ثقافة ومعرفة

معركة حطين.. وكيف أجبر المسلمون عدوهم على القتال هربا من الموت

في عهد الدولة الأيوبية، ومنذ ما يزيد على 800 عام، وقعت واحدة من أشهر المعارك الحربية في التاريخ الإسلامي بين جيوش المسلمين والصليبيين، لتشهد استعادة مملكة القدس، وتسجل في كتب التاريخ بأحرف من ذهب، باسم معركة حطين.

سبب تسمية معركة حطين بهذا الاسم

وقعت معركة حطين الشهيرة في عام 583هـ، والذي يوافق سنة 1187م، حيث دارت بين جيش المسلمين الذي يقوده مؤسس الدولة الأيوبية القائد صلاح الدين الأيوبي، وبين جيوش الصليبيين التي تولى قيادتها أمراء عدة، هم ريمون الثالث أمير طرابلس وغي دي لوزينيان أمير القدس وأنطاكية، إضافة إلى رينو دي شاتيون وهو أمير حصن الكرك.

عرفت معركة حطين بهذا الاسم، لأنها وقعت في قرية فلسطينية تحمل اسم حطين، وهي القرية التي تفصلها عن مدينة طبريا حوالي 9 كم، فيما اعتبرها المسلمون منذ قديم الزمان بمثابة الطريق الحيوي الذي يسهل مرور كل من القوافل التجارية والجيوش الحربية، الأمر الذي جعلها من بين مطامع الجيوش والممالك الأخرى.

أسباب معركة حطين

بينما كان الصليبيون قد احتلوا مدينة القدس وغيرها من المدن الإسلامية منذ عام 1099م، أي قبل وقوع معركة حطين بأكثر من 80 سنة، فإن تلك الفترة الطويلة لم تشهد هدنة بين المسلمين والأعداء، بل على العكس من ذلك كان الأمراء الصليبيون لا يتوانون عن شن هجمات قذرة على مناطق المسلمين.

على سبيل المثال، اعتاد رينو دي شاتيون أمير حصن الكرك القيام بعمليات السلب والنهب، سواء بحق القوافل التجارية المارة أو سكان مدن المسلمين، إذ عرف باجتياحه من قبل لجزيرة قبرص التي كانت تحت الحكم البيزنطي في عام 1155م، قبل أن يتجرأ على نهب قافلة مارة من القاهرة إلى دمشق في عام 1187م، ليقرر صلاح الدين الأيوبي مواجهة الجيوش الصليبية لإنهاء هذا الجدل الدائر، ومن أجل استعادة مدينة القدس وغيرها من المدن الإسلامية المحتلة.

أحداث معركة حطين

لا تعتبر معركة حطين مجرد درس في إرادة وشجاعة جيوش المسلمين تحت قيادة صلاح الدين الأيوبي، بل كانت بمثابة درس في الذكاء والدهاء وفي كيفية وضع استراتيجيات الحرب في هذا الوقت، فبينما لم تتملك الشجاعة قلوب الصليبيين من أجل المبادرة بالقتال، فإن الأيوبي ورجاله أرغموهم على النزول لساحة المعركة، بعد أن أحرقوا الأعشاب المحيطة بهم واستولوا على عيون الماء القريبة منهم، وبين الأدخنة المتصاعدة من حولهم وشح المياه في القيظ الشديد وجد الصليبيون أنفسهم مضطرين إلى النزول من فوق تلال حطين والاشتباك هربا من الموت المحقق.

فوجئ الصليبيون مع بداية المعركة بالخدعة الثانية التي كانت في انتظارهم، بعد عمليات التجويع والتعطيش، إذ وجدوا أنفسهم محاصرين بين مدينتي لوبيا وحطين الفلسطينيتين، ليسعوا أملا في النجاة إلى الهرب لتلال حطين، فيباغتهم جيش صلاح الدين بهجوم شرس زحزح الصليبيين عن حطين، قبل أن يقضي على جيشهم بمرور الساعات.

أدرك الصليبيون حجم الخسائر التي تعرضوا لها حينئذ، لذا قرروا زيادة حدة هجومهم فيما بعد، عبر الهجوم على الجيش الذي يقوده تقي الدين عمر، من خلال جيوش ريمون الثالث، إلا أن الأمر لم يتسبب إلا في زيادة الطين بلة بالنسبة للجيوش الصليبية، التي انهارت فيما بعد.

نتائج معركة حطين

يعتبر المكسب الأول من مكاسب معركة حطين، هو استعادة مدينة القدس العربية، بعد أن وقعت في قبضة الصليبيين على مدار عشرات السنوات، إلا أن ذلك لم يكن المكسب الوحيد الذي تحقق، في ظل قتل وأسر الآلاف من الجيش الصليبي.

تمكنت الجيوش الإسلامية عبر معركة حطين من أسر عدد من أمراء الصليبيين، وفي مقدمتهم غي دي لوزينيان أمير أنطاكية وكذلك القدس، إضافة إلى رينو دي شاتيون أمير حصن الكرك، وأحد الأسباب الرئيسية وراء وقوع معركة حطين من الأساس.

امتدت سيطرة جيوش المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي بفضل معركة حطين، لتصل إلى مدن بيروت وصيدا وعكا وطرابلس، كما استسلمت لجيوشه حامية الكرك وكذلك حامية كراك دي مونريال، قبل أن تصبح أغلب مناطق مملكة القدس في قبضة جيش القائد صلاح الدين الأيوبي، الرجل الأول وراء هذا الانتصار العظيم.

في النهاية، سطرت الجيوش الإسلامية بقيادة القائد المثابر صلاح الدين الأيوبي عبر معركة حطين التاريخية، دليلا على شجاعة جيش المسلمين في مواجهة الأعداء منذ عقود طويلة، ليبقى هذا الحدث العظيم نبراسا ربما يضيء للمسلمين الآن الطريق من أجل استعادة القدس المحتلة الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى