الصحة النفسية

الشخصية الرياضية وثورة علم النفس الرياضي

أثناء رحلة التعرُّف على الشخصية الرياضية، لا بد وأن ندرك أن مفهوم الشخصية يتمحور حول امتلاك الإنسان لصفات وسلوكيات تميّزه عن سائر البشر، وتنعكس على تفاعله المستمر مع كل ما حوله، وعلى طريقة تفكيره ورغباته وميوله.

ما هي الشخصية الرياضية؟

الشخصية الرياضية
الصلابة البدنية.

طبقًا لعالم النفس الأمريكي -الجنوب إفريقي الأصل- أرنولد لازاروس، فالشخصية الرياضية في علم النفس هي عبارة عن العمليات المسؤولة عن تراكم خبرات الرياضي الإنسانية وتفاعله مع بيئته، بينما عرّفها بعض علماء النفس على أنها النظام الذي ينتهجه الفرد جسديًا ونفسيًا وهو ما يمنح الشخص الرياضي طابعًا فريدًا، ويجعله مختلفًا في استجابته للمثيرات التي يتعرّض لها بحياته.

الخصائص العامة للشخصية الرياضية؟

للتعرف بشكل أعمق على الشخصية الرياضية، وضع علماء النفس عددا من الخصائص العامة التي يجب وأن تتوافر في الشخص حتى يندرج تحت هذه الفئة، وهذه الخصائص وحدها قد لا تضمن إشارة واضحة لكون الإنسان يمتلك شخصية رياضية من عدمه، لكنها الخطوة الأولى فقط في رحلة الكشف عن ذلك.

النمو

أولى خصائص الشخص الرياضي هي نمو وتكامل شخصيته بشكل مستمر، عبر تضامن سماته الشخصية بصورة مستمرة وتفاعلها مع البيئة والمواقف المحيطة به.

الذاتية والثبات

ينبغي على صاحب الشخصية الرياضية أن يمتلك شعورًا بالذاتية، أي أن هويته الإنسانية تظل كما هي، أيًا ما كانت التغيّرات التي طرأت على حالته النفسية والجسدية أثناء مراحل النمو المختلفة، منذ لحظة إدراكه للعالم من حوله وحتى لحظة وفاته.

وهذا الثبات يظهر جليًا في الحياة العملية، أنماط التعامل مع الآخرين، الاهتمامات والدوافع.

 سمات الشخصية الرياضية

الشخصية الرياضية
استمرار النمو.

من هذا المنطلق، يمكننا الآن التعرف على السمات الأساسية للشخصية الرياضية التي تنبثق من الخاصيتين أعلاه من أجل أن نوضِّح ما يعنيه النمو، الذاتية والثبات، ويشرح علم النفس أهم هذه السمات وفقًا للتالي ذكره.

الاجتماعية

يتسم الشخص الرياضي بقدرته العالية على تكوين العلاقات الاجتماعية والصداقات، التي تعينه بدورها على اكتساب المزيد من الخبرات الحياتية الهامّة جدًا لتطوره نفسيًا وبدنيًا.

الثبات الانفعالي

لربما تكون إحدى أبرز سمات الشخصية الرياضية هي قدرته على الحفاظ على ثباته الانفعالي، عبر توجيه انفعالاته ومشاعره تجاه المتغيرات اليومية بشكل قاطع نحو المنافسة أو الهدف الذي يضعه أمامه، وهذا ما يجعله أكثر قابلية لتجنُّب التشتيت الذهني.

الصلابة البدنية

الشخص الرياضي لا بدَّ أن يتميز بعود صلب، وصلب هنا لا تعني بالضرورة امتلاكه كتلة عضلية ضخمة، بل جسدا قويا وصلبا كفاية لتحمُّل مشاق ومعاناة التدريبات والمنافسات التي تنال من طاقة الرياضي الجسدية والنفسية، وكذلك التأقلم مع أي متغيرات تطرأ على حياته والتكيُّف معها دون الشعور بأي اضطرابات.

الروح القيادية

يتحلى صاحب الشخصية بما يُعرف بالقيادية، أي أنه يمتلك القدرة والثقة اللازمتين لاتخاذ أي قرار وتحمُّل توابعه بشكل كامل، كما يتجنّب الانصياع لآراء الآخرين دون تحليلها بشكل دقيق في حال اضطر للعمل تحت قيادة شخص آخر.

تقبُّل الذات

يُدرك الرياضي مواطن قوته ونقاط ضعفه بشكل عميق، بالتالي فهو يستطيع معرفة إيجابياته فيعمل على تقويتها، وسلبياته التي يجب أن يسعى للحد منها، وهذا يوّفر عليه الكثير من الجهد أثناء لحظات مراجعة النفس والوقوف عند ما أنجزه وما يمكن له أن ينجزه مستقبلًا.

الصراحة

من المُفترض أن يتميز الشخص الرياضي بالصراحة المطلقة، بالطبع دون التقليل من شأن الآخرين، لأن في ذلك تسهيلًا لمسألة تصريحه برأيه ومشاعره وأحاسيسه الحقيقية تجاه أي شخص أو أي موقف بشكل علني ودون مواربة.

الاستقلالية

على الرغم من كون الرياضي اجتماعيًا بشكل عام، إلا أنه عادةً ما يفضل أن يعتمد على نفسه بشكل مطلق في الأمور التي تخُص حياته الشخصية، وقد يلجأ إلى طلب المساعدة من الآخرين لكن في أضيق الحدود.

شحن الدوافع

يشحن الرياضي طاقته بالرغبة في النجاح والتفوُّق وإيجاد حافز بكل فترة من فترات حياته ليدفعه نحو الأمام، ويتجنّب مشاعر الغرور التي قد تتملّك من أي إنسان حين يشعر بأنه حقق إنجازًا.

الثقة في النفس

يثق صاحب الشخصية الرياضية في نفسه وفي قدراته الفنية والبدنية على طول الخط، لكن لا يجعله ذلك بمعزلٍ عن بيئته، حيث يعتبر مستمعًا جيدًا للرأي الآخر، بل ويتقبل النقد أيضًا، بشرط أن يكون بناءً.

طريقة قياس الشخصية الرياضية

حتى لا تنخدع فيما قد يظهره البعض من الصفات أعلاه دون أن يكونوا أصحاب شخصية رياضية حقيقية، اقترح أطباء النفس الرياضي أن تستخدم أداتان أساسيتان لقياس الشخصية الرياضية.

الملاحظة

يتم قياس الشخصية الرياضية أولًا عن طريق خضوع الحالة للملاحظة أثناء مختلف المواقف الحياتية التي تستدعي ظهور إحدى السمات الرئيسية للشخص الرياضي.

المقابلة

يعد اختبار المقابلة أكثر الطرق شيوعًا للتحقق من الشخصية الرياضية، بحيث يمكن للملاحظ أن يستثير الرياضي لقياس بعض سماته الشخصية على هيئة ردات فعله السلوكية مثل الاندفاع أو الحكمة، الانطلاق في الكلام أو الصمت، وحتى عن طريق تحليل ملامح الوجه.

العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية الرياضية

الشخصية الرياضية
الإرادة.

بالتأكيد هنالك عوامل تؤثر على تكوين الشخصية الرياضية، فالسمات الشخصية لا تكفي وحدها كي تنتج رياضيًا يتمسّك بذلك الطريق طوال حياته، فإذا تجمعت الأسباب التالية أصبح من السهل أن تكتمل هذه الشخصية بداخل الإنسان.

القدرات الجسمانية

يعتبر هذا العالم هو المُحدد الرئيسي للشخصية الرياضية فبدون جسد سليم، لا يمكن أن تصبح رياضيًا، ويشمل عامل القدرات الجسمانية الآتي:

  •  سلامة الجهاز العضلي والعصبي وبقية أجهزة الجسم بشكل عام.
  •  مدى تناسق القوام، سواءً كان الرياضي طويلًا نحيفًا أو أقصر لكن ذا بنية عضلية قوية.

الحالة النفسية

بالتأكيد تؤثر الناحية النفسية بشكل ضخم على مدى قدرة الرياضي على التكيُّف والتأقلم مع متغيرات ومشاق ممارسة الرياضة، وينقسم العامل النفسي إلى:

  • القدرات العقلية.
  •  الطباع والمزاج العام.
  •  الرغبات والدوافع.
  •  الإرادة.

البيئة المحيطة

بالطبع تؤثر البيئة المحيطة بالرياضي على حياته بالإيجاب أو السلب، ويندرج تحت بند البيئة كل ما يأتي:

  • أسلوب حياة الرياضي بداية من نظام النوم والغذاء وصولًا لتجنُّب تعاطي المخدرات ومرورًا بسبل استغلاله لوقت الفراغ.
  • الظروف المعيشية التي تشمل المرجعية الثقافية والحالة المادية والاجتماعية للرياضي بما فيه اختياره لشريك حياته وأصدقائه.

ماذا تعرف عن علم النفس الرياضي؟

عند لحظة ما يتقاطع علم النفس مع الرياضة، بالتالي حاول الباحثون في علم النفس أن يضعوا أيديهم على نقاط التقاطع تلك بإنشاء علم كامل يُعرف بعلم النفس الرياضي، والذي يتمحور حول مساعدة الرياضي على الآتي:

  1. رفع المستوى الرياضي عبر استغلال طاقته بأفضل صورة.
  2. فهم سلوك الرياضيين ومحاولة تفسيره.
  3. توقُّع التطورات التي قد تطرأ على سلوك الرياضي وفقًا لسماته الشخصية والظروف المحيطة به.
  4. توجيه الرياضي والتحكُّم في طريقة تنشئته.
  5. تطوير بعض السمات الشخصية لدى الرياضي مثل الثقة بالنفس، التعاون واحترام القوانين.

أخيرًا، يتبقى القول إن الشخصية الرياضية هي إحدى الشخصيات المحمودة في العموم، ويسعى لاكتسابها الأسوياء من البشر، لكن البعض فقط ينجح في امتلاكها، لأن توافر كل السمات والعوامل التي سبق ذكرها لدى شخص واحد ليس بالأمر الهيّن.

المصدر
مصدرمصدر 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى