ثقافة ومعرفة

عمرو بن العاص.. رحلة داهية العرب من فتح مصر لغزة

عمرو بن العاص، هو ذلك القائد العسكري المسلم الشهير، والصحابي الذي عاصر النبي، والذي نكشف الآن عن رحلته الطويلة الملهمة، التي شهدت فتوحات إسلامية وإنجازات ما زال التاريخ يذكرها حتى الآن.

نشأة عمرو بن العاص

ولد عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد في مكة بالقرن السادس الميلادي، حيث يختلف العلماء حول سنة ميلاده تحديدا بين أعوام 575م و577م، والتي توافق الفترة بين أعوام 47 و45 قبل الهجرة النبوية.

تربى عمرو في منزل أحد كبار رجالات قريش، وهو والده العاص، الذي اهتم شأنه شأن الأثرياء وكبار التجار في هذا الوقت، بتعليم أبنائه أصول الفصاحة والبلاغة، كما اهتم عمرو بتعلم الشعر والتفوق فيه منذ الصغر، إلا أن ذلك لم يحل دون تنشئة عمرو ببعض من الغلظة التي ربما كان لها بالغ الأثر في سطوع نجم القائد العسكري المحنك فيما بعد.

سافر ابن العاص في مرحلة الشباب في رحلات تجارية متعددة، حيث تنقل بين الشام ومصر واليمن، من أجل بيع الجلود والطيب، فيما انشغل بالهجوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد بداية ظهور الإسلام، ليشارك في غزوات عدة مع قريش ضد المسلمين، مثل بدر وأحد والخندق والأحزاب.

في العام الثامن من الهجرة، تبدلت الكثير من الأمور أمام أعين عمرو، حيث تأثر بإعلان أصحمة النجاشي ملك الحبشة إسلامه، فيما قرر هو الآخر بعد تفكير عميق وإقتناع تام أن يعلن إسلامه، ليسعد به النبي كثيرا، كونه كان من أكثر البشر دهاء وحكمة.

أعمال عمرو بن العاص

ربما يعد فتح مصر من أشهر أعمال عمرو بن العاص، القائد العسكري القوي، إلا أنه ليس الإنجاز الوحيد للصحابي الجليل، فبينما نجح عمرو بالفعل في الفوز على الروم، ومن ثم فتح مصر وتأسيس مدينة الفسطاط قبل أن يحكمها بنفسه، فإنه نجح أيضا في قيادة جيشه من أجل الانتصار على الروم في معركة أخرى هي معركة اليرموك، والتي نتج عنها فتح بعض المدن الفلسطينية مثل غزة ويافا وعمواس.

شارك عمرو بن العاص في الكثير من الحروب والفتوحات، التي ساهمت في نشر الإسلام بين ربوع البلاد، حيث شارك في حروب الردة كما كان له أدوار كبيرة في فتوحات الشام، علما بأن انتصاره في الحروب لم يمنعه من أن يعطي الأمان لسكان تلك المناطق على كل ما يملكون من أموال ومنازل.

مع تولي حكم مصر، قام عمرو بن العاص ببناء أحد أول المساجد في أفريقيا، والذي حمل اسمه عمرو بن العاص، كما قرر إنشاء عاصمة لمصر عرفت باسم الفسطاط، والتي تحولت فيما بعد إلى أحد المراكز شديدة الأهمية لأعمال التجارة.

ساهم عمرو بن العاص كذلك في إعادة ازدهار التجارة في المناطق العربية، حينما أعاد شق خليج تراجان الذي أطلق عليه فيما بعد خليج أمير المؤمنين، ليصبح ذلك بمثابة النقطة الفاصلة التي ساهمت في تنقل السفن بحرية لتصل شتى أنواع البضائع إلى الحجاز.

صفات عمرو بن العاص

تمتع عمرو بن العاص بصفات مذهلة ليس من السهل أن تجتمع في شخص واحد، لتصبح من الأسباب المباشرة وراء علو قيمة هذا القائد العسكري صاحب الكثير من الأعمال التاريخية، إذ بدا عمرو منذ الصغر شديد الفطنة والدهاء، كما كان فصيح اللسان بدرجة تؤثر في المستمع مهما كان، فيما أطلق عليه لقب داهية العرب للدلالة على شدة الذكاء.

كذلك كان عمرو بن العاص كريما، لذا كان كثير التصدق، كما عرف عمرو بالحزم والصلابة، التي ساعدته لأن يصبح القائد القوي الذي يدير المعارك بكل شجاعة، لكنه يرفض وقوع الظلم على المستضعفين في الوقت نفسه.

أما عن الصفات الشكلية فكان عمرو بن العاص قوي البنية وقصير القامة، عريضا في المنطقة التي تتوسط المنكبين، فيما كان أبيض الوجه وصاحب عينين شديدي السواد.

عاش عمرو بن العاص عمرا مديدا، يقال إنه وصل إلى الـ90 سنة، إذ يشير بعض الباحثين إلى أن عام 664م والذي يصادف العام الـ43 من الهجرة، هو الذي شهد رحيل عمرو بن العاص عن الدنيا، لتنتهي مسيرة الإنجازات التاريخية لقائد عسكري وصحابي مسلم، ما زالت أعماله العظيمة محفورة حتى وقتنا هذا في ذاكرة التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى