يُعد تقليد حجب أرقام لاعبي كرة القدم أحد آخر التقاليد الكلاسيكية، التي لا تزال مُتبعةً من بعض الأندية إلى وقتنا هذا، وينُم قرار مثل هذا عن تقدير النادي والجماهير من خلفه لما قدّمه اللاعب لهم، ويعد حجب رقمه ومنع أي لاعب آخر غيره من ارتدائه بمثابة اعتراف ضمني بتفرّده.
ومن بين العديد والعديد من الأحداث المشابهة، تتأرجح أسباب تعليق استخدام أرقام الأساطير على ظهر أقمصة اللاعبين ما بين قصص مُلهمة وأخرى تراجيدية، وفيما يلي نستعرض أبرز قصص اللاعبين الذين تم تعليق أرقامهم وحجبها، بواسطة الأندية التي لعبوا لها.
وفاة مارك فيفيان فوي
في يونيو 2003، كانت الكاميرون تتطلع لحصد كأس العالم للقارّات، بعد أن تأهلت لنصف النهائي كي تواجه كولومبيا، وهو الأمر الذي كاد يحدُث، إلا أن سقوط مارك فيفيان فو على أرض الملعب في الدقيقة 72 من عمر المباراة حال دون ذلك.
وعلى الرغم من محاولات طبية مستميتة لإنقاذه، توفي لاعب ليون الأسبق عن عمر ناهز الـ28 عامًا، وبدأت الأحاديث حول تكريم ذكراه.
قبل انطلاق بطولة كأس القارات، كان فوي قد انتقل لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي على سبيل الإعارة قادمًا من ليون الفرنسي، ليقدّم إحدى أفضل فترات مسيرته الكروية، حيث سجل 9 أهداف، على الرغم من شغله مركز متوسط ميدان.
وتقديرًا لمارك، قرر كيفين كيجان، المدير الفني للسيتي آنذاك حجب رقم اللاعب (23)، بل إن بعضا من الأندية التي لعب لها أيضًا، كانت قررت حجب رقم قميصه (17) وأبرزها ليون ولانس الفرنسيان.
زانيتي والوفاء لإنتر ميلان
في بعض الأحيان، تقوم إدارات الأندية بحجب أرقام لاعبي كرة القدم والتوقف عن منحها للاعبين جدد بعد اعتزالهم، كإقرار بحقيقة وفاء اللاعب للنادي، وأبرز هذه الأمثلة كان تعليق إنتر ميلان الإيطالي رقم 4 الخاص بالأرجنتيني خافيير زانيتي.
بنهاية موسم 2013/2014 ومع إعلان الدولي الأرجنتيني السابق اعتزاله لعب كرة القدم، أعلن النيراتزوري تعليق القميص رقم 4، عبر تصريحات رسمية خرجت عن رئيس النادي إريك توهير، تعبيرًا عن امتنان النادي والجمهور لمسيرة اللاعب التي دامت نحو 20 عامًا، وترجمت لنحو 800 مشاركة مع الفريق الأول.
اقرأ أيضاً: لماذا يعاني مشجع كرة القدم خلال الـ90 دقيقة؟
بوشكاش.. أعظم لاعبي المجر
يزعم البعض أن فرانك بوشكاش كان حجر الأساس الذي بني حوله جيل “المجر الرهيب” بمنتصف القرن الـ20، بل إنّه يعتبر أفضل لاعب مجري في التاريخ.
لعب بوشكاش، الذي مثل ريال مدريد الإسباني في وقت لاحق، لبودابست هونفيد من 1943-1956 وسجل أكثر من 300 هدف في 341 مباراة، مساهمًا في فوز الفريق بـ5 بطولات للدوري المجري، كان الهدّاف في 4 منها.
ومع انتقاله لنادي العاصمة الإسبانية، لم تجد إدارة النادي المجري أفضل من تعليق حجب الرقم 10 الخاص به، تعبيرًا عن التقدير الذي تكنّه الجماهير المجرية بشكل عام، وجماهير هونفيد بشكل خاص لبوشكاش.
بريشيا والمنقذ باجيو
عادة يتم حجب أرقام لاعبي كرة القدم الذين ساهموا في جلب ألقاب لأندية بعينها، لكن حالة الإيطالي روبيرتو باجيو وناديه بريشيا مختلفة قليلًا، حيث اقتصرت مساهمة نجم يوفنتوس وفيورنتينا الأسبق على إنقاذ الفريق من الهبوط وحسب.
بمطلع الألفية الثالثة ومع اقتراب نهاية مسيرة صاحب الشعر المتدلي، رفض اللاعب قبول عروض للعب كرة القدم خارج إيطاليا، مقاومًا الإغراءات المالية، مفضلًا الانتقال لنادي بريشيا الإيطالي الذي كان يصارع من أجل البقاء في الدوري الإيطالي الممتاز.
وبالفعل، أكمل باجيو المهمة المستحيلة مع الفريق المتواضع مساهمًا في بقاء الفريق في دوري الدرجة الأولى الإيطالية عام 2001، حيث ساهم بعشرة أهداف وصنع 10 تمريرات حاسمة.
وعلى الرغم من أن أفضل مراحل مسيرة باجيو الكروية لم تكن في بريشيا، إلا أن النادي الصغير هو الوحيد الذي أصدر قرارًا بتعليق رقم 10 الذي ارتداه 4 سنوات، تقديرًا للجهد الذي بذله من أجل الفريق.
اقرأ أيضًا: الأبيض الكاتالوني.. وأشهر القمصان المحظورة في كرة القدم
ابن النادي
بعد وفاة دانيال خاركي، لاعب إسبانيول السابق، عام 2009، أعلنت إدارة النادي عن حجب رقم اللاعب إلى الأبد، لكن بعد نحو 7 أعوام، أصدرت إدارة النادي قرارًا آخر.
طبقًا للبيان الرسمي للفريق الكاتالوني، فأفضل تكريم لدانيال هو إعادة رقم 21 إلى الملعب مرة أخرى، على أن يرتديه لاعب من أبناء النادي الذين تم تصعيدهم من قطاع الناشئين.
وجاء في نص البيان: “بالنسبة لجميع الأجيال الجديدة من اللاعبين، فإن خاركي هو المرآة وأفضل مثال لهم، وبالتالي فإن شرف ارتداء الرقم 21 في الفريق الأول سيظل حكرًا على اللاعب المحلي”.
اقرأ أيضًا: كازويوشي ميورا.. وسر «الملك» الأكثر تعميرا في كرة القدم
ومع ذلك
بالتأكيد هناك مئات اللاعبين الذين قدّموا مجهودات عظيمة لخدمة أنديتهم، ومع ذلك لم يستخدم تقليد حجب الأرقام معهم، ومن هؤلاء اللاعبين؛ الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم برشلونة الأسبق، وكريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الأسبق كذلك، لكن لا يعد هذا انتقاصًا لما قدموه لعملاقي إسبانيا، لكن هناك سببا وراء عدم تعليق أرقامهم مع أنديتهم.
بعض الاتحادات، ومنها الاتحاد الإسباني لكرة القدم، تمنع حجب أرقام لاعبي كرة القدم، فطبقًا لقواعد الاتحاد، يُسمح لكل فريق في الدوري الإسباني باستخدام 25 لاعبًا فقط في الفريق، ويجب عليهم استخدام أرقام الفريق بين 1 و25، وبالتالي، فإن أعضاء الفريق الأول البالغ عددهم 25 شخصًا يرتدون أرقاما بين 1 و25 على ظهر قمصانهم، ما يعني استحالة حجب أي رقم منها.