أعمال

شركة نوكيا.. لأن مواكبة العصر تعني البقاء

إذا كنت أحد مواليد فترة التسعينيات، فبالتأكيد قد عاصرت الضجة التي أحدثتها الثورة التكنولوجية بعالم الهواتف المحمولة، وتحديدًا طفرة الشركة الفنلندية نوكيا، التي كانت صاحبة حصة الأسد في ذلك المجال (80%)، قبل أن تتراجع تدريجيا لمصلحة شركات أخرى إلى أن اختفت تماما. فماذا حدث؟

«ملك اليوم من الممكن أن يصبح فقيرا بالغد القريب»

-مثل بنغالي.

فلاشباك

وضع الفنلندي فريدريك إديستام، مهندس التعدين، اللبنة الأولى بمشروع نوكيا في حدود العام 1865، حين أقام مطحنة للب الأشجار بالقرب من مدينة تيمبيري بغرض تصنيع الورق، قبل أن يتوسع النشاط نفسه بمساعدة صديقه ليو ميشيلين ليقيما معا مطحنة أخرى ببلدة نوكيا، قبل أن يقررا تسمية شركتهما المحدودة باسم «نوكيا» في 1871.

مرّ المشروع بأول حالة خلاف حين أراد ليو دخول الشركة عالم توليد الكهرباء، والذي قابله إديستام برفض قاطع، إلا أن ليو استطاع إقناع المساهمين برؤيته بعد تقاعد إديستام بضرورة اقتحام ذلك المجال، وقد حدث، ليضاف توليد الكهرباء لأنشطة نوكيا التجارية.

بنفس الفترة تقريبا، كانت صناعة المطاط قد ازدهرت، حيث أقيم مصنع للمطاط بالقرب من بلدة نوكيا على يد أرفيد ويكستروم، الذي استغل فترة تعثر شركة نوكيا بعد الحرب العالمية الأولى اقتصاديا واقترابها من الإفلاس، وقام بإنقاذها لضمان استمرار توليد الكهرباء من مصانعها عام 1922، ليتم تشكيل تكتل صناعي رسمي في العام 1967 يدعى نوكيا، يعمل في عدة مجالات متنوعة مثل المنتجات الورقية، الإطارات المطاطية، الأحذية، كابلات الكهرباء، الحواسيب الشخصية.

ازدهار شركة نوكيا

بأواخر الثمانينيات ومع تولي «يورما إليلا» منصب الرئيس التنفيذي لنوكيا، تقرر اقتحام مجال الهواتف النقّالة، عبر مساهمة الشركة لتطوير الجيل الثاني من الهواتف النقالة «جي إس إم»، التقنية التي تسمح بانتقال البيانات عبر المكالمات الصوتية، والتي اعتمدت هذه الفكرة كمعيار رئيسي أوروبيا للتكنولوجيا الرقمية عام 1987.

في 1 يوليو 1991 أقيمت أول مكالمة بهاتف نقّال في التاريخ باستخدام تقنية «جي إس إم» عبر هاتف «نوكيا 1011» عن طريق رئيس وزراء فنلندا آنذاك، هاري هولكيري، بعد الاستعانة بشبكة خاصة وفرتها نوكيا.

أتت الإنجازات تباعا، بفضل ذلك المجال الثوري، فخلال الفترة ما بين 1996 و2001 تضاعفت قيمة شركة نوكيا 5 مرّات، من 6.5 مليار يورو إلى 31 مليارا، الأمر نفسه ساعد في استحواذ الشركة الفنلندية على نظيرتها «موتورولا» في العام 1998. لتصبح بذلك الشركة الأكثر مبيعا للهواتف المحمولة بالعالم. ولتتخيل حجم النجاح على الأرض، كانت نوكيا تخدم 140 دولة حول العالم، بطاقم توظيفي مكون من حوالي 55 ألف موظف.

يعتقد بأن هاتف «نوكيا 1100» هو السبب الرئيسي لتوهج الشركة، فقد نال إعجاب المستخدمين بسبب تصميمه الانسيابي وصلابته بنفس الوقت، الشيء الذي جعل الشركة تسجل رقما خياليا بخصوص عدد الهواتف التي تم بيعها لنفس الإصدار (250 مليون نسخة) لكن التطور لم يتوقف عند ذلك الحد، فقد رأى مسؤولو الشركة ضرورة إدخال تقنية التصوير للهواتف المحمولة، الأمر الذي أضاف بعدا جديدا لعالم المحمول.

سقوط حر

يفسر انهيار شركة نوكيا بالفترة ما بين 2007 و2010 (فترة اقتحام ستيف جوبز وأبل عالم الهواتف الذكية) بأنه نتاج لغرور مسؤولي الشركة فنلندية المنشأ بصلابة منتجهم ونجاحاته السابقة، إلا أن الصلابة وحدها لم تكُن كافية من وجهة نظر المستخدمين، فقد قدم نظام تشغيل IOS وAn­droid من بعده واجهة للمستخدم أسهل من حيث التعامل، كما أنها أضافت الكثير من المميزات مثل التطبيقات التي لم تكن توفرها نوكيا بذلك الوقت.

هوجم مهندسو ومطورو شركة نوكيا بنفس الصدد، إلا أن الباحثين تيمو فوري وفوي هوي، أزالا الغبار عن حقيقة انهيار الشركة، عبر بحث حاولوا من خلاله الوصول للسبب الحقيقي في ذلك الانهيار.

طبقًا لعديد الآراء، كان المهندسون بنوكيا يعلمون جيدًا ضرورة تطوير نظام التشغيل Sym­bian، إذا ما أرادت الشركة ملاحقة الطفرة التي أحدثتها Google وAp­ple إلا أن المشكلة كانت في غرور المسؤولين الأعلى من حيث المناصب، فقد كانوا يرون بأن محاولات التطوير تلك تستدعي التوقف عن إصدار نسخ جديدة، بالتالي لا يمكن الإقرار بضرورة البدء بها.

للأسف لم يستطع الموظفون ‑طبقا للباحثين- التعبير عن رأيهم، بسبب رفض كل المقترحات الخاصة بالتطوير، فقد كانوا بتعبير آخر، يريدون دمى لا عقولا، بينما أرجع البعض السبب في ذلك إلى النجاح المبهر الذي تم تحقيقه بالسابق، والذي لربما أصاب المسؤولين بالدوجما.

على كُلٍ، أدرك مسؤولو شركة نوكيا ضرورة التطوير، وبالفعل تم التعاون مع شركة مايكروسوفت لتطوير نظام تشغيل مشابه لـIOS وAn­droid لكنه لم ينجح في إقناع المستخدمين بعد سيطرة منتجات شركات مثل IPhone وSam­sung على السوق بقوة، لتختفي نوكيا تماما عن المشهد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى