علاقات

الفضولي والمستكشف.. كيفية التعامل مع الطفل في كل سن

«إنه يضحك»، «ما هذا يا أبي؟»، «أنا أعتقد أن…»، «لا أوافقكم في هذا الرأي»، «اطرقي باب غرفتي قبل الدخول يا أمي».

ربما هذه مراحل عمر الابن ملخصة في بضع جمل، نحبهم صغارا ونستلطفهم، ثم نتفاجأ بتمردهم علينا وازدرائهم لنا ولكل ماهو متعلق بالأسرة!

فهل الخلل عندهم أم عندنا؟! ربما لا يكون التقصير في الاهتمام، ولكنه في كيفية الاهتمام. متى أتدخل ومتى أترك له مساحة خاصة؟ متى أوافق ومتى أقول «لا»؟ متى أكون ناصحا ومتى أكون آمرًا؟ متى أكون أمّا ومتى أكون صديقة؟ ما كيفية التعامل مع الطفل تحديدا؟

إذا كنت تريد ابنا سويًّا وعلاقة مستقرة فتعال آخذ بيديك لتأخذ بيد طفلك حتى يشبّ.

 

كيفية التعامل مع الطفل

يستحيل أن يكون التعامل مع سن الثالثة هو نفسه التعامل في سن السابعة هو نفسه في سن المراهقة؛ فتعال نقسم حياة الطفل منذ ولادته إلى أن يبلغ الثامنة عشرة.

 

من الولادة حتى عمر السنتين (المستكشف الصغير)

كيفية التعامل مع الطفل
كيفية التعامل مع الطفل
  • الاتصال العاطفي- ساعد طفلك على اكتشاف العالم

يستقبل الأطفال في هذا العمر مدخلات أكثر بكثير مما نستقبل نحن البالغين، وهو أمر منطقي، حيث إن كل شيء بالنسبة للطفل جديد كليا، فإذا رأيت زهرة ترجمها عقلك مباشرة أنها زهرة، أما إذا رآها الطفل لأول مرة، فإنه يستقبلها بشكل تحليلي بحت، حيث يراها شيئا له لون مميز ورائحة مميزة ويحللها إلى ساق وأوراق وزهرة ولونين أخضر وأحمر، وهكذا الأمر مع كل ما يراه، وبالطبع يطورون مهارات جديدة بسرعة كبيرة، لذلك يحتاجون إلى آبائهم لإعانتهم على ترجمة هذه المدخلات والتكيف مع العالم، لأنهم لا يمكنهم توصيل احتياجاتهم إلا بطرق محدودة للغاية، حيث يستخدمون حوالي 50 كلمة في سن الثانية، وليس لديهم إلا البكاء كوسيلة رئيسية للاتصال بمن حولهم.

إن أول ما يستخدمه طفلك في هذه المرحلة هو الاتصال الجسدي، لذا ينبغي عليك استخدام لغة الجسد  واللمس لتعزيز ما يقوله طفلك، كأن ترد على حديث الطفل بمحادثته محادثات واقعية أو تعبيرات فعلية، حيث يؤدي القيام بذلك باستمرار إلى تهدئتهم وتسهيل نموهم وتحسين فهم طفلك وتعزيز مهاراته اللغوية وقدرته على التواصل.

ماذا أفعل؟

  • الاهتمام الكامل

إن طفلك الآن يُكوّن معرفته بادئا من نقطة الصفر، لذا يحتاج منك إلى رعاية فائقة واهتمام بالغ، حتى يتمكن من التطور جسديا وعاطفيا واجتماعيا.

 

  • تحدث/ي إليه

لتحسين مهارات طفلك اللغوية ومساعدته على النمو السليم، ينبغي أن يرى ويسمع من أبويه حديثا كثيرا قدر الإمكان، وأن يتلقى تعليقا دائما على أفعاله، حتى يتمكن الطفل من تحسين مهاراته اللفظية.

 

  • راقب/ي نفسك

ربما سمعت من قبل أن هذا الطفل حين يغضب يبدو وجهه كوجه أبيه، وهو أمر ينبغي أن تعطي له قدرا كبيرا من الملاحظة، لأن الأطفال يشعرون بمن حولهم ويسلكون سلوكهم بطريقة قد تصل إلى حد النسخ، وقد يحاكي الطفل حتى شكل الوجه والجسد في عواطف معينة يظهرها من حوله فترى الطفل يمشي مثل أبيه وينظر مثل أمه ويحاكي مشية أخيه وهكذا.

ولذلك، من الضروري جدا أن تستجيب لكل الإشارات التي يرسلها إليك طفلك باستجابات متسقة مع هذه الإشارات، حتى يتمكن طفلك من بناء اتصال صحي ومنطقي بين أفعاله وردود أفعال الآخرين.

 

  • تبنى الأسلوب الهادئ والإيجابي

إن معاملة طفلك بهدوء وود تهدف إلى أن ينمو طفلك وبداخله شعور بالأمان، مما يعزز علاقته العاطفية بك وبناء علاقة صحية معه.

 

 

من 3 إلى 5 سنوات (الفضولي)

كيفية التعامل مع الطفل
كيفية التعامل مع الطفل

تحرك الطفل فطرته لمعرفة كل شيء في هذه المرحلة العمرية، سيتوجه إليك بسؤال في كل ثانية، ولن يمل من أن يسأل أسئلة مثل لماذا يعيش السمك في الماء ولم لا تطير الدلافين؟ وسينبغي عليك أن تجيبه إجابات تقنعه وترضي فضوله، ولكن يجب أن تكون سعيدا الآن؛ لقد بدأ طفلك في تعلم كيفية التواصل مع الآخرين شفهيا، وعليه الآن أن يستخدم هذه الوسيلة الجديدة للسؤال عن أشياء كثيرة لم يتمكن من تحليلها في سن أصغر.

في هذه الفترة الفضولية قد تواجه مشكلة مع طفلك، حيث سيقوم بسؤالك أسئلة شتى، وربما يسأل الآخرين أسئلة لاذعة، فقد يحرجك مع صديقك بسؤاله أو «لم أنفك ضخم هكذا؟» أو بقوله «إن أمي لا تحب تواجدك في منزلنا»، وذلك لأنه في هذه المرحلة قد يكون من الصعب عليهم الآتي:

  • التركيز على الأحداث المستقبلية، ونادرا ما يفكرون في المستقبل

وبمعرفتك هذه المشكلة، قد تتفهم لماذا ينفجر طفلك بالبكاء والتذمر حين تخبره أنك ستقوم بتأجيل النزهة إلى غد، فإن الغد ليس موجودا في قاموسه بعد.

  • القدرة على التركيز على مهمة واحدة لفترة طويلة

لا تتوقع من طفلك أن يكمل مهمة شاقة أو طويلة، فحتى في الألعاب، قد يفقد طفلك الشغف في لعب لعبة ما تتطلب الوصول إلى هدف معين، وقد تطلب طفلتك منك أن تقوم بتمشيط شعرها بنفسها، وبالفعل تبدأ فيه ثم تنهيه دون أن تكمل ما بدأته، لأن كل ما يهمهم هو اكتشاف الجديد، لذا لا يقضون وقتا طويلا فيما عرفوه بالفعل.

  • فهم كيفية التفاعل مع الناس

قد تتعجب من تجنب طفلك الحديث مع بعض الأشخاص أو التفاعل معهم بالكلية، ولكن ذلك قد يرجع إلى أن طفلك يجد هؤلاء الأشخاص غير مفهومين بالنسبة له، أو أنهم بالنسبة له يمثلون الكثير من المدخلات التي لا يقدر على تفكيكها في وقت قصير.

  • فهم بعض ردود الأفعال

إن طفلك يتكلم بشكل تلقائي وواضح، لا يعرف ‑بعد- شيئا عن الذوقيات والأعراف وغير ذلك من القيود المجتمعية، لذا قد يسأل أسئلة محرجة، فحين يسأل صديقك «لماذا ليس لديك أطفال؟» فإنه لا يفهم لم لا يجيب سؤاله بنفس تلقائيته وفقط؟ وقد يتعجب من استجابات الآخرين أحيانا، فيسأل نفسه: لماذا تستاء أمي من ملابسي المتسخة بعد لعب طويل؟ أليست هذه نتيجة طبيعية للعب؟

  • بناء علاقة بين الأحداث المختلفة

كل شيء وحدوي بالنسبة لطفلك، وهو لا يدرك العلاقة بين أحداث كثيرة وبعضها، فقد لا يفهم العلاقة ما بين وفاة أم صديقه وغيابه عن الذهاب إلى المنتزه لأيام عديدة، لذا يحتاج إلى الكثير من الإرشاد في هذه المرحلة.

  • فهم العواطف وإدارتها

قد يجهل طفلك ماهية الكثير من المشاعر، أو ربما ترى منه مشاعر لا تناسب الظرف، لذا من الضروري أن تعلمه كيف يقوم بإدارة مشاعره ويتحكم فيها ليصبح أكثر وعيا ونضجا.

 

ماذا أفعل؟

  • أعطه وقتا

اعثر على بعض الوقت للإجابة على جميع الأسئلة التي قد يطرحها طفلك عليك واستمع إلى ما سيقوله، واحذر من حساسية طفلك للمشاعر، لأنه سيدرك في اللحظة التي تتشتت عنه فيها أنك موجود جسديا فقط وليس عقليا وجسديا.

 

  • لا تتوقع الكثير

عندما يتعلق الأمر بالمحادثة، لا ينبغي أن تتوقع من طفلك الكثير، فربما يتكلم باقتضاب في مرة، ويسهب في الحديث في أخرى.

 

  • امنحه خيارات محدودة

عندما تطلب رأي طفلك في شيء ما، ينصح المختصون أن تمنحه خيارات محدودة، حتى لا يضطر إلى التوصل إلى إجابة بمفرده، وينبغي أيضا أن تكون هذه الخيارات المطروحة واضحة وبسيطة

مثال: إذا وجدت صديقك حزينا، هل ترى أنه من الأفضل أن تتجاهله أم أن تسأله عن ما يضايقه؟

 

  • «كل منا ضعيف في وقت ما»

يجب أن يدرك طفلك هذه الجملة إدراكا تاما يجعله لا يخجل من عواطفه المختلفة، حيث ينبغي أن تعلمه أنه من الجيد أن تشعر بأنواع مختلفة من العواطف وأن الرجال يبكون والنساء أيضا، لأننا جميعا نشعر ونتألم، وأن الغضب أو الإحباط لا يجعل منه شخصا سيئا، المهم فقط هو التمييز بين هذه المشاعر ومعرفة كيفية إدارتها.

 

من 6 إلى 9 سنوات (أنا ناضج)

كيفية التعامل مع الطفل
كيفية التعامل مع الطفل

الآن كبر طفلك ويريد أن يشعر بالاستقلالية إلى حد ما، وقد ترى منه مستوى جيدا من النضج ‑أو من ادعاء النضج- يحتم عليك أن تستمع لآرائه بإنصات، حتى وإن كانت متناقضة إلى حد كبير، إنه يكبر وتكبر معه أسئلته، فقد ذهب إلى المدرسة واحتك بمدخلات أكثر وثقافات وقيم مختلفة، هو الآن خارج حدود المعرفة البيتية ويريد أن يخوض كل التجارب سواء أعجبك ذلك منه أم لا.

الآن يستكشف الطفل ذاته ويبدأ في التحدث عن طموحه وآرائه الشخصية وستسمع كثيرا عبارات مثل «أنا أعتقد أن..» و«من وجهة نظري..» ولكن رغم استقلاليته هذه، فقد يكون حساسا جدا للنقد في هذه المرحلة ويخجل بسهولة.

 

ماذا أفعل؟

  • كن مشجعه الأول

بدلا من تعريض طفلك للنقد اللاذع، لا بد أن تقوم بتشجيعه في هذه المرحلة على أن يستكشف شغفه وأن يركز على إنجازاته.

 

  • نعم، أنت مستقل

إن أول خطوة لتنمية تقدير طفلك لذاته تكمن في اعترافك أبويه باستقلاليته، وإن عبارات كهذه تحث طفلك على تقدير ذاته وتوكيدها داخل البيت ثم خارجه.

  • قد نخطئ أحيانا

لست دائما الأفضل، لذا لا تتصرف كما لو كنت كذلك، إذا أخطأت في حق طفلك، فكن جاهزا للتسوية واعتذر فورا، حيث إنه سيلتقط هذه المهارة منك، وأخبره أنك لا تشعر بالإهانة بفعل ذلك، وأن «العاقل إذا أخطأ تأسف».

  • ناقشه

إن نقاشك لطفلك في البيت وتقبل آرائه خطوة مهمة له ليناقش هو غدا من هم خارج البيت ويتقبل آراءهم، ناقش الأفكار والمفاهيم المهمة له، واطرح عليه أسئلة مفتوحة وأنصت السمع، وإذا سمعت شيئا متناقضا، لا تبد ذلك واستمع إلى آخر الحديث ثم كرر ما سمعته بطريقة ناضجة.

 

  • شارك

إذا أظهر طفلك قدرا جيدا من النضج، فربما يفيدك ويفيده أن تشركه في بعض شؤون الأسرة الهامة وبعض المدخلات في قواعدها، ويمكنك استشارته في أمر يهمك بشكل جاد، حتى تشعره بالأهمية.

 

من 9 سنوات إلى 11 سنة (أنا مستقل)

كيفية التعامل مع الطفل
كيفية التعامل مع الطفل

في هذه السن قد يتصرف الأطفال كما لو أنهم لم يعودوا بحاجة إلى المساعدة من آبائهم، ما يهمهم هو أن يشعروا بالخصوصية، وقد يقدم بعض أقرانه على أفراد أسرته، ويمنحهم من الثقة ما لا يمنحه لأبويه، وفي هذه السن ستفتقد ابنك كثيرا، إذ إنه لن يعود وديعا كما كان قبل، وقد يتجاوز حدوده في الحديث معك، ويفقد الرغبة في ما كان من قبل أكبر وسيلة تسلية بالنسبة له.

رغم أن طفلك سيبدي استياءه من أغلب قواعد الأسرة، لكنه لا يزال في أمس الحاجة إليك حتى لو لم يدرك ذلك، وسيحتاج إلى طاقة كبيرة لتتفهم مشاعره وآراءه وتدعمها، وقد تحاج إلى تمالك أعصابك أيضا لتتحمل اضطراباته.

 

ماذا أفعل؟

  • أوجد مساحة مشتركة

إذا استطعت أن تجد مصلحة أو نشاط تتشاركه مع طفلك في هذه المرحلة، فإن احتمال نجاتك من مشاكلها كبير، إذ إن طفلك لن يسره أن تسأله عن يومه الدراسي كما سيسره أن تسأله عما فعل فريقكما الرياضي المفضل مثلا.

 

  • لا تفرض المحادثة

اختر موضوعا يهمه حقا واستمع فقط، وقد ينهي الحديث معك بسرعة، وعليك أن تنتظر ثم تحاول مجددا دون تذمر، حتى لا تظهر بمظهر «الأب السلطوي» الذي يريد أن يتقصى الحقائق لا أن يطمئن على طفله.

 

  • لا تصر على قضاء الوقت معه

بدلا من الإصرار على إمضاء الوقت مع طفلك لمجرد أنه واجبك العائلي، حاول التواصل معه بطريقة تقربه منك باختيارك لنشاطات يفضلها، ويمكنك سؤاله عن ما يحب فعله.

 

من 12 إلى 18 سنة (من أنا؟)

كيفية التعامل مع الطفل
كيفية التعامل مع الطفل

هل كنت تشتاق لابنك أثناء تواجده في المدرسة أو خارج البيت؟ استعد لأنك قد تفتقده خارج البيت وداخله أيضا، حيث إنه قد يفقد اتزانه بتعرضه للتغيرات الفسيولوجية المتعلقة بتلك السن ويبتعد عنك، وقد يخوض تجارب قد لا يكون فخورا جدا بها فيما بعد، ولكنه في أمس الحاجة إليك دائما، لذا يجب أن تقدر خصوصيته وتتفهم تغيره من خلال إظهار ثقتك والانخراط في الحديث عن ما يقلقه بنشاط، وقد لا يعود طفلك إليك قبل اتخاذ قراره، حتى وإن كان له تأثير حقيقي على مستقبله، إذ إنه لا يزال غضا يندفع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار دون معرفة أنه قد يندم على ذلك، ولكنه ما زال يتعلم..

 

ماذا أفعل؟

  • تحدث معه عن هذه المرحلة

مهم جدا أن تقوم بمحادثة طفلك عن طبيعة هذه المرحلة وتغيراتها ومتطلباتها، وأن ترسي معه قيما للحفاظ على تقديره لذاته وتقبله لنفسه وجنسه وتكوينه، حتى يكون قادرا على الانخراط في المجتمع دون الشعور بالخزي أو الإحراج.

  • ادعمه

ستكون لدى ابنك أولويات واهتمامات قد تراها أنت عابرة أو غير هادفة، وربما يحزن ابنك لفقدانه بضع درجات في الاختبار، أو تبكي ابنتك لأن صديقتها تعرفت على فتاة أخرى في المدرسة، وفي هذه الحالة ينبغي عليك استخدام عاطفتك تجاه طفلك لتتعاطف مع مشكلاته وتسعى معه بجدية لحلها، حتى لو كانت هذه الجدية مصطنعة أحيانا.

  • أظهر مميزاته

امدح ابنك على نجاحاته وأخبره كم تحبه، ولا تحاول التحكم في رغباته، إذ يمكن أن ينقلب عليك.

  • مساحة الأمان

إن مهمتك الأولى أن تنشئ مساحة أمان بينك وبينه، وهو ما سيمنحه شعورا بالثقة أن هناك مجالا لإخبارك عن أخطائه حتى قبل إنجازاته، يمكن للمراهقين أن يصبحوا جيدين بسرعة في الكذب وإخفاء المعلومات، لذلك من المحتمل أن تكسر جميع قواعدك دون أن تدري، لذا يجب أن تجعل إيمانهم بقواعدهم الخاصة ناشئا من وعيهم بذاتهم وليس لأنك «قلت ذلك».

  • تفهم مراهقته ولا تأخذها بشكل شخصي

عندما يتجاهلك طفلك أو يقابلك بنوبة غضب، فإنه يحاول السيطرة عليك ليظهر لك من هو الرئيس الآن، لذا لا تقع في هذه الحيلة، وتحكم بنفسك وابحث عن طرق لإعادة الاتصال به في أسرع وقت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى