ثقافة ومعرفة

جلال الدين الرومي.. الشاعر صاحب الطريقة المولوية

بالتأكيد رأيت كثيرا حلقات الصوفية وغناءهم وتمايلهم وادعاء أن ذلك من العبادة، ربما إن لم ترها في الحقيقة فعلى الأقل شاهدتها في فيلم أو مسلسل، من أئمة هذا العمل كان جلال الدين الرومي، تعال ننظر له عن كثب، ونعرف عن طريقته ومؤلفاته.

من هو جلال الدين الرومي

هو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي البكري، ولد في مدينة بلخ في أفغانستان عام 604هـ ‑1207م وتوفي بمدينة قونية في تركيا عام 672هـ ‑1273م وقد اشتهر عند الكثيرين باسم (مولانا جلال الدين الرومي) وهو من أكبر الشعراء الفارسيين وأشهرهم، وصاحب الطريقة المولوية نسبة إلى كلمة (مولانا).

انتقل جلال الدين الرومي في سن الرابعة مع أبيه (بهاء الدين ولد) إلى بغداد، فالتحق بالمدرسة المستنصرية، ولكنه لم يستقر بها، إذ كان والده كثير الترحال، وصل بهاء الدين وعائلته إلى الأناضول (الروم، ومن هنا جاء لقب الرومي)، وهي منطقة تمتعت بالسلام والازدهار تحت حكم السلاجقة التركية.

بعد إقامة قصيرة في لاراندا (كرمان)، حيث توفيت والدة جلال الدين وولد ابنه الأول، ثم تم استدعاؤهم إلى العاصمة قونية في عام 1228م، حيث عمل بهاء الدين بالمدارس الدينية وخلفه ولده في ذلك بعد وفاته عام 1231.

بعد عام، وصل برهان الدين محقق ‑أحد تلاميذ بهاء الدين السابقين- إلى قونية وأطلع جلال الدين بشكل أعمق على بعض النظريات الصوفية التي تطورت في إيران، وبذلك ساهم برهان الدين بشكل كبير في تكوين أفكار جلال الدين الروحية حتى غادر قونية حوالي عام 1240هـ، ويقال إن جلال الدين قام برحلة واحدة أو اثنتين إلى سوريا، وهناك ربما التقى ابن العربي، الثيوصوفي البارز، وذلك من خلال صدر الدين القناوي، زميل وصديق جلال الدين في قونية، والذي كان يعمل مترجما لابن عربي وتلميذا له.

الرومي وشمس الدين التبريزي

كانت اللحظة الفارقة في حياة جلال الدين الرومي في 30 نوفمبر 1244، عندما التقى في شوارع قونية بالدرويش المتجول شمس الدين التبريزي في تبريز، ويقال إنه كان قد التقى به من قبل في سوريا، ولا يمكن ربط شمس الدين بأي من الجماعات الصوفية التقليدية، لكن كان له تأثير كبير في تكوين أفكار الحب والجمال الإلهي المتكونة لدى الرومي.

عاش الصوفيان معا بشكل وثيق لعدة أشهر، وصاحب ذلك إهمال شديد من الرومي لتلاميذه وحتى عائلته، وهو ما ينافي الفكر الإسلامي السليم المتزن، وقد دفع ذلك أهل الرومي إلى إجبار التبريزي على مغادرة المدينة في فبراير 1246هـ، وقد أصاب ذلك جلال الدين بالحزن الشديد، إلى أن أعاد ابنه الأكبر (سليمان ولد) شمس الدين التبريزي مرة أخرى إلى المدينة.

ومرة أخرى، لم تتحمل العائلة والتلاميذ هذا القرب المبالغ فيه بين التبريزي والرومي، وفي إحدى الليالي عام 1247هـ اختفى شمس إلى الأبد، وفي القرن العشرين، ثبت أن شمس قد قتل بالفعل، وربما بعلم أبناء الرومي الذين دفنوه على عجل بالقرب من بئر لا تزال موجودة في قونية.

بداية الرومي (الشاعر)

كان لعلاقة الرومي بشمس التبريزي أثر في تكوين شخصية الرومي الشاعر، إذ بدأ في كتابة قصائد الغزل، فله حوالي 30 ألف بيت في الغزل، وعدد كبير من الرباعيات صور فيها المراحل المختلفة لحبه، وكان يشير إلى صاحبه بكلمة «شمس» فقط.

لم يكن شمس الدين التبريزي ملهم الرومي الوحيد، فبعد وفاة التبريزي كتب الرومي أشعارا في أناس آخرين، مثل صلاح الدين زرقوب وحسام الدين شلبي، حتى إنه أطلق على حسام الدين اسم «ضياء».

الطريقة المولوية

بدأ (سلطان ولد) هذه الطريقة بعد وفاة أبيه كسلوك للمريدين، وبنيت على الموسيقى كأساس، إذ اعتبر الرومي الموسيقى والشعر وسيلة للوصول إلى مرحلة التجلي الشهيرة لدى الصوفيين، فكان يدعي أن الموسيقى تعرفه أكثر على الله، ومن هذا المنطلق تطورت فكرة الرقص الدائري التي وصلت إلى درجة الطقوس، واعتبرها تأخذ الإنسان في رحلة تصاعدية من خلال النفس والمحبة للوصول إلى الكمال.

مؤلفات الرومي

للرومي مؤلفات بلغات عدة كالعربية والتركية وبعض اليونانية بجانب لغته الأم الفارسية، ومن مؤلفاته: الرباعيات والديوان الكبير والمجالس السبعة ورسائل المنبر وأشهرها مجلدات المثنوي الستة والتي يعتبرها الكثيرون من مريديه كتابا مقدسا!

أدى استخدام الرومي للغات المختلفة إلى تعرضه بشكل مختلف للأدب التركي والفارسي، مما يعكس قوة نفوذه في إيران وتركيا، كما أن تأثير كتاباته في شبه القارة الهندية كبير، وبحلول نهاية القرن العشرين أصبحت شعبيته ظاهرة عالمية، حيث حقق شعره انتشارا واسعا في أوروبا الغربية والولايات المتحدة.

المصدر
طالع الموضوع الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى