صحة ولياقة

علاج الإدمان.. المدة المطلوبة ومخاطر الانتكاسة

يمر علاج الإدمان بعدة مراحل، ويُعرّف الإدمان على أنه عدم القدرة النفسية والجسدية على التوقف عن تناول مادة كيميائية، أو دواء، أو القيام بنشاط معين، على الرغم من الأضرار والمشاكل النفسية، والجسدية الناجمة عنها، مع ذلك فإن المدمن يتجاهلها ولا يُقر بها.

ويبدأ الإدمان في كون الشخص لا يستطيع ضبط نفسه، والتحكم في كيفية استخدام المادة أو ممارسة السلوك، ويصبح معتمدًا عليها بشكل كلي في حياته اليومية، لأن الأمر في الإدمان يتعلق بالطريقة التي يتوق فيها الجسم للمادة أو السلوك، وخاصة إذا تحول إلى نوع من السعي القهري، والرغبة المتزايدة في الاستحواذ على الشيء المدمن عليه.

مراحل علاج الإدمان:

الاعتراف بالتأثير السلبي للإدمان، ورغبة المريض بالتعافي:

وهي الخطوة الأولى نحو الشفاء، وتتمثل في إدراك الشخص أن الإدمان يسبب له مشكلة أساسية تهدد حياته، وتعطل أموره المهنية والتعليمية، وعلاقاته الاجتماعية، وبمجرد أن يدرك الشخص هذا الأمر؛ تتوفر مجموعة واسعة من خيارات العلاج.

تخليص الجسم من السموم:

ويتم من خلال حجز الشخص وعلاجه في مصحات أو عيادات خاصة بعلاج الإدمان، ويتمثل العلاج في سحب المادة من الجسم، والحد من ردود الفعل، والأعراض الانسحابية، وهي الأعراض المصاحبة أثناء إزالة المادة، كالأرق والاكتئاب، والهلوسة، والرغبة في الانتحار، وآلام الرأس والبطن، وفقدان الشهية، وارتفاع درجة الحرارة، وضغط الدم. ويتم ذلك بواسطة أدوية معينة تحت إشراف الطبيب، وتختلف مدة الأعراض وحدتها حسب عدة عوامل منها: نوع الاضطراب الإدماني، وطول وشدة الاستخدام، والتأثيرات والمضاعفات النفسية والجسدية المرتبطة بالإدمان.

الاستشارة النفسية والعلاج السلوكي:

يُعد العلاج النفسي من أهم مراحل علاج الإدمان، ويتم بشكل فردي، أو جماعي، أو عائلي حسب احتياجات الشخص، عادةً ما يكون مكثفًا في بداية العلاج مع انخفاض عدد الجلسات تدريجيًا مع مرور الوقت، وتحسن الأعراض، ويشمل أنواع مختلفة من العلاج:

العلاج السلوكي المعرفي، والذي يساعد الشخص على التعرف وتغيير طرق التفكير المرتبطة بالإدمان.

العلاج الأسرى متعدد الأبعاد، والذي يساعد في تحسين وظيفة الأسرة بشأن المدمن، ورفع الوعي لديها حول التعامل معه.

المقابلات والجلسات التحفيزية، والتي تزيد من رغبة الفرد في تغيير سلوكياته، وإعادة ضبطها، وتعزيز ثقته بنفسه، ودعم مهاراته الحياتية.

علاج الإدمان
علاج الإدمان

برامج إعادة التأهيل:

وهي برامج علاجية طويلة الأمد، قد تستمر من 6 شهور إلى 12 شهر حسب حالة الشخص، وهي فعالة جدًا لأنها تركز على ضمان بقاء الفرد حرًا من الإدمان، واستعادة مسؤولياته المهنية، والاجتماعية، والأسرية.

وتتم من خلال مرافق سكنية مرخصة، لتنظيم برامج رعاية على مدار 24 ساعة، وتوفير بيئة سكنية آمنة للنزلاء، وتأمين الاحتياجات العلاجية على المستوى الجسدي والنفسي، وتأتي أهمية إعادة التأهيل من خلال إرشاد الشخص وتوعيته بشأن أفضل الطرق لتجنب الوقوع في فخ الإدمان، ومساعدته على تغيير نمط تفكيره وسلوكياته وأسلوب حياته، وربطه بأنشطة وأعمال إيجابية، وإكسابه مهارات جديدة، وتقوية ثقته بنفسه والاعتماد عليها، وتشجيعه على الانخراط في المجتمع، والمشاركة في المسؤوليات، والتكيف مع حياته الجديدة، ومساعدته في تعزيز علاقاته الاجتماعية، وتحسين أحواله المادية من خلال توفير فرص عمل.

مجموعات المساندة الذاتية:

يأتي دورها من خلال مساعدة الشخص على مقابلة الآخرين ممن لديهم نفس الاضطراب الإدماني، والجلوس معهم؛ لبناء علاقات اجتماعية جديدة، والتقليل من مشاعر العزلة، وقد تكون مصدرًا مفيدًا للتعليم، وتبادل المعلومات.

منع الانتكاس:

ويتم من خلال المتابعة طويلة الأمد، بحيث يستمر الشخص المتعافي في تناول أدوية معينة تحت إشراف طبي، لأنها تساعد على المدى الطويل في تقليل الرغبة، واستعادة وظائف الدماغ الإدراكية، ومنع حدوث انتكاسات، بالإضافة إلى بقائه تحت المتابعة والعلاج النفسي، واستمراره في ممارسة التمارين الرياضية، وإجراء الفحوصات بشكل دوري لضمان عدم رجوعه مرة أخرى للإدمان، حتى يتعافى بشكل تام ويمكنه الرجوع إلى حياته بشكل طبيعي.

ما هي المدة المطلوبة في علاج الإدمان؟

تختلف المدة من شخص لآخر، بناء على عدة عوامل منها: نوع الإدمان، وطول مدة ودرجة الإدمان، والحالة الصحية والنفسية للمريض، وعمره، ومدى تحمله لأدوية العلاج، لكن بشكل عام لا تقل عن 3 شهور، وغالبًا تتراوح من 6 شهور إلى عام، وربما يتطلب الأمر عدة سنوات في حالة الإدمان الحاد.

مخاطر إهمال علاج الإدمان:

مخاطر فردية، منها الجسدية وتتمثل في التأثيرات المباشرة للمواد المخدرة على الجسم، وما تسببه من أمراض، كأمراض الجهاز التنفسي، والسرطان، والفشل الكلوي، ومشاكل الجهاز الهضمي مثل قرحة المعدة، وتليف الكبد نتيجة تعاطي الكحول، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، والإصابة بالأمراض المعدية كالإيدز، والتهاب الكبد الوبائي نتيجة تعاطي حقن المخدرات الملوثة. بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، والإفلاس، والتشرد، وفقدان اتزان الجسم، مما يجعله عرضة للسقوط والإصابات، وتعاطي الجرعات الزائدة أيضًا، والتي قد تؤدي إلى الغيبوبة، أو الموت غالبًا.

ومنها النفسية، بحيث يؤثر الإدمان على الصحة العقلية والنفسية، ويؤدي إلى الاكتئاب، والأرق، والهلوسة، والذهان، والشعور بالوحدة، والانتحار في النهاية.

مخاطر اجتماعية، لأن الإدمان يؤثر على وظائف الإدراك وكيمياء الدماغ، واتخاذ القرارات، فإنه يعزز السلوك الهمجي والعدواني، وبالتالي زيادة معدلات الجريمة، وحوادث الطرق، والقتل والسرقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى