ثقافة ومعرفة

الألم.. ما أنواعه وهل يمكن قياسه؟

«لا أستطيع التحمل» بالطبع كل منا قد قال تلك الجملة من قبل، يبدو الألم في تلك اللحظة حقيقيا للغاية، كأنه أكثر الأمور حقيقة على وجه الأرض، ولكن ما مقدار الألم الذي تشعر به؟ وهل حقا لا يمكنك الاحتمال؟ هل يتطلب ذلك المقدار مسكنات قوية مخدرة أم أن مسكنا خفيفا سيفي بالغرض؟ هل سيختفي الألم خلال ساعات أم سيستمر لأسابيع وربما لشهور؟ تلك الأسئلة الغامضة التي جعلتك تحتار حيرت العلماء أيضا على مدار سنين!

وأخيرا عثروا على طريقة تمكننا من قياس الألم!

أنواع الألم

كيف نقيس الألم
كيف نقيس الألم

هناك أنواع مختلفة من الألم، يمكن أن يسبب وجع الأنسجة مثل تلف العضلات شعورا باهتا ومؤلما، في حين أن الألم المرتبط بالأعصاب غالبا ما يخلق إحساسا بالحرقان. وأي نوع من الألم يمكن أن يكون مفاجئا وقصير العمر أو مزمنا لنهاية العمر، وغالبا ما يكون الألم المفاجئ حادا أكثر من المزمن.

أي شخص  قد عانى في أي وقت مضى يعرف جيدا أن المعاناة موجودة على نطاق واسع؛ هناك ألم بسيط يمكن استحماله، وهناك ألم مزعج، ثم هناك ألم شديد مثل وجود حصى في الكلى أو المثانة، وهناك ألم الولادة الذي لا يضاهيه ألم سوى الحرق حيا!

غالبا ما يكون الألم شديدا للغاية، ويمكن أن يختلف اختلافا كبيرا من شخص لآخر. فالنساء أكثر حساسية للألم، كذلك أيضا الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، كما أن أصحاب الأمراض المزمنة  وغير الرياضيين أيضا لديهم حساسية أكبر تجاه الألم. هناك عدد لا يحصى من العوامل الأخرى التي تؤثر على الألم، على سبيل المثال، معظم الناس أكثر قدرة على تحمل الألم على الجانب المهيمن من أجسادهم،  بمعنى أنك تتحمل الألم أكثر في الجزء الأيمن من جسدك إذا كنت ممن يستخدمون اليد اليمنى، وإذا كنت أعسر فإنك ستتحمل ألم الجزء الأيسر أكثر.

كيف نقيس الألم؟

كيف نقيس الألم
كيف نقيس الألم

مع مثل هذه الأحداث المتنوعة، لا عجب أن يكون الألم أمرا صعبا للغاية بالنسبة للناس ليصفوه أو بالنسبة للأطباء ليستطيعوا قياسه. وبسبب هذا، أمضى الباحثون عقودا في محاولة التوصل إلى طرق موثوقة لقياس الألم. في الأربعينيات من القرن العشرين ابتكر علماء الطب وحدة قياس تسمى «الدول» والتي قاست رد فعل المريض على إحراق نقطة من يده. ما يجب ذكره أنه قد تم إجراء أبحاث «دول» بشكل رئيسي على فئة من المرضى الذين يعانون من قدر كبير من الألم أو النساء أثناء المخاض.

تم تطبيق مفهوم دول في نهاية المطاف من خلال جهاز يسمى «دولرمتر»، ويعمل هذا الجهاز على تطبيق آلية التحفيز أو الحرارة على جلد المريض ثم يقوم بقياس استجابته ويكون هذا مقدارا للألم الذي يشعر به المريض.

هناك نسخة أكثر حداثة تعرف باسم «مقياس الجاذبية» تتبع نفس النموذج ولكن مع الضغط المطبق. لا تزال هذه الأجهزة قيد الاستخدام ولكن لم يتم قبولها على نطاق واسع حتى الآن كأدوات موثوقة لقياس الألم.

بالطبع، الطريقة الحالية والأكثر شيوعا لقياس الألم هي من خلال الإبلاغ الذاتي للمريض؛ تستخدم المستشفيات ومكاتب الأطباء مخططا للتعرف على الألم لمساعدة الأشخاص على تقييم آلامهم على مقياس من 1 إلى 10. عندما يكون الشخص غير قادر على وصف ألمه شفهيا بسبب حالة طبية أو حاجز لغوي، يعتمد مقدمو الخدمات الطبية على مخطط يطابق مستوى الألم لتعبيرات الوجه.

هناك العديد من الأسباب التي تجعل الإبلاغ عن الألم يفتقر إلى الثقة التامة. كما لا يمكن أن يكون الألم غير موضوعي فحسب، بل قد يكون من الصعب أيضا وصفه. قد يعبر بعض الناس أيضا بسبب الموانع الثقافية أو الاجتماعية عن آلامهم بشكل سيئ، حتى إلى حد التقليل من شأنها أو التحقير منها.

لحسن الحظ، قد يجعل التقدم في التكنولوجيا الطبية تقييم الألم أكثر دقة في المستقبل. في عام 2013، تمكن الباحثون في جامعة كولورادو بولدر من رسم خريطة للألم عن طريق استخدام ماسح للدماغ. عند تقييم استجابات دماغ الموضوعات البحثية لمستويات الحرارة المختلفة لاحظ الباحثون أن الصور أظهرت توقيعات عصبية مميزة لاستجابات الألم المختلفة، وسمحت لهم هذه النتائج الواضحة بتحديد مستويات الألم على أساس موضوعي، ربما لأول مرة في تاريخ البشرية استطاع العلماء قياس الألم بهذه الدقة البالغة.

لا تزال القدرة على استخدام التصوير كوسيلة معتادة لقياس الألم اليومي أمرا بعيدا جدا، لكن تلك الأبحاث أدت إلى فهم أفضل لكيفية تفاعل دماغ الإنسان مع أنواع الألم المختلفة، وفتح الباب لمزيد من التحقيق والتطبيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى