آراء ومساهمات

وسام سعيد يكتب: «عفوا أيها القانون».. موسيقى أم فيلم!!

السطور التالية حكاها بالحرف بيانو الفذ (عمر خيرت) وكفى!!
ماذا لو كان الدكتور علي في فيلم «عفوا أيها القانون» قد عاد للحياة بعد طلقات زوجته الدكتورة هدى في صدره؟!
ماذا كان عساه أن يفعل؟!… هل كان سينفذ ما كتبه في الورقة بدموع الندم ويمينه المرتعشة أن زوجته هي حب العمر وأنه خانها وظلمها حين أنكر معروفها وتضحياتها؟!
وسام سعيد يكتب: "عفوا أيها القانون".. موسيقى أم فيلم!!
في واحد من أعظم أدوار الراحل المبدع محمود عبدالعزيز جاءت ملحمة الحب والندم على الخيانة في فيلم «عفوا أيها القانون» لترسم في ذاكرتنا السينمائية حالة لا تنسى جسدتها بإتقان الرائعة نجلاء فتحي وصاغتها إيناس الدغيدي إخراجا وتأليفا مع الكاتب إبراهيم الموجي، وساهم في تجسيد المأساة الموسيقار المستحيل عمر خيرت حينما نسج الدراما في موسيقى تصويرية كأنها حوار بمفرده.
السؤال.. ماذا لو عاش الدكتور علي بعدما أطلقت عليه زوجته النار جرّاء مشاهدتها لخيانته لها في فراش الزوجية؟!.. هل كان سيواصل ما أقره واعترف به من غدر وجحود في حق تلك المرأة المخلصة التي انتشلته من محنة حياته الكبرى، وأخذت بيده للخروج من مأساة عجزه الجنسي لا لشيء إلا رغبة في الحب وقهرا لكل عوائقه؟!
هل كانت دموعه وهو يعترف للمحامية عنايات «ليلى طاهر» بحقارة جريمته وحقيقة رغباته القذرة ستكون شاهدا عليه لو تعافى وعاد للحياة قويا سليما يملك قراره؟!
وهل على زوجته التي ضحت من أجله وتحملت أذاه وعانت معه، وحملت منه طفلا أن تنسى أو تتناسى مشهد الغدر مع عشيقته؟.. وتحيا من جديد معه حياة نقية طاهرة لا خوف فيها ولا قلق؟!

لازم يموت

الإجابة قد تكون نسبية تختلف من شخص لآخر.. لكنها متعلقة في كل الأحوال بالحب الصادق كعاطفة إنسانية جياشة لا تقف في طريقها جيوش الأرض لو أرادت، فمرجع الأمر أن الحب بينهما قائم وليس حبا عاديا، بل إنه اكتسى بحلل القداسة حين تجاوزا معا محنة العلاقة الحميمة بينهما، وساعدها هو حين جاهد نفسه وقاوم الرجل الشرقي بداخله وقرر أن يعالج نفسه.
فما جدوى فضيلة كالتوبة من الذنب إذن لو لم يكن في هذا العالم تسامح وتصالح مع المذنب؟!
ولماذا لا نمتلك بداخلنا طاقة خير تكفي لنمنح من نحبهم فرصاً جديدة للحياة، وإصلاح ما فسد بنفس تواقة وروح مفعمة بالأمل ومعترفة بما جنته واقترفته في حق الحب؟!
ومؤكد أن ثمة سؤالا مشاغبا ومزعجا… ينبع من الطرف الآخر وهو: لو كان الأمر معكوسا.. فهل يمكن أن يتغاضى الرجل عما اقترفته زوجته في حقه، ويسامحها على خيانتها له؟!.. ثم يردد هذا الكلام المعسول عن الأمل في غد جديد والبداية المختلفة وفضيلة الاعتراف بالذنب؟!
من المؤسف أن إجابة هذا السؤال تكاد تصل إلى حد المستحيل على الأقل في مجتمعنا الشرقي.. وهذا اعتراف مني بذلك.. لكني أعترف أيضا بأن العدل والقصاص والحق في ألا يعيش الدكتور علي!!
فقد اختارت إيناس الدغيدي العدل والنهاية المنطقية حين لفظ الزوج أنفاسه الأخيرة وهو يحاول إصلاح ما أفسده.. والتطهر من ذنبه وما جناه في حق زوجته المخلصة؟
تحية للفنان الكبير الذي وقف بأدائه لشخصية الدكتور علي بخيره وشره.. بنزواته وإخلاصه.. بظلمه وعدله.. عند حافة الإبداع، فضم هذا الدور لبقية أدواره الصعبة فكان هو محمود عبدالعزيز… ولكن بطل الفيلم الحقيقي توارى خلف الجميع.

بطل الفيلم الحقيقي..

كل هذه المعاني وكل هذا العمق تجسد في موسيقى سحابية علوية هي مزيج من الحزن والأسى والأمل وحسرة الخيانة، إنه بيانو (عمر خيرت) وجيشه العازف الذي يتحرك ليحتل ويسيطر ثم يرفع راية دولته الموسيقية.
لينك الموسيقى:

إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى