آراء ومساهمات

مصطفى محمد يكتب: قراءة في كلاسيكو الزمن الجميل

تعريف الحظ في كرة القدم أو غيرها هو: ما يتبقى لك، بعد أن تكون أديت ما عليك. قد تفوز في مباراة و أنت لا تستحق ومن الممكن أن تخسر لقاء ويشيد بك الجميع، العبرة هنا ببذل أقصى ما لديك للوصول لأهدافك التي يجب أن تكون واقعية ومناسبة لإمكاناتك.

نسعى في هذا المقال إلى رصد 3 عوامل ساهمت في عودة انتصارات فريق الشارقة وحالته المبشرة هذا الموسم تحت قيادة المايسترو الهادئ عبد العزيز العنبري وتقدمه للمركز السادس في جدول ترتيب فرق دوري الخليج العربي بعد الثلاثية والتفوق الفني ضد العين.

 الاستفادة من التوقف

ظهر فريق الشارقة بشكل إيجابي وحالفه التوفيق بتحقيق الفوز نتيجة للمؤازرة الجماهيرية ودعم مجلس إدارة النادي للجهاز الفني بالإضافة إلى جهود الجهاز الفني مع اللاعبين في فترة توقف الدوري السابقة، والتي آتت ثمارها في هذه المباراة. حيث لعب الشارقة مع بونيدكور الأوزبكي وخرج بعدة فوائد، منها إعطاء الفرصة للاعبين الذين لم يشاركوا مع الفريق بانتظام في الفترة السابقة، مما ساهم في تجهيز جميع اللاعبين وتوفير بدائل للمرحلة القادمة الهامة في عمر المسابقة وباقي استحقاقات الموسم. فرغم افتقاد الفريق لجهود المدافع المميز شاهين عبد الرحمن بداعي الإصابة إلا أن محمد جابر وعبد الله غانم ثم البديل حمد جاسم استطاعوا غلق العمق والتفوق على هجوم العين خاصة في ألعاب الهواء والكرات العرضية لأحمد خليل وماركوس بيرج التي لجأ لها الضيف في الشوط الثاني، والتي كانت نقطة ضعف في خسارة الفريق أمام الوصل في الجولة 15، مما يدل على قدرة المدير الفني على تصحيح الأخطاء وتطوير الأداء. وكذلك رأينا اللاعب المحترف فاندر فييرا الذي خاض اللقاء وكانت هناك شكوك حول جاهزيته إلا أنه كان من نجوم المباراة قبل استبداله بصاحب الهدف الثالث لولينهو وأيضا البدلاء سيف راشد وماجد سرور اللذان قاما بأدوار تكتيكية مميزة في الشوط الثاني. ولا ننسى دور حارس المرمى عادل الحوسني الذي كان نجم اللقاء بتصديه لأكثر من فرصة في توقيتات حساسة لو سجل منها العين لتغير مجرى الأحداث في الكلاسيكو.

تفوق العنبري على الكرواتي ببراعة

شاهدنا تفوقا فنيا واضحا في التحضير للقاء والقراءة والتعامل الجيد مع المتغيرات أثناء المباراة لصالح المدرب الوطني عبد العزيز العنبري على حساب الكرواتي، زوران ماميتش. فقد خاض مدرب الشارقة اللقاء باستراتيجية متوازنة ولعب بذكاء كبير واقعية، حيث ترك السيطرة النسبية في امتلاك الكرة للعين و نجح عن طريق لاعبي الارتكاز محين خليفة وشوكوروف والجناحين يوسف سعيد وسيف راشد من السيطرة على منطقة المناورات في وسط الملعب دفاعيا وغلق العمق والأطراف على مفاتيح العين حسين الشحات وعموري اللذين لم يجدا مساحات لتهديد مرمى الشارقة باستثناء بعض الاختراقات الخطيرة من كايو فرنانديز في الشوط الثاني والتي تكفل حارس مرمى ودفاع الشارقة بإبعادها. بينما نجح العنبري في استثمار الضغط الواقع على لاعبي العين نتيجة لرغبتهم في الابتعاد بالصدارة عن الوحدة، وتمكن من استغلال المساحات الخالية في ظهر أجنحة ووسط الزعيم عن طريق ويلتون سوارس وفاندر فييرا ولولينهو مما مكنه من فرض أسلوب لعبه واستحق الفوز عن جدارة. وحرم «الملك» العين من المحافظة على سجله خاليا من الخسائر في دوري الموسم الحالي، وسلمه أول إيصال هزيمة في ختام مباريات الجولة السابعة عشر لدوري الخليج العربي ليزيد سخونة الصراع على القمة، ويكتسب العنبري مزيد من الثقة لفريقة في قادم المواعيد.

ملامح المشروع بدأت تتضح

الثقة والدعم الذي تمنحه إدارة النادي للجهاز الفني إيمانا منها بأهمية إعطائه الصلاحيات والفرصة الكاملة لتطبيق فكره ومشروعه الكروي، وخلق مناخ من الاستقرار حول الفريق من أجل إعادته إلى مسار الانتصارات، كنقطة ارتكاز لمساعي صادقة من الجميع لحصد لقب يعيد للملك بريقه ورونقه. هذه الأجواء الإيجابية، يحاول العنبري ترجمتها بإدراكه وفهمه لطبيعة المرحلة مما دفعه لاختيار الطريقة المناسبة لوضع الفريق الراهن، وهي بالدفاع المنظم مع الاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة المتقنة والتركيز العالي على عدم استقباله لأهداف تؤثر على نسق بناء الثقة لدى لاعبيه، المطلوب للغاية في هذه الفترة الحرجة، بالحرص على تقارب الخطوط والضغط الدفاعي من ثلثي الملعب.

فأي متابع منصف يستطيع ملاحظة الفارق في أداء كتيبة الملك منذ تولي العنبري المهمة، فقد تمكن من خلق قدر كبير من التماسك والانضباط التكتيكي للفريق الذي كان يعاني في بداية الموسم من الترهل النسبي على مستوى الأداء الجماعي والتنظيمي داخل الملعب والتذبذب في اختيار أفضل أسلوب يناسب إمكانيات المجموعة. رأينا على سبيل المثال، كيف وظف إمكانيات ويلتون سوارس البدنية ليكون محطة لاستلام الكرة تحت ضغط وتفريغ مساحات للقادمين من الخلف وشن مرتدات عكسية سريعة باستخدام أجنحة الوسط ومن ثم تطوير الشق الهجومي. صحيح أن العنبري لا زال يتعامل مع كل مباراة بسيناريو خاص حسب طبيعة المنافس وموقف الفريق في الجدول وهذا أمر منطقي ومفهوم، إلا أنه «فنيا»، بدأت تظهر للفريق ملامح لمدرسة كروية في الأداء وهوية داخل الملعب، وهو المكسب الحقيقي لأي فريق والذي يعد أساسا متينا يمكن البناء عليه للوصول للهدف الأسمى، وهو تحقيق لقب طال انتظاره، ربما يأتي في المستقبل القريب! ويبدو أنه بدأت تظهر في الأفق بوادر أمل على انقشاع غيوم السنوات العجاف. نتمنى و ننتظر أن تعود شمس الملك لتشرق من جديد من أجل جماهير الإمارة الباسمة الوفية التي حقا تستحق الفرحة.

إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى