ثقافة ومعرفة

كيف مات الإسكندر الأكبر؟

تظل أسباب وفاة الإسكندر الأكبر أحد الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها إلى الآن، أو بمعنىً أوضح، أحد أشهر التشخيصات الخاطئة للوفاة على مر التاريخ، وربما يعود السبب إلى انتشار روايات تاريخية تؤكد أنه عند وفاته عام 323 قبل الميلاد، لم تظهر جثته أي علامات تحلل سوى بعد 6 أيام كاملة.

الإسكندر الأكبر.. أكثر من مجرد حاكم

وفاة الإسكندر الأكبر
الإسكندر الأكبر.

خلف الإسكندر الأكبر والده، فيليب الثاني على عرش البلاد، بعدما تم اغتياله، وكان قد ورث عن والده مملكة مترامية الأطراف، قوية، والأهم تتمتع بجيش جبار، نجح في استغلاله ليحقق أهداف أبيه التوسعية، وربما كان له ما أراد.

بالنسبة لليونانيين القدماء، لم يكن الملك المقدوني الشاب رجلًا عاديًا، وهذا أيضًا ما اعتقده الإسكندر عن نفسه، باختصار؛ كان يرى نفسه إلها، وهو ما جعل من وفاته حدثًا يتم الوقوف عنده كثيرًا، خاصةً وأنه توفى عن عمر يناهز الـ32 عامًا فقط.

خلال هذه المدة القصيرة، نجح الإسكندر في مد مملكته لتسع المساحة ما بين البلقان وباكستان، بل إنه كان يسعى لغزو جديد، يوسّع به إمبراطوريته أكثر وأكثر، لكن القدر كان أسرع منه، عندما مرض فجأة، وظل حبيسًا لمرضه لنحو 12 يومًا قبل أن تنتهي حياة الرجل الذي اعتبر الأهم في عصره.

منذ هذه اللحظة، أصبحت أسباب وفاة الإسكندر الأكبر الشغل الشاغل لكل المؤرخين المهتمين بحياة ذلك البطل الإغريقي، البعض زعم إصابته بالملاريا أو التيفويد أو التسمم بالكحول وصولًا إلى افتراضهم بأنه اغتيل على يد أحد الأشخاص المنافسين له بالدولة اليونانية، إلا أن الحقيقة ظلت غامضة.

وفاة الإسكندر الأكبر بسبب اضطراب عصبي؟

وفاة الإسكندر الأكبر
لغز وفاة الإسكندر الأكبر.

في نظرية جديدة، تقترح باحثة وطبيبة ممارس. أن الإسكندر ربما يكون قد عانى من اضطراب عصبي متلازمة غيلان باريه (GBS)، والذي تسبب في وفاته، كما جادلت أن السبب في عدم ظهور أي علامات تحلل على جثة الإسكندر سوى بعد 6 أيام كاملة يعود لسبب وجيه، وهو أنه كان وقتئذ لم يمُت بعد.

الأسئلة المهمة حاليًا؛ من هي هذه الباحثة؟ وهل هي محل ثقة؟ الإجابة على السؤال الأول بسيطة، حيث إن صاحبة هذه النظرية هي الدكتورة كاثرين هول، محاضرة كبيرة في كلية طب دنيدن في جامعة أوتاجو بنيوزيلندا، وقد قامت بنشر تفاصيل نظريتها في مقال نشر بـ(published in The Ancient History Bulletin).

وعلى الرغم من أن معظم النظريات الشائعة حول وفاة الإسكندر الأكبر كانت قد ركزت على الحمى المؤلمة وآلام البطن التي عانى منها في الأيام التي سبقت وفاته، واعتبارها سببًا مباشرًا في الوفاة، اختلفت كاثرين مع ذلك.

بالعودة للسؤال الثاني الذي لم نُجب عنه، فكون الدكتورة كاثرين هول محل ثقة من عدمه ليس مهمًا لهذه الدرجة، لأن ما طرحته مجرّد نظرية قد تصح وقد تخطئ، كغيرها من النظريات.

على أي حال، أشارت هول في الواقع إلى أن الإسكندر كان معروفًا بإصابته “بشلل تصاعدي تدريجي ومتناسق” أثناء مرضه، وعلى الرغم من أنه كان مريضًا جدًا، فقد ظل (مسيطرًا تمامًا على قدراته العقلية) حتى قبل وفاته بقليل.

ترى هول بأن (GBS)، وهو اضطراب نادر ولكنه خطير على المناعة الذاتية حيث يهاجم الجهاز المناعي الخلايا السليمة في الجهاز العصبي، ويمكن أن يفسر هذا المزيج من الأعراض بشكل أفضل من النظريات الأخرى المتقدمة لوفاة الإسكندر الأكبر.

وتعتقد كاثرين أنه ربما يكون قد أصيب بالاضطراب من عدوى كامبيلوباكتر بيلوري، وهي بكتيريا شائعة في ذلك الوقت، ووفقًا لهول، من المحتمل أن يكون الإسكندر قد تعرض للإصابة بأحد أنواع اضطراب الـ GBS تسبب في حدوث شلل له، دون التسبب في حدوث ارتباك أو فقدان للوعي.

بم تفسر بقاء جثة الإسكندر دون تحلل لـ6 أيام؟

بغض النظر عن رؤية المؤرخين للسبب الحقيقي في وفاة الإسكندر الأكبر، أثقلت هول كاهل الجميع بطرحٍ جديد، وهو أن الإسكندر حين أُعلنت وفاته لم يكن قد مات، وحاولت منطَقة هذا الطرح بتحليل افترضت من خلاله أن الشلل الذي عانى منه الإسكندر، إضافة إلى قلة حركاته، بالتالي احتياجه لكمية أوكسجين أقل، جعلت رؤيته يتنفس أكثر صعوبة، خاصة وأننا نتحدث عن 3 قرون ما قبل الميلاد، ما يعني أن تحديد وفاة شخص من عدمها مرتبطة مباشرة بملاحظته يتنفس بمجرد النظر، دون أية أجهزة طبية، أو حتى دون اللجوء لجس النبض، بالتالي فمن الممكن أن يكون قد تم الإعلان عن وفاته بوقت مبكر قبل أن تحدث.

في النهاية؛ وبغض النظر عن صحة افتراض كاثرين هول وغيرها ممن حاولوا إيجاد سبب حقيقي لوفاة الإسكندر الأكبر الذي ظل لغزًا لعقود، ينبغي أن نشير إلى حقيقة واضحة وحيدة، وهي أن التاريخ لا يمكن له أن يحكي الواقع كاملًا، لأنه تاريخ.

المصدر
مصدر مصدر 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى