شخصيات مؤثرةملهمات

سابرامانين تشاندراسخار.. حائز على نوبل تأخر تكريمه نصف قرن

سابرامانين تشاندراسخار، هو اسم لامع في عالم الفيزياء، لرجل اكتشف الكثير فيما يخص نظرية بناء وتطور النجوم في الفضاء، إلا أن العالم لم يدرك حجم إنجازه إلا عقب مرور نحو نصف قرن من الزمان، ليحصد نوبل قبل وفاته بسنوات قليلة، ويثبت أن النجاح المبهر قد يأتي متأخرا أحيانا.

سابرامانين تشاندراسخار.. ابن الهند العبقري

ولد سابرامانين تشاندراسخار، المعروف باسم تشاندرا، في الـ19 من شهر أكتوبر لعام 1910، حيث ترعرع في مدينة لاهور التابعة لباكستان الآن، بين أحضان أسرة بسيطة، إلا أنها لم تبخل على طفلها النابغ بشيء من أجل الوصول لأهدافه، التي تبين أنها تتعلق بالعلوم منذ نعومة أظافره، وخاصة وأن عمه هو تشاندراسيخارا رامان، العالم الفيزيائي الذي حصل لاحقا على جائزة نوبل، فهل يتمكن تشاندرا الصغير من تكرار الإنجاز؟

انتقل تشاندرا المراهق إلى بريطانيا من أجل تلقي العلم، حيث التحق بجامعة كامبريدج الإنجليزية العريقة، ليجد نفسه يختلط بالعلماء والباحثين المتخصصين في عالم الفيزياء، ما كان له أثر بالغ على تطور تشاندرا السريع، الذي منحه فرصة قلب الموازين بداخل الجامعة منذ أن كان في الـ19 فقط من عمره.

فاجأ تشاندرا من حوله بجامعة كامبريدج، بتطبيقه لنظرية النسبية الخاصة التي توصل إليها العالم الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين، على تطور النجوم في الفضاء، حيث رأي تشاندرا أن تحرك الجزيئات بداخل النجم بسرعة قريبة من سرعة الضوء، يتطلب على الفور تطبيق نظرية أينشتاين الشهيرة، الأمر الذي تسبب دون قصد في انقسامات حادة بين علماء وأساتذة كامبريدج، وغيرهم من المتخصصين في عالم الفلك والفضاء.

فشل مؤقت

قام تشاندرا في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، ببعض الحسابات المعقدة التي توصل من خلالها إلى ما يخالف اعتقادات العلماء في ذلك الوقت، فبينما كان الجميع يعتقد أن النجوم تتحول بمرور الوقت إلى ما يعرف باسم الأقزام البيضاء، جاء تشاندرا ليكذب هذا التوقع مستبعدا إمكانية وجود أقزام بيضاء في السماء أثقل وزنا من الشمس، ومرجحا حدوث انهيار بالنجوم يجعلها تنكمش حتى الوصول لنقطة أو شق في الزمان والمكان، لا يمكنها الهروب منه.

كان اكتشاف تشاندرا المثير يعتبر أول دليل علمي على وجود ما عرف لاحقا باسم الثقوب السوداء، إلا أن عبقرية تشاندرا الشاب لم تلق للأسف الترحيب المطلوب من جانب العلماء الآخرين، الذين لم يبدوا قناعة بما توصل إليه ابن مدينة لاهور.

أصيب تشاندرا بالصدمة من تعامل أساتذة كامبريدج مع اكتشافه المثير، إلا أن ذلك لم يمنع العالم الشاب من استكمال نجاحه الدراسي والعلمي، حيث حصل على شهادته الجامعية ونشرت له الكثير من الأوراق العلمية المهمة، فيما حصل على الدكتوراه في سنة 1933، ليبحث عن النجاح من جديد دون كلل أو ملل، على الرغم مما عاناه من عنصرية واضحة، على اثر وقوع الهند تحت أسر الاستعمار البريطاني على مدار عقود طويلة.

النجاح أخيرا ثم نوبل

ظل تشاندرا متمسكا بحلمه في إثبات دقة اكتشافه الخاص بنظرية تطور النجوم، حيث واجه حرب شرسة من جانب علماء كبار، من بينهم العالم الفيزيائي صاحب الإسهامات المذهلة في مجاله، السير آرثر ستانلي إدينغتون، والذي زاد من صعوبة الأمر على تشاندرا باعتباره العالم البارز الذي يصدقه الجميع دون تفكير، وليس العالم الهندي الشاب الذي لم يقدم حتى الآن ما يستدعي الإيمان باكتشافه، على الأقل حتى الآن.

تنقل تشاندرا لاحقا بين الكثير من المجالات العلمية، حيث نسي أمر اكتشافه لبعض الوقت، وخاصة مع وفاة إدينغتون التي يبدو أن نظرية تطور النجوم رحلت معها في ذهن تشاندرا، لذا كرس العالم الهندي وقته من أجل دراسة كيفية تحرك الإشعاعات والثبات الهيدروديناميكي على مدار سنوات بل عقود طويلة، حتى بدأ الجميع في تصديق نظرية تشاندرا أخيرا وبشكل مفاجئ.

شهد عام 1972 اكتشاف أول ما عرف باسم الثقب الأسود، حيث اقتنع العلماء حينئذ بعبقرية تشاندرا وكذب اعتقاد السير إدينغتون، بعد 40 سنة من اكتشاف نظرية تطور النجوم، الأمر الذي أعاد الحق لابن الهند أخيرا، ولو بعد مرور 4 عقود كاملة.

حظي تشاندرا على التقدير الذي يستحقه بعد طول انتظار، ليحصل في سنة 1983 على جائزة نوبل في الفيزياء، تقديرا لعمله المضني فيما يخص الأقزام البيضاء في السماء ونظرية تطور النجوم، الأمر الذي عني الكثير بالنسبة للعالم البارز، سابرامانين تشاندراسخار، الذي توفي في عام 1995، ولكن بعد أن حصل على ما يستحقه من تكريم وثناء، بعد مرور نحو نصف قرن من وقت الاكتشاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى