آراء ومساهمات

وسام سعيد يكتب: اسحب الكارت.. وانتظر النقدية.. واحلم على الناشف!!

أجمل ما يمكن أن تقرأ من عبارات مطلع كل شهر.. تلك الرسالة الإلكترونية التي تقرؤها على شاشة ماكينة الـ “AMT” وقت القبض الشهري لمرتبك العظيم.

لحظة خالدة يسجلها الزمن تتنسم خلالها هواء عليلاً له رائحة لا تنسى، وتحلق لمدة 10 ثوان في سماوات الأحلام المفتوحة المشروعة منها وغير المشروعة، وفي الثانية رقم 11 تهبط طائرة أحلامك فورا في أسرع رحلة في التاريخ وتستقر على أرض الإحباط … فأهلا بك وحمد لله ع السلامة.

ولا شك أن ما تعيشه وتحلق فيه من أحلام لحظية، هي وضع طبيعي مقترن بذلك الشعور بالانتشاء والسعادة لمجرد أنك تسحب عدة أوراق نقدية من فئة الـ200 وتطويها وتلفها اللفة الجميلة المعتادة ثم تضعها في جيبك وتركب سيارتك، وتواصل أحلامك المحرمة.

وبعد كل دقيقة تتحسس جيبك لتطمئن على ذلك الشيء “المكلبظ” داخل جيب بنطلونك، وقبل أن تراودك أفكار من نوعية «هاغير تيل الفرامل»، «هاجيب عجل جديد للعربية»، «ده معاد تغيير الزيت»، ستجد من يخترق دوائر رأسك ويضع لك أجندة مختلفة، حين يصل إلى أذنك على الفور ذلك السؤال بصوت المدام وهى على المقعد المجاور داخل السيارة قائلة: «هننزل نشتري حاجة البيت إمتى؟»!!

وبعد أن تسلم للدولة حقوقها وفواتيرها من كهرباء وإنترنت ومياه وتليفون أرضي، وصيانة منزلية، لا فرار ولا فكاك من الشروة المنزلية التي تأكل في طريقها الأخضر واليابس، ولكنك تشعر بالرضا لأنك حققت هدفين هامين في ذات الوقت، الأول: حين عدت بتلك الأكياس الصفراء التي تحمل الجبن والتموين وأدوات النظافة والفراخ البانيه المجمدة، والثاني: حين أرضيت زوجتك، وهو هدف يسعى له كل متزوج «بياكل عيش» كي يحظى بالحد الأدنى من راحة البال وهدوء الأعصاب.

وتظل العبارة الرنانة الخالدة «اسحب الكارت وانتظر النقدية»، كلمات موحية وملهمة، تسمح لك بالأحلام ع الناشف دون تحقيقها، وتمارس معك نظرياً متعة العطاء، ولا تحرمك، وتعاملك معاملة الموظف في أوروبا والدول المتقدمة، الذي يتلقى نفس العبارة ولكن بلغته، والفرق أن الرجل الأوروبي بعد أن يسحب الكارت ثم ينتظر النقدية، يبدأ فعليا في تحقيق أحلامه، ويسمح له مرتبه «السوبر» بأن يرضي جميع الأطراف ثم “ينوبه” من الحب جانبا، وبعد ذلك يتبقى له مبلغا من المال تحت بند «الشبرقة» و«البعزقة» حتى ولو كان سيقرر شراء شرابات وبوكسرات جديدة.

هناك سيناريو آخر لو مش عاجبك… ولكنه قمة الألم والبؤس والرعب، حين تسحب الكارت وتنتظر النقدية، ثم تجد من ينتظرك من خلفك ويضع “قرن الغزال” على حافة بطنك لتترك له شقاء الشهر في هدوء، وتسلمه المرتب تسليم أهالي… صباحكم مشرق ومفعم بالأمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى