ثقافة ومعرفة

“نافاجو”.. وقصص نادرة عن الحرب العالمية الثانية

كانت الحرب العالمية الثانية الحدث الأكثر دمويةً في تاريخ البشرية، حيث تطاحنت خلالها كل جيوش الأرض تقريبًا في قتال دام نحو 6 أعوام، تكبدت خلالها البشرية خسارة ما يدنو من 70 مليون إنسان ما بين مدني وعسكري انتموا لفصيلي الحلفاء والمحور.

خلال الأعوام الستة، ربما امتلك كل جندي بهذه المعركة حكاية لم يقصها لسبب ما، لكن بعد انتهاء الحرب، ربما وجب أن تُنقل بعض القصص التي لم تنل شهرة واسعة أثناء القتال الدامي.

قبضة الحبيب

خلال الحرب، احتفظ الجنود بصورٍ فوتوغرافيةٍ لحبيباتهم، وأخفوها تحت مقبض زجاجي مضاد للرصاص على مسدساتهم، وتعود فكرة المقبض الزجاجي نفسها للعام 1928، حيث كانت تستخدم لصناعة نوافذ الطائرات الحربية، واستبدال مقابض المسدسات الخشبية كذلك.

الحرب العالمية الثانية

استخدم الجنود هذه المقابض بعد ذلك لأسبابٍ رومانسيةٍ، حيث قاموا بوضع صورة حبيباتهم تحت الغلاف الزجاجي لحفظها من الضياع، وحتى تظل مرافقةً لهم بكل مكان يذهبوا إليه، حتى إن بعض الجنود الناجين قد احتفظوا بهذه الصور الملتصقة بمسدساتهم حتى بعد انتهاء الحرب.

«نافاجو» والحرب العالمية الثانية

كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعاني في بدايات الحرب العالمية الثانية من اعتراض المخابرات اليابانية لكُل الرسائل التي يتم تبادلها بين الجنود على جبهة القتال، لذلك كان لا بد من الوصول لحلٍ لهذه المشكلة.

لذلك؛ قامت قوات الـ«مارينز» الأمريكية بتجنيد 29 شخصا يتحدثون بلغة إحدى المستعمرات الأمريكية التي تعرف بـ«نافاجو»، وإقحامهم بالعمل العسكري، لتصبح هذه اللغة هي الشيفرة التي تُرسل بها التعليمات للجنود.

الحرب العالمية الثانية

تبادل هؤلاء الذين تم تجنيدهم الرسائل بلغتهم الأم عبر الهاتف والراديو، ولم يستطع اليابانيون فك هذه الشيفرات ولو لمرة، وثبت نجاح الفكرة وإفادتها بشكل عام، لأن قبل استخدامها، كان اليابانيون على علمٍ تام بكامل التعليمات التي تصل للجنود الأمريكيين.

نجحت الفكرة بشكلٍ منقطع النظير، ما دفع الولايات المتحدة لتجنيد نحو 400 ناطق بلغة «نافاجو» أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، ولذلك تم تكريم الـ29 ناطقا الأصليين بعد انتهاء الحرب من قبل الكونجرس الأمريكي وقلّدوا بميداليات شرفية نظير مشاركتهم الفاعلة في انتصار أمريكا.

لأن ما زال هنالك متسع للإنسانية

كان «هانس شراف» رجل أعمال يقضي عطلته في وطنه ألمانيا عند اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث تم تجنيده إجباريًا، وألحق بالجيش النازي ليجد نفسه بالصفوف الأولى التي تقاتل العدو الروسي.

بشكل ما، نجحت زوجة شراف في الوصول لأحد المسؤولين الذي تمكّن من نقل زوجها من صفوف المقاتلين إلى وحدة المترجمين الفوريين، ولحسن الحظ، وبعض الأحداث المتتابعة مثل وفاة رؤسائه المباشرين، وجد الرجل نفسه يصعد لمنصب المحقق الأول لمقاتلي الطيارين.

الحرب العالمية الثانية

تميز أسلوب شراف في الاستجواب بأربعة مكونات أساسية تضمنت مقاربة ودية، عدم الضغط للحصول على المعلومات، ووهم معرفة كل شيء، وأخيرًا، تكتيك التأكيد أو عدم التأكيد، وكشفت دراسات نفسية متعددة على أسلوب شراف الذي لم يؤذ إنسانًا واحدًا، ساعد في جمع معلومات أكثر من الطريقة التقليدية المباشرة التي تعتمد على إيذاء من يتم استجوابه.

أكثر المواجهات التي لا تُصدق

قبل ليلة عيد الميلاد عام 1943 بخمسة أيام، كان الطيار الألماني «فرانز شتيجلر» يحلق فوق طائرة أمريكية تعرضت للإصابة أثناء بعض الاشتباكات، وكان من المنطقي، أن يبدأ في تدميرها تمامًا خاصةً وأن قائد الطائرة البريطانية «تشارليس براون» كان بلا حيلة بعد إصابة طاقم الطائرة كاملًا بجروح خطيرة، كما أن المسؤول عن مدفع ذيل الطائرة كان قد لقي حتفه.

تردد شتيجلر قبل أن يضغط على الزناد، لأنه كان متأثرًا بفقدان الكثير من الجنود حيواتهم بلا ذنب حقيقي، حيث إنهم مجرد منفذّين لأوامر قاداتهم مثله تماما، لهذا قرر أن ينقذ طاقم الطائرة بدلا من قتلهم، وتأكد هبوطهم بسلام عند بحر الشمال.

الحرب العالمية الثانية

كان فرانز على يقين من أن مصيره هو الإعدام حال تم اكتشاف ما اقترفه في حق النازية، لكن ذلك لم يحدُث، لأنه هرب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لإنجلترا، حيث قابل تشارليس، وظلت صداقتهم قائمةً حتى وفاته عام 2008.

القدر

عندما احتدمت الحرب العالمية الثانية، كانت الإمبراطورية اليابانية تخطط لهجوم بيولوجي على الولايات المتحدة الأمريكية، يستهدف المدنيين، عبر نشر وباء الطاعون بمدينة سان دييجو، التابعة لولاية كاليفورنيا، لكن ربما منع القدر حدوث ذلك.

عُرفت هذه المهمة لنشر قنابل الطاعون باسم “عمليات أزهار الكرز في الليل”، حيث كانت الوحدة 731 مسؤولة عن توفير جميع الأسلحة البيولوجية وخططت لاستخدامها في الحرب العالمية الثانية، وكانت الوحدة قادرة على إنتاج حوالي 60 رطلاً من أدوات نشر الطاعون في غضون أيام قليلة، وتم نقله عن طريق البراغيث الموبوءة بالطاعون.

تم وضع هذه البراغيث الناقلة للطاعون داخل قنابل خزفية وتم تخزينها في مناطق مدنية، وكان من المفترض أن تصيب البراغيث الفئران المحلية، والتي ستنشر الطاعون إلى الطعام بدوره، وفي النهاية تصل إلى البشر، وكان من المقرر تنفيذ هذه الطريقة بأكملها في بعض مدن الصين.

وقدر أن تصل العدوى إلى الولايات المتحدة في 22 ديسمبر 1945 عبر مهمة انتحارية بمساعدة حاملات طائرات، لكن، استسلمت اليابان في 15 أغسطس، لذلك لم تدخل هذه المهمة الشريرة حيّز التنفيذ.

بالتأكيد، هنالك الكثير من القصص والروايات التي لم تُقص عن الحرب الأضخم في تاريخ البشرية، إلا أنه دون شك، حملت هذه الفترة بداخلها كل التناقضات البشرية، بين الإنسانية والشر المطلق.

المصدر
طالع المصدر الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى