ثقافة ومعرفة

عبدالله بن المقفع.. الأديب الذي أنطق الحيوانات فقادته إلى حتفه

عبدالله بن المقفع هو مفكر فارسي عاش في زمن الخلافة الأموية والعباسية، ولد عام 724 م في قرية تسمى حور بفارس وهي إيران حاليا، وكان اسمه قبل اعتناقه الإسلام روزبه پور دادویه، كما أنه سمي بالمقفع لأن الحجاج بن يوسف الثقفي عاقبه بالضرب على يديه حتى تقفعتا، وكان مجوسي الديانة قبل إسلامه، ولكنه أسلم على يد عيسى بن علي عم السفَّاح والمنصور أمام جموع الناس.

صفات عبدالله بن المقفع

يتصف هذا الرجل بأخلاق نبيلة وذكاء حاد، وهذا كان واضحا في الكثير من كتاباته الموجهة للأصدقاء، كما كان حافظا للجميل وفصيحا وبليغا نتيجة لتشبعه بأصول الثقافة العربية والهندية واليونانية والفارسية.

أعماله

ألف عبدالله بن المقفع الكثير من الكتب مثل الدرة الثمينة والجوهرة المكنونة والتاج في سيرة أنو شروان ورسالة الصحابة وكتاب خداينامه وكتاب آئين نامه وكتاب نامه تنسر، وتظهر أهمية أعماله في بعض النواحي:

نقل آداب وتقاليد الفرس إلى خلافة الدولة اﻹسلامية والحفاظ على أصول التراث الفارسي البهلوي من خلال عمل ترجمات عربية له وتأثيره في حضارة الإسلام.
ساهمت ترجماته البليغة في إنشاء الفنون النثرية بالأدب العربي.

كتاب كليلة ودمنة

ترجم هذا الكتاب من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية، واستعان فيه بالحيوانات كرموز ساخرة لبعض الشخصيات التي تحدث عنها في هذا الكتاب، وكان يشير فيه أيضا إلى ضرورة اختيار المنصور حاشيته على أساس الكفاءة والقدرة على مواجهة الفساد.

كما أنه عبارة عن مجموعة من القصص التي يرويها الفيلسوف «بيدبا» للملك «دبشليم» على ألسنة تلك الحيوانات، وتعتبر تلك القصص هندية الأصل، وتحتوي على 4 مقدمات و15 فصلا.
وتتكون بنيتها من عناصر هامة هي الحدث والشخصيات والزمان والمكان، كما تحتوي بداخلها على الأمثال والحكم.

كما اعتقد بعض الباحثين أن آراء ابن المقفع في هذا الكتاب كانت سببا مباشرا لنهايته، وأيضا اهتمامه ورغبته في إصلاح الفساد، وقد اعتاد في كتابه الأدب الكبير والصغير أن يوجه النصح للآخرين والتأكد من صحة الأخبار عند سماعها، ولا يمكن تصديقها إلا ببرهان.

أفكاره وآراؤه

تمركزت أفكاره وآراؤه حول وجوب تقدير حقوق الآخرين مثل المساواة والعدل بين أفراد المجتمع دون تفرقة بينهم في العرق أو الدين.

ابن المقفع.. الصديق الوفي

اشتهر ابن المقفع بوفائه لأصدقائه وإغاثته للملهوف، فقد قيل عنه إنه أخفى في بيته عبدالحميد بن يحيى كاتب الدولة الأموية لاتهامه في قتل مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، لما دخل رجال الدولة العباسية بيت ابن المقفع ليبحثوا عنه أراد ابن المقفع أن يضحي من أجل صديقه، ولكنهم عرفوه وأخذوه إلى السفاح.

مكانته العلمية

يعتبر من أوائل الكتاب في الإسلام الذين اهتموا بترجمة كتب المنطق، كما ألف الرسائل البديعة، وكتب الديوان لأبي جعفر المنصور، وترجم الثلاثة في المنطق لأرسطو وعلى الرغم من ذلك اتهم بالزندقة.

أسلوب وبلاغة ابن المقفع

يمتاز أسلوبه بأنه سهل مع صعوبة بلاغته التي يكاد أن سمعها الجاهل ويظن أنه يمكن أن يصنع مثلها، وكان ينصح بالابتعاد عن الألفاظ الرديئة.
كما يمتاز بالإيجاز في فنون الكلام، ويطلب الإطناب في خطب الصلح ويطلب أن يكون الهدف من الكلام بداخله، ويجب استيفاءه جميع عناصره من البلاغة والبيان واللغة.

سبب مقتل عبدالله بن المقفع

عرف عن ابن المقفع خلافه مع حكم أبي جعفر المنصور، وكان يرى فسادا لا يصلح إلا باتباع الأنظمة الإدارية الفارسية، وكان يبث آراءه كما ذكرنا على لسان الحيوانات في كتابه «كليلة ودمنة».

تواصل ابن المقفع مع عيسى بن علي عم المنصور والسفاح، واستمر في خدمته إلى أن قتل على يد سفيان بن معاوية والي البصرة، بسبب مبالغته في كتاب الأمان الذي أشار فيه إلى وجوب التزام أبي جعفر المنصور بالأمان لعبدالله بن علي عمر المنصور، الذي كان يقاتله على الخلافة وهرب إلى إخوته بالبصرة خائفا منه.

عندها أمر المنصور بقتله فأخذه سفيان فأحمى له تنورا، وجعل يقطعه إربا إربا، ويلقيه في ذلك التنور حتى أحرقه كله، وقيل إنه قيد وقطعت أجزاء جسمه وألزم بتناولها وهي مشوية حتى توفي.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى