آراء ومساهمات

وسام سعيد يكتب: لماذا لم ينتهِ «زهايمر» عند مشهد زيارة عادل إمام لصديقه؟!

ما أطول هذا العنوان!! لكنه الوحيد دون اقتطاع كلمة واحدة الذي يعبر عن حالة الدهشة التي انتابت كل مُشاهدي فيلم «زهايمر» وهو أحد علامات عادل إمام السينمائية بلا شك.

هذا السؤال يفرض نفسه عند كل من شاهد الفيلم، بل ويتوقف عنده مندهشًا كيف اتخذ الفيلم مسارًا مغايرًا ومختلفًا جنح به إلى الضحالة والتفاهة والكوميديا المفتعلة، مبددًا فرصة رائعة لانضمام «زهايمر» إلى مكتبة الزعيم التراجيدية بجانب «الغول» و«حتى لا يطير الدخان» و«الحريف» و«حب في الزنزانة» و«الإنس والجن».

بداية قوية

قبل أن تكمل القراءة… حاول أن تشغل أغنية الفيلم التي أبدعها «حماقي» وأنت تقرأ… فسوف تساعدك على فهم ما أريد.

https://www.youtube.com/watch?v=faKTw2U0Bc4

الفيلم يحمل من بدايته رسالة وجرس إنذار من تداعيات المرض الأسرية والاجتماعية لضحايا شراسته، وإن كان اسم الفيلم لا يحمل الاسم العلمي للمرض وهو «ألزهايمر» كما نطقتها إسعاد يونس الطبيبة في دار المسنين، لذلك فقد أدى الفيلم رسالته كاملة في جزئه الأول الذي ينتهي عند زيارة عادل إمام «محمود شعيب» لصديقه ومحاميه «عمر» سعيد صالح في دار المسنين، لاشتباهه في إصابته بمرض النسيان، بعد المؤامرة المؤلمة التي حاكها أولاده بالتعاون مع زوجة أحدهما.

لماذا لم يدر في خلد عادل إمام أن ما تلا الفيلم من أحداث لم يكن على نفس قدر ومستوى ورقي البداية القوية؟!

وسام سعيد يكتب: لماذا لم ينتهِ "زهايمر" عند مشهد زيارة عادل إمام لصديقه؟!

كيف يتساوى مشهد عادل إمام وهو يمسك بالمصحف ويتلو منه خوفًا على مصيره بمشهد الملاكمة المبتذل بينه وبين أبنائه… كيف يجتمعان في عمل واحد؟!

ماذا فعل عمرو عرفة بالسيناريو، أو عساه مكتوبًا هكذا، لكي يتحول تراجيديًا إلى كوميديا رخيصة ومتكلفة إلى هذا الحد؟

4 دقائق ماستر سين

نأتي إلى المشهد الأكثر من رائع، والذي يمثل ذروة رسالة الفيلم، بين عادل إمام وسعيد صالح صديق عمره ورفيق مشواره السينمائي طوال عمره، في اختبار موفق من عادل إمام نفسه جعل المشاهد يتعاطف أكثر ويتماهى في المأساة بشكل طبيعي بينهما، حيث إن نظرات كليهما لبعضهما البعض كانت تحمل حتما شيئا من عبق الماضي وحنين الذكريات الجميلة، وذكرى الثنائي المرعب «بهجت الأباصيري» و «مرسي الزناتي».

وسام سعيد يكتب: لماذا لم ينتهِ "زهايمر" عند مشهد زيارة عادل إمام لصديقه؟!

المشهد دام لمدة 4 دقائق، كان الحوار مثل الطلقات السريعة بين الطرفين، بخفة ظل يمتلكها كلاهما، وكان أيضا مفعمًا بالأسى والحزن والكوميديا السوداء، ثم انتهى بقمة الألم حين اضطرت الطبيبة للتدخل مع الممرضات، وأخذ «عمر» بعبارة وقعت على أذن «محمود» كالصاعقة قائلة: ازاي تسيبوه كده من غير «بامبرز»؟ …فينظر «محمود» ليجد صديقه قد بلل ملابسه، وأصابه التبول اللاإرادي، جراء تفاقم حالته الصحية والنفسية من عيشه داخل المصحة.

ثم ما تلاه من انسحاب تدريجي حزين لعادل إمام خلف أسوار المصحة الحديدية، والدموع تنهال على وجهه، وأكاد أقسم أن هذه الدموع ليست قطرة التمثيل المعتادة في مثل هذه المشاهد بل هي دموع حقيقية ذرفها النجم الكبير، من فرط تأثره بالحالة المأساوية لضحية هذا المرض الشرس.

أعلم أنه لا داعي إطلاقا لحكي ما قد شاهده الجميع، ولكن ما أردته هو التساؤل: كيف لمشهد مغرق في الفاعلية مثل هذا أن ينضم في شريط المونتاج إلى مشاهد أخرى، لا تليق بفيلم مقاولات رخيص مثل مشهده وهو يحمي أولاده في البانيو، أو ما جرى في لبنان من أحداث مفتعلة مقحمة لمجرد الإضحاك.

أخيرا…

الغريب والمدهش وتلك إحدى سمات كاريزما عادل إمام أن الرسالة وصلت…

فقد ختم عادل إمام بعبارة قائلا: أول مرة أتمنى يكون عندي زهايمر بجد علشان أنسى اللي عملتوه فيا، وتلك رسالة الفيلم الحقيقية التي وصلت رغم نصفه الآخر البهلواني، أن مرض النسيان قد يكون أكثر رحمة من الحقيقة المؤلمة، وبشاعة الإحساس بجحود الأبناء وتدبيرهم في الخفاء لأبيهم.

إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى