا يعاملون السود على أنهم حيوانات، والدليل على ذلك هذا الرجل الكونغولي المسكين أوتا بينغا، والذي مر بظروف قاسية للغاية حتى أصبح في النهاية مجرد حيوان موضوع في حديقة الحيوان، ولكنه تمكن من الإفلات من هذه الحديقة الحيوانية التي كان محبوسا بها، ولكن النهاية المأساوية التي تلاحق أي أنسان أسود في أمريكا في هذه الحقبة من الزمن لحقت به أيضا، فإليكم جزءا من حياته المأساوية.

أوتا بينغا

أوتا بينغا
ولد هذا الرجل في نهاية القرن التاسع عشر، هذه الفترة التي كانت تعج بالكثير من الأحداث، على الرغم من أن قبيلة ذلك الرجل كانت في منأى عن الأحداث ولم يشغلها هذا الفضاء الواسع، فقط تعيش في دولة الكونغو، وكانت تعيش في سلام تام مع الجميع، إلا أن عيبها الوحيد من وجهة نظر المجتمع الأمريكي هو أن هذه القبيلة كانت تتمتع باللون الأسود وتقزم في القامة، ولكن لا بواكي على هذا الزمن الذي كان يصنف البشر حسب الشكل، ولذلك قام بعض المتخلفين بإبادة هذه القبيلة بسبب أشكالهم.

إبادة قبيلة مابوتي

في أواخر القرن الـ19 أرادت إحدى الشركات البلجيكية أن تجعل أفراد القبيلة يعملون لديهم بالسخرة، فرفضت القبيلة في ذلك التوقيت هذا الطلب من الشركة البلجيكية، فقامت هذه الشركة باستئجار جماعة من البشر قاموا بإبادة القبيلة بأكملها انتقامًا من الجميع، إذ كانوا يعتبرونهم مجرد قرود، فكيف إذًا تجرأت القرود ورفضت طلبهم، وفي هذه الأحداث قتل جميع أفراد عائلة وأسرة أوتا بينغا، وأخذته الشركة كعبد ليعمل لديها بالسخرة في بلجيكا.

أوتا في الحديقة

أوتا في الحديقة
في عام 1904 بمعرض صمويل قام أحد أصحاب حدائق الحيوان بشراء أوتا، ومن ثم وضعه في حديقة الحيوان كي يتم مشاهدته من الناس، وذلك حتى يثبت للناس أن الإنسان في الأصل قرد، مبرهنًا ذلك بشكل أوتا، حتى أصبح أداة جذب تجارية تجعل الناس يأتون لزيارة الحديقة ودفع مِقدار أكبر من الأموال، ومن الغريب أن الناس كانوا يذهبون بالفعل ويدفعون الأموال من أجل مشاهدة ذلك المسكين وهو يوضع في القفص بشكل مُذل.

ثورة السود

وقتها كان السود في الولايات المتحدة الأمريكية مستضعفين، ولكنهم قاموا وهبوا بثورة عارمة في جميع أنحاء البلاد وصدروا القضية للرأي العام العالمي الذي سلط الضوء على ما يحدث داخل تلك الحديقة من إهانات شديدة للجنس البشري الأسود، ومع العديد من الدعوات تطور الأمر إلى أن أصبح أوتا يتعرض للضرب والتعذيب المبرح من قبل الزوار، وأقاموا حفلة لتعذيبه كذلك.

أوتا خارج الحديقة

خرج أوتا عام 1910، ودخل إحدى المدارس، وتغيرت حياته بالكامل وتخرج من المدرسة وأصبح شخصا جديدا، وقام بالعمل في أحد المصانع بدخل ثابت يُناسب احتياجاته، كما أنه كذلك تمكن من تكوين صداقات كثيرة وكسب حب الناس بسبب براءته التي كانت طفولية إلى حدٍ كبير.

الحنين إلى الوطن

حن أوتا للسفر وطلب من المسئولين الرجوع إلى بلاده، وكانت سعادته بالغة، وفي لحظة سريعة اندلعت الحرب العالمية في عام 1914، حيث أصبحت حركة الملاحة صعبة جدًا، وبات من المستحيل أن يتمكن أوتا من السفر إلى أي بلد أخرى، خاصةً إذا كانت تلك البلاد أفريقيا.

رصاصة النهاية

شعر أوتا بالكثير من الذل والمهانة والتعب، خاصة وأن حياته أصبحت بؤسا ورمادا، وتحولت حياته إلى عربدة وسكر يأسا من هذه الحياة، وتطور الأمر إلى أن قتل نفسه عن طريقة رصاصة مباشرة في الرأس، كان ذلك في عام 1916، وتحديدًا في العشرين من شهر مارس ذلك العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى