آراء ومساهمات

أحمد زايد يكتب: خمس من أغرب الظواهر في الوجود

كتب — أحمد زايد

خمس من أغرب الظواهر في الوجود

1- معضلة فيرمي Fermi Paradox:

معضلة وضعها عالم الفيزياء الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل Erni­co Fer­mi وهي كالتالي:

- تحتوي مجرة ​​درب التبانة على مئات المليارات من النجوم، وتشبه المليارات منها الشمس التي يدور حولها كوكبنا.

- من المحتمل جداً أن يكون لبعض هذه النجوم كواكب مشابهة لكوكب الأرض.

- إذا افترضنا — من خلال مبدأ كوبرنيكوس (المبدأ الأساسي في علم الكونيات ويقول إن الكون متجانس ومتناظر من كافة الجهات لا يوجد مراكز فيه) — أن الأرض ليست خاصة، إذن يجب أن توجد الحياة الذكية أيضاً على جزء من هذه الكواكب الشبيهة بالأرض.

- بعض أشكال الحياة الذكية هذه قد تطور تكنولوجيا متقدمة، يمكن أن تمكنها من السفر بين النجوم.

- سيستغرق السفر بين النجوم واختراع هذه التكنولوجيا وقتاً طويلاً، ولكن نظراً لوجود العديد من النجوم الشبيهة بالشمس والتي يزيد عمرها عن مليارات السنين، كان هناك متسع كبير من الوقت لحدوث مثل هذه الأمور.

- بالنظر إلى كل هذا، لماذا لم نلتق أو نر أي أثر للحياة؟ أين الجميع؟

لم يتمكن أحد من وضع تفسير لحل هذه المعضلة، كل الموجود تكهنات فقط [1].

2 — لماذا كمية المادة أكبر من كمية المادة المضادة Matter-Antimatter asymmetry:

من المتعارف عليه أن المجرات والنجوم نشأت من عملية الانفجار العظيم، حسب قوانين الفيزياء التي نعرفها (معادلة تسمى معادلة ديراك) كل جسيم في الكون له جسيم مضاد يخالفه في الشحنة، الإلكترون جسيم سالب الشحنة يوجد له إلكترون مضاد (بوزيترون) موجب الشحنة، البروتون جسيم موجب الشحنة له جسيم مضاد يسمى مضاد البروتون سالب الشحنة، ومن المعروف أن الشحنات المتضادة تنجذب لبعضها فعندما تنجذب المادة للمادة المضادة تحدث عملية إفناء لكل منهما وتتحول طاقتهما إلى فوتونات (ضوء فقط)، عملية الانفجار العظيم يجب حسب قوانين الفيزياء أن تخلق كميات متساوية بالضبط من المادة والمادة المضادة، لو هذا ما حصل فعلاً يجب أن لا يكون أحد منا موجود هنا الآن، كل محتويات الكون يجب أن تكون ضوءا فقط، فالكمية المتساوية من المادة والمادة المضادة سيحصل لها إفناء ولن يبقى سوء الضوء، لكننا ننظر من حولنا فنجد نجوما ومجرات مكونة من جسيمات «المادة» في كل مكان ولا نجد نجوما ومجرات مكونة من جسيمات «المادة المضادة» يوجد شيء ما لا يعرفه أحد حدث في الماضي جعل كمية المادة تتفوق على كمية المادة المضادة مما أدى لنجاة كمية معينة من مادة صنعت كل ما نراه من حولنا [2].

3 — الوضوح النهائي Terminal Lucidity:

استعادة القوى العقلية قبل الموت بدقائق أو ساعات أو حتى أيام في المرضى المصابين باضطرابات حادة كمرض ألزهايمر أو مرض الخرف.

– أول من وضع هذا المصطلح كان البيولوجي الألماني Michael Nahm بعد أن نشر عن هذه الظاهرة بدأ الأكاديميون يهتمون بها وحاولوا وضع تفسيرات لها لكن لا يوجد إلى الآن تفسير واضح لها، من الحالات التي أخبر عنها هذا البيولوجي:

- امرأة تبلغ من العمر 92 عاماً مصابة بمرض الزهايمر المتقدم، على سبيل المثال، لم تكن تتمكن من التعرف على عائلتها لسنوات، ولكن في اليوم الذي سبق يوم وفاتها، أجرت معهم محادثة ممتعة، تذكرت أسماء جميع أفراد عائلتها، تذكرت حتى عمرها والمكان الذي عاشت فيه طوال مدة حياتها.

- شابة ألمانية تدعي آنا كاثي أصيبت عدة مرات بعدوى بكتيرية دمرت بشدة نسيج القشرة المخية في مخها، بوصف الأطباء لها «منذ الولادة، كانت متخلفة بشدة، لم تتعلم أبدأ أن تتكلم بكلمة واحدة، كانت تحدق لساعات في مكان معين، ثم تتململ لساعات دون انقطاع، كانت تلتهم طعامها، تلوث نفسها ليلا ونهارا، تنطق بصوت يشبه صوت الحيوانات، وتنام … لم تنتبه أبدا لبيئتها ولو لثانية واحدة » بالرغم من كل ذلك وهي على فراش الموت بعد قطع ساقها بسبب مرض آخر أصابها (مرض السل) استعادت كامل قواها العقلية وجلست تغني لنفسها أغنية كلماتها «أين تجد الروح بيتها، سلامها؟ سلام، سلام، سلام سماوي!» غنت هذه الأغنية لمدة نصف ساعة، ثم ماتت بهدوء، هذه القصة حصلت أمام أعين اثنين من أكبر الأطباء في ذلك العصر ويلهام ويتنبين وفريدريك هابيتش اللذين حكيا قصتها [3].

4 — تجربة الاقتراب من الموت Near-Death Experience:

تجربة توصف بأنها روحية من قبل من يمرون بها وتقنعهم جميعاً بأن الموت ما هو إلا مرحلة انتقالية فقط لمكان آخر، من يمر بهذه التجربة يفقد إحساس الخوف من الموت، و يصبح أكثر روحانية في حياته، الناس في هذه التجربة يرون أنفسهم في نفق مضيء، يتذكرون كل ما فعلوه أثناء حياتهم، يرون كائنات نورانية، يفقدون الإحساس بالألم وغيرها من الخصائص الشائعة التي يعرفها الكثير من الناس.

– دائماً ما تعتبر تجربة الاقتراب من الموت من قبل المشككين هلوسة بسبب عوامل مختلفة، والسبب في ذلك وجود نوع من أنواع سوء الفهم للعلم وللأسف سوء فهم من قبل العلماء أنفسهم، فأحياناً يقوم عالم بإحضار مجموعة من الأشخاص ويعطيهم دواء الكيتامين (دواء مهلوس) أو مادة ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك (مادة مهلوسة)، فيقوم هؤلاء الأشخاص بإخباره أنهم شعروا بالراحة النفسية التامة وأنهم شاهدوا كائنات مضيئة، يذهب للأشخاص الذين اقتربوا من الموت (حالتهم الصحية سيئة للغاية، أو توقفت قلوبهم وعادوا بالإنعاش) فيجدهم يخبرون أيضاً أنهم شعروا بالراحة وشاهدوا كائنات مضيئة في نهاية نفق، فيستنتج من ذلك أن تجارب الاقتراب من الموت هلوسات مشابهة لهلوسات تناول العقارات المهلوسة، هذه الطريقة لا علاقة لها بالمنهج العلمي، يمكن توضيح الأمر بالمثال المأخوذ من هنا [4]، فالأم تشعر بالحب تجاه طفلها، الأدوية المهلوسة تعطي للشخص إحساسا بالحب أيضاً، سيكون من السذاجة أن تقول إن إحساس الأم بالحب تجاه طفلها هلوسة لأنه يمكن إنتاج نفس الشعور بالأدوية المهلوسة، بالمثل لا يمكن وصف تجربة الاقتراب من الموت أنها (هلوسة) لمجرد أن بعض الخصائص التي تتميز بها هذه التجربة يمكن إنتاجها بنوبات الصرع أو تحفيز المخ أو نقص الأكسجين، وغيرهم.

– إضافة لوجود خصائص في هذه التجربة ليست متناسقة مع اعتبارها هلوسات ولم يتمكن أحد من تفسيرها وعلى الأرجح لا يمكن تفسيرها بنشاط المخ،

- مثل أن يتوقف قلب شخص فيشعر أن ذاته انفصلت عن جسده ويرى ويسمع ويصف بشكل دقيق كل ما يجري حول جسده — يصف غرفة الإنعاش، يصف ما فعله الأطباء أثناء محاولة إنعاشه — [5].

- مثل أن يتوقف قلب شخص فيدرك أحداثا بعيدة عن جسده — أي أحداث تقع خارج نطاق أعضاء حسه، كالأحداث خارج الغرفة الموجود فيها — [6].

- مثل أن يرى أشخاصا، أقرباء لهم ماتوا قبلهم ما كانوا يعرفونهم في الحياة، كهذا الشخص [7] الذي حكى عنه الطبيب Pim van Lom­mel توقف قلبه فرأى رجلا نظر له بحب لم يعرف من هو ذلك الرجل لأنه لم يقابله في حياته أبداً، عندما عاد بالإنعاش، أمه أخبرته أن زوجها الذي رباه ليس والده الحقيقي وأعطته صورة والده الحقيقي فاكتشف أنه نفس الرجل الذي رآه عندما مات إكلينيكياً، صحيح مثل هذه الأشياء — الناس الذين يرون أقرباءهم — حكايات فقط يرويها الناس والأطباء، لكن يوجد العديد منها على مر التاريخ [8]، لا يمكن تجاهلها وليس من المعقول أن كل هؤلاء الأطباء والمرضى يفبركون القصص.

يجب الملاحظة هنا أيضاً أنه بعد السكتة القلبية بحوالي 30 ثانية (المخ لا يعمل) فهو أكثر الأعضاء استهلاكاً للأكسجين، على أقل تقدير لا يعمل بالطريقة اللازمة لتوليد وعي حسب نظريات علم الأعصاب الحالية التي تقول أن العقل نتاج المخ كنظرية فضاء العمل العالمي Glob­al Work­space The­o­ry، أو نظرية المعلومات المتكاملة Inte­grat­ed Infor­ma­tion The­o­ry، فبعد السكتة القلبية بثوانٍ وقبل الإنعاش القلبي الرئوي المفترض أن لا يكون هناك وعي من أي نوع كما يذكر هذا البحث [9] من طبيب القلب والرئة Sam Par­nia وعالم الأعصاب Peter Fenwick:

Such patients would be expect­ed to have no sub­jec­tive expe­ri­ence, as was the case in the vast major­i­ty of patients who sur­vive car­diac arrest, since all cen­ters in the brain that are respon­si­ble for gen­er­at­ing con­scious expe­ri­ences have stopped func­tion­ing as a result of the lack of oxygen.

من المتوقع ألا يكون لدى هؤلاء المرضى أي تجربة ذاتية واعية، كما كان الحال في الغالبية العظمى من المرضى الذين نجوا من السكتة القلبية، لأن جميع المراكز المسؤولة عن توليد التجارب الواعية في الدماغ تتوقف عن العمل نتيجة لانقطاع الأكسجين.

فلو ظهر وعي أثناء هذه الفترة هذا يعني وجود احتمالية لأن يكون الوعي كينونة غير منتجة من نشاط المخ العصبي كما هو مذكور في [4].

5 — لماذا البشر مبرمجون على تصديق الأشياء الميتافيزيقية Innate Beliefs:

الكثير من الأبحاث في مجالات العلوم الإنسانية وعلوم النفس وعلم الاجتماع تثبت أن كل البشر — مسلمين، هندوسا، مسيحيين، وحتى الملحدين واللاأدريين — أطفالاً ورجالاً ونساء وشباباً — يمتلكون قدرات عقلية تدفعهم فطرياً للإيمان بالأشياء الميتافيزيقية، فهذه دراسة تثبت أن الملحدين واللاأدريين يعتقدون في وجود أشياء مثل تناسخ الأرواح، الحياة بعد الموت، القوى التي تحدد الخير والشر في الوجود، الكيانات والأشياء فوق الطبيعية كالأشباح، الكارما وغيرها من الأشياء التي لا يوجد دليل رصدي عليها بالرغم من أنهم يقولون نحن نصدق العلم فقط [10] فما هو سبب ذلك؟ لا أحد يعرف الإجابة [11].

مراجع 

[1] https://cosmosmagazine.com/space/what-is-the-fermi-paradox/

[2] https://home.cern/science/physics/matter-antimatter-asymmetry-problem

[3] https://blogs.scientificamerican.com/bering-in-mind/one-last-goodbye-the-strange-case-of-terminal-lucidity/

[4] https://academic.oup.com/qjmed/article/110/2/67/2681812

[5] https://www.nejm.org/doi/full/10.1056/NEJMc073315

[6] https://med.virginia.edu/perceptual-studies/our-research/near-death-experiences-ndes/

[7] https://link.springer.com/chapter/10.1007/978–0‑306–48526-8_9

[8] https://anthrosource.onlinelibrary.wiley.com/doi/full/10.1111/j.1548–1409.2010.01064.x

[9] https://www.resuscitationjournal.com/article/S0300-9572(00)00328–2/fulltext

[10] https://bigthink.com/culture-religion/atheist-supernatural?rebelltitem=3#rebelltitem3

[11] https://www.nature.com/articles/4551038a

 

إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى