عجائب

«حمامات العرق».. وأسرار تفوّق طب حضارة المايا

لا شك في أن جميع أنواع الطب ذات أهمية بالغة، ولكن طب المايا يتميز بأن له أسرارا تجعله متفوقا على العديد من العلاجات الأخرى منذ مئات السنين؛ حيث برزت حضارة المايا في الأراضي المنخفضة المستنقعية لما نعرفه الآن باسم جنوب المكسيك وغرب هندوراس والسلفادور، وكان تنوع الإقليم سببا في انتشار أنواع عديدة من الأمراض، مما جعل قبيلة المايا تجتهد في علاج تلك الأمراض وتطوير “طب المايا” الذي قدم بالفعل عددا كبيرا من العلاجات النباتية المحتملة.. تابع القراءة لتتعرف على تخصصات طب المايا وأسرار تفوقه في تلك التخصصات.

الدين والطب.. ما هو طب المايا؟

كانت الممارسة الطبية للمايا مزيجا معقدا من العقل والجسد والدين والطقوس والعلم، وكانت الصحة بالنسبة لهم نتيجة العيش وفق قوانين الطبيعة والمجتمع، والمرض نتيجة تجاوز تلك القوانين، حيث شبه المايا المرض بأسر الجسد والروح من قبل كائنات خارقة للطبيعة، والتي تغضب من بعض سوء السلوك المتصور.

تم ممارسة طب المايا فقط من قبل الأفراد المختارين بعناية خصيصا لهذا الأمر من شعب المايا والذين تلقوا تعليما مكثفا، وكان يطلق على هؤلاء الناس “الشامان”، كما كان شعب المايا ينظر إلى الصحة على أنها “توازن”، في حين أن المرض كان يعني بالنسبة لهم “عدم التوازن”.

ما يجعل هذا النوع من الطب مختلفا حقا هو أن له نصوصا علاجية وليست فقط الأدوية والأعشاب، ونصوص المايا الطبية مكرسة لعلاج الأعراض بناء على تأثيرات بعض العلاجات العشبية التي يمكن ابتلاعها وتدخينها وشمها وفركها على الجلد وحتى إعطاؤها كحقن شرجية.

وصف أطباء المايا بلا شك 4 أمراض محددة، وهي: البنتا، وداء الليشمانيات، والحمى الصفراء، وحالة مرضية للعين التي ربما كانت التراخوما، بالإضافة إلى العديد من المتلازمات النفسية.

كانت قدم الرياضي والإسهال من الأمور التي تحدث يوميا، وغالبا ما كام يتم علاجها باستخدام العلاجات العشبية، كما أن طب المايا كان أول من اخترع “حمامات العرق”، على غرار حمامات الساونا الحالية، وكانوا يستخدمونها بانتظام، وغالبا ما كانت تقترن بالتدليك للتخفيف للحد من أعراض أمراض النساء مثل عسر الطمث وانقطاع الطمث والتوتر السابق للحيض والعقم.

تخصصات طب المايا

وجع الأسنان

كان المايا ماهرين جدا في طب الأسنان، وكانت الأسنان الاصطناعية تصنع من اليشم والفيروز إذا كان المريض قادرا على تحمل تكاليفها، كما تم استخدام بيريت الحديد في الحشو إذا كان الأمر يتطلب ذلك.

كان هناك أيضا اتجاه خاص لطب المايا في زخرفة الأسنان؛ حيث كان يتم وضع الأسنان في نقاط، وطحنها في مستطيلات وحفرها بثقوب، ثم تملأ الثقوب باليشم أو البيريت الحديدي اللامع لإنتاج نمط مميز على الأسنان.

الألم المزمن

بالنسبة لطب المايا، غالبا ما كان يتم علاج الألم عن طريق وضع المريض في حالة تشبه النشوة، وذلك باستخدام مواد تغير ميكانيكية عمل العقل التي يشيع استخدامها في الطقوس؛ حيث كان يتم جمع الزهور والفطر والتبغ والنباتات المستخدمة في صنع المواد الكحولية، وعادة ما يتم تدخينها، أو أخذها في صورة حقنة شرجية للامتصاص السريع وتسكين الآلام بشكل فوري.

اللسعات السامة

لعلاج اللسعات السامة، استخدم طب المايا “حمامات العرق” لتشجيع المريض على التعرق وطرد الشوائب من الجسم، كما تم استخدامها لعلاج أمراض مثل الروماتيزم، والحمى، والتعب بعد المعركة، أو للنساء اللائي وضعن للتو؛ حيث يعتقد أن البخار الساخن يساعد في تنقية الجسم واستعادته لحياة طويلة وصحية.

مرض الجدري

عندما بدأ الإسبان غزو المايا، جلبوا معهم أمراضا لم يسبق أن رآها رجال طب المايا المهرة، مثل الإنفلونزا، والحصبة، والسل، ولكن وباء الجدري كان الشيء الذي دمر الحضارة، وقتل ما يصل إلى 90% من السكان الأصليين في قرن من الزمان! وفي مواجهة مرض ينتشر بسرعة على نطاق لم يكن من الممكن فهمه من قبل، لم تكن العلاجات العشبية الطبيعية للمايا تحظى بفرصة، مما جعل طب المايا يعجز أمام هذا الوباء الفتاك رغم المحاولات.

الجراحة

على الرغم من عدم وجود دليل محدد على حالات أو علاجات المسالك البولية خلال فترة ازدهار طب المايا، ولكن أظهر رجال الطب في هذه الفترة مهارة جراحية كبيرة؛ حيث قاموا بخياطة الجروح بشعر بشري، كما كانوا ماهرين في تركيب العظام، وقاموا بتشذيب الجمجمة باستخدام تدريبات بدائية كذلك.

المبادئ الرئيسية لطب المايا

ركز طب المايا على مفهوم قوة الحياة وفكرة أن هذه القوة يمكن توجيهها إلى حيث تكون هناك حاجة إليها، وكانت مهمة المعالج أن يوازن هذه القوة الحياتية، التي تربط كل شيء معا بشكل مناسب لحالة المريض، ونظرا لأن طاقة الحياة هذه تمر أيضا عبر النباتات، فقد تركز الكثير من علاجات طب المايا على استخدام النباتات والأعشاب.

اعتبر المايا أن الدم هو ما يحدد صحة الجسم، لذلك كان النبض أداة رئيسية في معرفة طبيعة المرض بالنسبة لطب المايا، وتم تصنيف الأمراض أيضا على أنها إما “ساخنة” أو “باردة” وأن الأطعمة الساخنة مثل حساء البصل والزنجبيل تستخدم لعلاج “الاضطرابات الباردة” مثل الإمساك أو التشنجات أو الشلل، بينما الاضطرابات “الساخنة” مثل الحمى أو الإسهال أو القيء تعالج بالنباتات الباردة أو الطعام، مثل الجبن.

المستخلصات النباتية لطب المايا

غالبا ما تم استخدام العلاجات العشبية وفقا للون النبات الأصلي في علاجات طب المايا، حيث كان النبات الأحمر لعلاج الطفح الجلدي واضطرابات الدم والحروق، والأزرق للمهدئات العصبية، بينما الأصفر لأمراض الكبد والطحال، وتم تجنب اللون الأبيض بشكل عام لأنه كان ينظر إليه على أنه إشارة للموت.

استخدم المايا أيضا مواد تغير العقل مثل مجد الصباح، والفطر السحري، والتبغ، وبعض مسببات الهلوسة الأخرى، كما تم استخدام المستحضرات الكحولية ذاتية التخمير، خاصة أثناء الطقوس، لمساعدتهم على التواصل مع عالم الأرواح على أمل استعادة الصحة الجيدة من خلال استعادة “التوازن” الصحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى