عجائب

«بحيرة هيلير» التي عجز العلماء عن فك لغز لونها الوردي

اعتدنا دوما رؤية البحيرات والمسطحات المائية، بلونها الأزرق الذي يعكس صفو ونقاء الطبيعة، ولأن الطبيعة تمتلك الكثير من الغرائب والعجائب، فقد أهدتنا واحدة من هذه الغرائب في قارة أستراليا، والتي تتمثل في «بحيرة هيلير»، التي لن يجذبك حجمها أو الأسماك المختلفة الساكنة بها، بل سيجذبك لونها الوردي الثابت والذي لا يتغير حتى عند نقله.

بحيرة هيلير

بحيرة هيلير1

تم اكتشاف بحيرة هيلير لأول مرة عام 1802، عن طريق الملاح الإنجليزي ماثيو فليندرز، والذي قام بعملية مسح شاملة، بهدف استكشاف حدود الساحل الأسترالي بدقة، وبهذا كان له الفضل في اكتشاف البحيرة، إذ أخذ الكثير من العينات من المياه وقام بتحليلها، وهي العينات التي كتب عنها في أعماله الخاصة لاحقًا.

ماثيو فليندرز

عالم ومستكشف وملاح إنجليزي، قام بقيادة رحلة استكشافية حول سواحل أستراليا بالكامل، والذي صنفها كقارة فيما بعد، إثر قيامه بـ3 رحلات جابت المحيط الجنوبي ما بين عام 1791 إلى عام 1810، هكذا استطاع من خلال رحلته حول ساحل أستراليا، بصحبة رجل من سكان القارة الأصليين، أن يكشف لنا بحيرة هيلير التي اعتبرها إحدى عجائب الطبيعة، والتي حاول أن يظهرها للعالم بأكمله، بل وأصرّ أيضًا أن يكتب عنها في مذكراته خلال فترة أسره، حيث قضى عدة سنوات في المعتقل، أثناء حالة الحرب بين فرنسا وإيطاليا في ذلك الوقت.

موقع البحيرة

تقع البحيرة في الجزيرة الوسطى بأستراليا الغربية، وتتميز هذه الجزيرة بتضاريسها الطبيعية الرائعة، ما بين غابات الأشجار الكثيفة المختلفة، والكثبان الرملية الناعمة، مما منح الجزيرة موقعًا جذابًا، وقد أضافت إليها بحيرة هيلير مزيدًا من الجاذبية، حتى إن الزوار والسياح أصبحوا يتوافدون إليها من جميع أنحاء العالم، إذ تقع البحيرة تحديدًا قبالة الساحل غرب أستراليا.

وهي من البحيرات التي تحيطها الأشجار الورقية وأشجار الأوكلابتوس «الكينا» من جميع الاتجاهات، باستثناء الجهة الشمالية والتي يغطيها المحيط الهادي، كما يوجد أيضًا مضيق صغير من الكثبان الرملية، المغطاة بمختلف أنواع النباتات، والذي يفصل البحيرة عن المحيط الجنوبي، وعلى الرغم من صغر حجم الجزيرة، التي يبلغ طولها نحو 600 متر ولا يزيد عرضها على 250 مترا، إلا أنها تعد من المناطق الخلابة المبهرة، التي تأسر العيون بمجرد النظر إلى لونها الوردي، الذي يتباين مع زرقة المحيط في مشهد يجذب الأنظار.

اقرأ أيضًا: السياحة في أوكرانيا.. وأشهر 5 مدن سياحية تستحق الزيارة»

لون لا يتغير

بحيرة هيلير2

وعلى عكس جميع البحيرات الوردية الأخرى في أنحاء العالم، فإن مياه بحيرة هيلير لها خاصية تميزها عن غيرها، وتتمثل هذه الخاصية في قدرتها على الاحتفاظ بلونها الوردي، حتى إذا تم نقلها بعيدًا عن البحيرة.

وهو ما أثبتته عدة أبحاث، إذ تم أخذ بعض العينات من مياه البحيرة لتحليلها، من خلال وضعها في أكواب زجاجية، ونقلها بعيدًا للاحتفاظ بها أطول فترة ممكنة، وقد نتج عن هذه التحليلات ظاهرة فريدة ما زالت تحير العلماء حتى عصرنا هذا، وهي قدرة مياه البحيرة على الاحتفاظ بلونها.

التفسير العلمي

لا يزال العلماء غير قادرين على إيجاد تفسير واضح، لظاهرة لون البحيرة الفريد، إلا أن العلماء رجحوا عدة أسباب تتمثل فيما يلي: 

طحالب الدوناليلا

بعض العلماء رجحوا أن السبب وراء هذا اللون، هو وجود طحالب الدوناليلا سالينا الخضراء، وهي فئة من الطحالب الخضراء، أحادية الخلية حقيقية النواة، والتي تُنتِج الكاروتينات، إذ تكمن وظيفتها في امتصاص الضوء الأزرق بصفة عامة، كما يتمثل دورها في الطحالب بشكل رئيسي، في امتصاص طاقة الضوء، لاستخدامها في عمليات التمثيل الضوئي، بالإضافة إلى أنها تحمي مادة الكلوروفيل، التي تكسب النباتات اللون الأخضر، من التعرض للضرر الناجم عن الضوء.

البكتيريا

بينما يرى علماء آخرون أن وجود بعض أنواع البكتيريا، التي تتسبب في التفاعل بين الملح وبيكربونات الصوديوم المتواجد في الماء، يمكن أن يلعب دورًا هامًا في ثبات اللون الوردي للبحيرة.

أملاح الروبيان

كذلك يعد وجود بعض أنواع الأملاح، خاصةً أملاح الروبيان، من أهم الأسباب التي أكسبت البحيرة اللون الوردي، الأمر الذي يساعد أيضًا في الحفاظ عليه حتى عند انتقاله، حيث استطاع العلماء استخراج كميات هائلة، من الملح القابع في أعماق البحيرة، بغرض إجراء الدراسات عليه.

هكذا توصلوا إلى أن ارتفاع مستوى الملوحة، بدرجة أعلى من مياه البحر، بالإضافة إلى درجة الحرارة العالية وتأثير الإضاءة الكافي، جميعها عوامل تؤدي إلى تفاعل الأملاح، مع مواد أخرى متواجدة في الطحالب، مما يتسبب في نمو نوع من أنواع البكتيريا الوردية، على القشرة الملحية للبحيرة، وهو ما يؤدي إلى إظهار البحيرة بهذا اللون الفريد، مقارنة بجميع البحيرات الأخرى في مختلف المناطق.

معلم سياحي

بحيرة هيلير3

بمرور الوقت أصبحت بحيرة هيلير معلمًا سياحيًا هامًا، إذ يتوافد إليها السياح والزوار على مدار السنة، من جميع أنحاء العالم، حيث عُرِفت البحيرة بمياهها النقية الصحية، والتي لا تتسبب في حدوث أية أضرار للجلد البشري، كما أن طحالب «دوناليلا سالينا» الموجودة بها غير ضارة تمامًا، بل إنها تستخدم في مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية، مما جعل السباحة في البحيرة آمنة جدًا وممتعة، ويعد غروب الشمس أفضل وقت لمشاهدة البحيرة بلونها المميز، إذ يختفي الشفق الأحمر، لتتحول مياه البحيرة تدريجيًا إلى اللون الوردي الفاتح.

المصدر
طالع الموضوع الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى