ثقافة ومعرفة

كيف تتأكد من صدق المتحدث؟

لدينا حقيقةً صادمةً، جميع البشر يكذبون، حتى وإن كان الكذب ليس صفةً يوصفون بها من المحيطين بهم، وحتى إن كانت أغراضهم ليست سيئة، فهنالك من يكذب لحفظ ماء الوجه، أو للحفاظ على مشاعر الآخرين، أو حتى لتجنُّب عواقب وخيمة قد تحدث إذا ما قال الحقيقة كاملةً.

على كُلٍ، ليست هذه العبارات مبررًا للكذب في العموم، لكنها مجرد توضيح لا أكثر، فغالبية البشر يقدرّون الأشخاص الصادقين، وقد يعتبر الصدق هو العامل الرئيسي والأساسي لاستمرار أي علاقة بين طرفين.

للأمانة؛ لا توجد طريقة مُثلى للتأكد من صدق شخص من عدمه، على الرغم من أن هنالك مؤشرات لفظية وغير لفظية على احتمالية كون الشخص كاذبًا، إلا أنها ليست كافية وحدها، بعبارة أكثر دقة، لا توجد علامة واضحةً كأنف «بونوكيو» مثلًا، التي تكبر فور كذبه.

وبما أن البشر عادةً يسعون لتجنُب الكاذبين، والاقتراب ممن هم أكثر صدقًا، بالتالي تطورت طرق اكتشاف الكذب مع مرور الوقت، طبقًا لبحث أكاديمي نشر بمجلة «علم النفس التطبيقي»، عبر 3 تكنيكات يمكن اتباعها للتأكد من صدق المتحدث أو كذبه.

أولا: فرض العبء المعرفي

يفسر العبء المعرفي بحجم المطالب المفروضة على الموارد المعرفية المتاحة لدى الإنسان مثل الانتباه والتركيز، ويمكن زيادته أو فرضه، عن طريق الانحرافات البيئية مثل تأثير الضوضاء.

ولأن الكذب يتطلب قدرًا أكبر من الموارد المعرفية للإنسان، أي أنه يحتاج لتركيز وانتباه لأدق التفاصيل، بالتالي حين يتم فرض ذلك العبء، قد يتلعثم المتحدث، ليجد صعوبة أكبر في الكذب دون اكتشافه.

لذلك وطبقًا لدراسة أكاديمية، إذا أردت اكتشاف كذب شخص ما، يجب زيادة حمل العبء المعرفي عليه، عن طريق تشويشه بمهام ثانوية أثناء حديثه، أو تعريضه لضوضاء، أو حتى مطالبته بالبقاء على اتصال بصري معك طوال فترة الحديث.

ثانيًا: اطلب المزيد

من يقول الحقيقة عادةً لا يحتاج لوقت طويل حتى يقدم إجابة منطقية على أي سؤال، على العكس تمامًا، فمن يكذب غالبًا يضطر إلى أن يختلق تفاصيل إضافية، الأمر الذي يجعله عرضةً لتقديم معلومات لا تتوافق مع حديثه إذا ما استمر في الحديث لفترة أطول.

لذلك ينصح بحث المتحدث ‑المشكوك في صدقه- على أن يستعرض كل ما يعرفه عن الموضوع محل الحديث، وإبلاغه بضرورة الإدلاء بكل ما يتذكره عن هذا الموضوع، من ثم إعادة كل ما قال مرّة أخرى، لأنه في الغالب قد يسقط في الفخ ويقتطع أو يضيف بعض المعلومات دون عمدٍ.

ثالثًا: قم بطرح أسئلة غير متوقعة

يفترض أن الشخص الذي ينوي الكذب يكون قد وضع احتمالات للأسئلة المتوقعة التي من الممكن أن تطرح عليه، لذلك يكون من الصعب اكتشاف خداعه، لأنه قد لا يتوتر إذا ما تعرّض للتأثيرات المذكورة أعلاه، لأنه يمتلك إجابات حاضرة في ذهنه. لذلك يجب طرح أسئلة غير متوقعة دائمًا وبشكل مفاجئ، من أجل حرمانه من رفاهية الوقت الذي يمتلكه لتزيين إجاباته وتنسيقها مع كذبه.

نتائج

أظهرت نتائج هذا البحث أن هذه الطرق المتبعة لكشف الكذب قد حققت نسبة دقة تساوي 60%، وحتى يتم وضع هذه النسبة في سياق، بقياس هذه النتائج مع محاولات سابقة يتضح أن نسبة اكتشاف الكذب قد ارتفعت بنسبة 6% عن السابق حيث كانت المناهج المتبعة سابقًا تحقق نسبة دقة 54% في المتوسط. بالتالي يعتبر ذلك تحسنًا حتى وإن كان طفيفا.

بنفس الصدد؛ يجب التنويه إلى أن معرفة المراقبين لهذه التجارب لعلامات الكذب التي يجب التركيز عليها، تجعل النتائج تختلف تمامًا.

في حين أن المتوسط لكشف الكذب نتيجة تعريض المتحدث لهذه الأساليب عادةً يحقق نسبة كشف تقترب من الـ50%، إلا أن إحاطة المراقبين بالزوايا التي يجب عليهم التدقيق بها، تجعل النسبة ترتفع لـ75%.

هذا يبدو منطقيا، لأن قدرة الإنسان على اكتشاف الكذب ترتبط بقوة بجعله ينتبه لإشارات وعلامات محددة تظهر على من يكذب، بالتالي تصبح مهمة الاكتشاف أكثر سهولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى