ثقافة ومعرفة

سلمان الفارسي.. رحلة أسطورية من نار المجوس إلى خندق الإيمان

هل سمعت من قبل عن سلمان الفارسي، وهل تعرف من هو؟ هو سيدنا سلمان الفارسي الصحابي الجليل الذي أتي من أصبهان أو كما كان يطلق عليها بلاد فارس باحثًا عن طريق الهداية، وكان اسمه في بلاد فارس روزبه بن يوذخشان بن مورشلا بن بهبوذان بن فيروز بن شهرك، وقيل إنه لما اجتمع مع نفر من الأعراب يتفاخرون بنسبهم فسألوه عن نسبه، فقال بيتا من الشعر: أبي الإسلام لا أب لي سواه .. إذا افتخروا بقيس أو تميم.

رحلة سلمان الفارسي إلى الإسلام

كان سيدنا سلمان الفارسي رجلًا فارسيًا من مدينة أصفهان من قرية اسمها جَيْ، وكان أبوه حاكم قريته، وكان مفتونا بحب سلمان، لدرجة أنه كان يخاف عليه فحبسه في البيت كما تُحبس الفتيات، واجتهد سلمان في عبادة المجوسية، وكان لوالد سلمان مزرعة كبيرة، وفي يوم طلب منه أبوه أن يذهب إلى المزرعة ليباشر أعمالا بها، فخرج وفي الطريق مر بكنيسة فسمع أصواتهم وهم يصلون، وكان لا يدري أي شيء عن المسيحية، فلما رآهم أعجبته صلاتهم، وقال: إن هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، وظل معهم حتى غربت الشمس، وسألهم سلمان الفارسي عن أصل هذا الدين؟ فقالوا بالشام.

ذهب سلمان الفارسي إلى أبيه وقص عليه ما حدث، فقال له أبوه: يا بني.. ليس في الدين المسيحي خير، إنما دينك ودين آبائك خير منه.

رفض سلمان كلام والده، فقيده أبوه وحبسه في بيته، وبعث سلمان إلى النصارى يطلب منهم أن يسافر إلى الشام، ثم قدم تجار من الشام، فعلم ونجح في الهرب من أبيه وسافر معهم، وطلب مقابلة الأسقف في الكنيسة، وطلب أن يكون خادما في الكنيسة ويتعلم الصلاة معهم.

كان هذا الأسقف رجل سوء يأمر الناس بالصدقة فيأخذها منهم لنفسه ولا يعطي المساكين، حتى جمع 7 قوارير من الذهب، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فأخبرهم سلمان بحقيقة الأسقف فرفضوا دفنه، وصلبوه ثم رجموه بالحجارة.

ذهب سلمان لرجل بعمورية، وأقام عنده ونصحه فقال له: أي بني والله ما أعلمه أنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض تسمى يثرب بها نخل وهذا النبي به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.

مات الرجل وجاء تجار من أرض العرب ورحل معهم وقدموا به إلى وادي القرى فباعوه لرجل من اليهود عبداً، فمكث في يثرب عبدًا ينتظر أن يبعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم.

مرت الأيام وجاء سيده يشتكي من الأنصار المجتمعين بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.

فذهب سلمان إلى رسول الله وهو بقباء فدخل عليه، وطلب أن يرى ظهره ويرى الخاتم الذي وصفه له صاحبه، فأراه رسول الله، فانكب على رسول الله قبله وبكى، وقص قصته على رسول الله.

سلمان وغزوة الخندق

لم يشارك سلمان الفارسي مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزوتي بدر وأُحد لأنه كان عبدًا وساعده الأنصار ورسول الله وأعتق من الرق وشارك في غزوة الخندق، جاءت جيوش قريش إلى المدينة مقاتلة، ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب، وجمع الرسول أصحابه ليشاورهم في الأمر، فتقدم سلمان واقترح أن يتم حفر خندق يغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة، وبالفعل بدأ المسلمون في حفر هذا الخندق الذي صعق قريشا حين رأته، وعجزت حينها عن اقتحام المدينة.

سلمان الفارسي والإمارة

كان سلمان الفارسي يرفض الإمارة ويقول إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين فافعل.

تولى الإمارة على المدائن في العراق، وسُئل سلمان يومًا ماذا يبغضك في الإمارة؟ فأجاب حلاوة رضاعها، ومرارة فطامها.

وفاة سلمان الفارسي

توفي سلمان الفارسي في 644 م عن عمر 78عاما، وكان ذلك في عهد عثمان بن عفان، وقد تولّى دفنه والصلاة عليه وتجهيزه علي بن أبي طالب وقد حضر عنده قادما من المدينة إلى المدائن في العراق، وقد سمي مقامه باسم سلمان باك أي سلمان الطاهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى