الصحة النفسية

فقدان الذاكرة المفاجئ.. ما هي الأسباب والأعراض وطرق العلاج؟

هل جربت يومًا أن تنظر لوجه شخص تشعر تجاهه بالأُلفة، ولكنك غير قادر على تذكره، الشعور مضاعف وربما لا يقارن حينما يفقد الشخص القدرة على استرجاع المعلومات عن الأحداث والخبرات والأشخاص والأماكن التي اعتاد عليها؛ إنه فقدان الذاكرة المفاجئ؛ حيث تعيش في الحاضر بذكريات بسيطة من الماضي، وذاكرة قصيرة المدى شبه خالية تمامًا؛ ما هي الأسباب والأعراض وطرق العلاج؟ سنتعرف عليها سويًا في السطور التالية.

ما هو فقدان الذاكرة المفاجئ

ما هو فقدان الذاكرة المؤقت

الذاكرة هي هذا الجهاز الحيوي في الدماغ، والتي تشكل ماضي وحاضر ومستقبل الشخص؛ فكيف يحيا بدون قدرة على تذكر هويته والحقائق والمعلومات التي تترسخ في عقله لتبني ذكريات وخبرات تمكنه من الاستمرارية في الحياة؛ لذا فإن مرض فقد الذاكرة من أصعب الاضطرابات المرضية التي تعيق قدرة الشخص على استرجاع المعلومات والذكريات والخبرات التي مر بها، سواء كان السبب عضويا أو نفسيا؛ إلا أن النتيجة أمر صعب للغاية التعايش معه.

فقدان الذاكرة المفاجئ أحد أنواع فقد الذاكرة التي تتعدد أسباب الإصابة به، حيث يجد المريض صعوبة في تذكر بعض الأحداث بشكل تدريجي، وعدم القدرة على استرجاع المعلومات الحديثة بصورة مفاجئة، مع نسيان المعلومات القديمة بشكل جزئي وليس كليا، ولكن حصيلة حياته اليومية في الآونة الأخيرة تتعرض للفقد الكامل في فقدان الذاكرة، نتيجة تلف بعض خلايا الدماغ يعاني الشخص في تذكر تفاصيل الكثير من الأشياء التي تعرض لها مؤخرًا.

أسباب فقدان الذاكرة المفاجئ

السبب الرئيسي الكامن وراء الإصابة بفقدان الذاكرة المفاجئ هو تلف الخلايا المسؤولة عن الذاكرة في الدماغ، ووراء هذا التلف تقف عدد من الأسباب التي تؤثر على درجة الإصابة؛ ومنها:

الإصابة بفقد الذاكرة الشامل العابر

تعرف تلك الحالة بفقد الذاكرة النوبي (Tran­sient glob­al amne­sia)، حيث تأتي في شكل نوبات مفاجئة للشخص، تستمر لمدة من 10–12 ساعة، وفي أحيان أخرى قد تستمر حتى 24 ساعة، وفي أثناء النوبة لا يستطيع الشخص تذكر أي معلومات أو أشياء تعرض لها مؤخرًا، وبعد انتهاء النوبة يعود شخصًا طبيعيًا، وتحدث نوبات فقد الذاكرة الشامل العابر بسبب:

  • إجراء عملية جراحية في الدماغ.
  • تعرض الدماغ لماء بارد أو ساخن بشكل مفاجئ.
  • القيام بمجهود بدني شاق.
  • التوتر والقلق والاكتئاب.

الإصابة ببعض الأمراض

قد تسبب بعض الأمراض أو إصابات الدماغ تلف خلايا الدماغ المسؤولة عن الذاكرة؛ ومن هذه الأمراض:

  • الجلطات الدماغية؛ حيث تتسبب إصابات الدماغ بالجلطات في زيادة نسبة الإصابة بفقدان الذاكرة المفاجئ بمعدل 25%.
  • نزيف الدماغ، والسكتة الدماغية.
  • حدوث التهاب فيروسي في الدماغ.
  • التهاب الدماغ الجوفي.
  • إصابات الرأس.
  • نقص كمية الأكسجين التي تصل إلى الدماغ.
  • نوبات الصرع.
  • مرض الزهايمر.
  • نوبات الصرع.
  • العدوى البكتيرية والفيروسية للدماغ.
  • أورام المخ وبخاصة في المناطق المسؤولة عن الذاكرة.
  • تسمم أول أكسيد الكربون.
  • نقص الثيامين نتيجة تعاطي الكحول والمواد المخدرة.

تعاطي بعض الأدوية

قد يترتب على استخدام أنواع محددة من الأدوية عدد من المضاعفات طويلة المدى؛ ومنها فقد الذاكرة المفاجئ؛ ومن هذه الأدوية:

  • الأدوية المضادة للصرع سبب خطير من أسباب فقدان الذاكرة المفاجئ؛ ومنها أدوية الباربيتورات.
  • الأدوية المهدئة، ومضادات القلق والاكتئاب؛ مثل البنزوديازيبين.
  • مضادات الهيستامين التي تثبط عمل السيروتونين؛ وهي أهم الناقلات الكيميائية المهمة في الدماغ.
  • الأدوية الناركوتية؛ وهي من الأدوية المخففة للألم؛ حيث تؤثر على عمل خلايا التذكر والإدراك في الدماغ.
  • أدوية باركنسون، أو محفزات الدوبامين لها عدد من الآثار الجانبية؛ مثل: فقدان الذاكرة، والهلوسة، والنعاس.
  • أدوية الستاتين؛ وهي خاصة بخفض مستوى الكوليسترول في الدم؛ وهو ما يؤثر تباعًا على الكوليسترول في الدماغ مؤثرًا على عملية التذكر.
  • المنومات؛ ومنها الأبنزوديايبين.
  • أدوية ضغط الدم المرتفع في بعض تؤثر على عمل الذاكرة.

 أسباب نفسية

تحتل بعض العوامل النفسية النصيب الأكبر في مسببات اضطراب فقدان الذاكرة؛ لذا يعتمد علاجه بشكل أساسي على العلاج النفسي تزامنًا مع العلاج الدوائي؛ ومن أهم أسباب فقد الذاكرة المفاجئ:

  • الاكتئاب؛ فحتمًا ستؤثر الإصابة بالاكتئاب على وظائف الدماغ المختلفة؛ ولكن تم الربط بين فقدان الذاكرة المفاجئ تحديدًا وبين الاكتئاب.
  • التعرض لصدمة نفسية قوية من شأنها إفقاد الشخص القدرة على استرجاع الكثير من المعلومات؛ وبخاصة حديثة العهد.
  • الكوارث الطبيعية؛ حيث أشار المتخصصون إلى أن سبب هذا الفقدان ينطلق من تعرض الشخص لتغيرات مفاجئة.
  • الخرف والزهايمر يبدآن تدريجيًا لدى الشخص بفقدان الذاكرة المفاجئ.
  • الضغوط العصبية التي تؤدي إلى القلق والتوتر من شأنها إصابة الشخص به.

وبجانب الأسباب السابق ذكرها توجد بعض الأسباب الأخرى التي يمكن أن تؤثر على عمل الذاكرة، وتحد من قدرة الشخص على تذكر المعلومات والأحداث والأشخاص؛ ومنها: إدمان الكحول وتعاطي المواد المخدرة؛ بالإضافة إلى التعرض للعلاج الإشعاعي، والأرق الشديد لفترات طويلة.

أعراض فقدان الذاكرة المفاجئ

أعراض فقدان الذاكرة المؤقت

قد يتساءل البعض كيف يمكن التمييز بين أعراض فقدان الذاكرة الكلي، أو الزهايمر، وبين الفقدان الجزئي، والمفاجئ؟ الفرق الملحوظ هنا هو تركيز القصور في الذاكرة قصيرة المدى للشخص؛ حيث يجد صعوبة في تذكر الأحداث قريبة الحدوث؛ فيمكن له أن يتذكر تاريخ ميلاده، أو ذكريات دراسته في الطفولة؛ لكنه يجد صعوبة في معرفة ما حدث في اليوم السابق أو الشهر الماضي؛ ومن أبرز أعراض فقدان الذاكرة المفاجئ:

  • عدم القدرة على تذكر الأحداث، والمعلومات، والخبرات السابقة.
  • انخفاض قدرة الشخص على تمييز الأشياء المألوفة له، والأشخاص المقربين، والأماكن المعتاد عليها.
  • ظهور بعض الأعراض الجسدية على الشخص مثل الرعشة في الأطراف، والتعرق الشديد.
  • التوتر، والقلق المستمر، والارتباك بسبب الصعوبة في تذكر ما مضى من معلومات، وأحداث.
  • السلوكيات غير المنظمة، والانفعال بسبب المحاولات الفاشلة في التذكر، واسترجاع ما مضى.
  • الصعوبة في التأقلم مع المحيطين به، والتآلف مع الأماكن والأحداث.

تشخيص فقدان الذاكرة المفاجئ

يعتمد الطبيب في التشخيص على استبعاد أي أسباب جسمانية لفقد الذاكرة؛ ومنها إصابات الدماغ، والأورام، والتهابات الدماغ؛ بالإضافة إلى التشخيص النفسي، والسلوكي للشخص؛ ومن طرق التشخيص المعتادة لفقد الذاكرة:

  • عمل مقابلة مع المريض، وتوجيه بعض الأسئلة له عن أسرته، وحياته وذكرياته لمعرفة وقعها على حياته الحالية، ومدى تأثيرها على الذاكرة.
  • الفحص البدني للشخص؛ وبخاصة الأشعة المقطعية على الدماغ، وأشعة الرنين المغناطيسي للجهاز العصبي.
  • اختبار أداء الجهاز العصبي.
  • معرفة التاريخ العائلي للشخص.
  • فحص الإدمان وتعاطي الكحول والتدخين.
  • اختبارات الدم.

علاج فقدان الذاكرة المفاجئ

علاج فقدان الذاكرة المفاجئ

يحتاج الطبيب المعالج إلى تحديد سبب فقدان الذاكرة أولًا للبدء في العلاج، وباختلاف السبب تختلف طريقة العلاج؛ فمثلًا إذا كان السبب هو وجود التهابات فيروسية أو بكتيرية في الدماغ؛ يكون العلاج هو وصف الأدوية المناسبة لعلاج هذه الالتهابات، وإذا كان السبب مثلًا هو تعاطي المخدرات أو الكحول؛ يحتاج المريض إلى وقف التعاطي الفوري؛ ليتم تنظيف الجسم من سموم هذه المواد، وهكذا، ولكن بوجه عام يعتمد علاج فقدان الذاكرة المفاجئ على:

  • معرفة السبب وراء قصور أداء الدماغ لوظيفة التذكر والانتباه.
  • العلاج النفسي ليتخلص الشخص من وقع الصدمات النفسية، أو التجارب السيئة التي أثرت على ذاكرته؛ وقدرته على استرجاع المعلومات؛ والخبرات.
  • الدعم الأسري مهم للغاية من الأسرة والأصدقاء للمريض ليستعيد ثقته بذاته، وتنشط لديه خلايا الدماغ والقدرة على الانتباه، والإدراك، والتذكر.
  • العلاج الوظيفي مهم للغاية لمساعدة المريض على بناء ذاكرة قوية بمعلومات جديدة، وخبرات، وأحداث إيجابية.
  • تدريب المريض على استراتيجيات، وطرق جديدة لاكتساب المعلومات، وسهولة تذكرها.
  • يمكن للمريض الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتذكيره بمهامه اليومية، مثل؛ تذكر المواعيد، والأحداث، واستخدام الصور للاستدلال على الأشخاص؛ ليعوض الخلل في أداء الذاكرة لديه.

وأخيرًا فقدان الذاكرة المفاجئ قد يبدو أمرًا بسيطًا؛ ولكن أعراضه وآثاره على الشخص والمحيطين به تجعله من أقسى الأمراض التي يمكن أن يعاني منها؛ ولكن لا بد من معرفة السبب والبدء في العلاج، أو على الأقل اكتساب مهارات تعلم جديدة، والاستفادة من تكنولوجيا الواقع لتعويض قصور الذاكرة.

المصادر:

مايوكلينيك.

ويب ميد.

أي إل زد.

ويكيبيديا.

زر الذهاب إلى الأعلى