تعود أسباب الرهاب الاجتماعي إلى أساليب التنشئة الخاطئة من جهة الأسرة والتي تتسم بالتسلط الزائد على سلوكيات الطفل، مما يجعل الأمر يتطور في مرحلة البلوغ فتظهر سمات الرهاب الاجتماعي لديه، ويخشى الفرد التجمعات خوفًا من صدور سلوكيات غير مقبولة منه دون أن يعي ذلك، كما أن العامل الوراثي يُعد أحد الأسباب الرئيسية لذلك الاضطراب الذي يتطور مع مرور الوقت وينتج عنه ظهور اضطرابات أخرى للفرد.
ما هو الرهاب الاجتماعي؟
الرهاب الاجتماعي أو ما يُطلق عليه القلق الاجتماعي هو الابتعاد عن التواصل مع الأفراد بشتى أنواعه والخوف من التحدث مع الغرباء خَاصَّة في التجمعات، كما أن الشخص تساوره عدة مخاوف غير منطقية تجعله يشعر بالقلق والتوتر ويفقد السيطرة على انفعالاته أثناء التحدث، وتعد هذه الأعراض من أهم أسباب الرهاب الاجتماعي.
تبدأ أعراض ذلك الاضطراب في الظهور بداية من سن 13 عاما، وتصل نسبة الأشخاص الذين يعانون منه ذلك إلى حوالي 7% من البالغين، والأعداد في تزايد مستمر خَاصَّة مع سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على عمليات التواصل، والتي تجعل الفرد يتحدث ويتعامل مع الأفراد خلف الشاشات فقط مما يجعله أكثر ميلًا للعُزلة.
أسباب الرهاب الاجتماعي
الأفراد الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي لا تظهر لديهم السمات في جميع المواقف أو مع كل الأشخاص، حيث نجدهم يتسمون بالذكاء الاجتماعي والقدرة العالية على التواصل مع الأشخاص المقربين أو الأصدقاء القدماء، بينما يفقدون القدرة على ذلك عند التَعرض لأحد الأمور التالية:
- التحاور مع أشخاص غرباء.
- التعامل مع شخصيات ذات مكانة مرموقة.
- التحدث مع أفراد مثقفين أو ذوي ذكاء عالٍ وخبرة واسعة.
- حضور الحفلات بشكل انفرادي دون وجود رفيق معه.
- التحدث لأول مرة مع شخص في الهاتف.
- التحدث أمام جماعة من الناس.
أعراض الرهاب الاجتماعي
الأشخاص الذين يعانون الرهاب الاجتماعي يوجد لديهم أحد أو جميع الأعراض التالية والتي تتمثل في:
- الشعور بقلق شديد أثناء التحدث مما يؤدي في بعض الأحيان إلى احمرار في الوجه وتأتأة في الكلام.
- مراجعة كل الأحاديث بعد إجرائها بشكل دائم.
- تأنيب النفس والشعور الشديد بالدونية عند نطق كلمة أو مصطلح غير مناسب أثناء التحدث.
- الخوف غير المبرر من وجود في التجمعات.
- الابتعاد عن الرد على المكالمات الهاتفية أو الرسائل بصورة مباشرة.
- استخدام مصطلحات لفظية في غير موضعها أثناء إجراء حوار.
- قلة الثقة بالنفس أثناء التحاور وتجنب التواصل البصري بشتى أنواعه.
- الخوف الدائم من الإحراج أو الإذلال من الآخرين أثناء التفاعل الاجتماعي معهم.
- تَوقع نتائج سيئة من كل موقف اجتماعي دون وجود مبررات لذلك التَخيل.
- الخوف من الأكل أمام الآخرين خَشْيَة من الانتقاد.
الأسباب الجينية لاضطراب القلق الاجتماعي
لقد أثبتت عدة أبحاث أن الجينات تُمثل سببا رئيسيا من أسباب الرهاب الاجتماعي، ويعتمد ذلك على وجود جين يُطلق عليه السيروتونين وهو عبارة عن مادة يتم إفرازها بالجسم مسؤولة عن الحالة المزاجية الخاصة بالشخص والهدوء العصبي.
لذا فإن الاضطراب في إفراز تلك المادة داخل الجسم يؤدي إلى ظهور الرهاب الاجتماعي لدى الشخص، وبالتالي ينتقل من الآباء إلى الأبناء وينتج عن ذلك تَعرض الأطفال للإصابة بالقلق الاجتماعي عن طريق أحد الوالدين بنسبة 40%.
اضطراب القلق الاجتماعي والدماغ
يوجد جزء في الدماغ يُسمى اللوزة الدماغية، وهي مسؤولة عن الإدراك الحسي وتقييم العواطف والاستجابات السلوكية المرتبطة بالقلق والخوف، وعند إجراء فحوصات للأشخاص الذين يعانون الرهاب الاجتماعي وجدوا أن لديهم نشاطا زائدا في اللوزة الدماغية، مما يجعلهم يشعرون بضيق في التنفس وسرعة نبضات القلب وتعرق مفاجئ بالوجه واليدين، وارتفاع مستوى السكر وشد عضلات ودوخة ونسيان مفاجئ وظهور ألم بالمعدة، فيصبح الشخص غير قادر على التفكير أو التعامل بصورة طبيعية.
حيث تفسر منطقة اللوزة الدماغية التفاعل الاجتماعي بأنه خطر يُداهم الشخص، فتنتابه حالة من الهلع والذعر وجميع الأعراض التي تم ذكرها.
ويتم التخلص من تلك المشكلة عن طريق العلاج السلوكي المعرفي المسؤول عن إعادة تدريب الدماغ على الدخول في التفاعلات الاجتماعية بصورة هادئة ومنطقية خالية من القلق والتوتر.
تأثير الوالدين على ظهور الرهاب الاجتماعي
الأنماط التي يتبعها الوالدان في تنشئة أطفالهم منذ البداية تعتبر من أهم أسباب الرهاب الاجتماعي، وتظهر علامات ذلك الاضطراب لديه في مرحلة المراهقة، ومن أهم الأسباب ما يلي:
- انتقاد الطفل وتوبيخه بصورة دائمة خاصة أمام الآخرين.
- التركيز الدائم على السلوكيات السلبية التي تصدر من الطفل والاهتمام بجعلها نموذجية خالية من الخطأ.
- ربط كافة سلوكيات الطفل بردود أفعال الآخرين وتعليقاتهم عليها.
- معاملة الطفل بصورة جافة خالية من الود والأُلفة والرحمة.
علاقة البيئة بظهور الرهاب الاجتماعي
البيئة لها تأثير كبير وواضح في ظهور القلق الاجتماعي لدى الأفراد وينتج ذلك عن الأسباب التالية:
- التنمر على سلوك الشخص أو مظهره.
- مرور الفرد بتجربة عاطفية سيئة.
- التَعرض للإساءات اللفظية أو الجسدية من أحد أفراد المجتمع.
- انفصال الوالدين أو حدوث مشاكل أسرية بصفة مستمرة بينهما.
- سفر أحد الوالدين أو موته.
- الخوف المستمر من أحكام الأشخاص المحيطين خاصة في اللقاء الأول.
مضاعفات الرهاب الاجتماعي
ينتج عن مشكلة الرهاب الاجتماعي ظهور عدة مضاعفات أخرى قد ينتج عنها اضطراب نفسي، وتتمثل تلك المضاعفات في:
- انعدام الثقة بالنفس.
- جلد الذات الدائم واحتقار النفس.
- الخوف المستمر من النقد.
- التعامل بحساسية شديدة مع الأفراد.
- اللجوء إلى إدمان الكحول أو مشاهدة الإباحيات.
- قلة العلاقات الاجتماعية أو انعدامها.
- صعوبة شديدة في التواصل مع الآخرين.
- التفكير المستمر في الانتحار.
- القسوة الزائدة في تعنيف النفس والحكم على الآخرين
- الدخول في نوبة اكتئاب.
كيفية الوقاية من الرهاب الاجتماعي
لكي تتم الوقاية من جميع أعراض الرهاب الاجتماعي يجب مواجهة كافة الأسباب التي تؤدي إلى ظهوره، والقضاء عليها ويتم ذلك من خلال اتباع الأساليب التالية:
أولًا: النوم الجيد
اضطراب النوم له علاقة وثيقة بظهور القلق الاجتماعي وذلك لأن الشخص الذي لا يحصل على قدر كافٍ من النوم يعاني القلق والتوتر والخوف من التواصل الاجتماعي، لذا يجب الحصول على قدر كافٍ من النوم يتراوح من 6 إلى 8 ساعات يوميًا، كما يُنصح بالنوم مبكرًا والابتعاد عن السهر بشكل تام.
ثانيًا: الامتناع عن المخدرات والكافيين
يجب الامتناع عن تناول الحبوب والمواد المخدرة والمشروبات التي تحتوي على كافيين، وذلك لأنها تساهم في زيادة القلق والتوتر الذي يظهر في نوبة فزع وهلع أثناء التواصل الاجتماعي.
ثالثًا: ترتيب الأولويات
يجب الاهتمام بترتيب كافة الأولويات المطلوبة من الشخص، مما يجعل الشخص قادرا على إدارة وقته بشكل صحيح، وبالتالي يؤدي إلى انخفاض حدة القلق التي يعاني منها.
رابعًا: الاهتمام بالذات والمظهر الخارجي
يُعد المظهر الخارجي أحد أهم الأسباب التي تجعل الشخص يشعر بالدونية والخوف من الظهور والتجمعات، لذا يجب على الشخص متابعة كافة برامج العناية الذاتية والاهتمام بنظافة الجسم والبشرة واليدين وتنسيق الملابس بصورة لائقة واختيار الملابس التي تتناسب مع شكل الجسم وحجمه، مما يجعل الشخص أكثر ثقة بنفسه فيستطيع الخوض في التجارب الاجتماعية.
خامسًا: ترك السلوكيات الشاذة
تُعد ممارسة السلوكيات الشاذة أو المنبوذة أحد أبرز الأسباب التي تجعل الشخص في حالة من الانطواء والعزلة والخوف من التفاعل الاجتماعي، لذا يجب على الشخص تصحيح كافة سلوكياته.
سادسًا: المواجهة
يتم التخلص من مشكلة الرهاب عن طريق المواجهة، بمعنى أن يتواجد الشخص في كافة التجمعات التي يخشاها ويتحاور مع الأشخاص الغرباء فكل هذا يعمل على تخفيف وطأة الرهاب بشكل تدريجي حتى تختفي تمامًا.
الخوف من الانتقاد هو من أهم أسباب الرهاب الاجتماعي، وهو ناتج عن انعدام الثقة بالنفس والتدقيق الزائد من الوالدين أثناء مرحلة التنشئة، ويتم التخلص من ذلك الاضطراب من خلال المواجهة واستعادة الثقة بالنفس.