ثقافة ومعرفة

لماذا يجب أن نتوقف عن ركوب الأفيال؟

ربما حلم الكثير منّا أن يحظى باختبار تجربة ركوب الأفيال، حيث نتمكن من الصعود لنجلس على ظهور هذه الكائنات العملاقة، بينما تتعرج ببطء على الشواطئ الرملية، أو تخترق غابات كثيفة الأشجار، من باب المغامرة التي تعد أحد أكثر متطلبات الإنسان العصري، لكن هل تساءلت يومًا إذا ما كان ذلك يهدد حياة ذلك الحيوان؟

ركوب الأفيال ضد حقوق الحيوان

ركوب الأفيال

تعارض المنظمات الأمريكية المهتمة بالرفق بالحيوان هذه الفكرة تمامًا، لسبب يبدو بديهيًا للغاية، وهو أن ركوب الأفيال كتجربة ترفيهية ليس سوى نصف الحقيقة، أما الحقيقة الكاملة فهي أن تدريب الأفيال على حمل السيّاح الراغبين في الاستمتاع بهذه التجربة لا يتأتى سوى بسوء المعاملة، أضف إلى ذلك، كون الفكرة نفسها تعد خطرًا حقيقيًا على حياة البشر وسلامتهم.

بنفس السياق، تم رفع مستوى الوعي بالطبيعة الضارة لهذه الممارسة من خلال مبادرة حماية الحيوان العالمية في عام 2014، والتي سلطت الضوء على الظروف القاسية التي يتم فيها الاحتفاظ بالفيلة، حيث إن معايير الحماية المتوفرة للأفيال المستخدمة في الترفيه متدنية للغاية، خاصة بشرق آسيا، وهو ما نحن بصدد مناقشته الآن.

تدريب قاسٍ

سحق الأفيال هو تقليد مقبول منذ زمن طويل في الثقافة التايلاندية، بل ويعد طريقة التدريب الضارة المتبعة التي تخضع لها الأفيال لتصبح جزءًا من صناعة السياحة القائمة بشكل شبه كامل على جذب السياح لركوب الأفيال التايلاندية ذائعة الصيت.

باختصار؛ يتم أخذ الفيلة الصغيرة من أمهاتها وحصرها في مكان صغير، ثم يتم إساءة معاملتها ونخزها بالمخاطيف وعصي الخيزران المسننة بالمسامير، كما يتم تركها تتضور جوعًا إضافة إلى حرمانها من النوم، لماذا؟ كي تُسحق شخصياتها المعتادة على كونها قويةً برية، نظرًا لكونها حيوانات اعتادت العيش في الغابات وسط المخاطر، ما يجعلها تستسلم للأمر الواقع وتخضع للبشر على عكس الطبيعي.

لكن الأغرب أن هذه ممارسة مقبولة جدًا في تايلاند، وستكون العديد من الأفيال التي ستراها في معسكرات الرحلات قد خضعت لهذه العملية المروعة، ومع ذلك، ليس هذا هو السبب الوحيد الذي يجعل فكرة ركوب الأفيال أمرًا لا أخلاقيًا.

أجساد الأفيال لا تحتمل

على عكس الخيول؛ فأجساد الفيلة بيولوجيًا، وتحديدًا أعمدتها الفقرية لا يمكن لها أن تتحمل ضغط الوزن الناتج عن جلوس البشر على ظهورها، ما يؤدي إلى إصابات دائمة في العمود الفقري.

طبقًا لكارول باكلي، رئيسة منظمة إغاثة الأفيال، عند ركوب الأفيال تتعرض النتوءات العظمية الحادة التي تمتد إلى أعلى من العمود الفقري لضغط حاد بسبب الحمل القادم من الأعلى، لكن هذا ليس كل شيء، فبالإضافة إلى تآكل الأنسجة الرقيقة والعظام الموجودة على ظهر الفيل، يمكن للكراسي أيضًا أن تلحق الضرر بالجلد وتسبب آفات مؤلمة له.

ظروف معيشية صعبة

ركوب الأفيال
سحق الأفيال

حتى يعيش السائح تجربته المثالية مع ركوب الأفيال، على الحيوانات بالطبع أن تدفع الثمن غاليًا، دون أي فرصة حتى في إبداء استياء، لأنها حيوانات لا يمكنها التعبير بالطبع، وفيما يلي بعض مما تعانيه الأفيال أثناء هذه الرحلات الترفيهية مدفوعة الثمن.

مبدئيًا، يتم تقييد الأفيال الصغيرة بأمهاتها بالسلاسل أثناء الرحلات، مما قد يسبب لها الأذى، حيث يتعين عليها مواكبة والدتها أثناء سيرها، وبالتبعية لا تستطيع هذه الأفيال الصغيرة التوقف للراحة أو الرضاعة حيث يجب عليها مواصلة الرحلات.

لمواصلة السير، يقوم المرشد عادة بحث الأفيال على الاستمرار باستخدام خطاف صوتي، ويمكن للخطاف، الذي تتذكره الأفيال من تعذيبها حين كانت تتدرب، أن يبث الخوف في نفوسهم على الفور، وبالتالي قد ينتج عن هذا الخوف رد فعل لا يؤذي الأفيال فحسب، بل من يجلس على ظهرها أيضًا.

ولأن الأمر أصعب مما نتخيله، بعد الرحلة، يتم تقييد الأفيال بالسلاسل عندما لا تعمل، ولا يتم إطعامها بشكل كافٍ أو تزويدها بما يكفي من الماء، وسبق وأن أبلغ العديد من المسافرين عن رؤية الأفيال تتأرجح وتسرع وتتمايل برؤوسها في مخيمات الرحلات، وهذه علامات تدل على ضغوط نفسية خطيرة وفقًا للمختصين.

هل يوجد بديل أخلاقي لركوب الأفيال؟

بعدما أدركت حقيقة ما تتعرض له هذه الكائنات لمجرد أن تستمتع بتجربة تم الترويج لها دعائيًا بشكل مثالي ‑ركوب الأفيال- يمكننا أن نخبرك أنه لا يزال هناك الكثير من الأماكن حيث يمكن للمسافرين التفاعل مع الأفيال بشكل أخلاقي.

بدايةً من العام 2020، بدأت بعض المؤسسات التايلاندية في السير بذلك الطريق، عبر منعها لركوب الأفيال، وبدلًا من ذلك، قدمت أفكارا تتمثل في رحلات يقوم بها السياح، يتمكنون خلالها من مشاهدة الأفيال وهي تتجول وتسبح في بيئتها الطبيعية.

وبعد أن حققت هذه الفكرة نجاحًا، قام منتزه إليفانت الطبيعي أو محمية بون لوت للفيل في شمال تايلاند بتوفير رحلات مشابهة، لا يؤثر التفاعل بين الإنسان والفيل فيها على سلامة الفيل.

اقرأ أيضًا: السياحة في تايلاند وأشهر المعالم السياحية»

مقاطعة ركوب الأفيال

ركوب الأفيال

مع انتشار الحديث عن الحقيقة المروعة وراء ركوب الأفيال، اتخذ منظمو الرحلات والمتنزهات الوطنية في جميع أنحاء العالم موقفًا، في فيتنام مثلًا، توقفت حديقة يوك دون الوطنية عن تقديم جولات ركوب الأفيال، وبدلاً من ذلك شجعت المسافرين على مراقبة الأفيال في بيئتها الطبيعية. وفي نيبال، أنهت حديقة شيتوان الوطنية جولات امتطاء الأفيال، وبدلًا من ذلك استخدمتها كمرشدين للمشي عبر الحديقة.

في عام 2016، توقف موقع «Trip Advi­sor» عن الترويج للمشغلين الذين يقدمون ركوب الأفيال كنشاط، لاتخاذ موقف تجاه المعاملة القاسية والعنف التي تتعرض لها الأفيال، وفي عام 2018، حظر موقع التواصل الاجتماعي «Insta­gram» القدرة على البحث عن علامات التصنيف المتعلقة بسياحة الحياة البرية غير الأخلاقية، كطريقة لتثقيف المستخدمين حول هذه المشكلات.

أخيرًا؛ ربما لا يزال ركوب الأفيال فكرة ناجحة لبعض المعنيين بجمع الأموال فحسب، لكنها لن تؤتي ثمارها إذا ما قرر السيّاح مقاطعة هذه الأماكن والأشخاص، وتشجيع المؤسسات الأخرى التي تضمن تفاعلًا جسديًا محدودًا مع الأفيال.

لأن الحقيقة المؤكدة علميًا، هي أن الفيلة تشبه البشر كثيرًا، تتواصل اجتماعيًا، ولديها عائلات وأصدقاء، وتشعر بالألم والحزن والسعادة، وعندما تكون في معسكرات الرحلات، فإنها غالبًا لا تتعامل مع الأفيال الأخرى، وفي بعض المخيمات، تعيش حياتها بشكل أشبه بالحبس الانفرادي.

المصدر
مصدر مصدر 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى