رياضة

عمرو ذكي وآخرون.. لاعبون قادتهم أمم إفريقيا للعالمية

في الـ7 من يناير 2024، وقبل انطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية في نفس الشهر في العاصمة الإيڤوارية أبيدجان، نشر الموقع الرسمي للأولمبياد تقريرًا يستعرض من خلاله أبرز الأسماء التي تركت بصمة في تاريخ البطولة الأعرق في القارة السمراء. 

أسماء مثل: نداي مولامبا، نجم منتخب زائير في السبعينيات، وكالوشا بواليا، قائد زامبيا في التسعينيات، وثنائي الكاميرون صامويل إيتو وباتريك مبوما، إضافة إلى أحمد حسن قائد منتخب مصر، وغيرهم من الأسماء بالفعل قاموا بإثراء، لكن هناك عاملًا مشتركًا بين هؤلاء النجوم. 

في أغلب الأحيان، كان استدعاء هؤلاء اللاعبين الكبار للبطولة مرهونا بكونهم لاعبين متألقين في أنديتهم الأوروبية في كثير من الأحيان. ما يجعل ضمهّم لصفوف منتخباتهم تعزيزًا لقائمة الفريق. وهذا الأمر الذي لا يزال مستمرًا حتى لحظتنا الحالية. 

أمم إفريقيا.. حيث لا يتم الكشف عن المواهب

عمرو ذكي وآخرون.. لاعبون قادتهم أمم إفريقيا للعالمية

في تقرير طويل نشره موقع “ذي أثلتيك” يحكي الكاتب عن قصة كشَّاف مواهب جنوب إفريقي يُدعى جيريمي سيثال. في 2011، التقط جيريمي موهبة محمد صلاح، نجم ليفربول الإنجليزي الحالي ولاعب منتخب مصر تحت 20 عامًا وقتئذ. 

وبعدما انبهر من إمكانيات الجناح الموهوب، قرر فورًا أن يرسل تقريرًا كشفيًا لعدّة أندية أوروبية مثل: مانشستر يونايتد الإنجليزي، أياكس أمستردام وبي إس في أيندهوفن الهولنديين. لكن المفاجأة كانت أنَّه لم يتلق أي رد على اتصالاته تلك. 

هذا التجاهل يبدو مُبررًا بكل تأكيد؛ الأندية الأوروبية الكبيرة في الغالب لا تعير اهتمامًا للبطولات الأفريقية على عكس ما قد تعتقد، بينما تُترك هذه المهمة للأندية الأقل شأنًا في بلدان مثل: البرتغال، بلجيكا، هولندا، وفرنسا. والسبب مفهوم، أندية النخبة الأوروبية لا تمتلك شجاعة نقل لاعب ينشط في إفريقيا رأسًا إلى دوريات تتسم بالتنافسية العالية. 

عندما تغيرت القاعدة

ومع ذلك، في بعض الحالات الاستثنائية، نجحت بطولة أمم إفريقيا للكبار في تغيير مصير بعض اللاعبين، الذين نجحوا في إقناع مسؤولي الأندية الأوروبية عبر آدائهم داخل هذه البطولة بالتحلِّي ببعض الشجاعة ونقلهم رأسًا إلى أوروبا، حيث كرة القدم الحقيقية. 

صخرة جنوب إفريقيا 

في أواخر التسعينيات، امتلكت جنوب إفريقيا جيلًا ذهبيًا، نجح في تحقيق لقب كأس الأمم الإفريقية عام 1996، وقدَّم آداءًا جيدًا في نسخة 1998، وكان المدافع “مارك فيش” أحد أهم ركائز هذا الجيل الاستثنائي للبافانا بافانا. 

كان فيش لاعبًا لنادي أورلاندو بايرتس الجنوب إفريقي، وفي عمر الـ18 عامًا كاد ينتقل إلى ويست هام تحت قيادة المدرب الإنجليزي “هاري ريدناب”. لكن اللاعب الشاب، آثر البقاء داخل جنوب إفريقيا بدلًا من بدء مغامرة جديدة. 

عمرو ذكي وآخرون.. لاعبون قادتهم أمم إفريقيا للعالمية

بعد بطولة أمم أفريقيا 1996، حدث ما لم يكن في الحسبان، كان السير بوبي تشارلتون أحد هؤلاء الذين شاهدوا بطولة كأس الأمم الإفريقية 1996 من أرض الملعب، ووجد في “فيش” خامة مناسبة للانضمام إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي. 

وبعد جلسة ودية، طلب فيها السير أليكس فيرجسون من اللاعب أن ينضم للفريق، أُخبر “فيش” أن هناك اهتمامًا به من لاتسيو الإيطالي الذي كان تحت قيادة “زيدنيك زيمان”. وبالفعل، حُسمت التفاصيل المادية للصفقة، بواقع مليون يورو يدفعها لاتسيو لبايرتس، ونصف مليون يحصل عليها اللاعب، ونصف مليون توزَّع على الوسطاء الذين قاموا بإدارة الصفقة. 

في الواقع، لم يستمر “مارك فيش” في لاتسيو لأكثر من عام واحد، لكنّه بهذا الانتقال كان قد ضمن لنفسه مكانًا في أندية الدوريات الكُبرى، حيث أمضى مسيرته يتنقَّل بين مجموعة من أندية الوسط في إنجلترا، قبل أن يختتم مسيرته في جنوب إفريقيا عام 2006. 

المُهاجم الرحَّالة 

عمرو ذكي وآخرون.. لاعبون قادتهم أمم إفريقيا للعالمية

بعد عام 2010، بدأ منتخب الجزائر عملية الإحلال والتجديد، والتي شهدت بداية تقديم عناصر جديدة للمنتخب الذي كان قد نجح في الوصول لكأس العالم. لكن بطولة أمم إفريقيا 2013، كان لحظة فاصلة؛ لأن المنتخب كان قد قدَّم أحد أسوأ مستوياته في البطولة على الإطلاق. 

وقع منتخب الجزائر في مجموعة صعبة جدًا ضمت إلى جانبه منتخبات ساحل العاج، توجو وتونس. ولم ينجح محاربو الصحراء في تحقيق أي فوز خلال دور المجموعات، ليحل رابعًا في جدول ترتيب المجموعة. 

كان سليماني النقطة المضيئة الأبرز في منتخب الجزائر، على الرغم من عدم تسجيله لأي هدف، ما دفع العملاق البرتغالي للتوقيع مع مهاجم شباب بلوزداد صاحب الـ25 عامًا وقتئذ. ومنذ ذلك الحين، بدأ المهاجم المخضرم رحلة انتقالاته بين أندية أوروبا بمختلف دورياتها، والتي شملت انتقالات لأندية مثل: ليستر سيتي، ليون، اندرلخت، نيوكاسل، موناكو وغيرها، قبل أن يحط الرحال في 2023 في كوريتيبا البرازيلي. 

البلدوزر 

“إنه يمتلك كل المقومات للعب في أحد فرق الدوري الإنجليزي الممتاز”. كان هذا التصريح هو نَص ما قاله ديفيد بليات، مدرب توتنهام الإنجليزي الأسبق، الذي لفت المهاجم المصري عمرو ذكي اهتمامه أثناء مشاركته في كأس الأمم الإفريقية 2006. 

بعد هذه البطولة، اختار ذكي الانتقال من إنبي المصري للوكوموتيف موسكو الروسي، لكنّه فشل في التأقلم، ليعود سريعًا عبر بوابة الزمالك المصري. 

مُجددًا، يلفت ذكي الإنتباه في كأس أمم إفريقيا 2008، هذه المرة، أصر “ستيف بروس”، مدرّب ويجان الأنجليزي آنذاك، على جلب البلدوزر للنادي الإنجليزي، الأمر الذي أثار استغراب الصحافة الإنجليزية في ذلك الوقت. لكن عمرو، الذي انتقل معارًا من الزمالك لويجان، لم ينتظر طويلًا كي يقنع الجميع بإمكانياته الهائلة، وقدرته الاستثنائية على تسجيل الأهداف. 

لكن بعد مجموعة من القرارات الخاطئة، التي كان لذكي يدًا في بعضها، لم يستمر البلدوزر في إنجلترا طويلا، لتنتهي مسيرته الكروية عمليًا في 2010، حتى وإن أعلن اعتزاله في 2015. 

الخوف من بطولة أمم أفريقيا

لعلك تتساءل الآن، لماذا لا تتكرر مثل هذه القصص مع كثير من اللاعبين الذين يشاركون في بطولة أمم إفريقيا. والإجابة بسيطة.. الخوف. 

في كتابه “Soccernomics”، يقول الكاتب سيمون كوبر، أن أداء أي لاعب في بطولة دولية بالفعل له مفعول السحر على إدارات الأندية الأوروبية، خاصةً إذا ما أضفنا لذلك انخفاض سعر اللاعبين الإفريقيين مقارنةً بالأوروبيين أو اللاتينيين. 

لكن مع الوقت، ربما أدركت الأندية الأوروبية أن أسوأ وقت للتعاقد مع اللاعب هو عقب تقديمه لبطولة دولية كبيرة، لسببين: الأول هو أن ما قدمّه اللاعب مع منتخب بلاده قد لا يعكس مستواه الحقيقي، لأننا نتحدَّث عن عدد صغير جدًا من المباريات. وثانيًا، لأن تقديم اللاعب لمردود جيد في بطولة دولية يعني بداهة تصارع عدد من الأندية على استقدامه، بالتالي ارتفاع سعره مقارنة بتقييمه الحقيقي. 

 المصادر: 

1- لحظات مهمة في تاريخ كأس أمم إفريقيا

2- إفريقيا.. السوق الأقل تقديرًا في كرة القدم العالمية

3- لاعبين تبدلت مسيرتهم بعد أمم إفريقيا

4- مارك فيش يسترجع مسيرته الاحترافية

5- صعود وهبوط عمرو ذكي   

6- كتاب “سوكرنوميكس”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى