ثقافة ومعرفة

ما الذي يعنيه تفسير الأحلام لحياتنا؟

يعد الحلم من الأشياء الغامضة التي تحدث للإنسان. وبرغم من وجود العديد من النظريات المستخدمة في تفسير الأحلام، إلا أنه حتى الآن لم يفهم أحد غرض أو ميكانيكية عمل تلك الأحلام، ولماذا تحدث؟ وكيف تختلف من شكل لآخر لتبدو في بعض الأحيان مخيفة، وفي البعض الآخر مرعبة، وأحيانا سعيدة، وهذا ما جعل عالم النفس جورج ويليام دومهوف يعتبر أن الأحلام لا معنى ولا غرض لها.

على النقيض يرى علماء آخرون أن الأحلام لها دور كبير في حياة الإنسان، وهي تعبر عما يدور في عقله الباطن وتخرج رغباته المكبوتة من داخله أثناء نومه في صورة تلك الأحلام، التي تبدو غامضة له، ولكنها في الواقع تحمل معان دقيقة من داخل اللاوعي لذلك انتشرت العديد من كتب تفسير الأحلام ونظرياتها.

تفسير الأحلام لفرويد

تفسير الأحلام ما بين رغبات الإنسان المكبوتة وما يخفيه في عقله الباطن

ألف سيغموند فرويد عالم علم النفس الشهير كتاب بعنوان «تفسير الأحلام»، كشف من خلاله عن أن الأحلام هي تعبير عما يدور داخل العقل الباطن للإنسان وتنفيسا لرغباته المكبوتة، مشيرا إلى أن الصور والأحداث التي تحدث في الحلم هي في الواقع انعكاسا لتلك المختفية في لاوعي الإنسان.

كما شرح فرويد كيفية عمل الأحلام، مؤكدا أنها ترتكز في ذلك على أربعة عناصر رئيسية وهي تتمثل في:
• التكثيف: حيث يتم تكثيف المعلومات والأفكار الموجودة في عقل الإنسان في حلم واحد، وكذلك تكثيف وتجميع لعديد من الصور والمشاهد المتنوعة لتظهر على صورة حلم واحد.
• النزوح: هذا العنصر يخفي وراءه المعنى العاطفي للمحتوى الكامن من خلال الخلط بين الأشياء الهامة وغير الهامة.
• الترميز: وهي تلك العملية التي تشمل إعطاء رموز لتفاصيل الحلم، حيث تظهر ما يكبته الإنسان في داخله من رغبات وأفكار في عقله الباطن في صورة رموز.
• مراجعة ثانوية: ويعتقد فرويد أنها المرحلة الأخيرة التي تقوم بتنظيم وترتيب ذلك المحتوى الكامن المتمثل في الصور والأحداث، ليخرج الحلم في صورة مفهومة للإنسان.

نظرية كارل يونغ في تفسير الأحلام

تفسير الأحلام ما بين رغبات الإنسان المكبوتة وما يخفيه في عقله الباطن

يرى كارل يونغ أن الحلم هو ما يخرج من الإنسان من سمات الحياة البدائية وغير الحضارية على حد قوله، من كراهية وحقد وخوف ورعب بل وأمور لا يصدق أي شخص أنه قد يفعلها في الواقع، فما يقوم الإنسان بكبته بداخله احتراما للعادات والتقاليد والتحضر يخرج في الحلم ليعبر عن تفكيره المتخلف في كثير من الأحيان، فمن يصدق أنه في الحلم يمكن للشخص أن يقتل أمه أو ابنته أو يجامعهما وأشياء أخرى غريبة وعجيبة لا يمكن تصورها.

كالفن هول ونظريته في تفسير الأحلام

تفسير الأحلام ما بين رغبات الإنسان المكبوتة وما يخفيه في عقله الباطن

قام العالم هول بدراسة آلاف الأحلام للعديد من الأشخاص، في محاولة منه لتجميع نمطي لمعظم الأحلام وما يرد فيها من رموز، وتوصل إلى أن الأحلام هي عبارة عن مفاهيم لعناصر متواجدة في حياتنا الشخصية، وقسم هول الأحلام إلى فئات بناء على إنشاء نظام ترميز كمي للرموز والعناصر التي تظهر فيها.

وفقًا لنظرية هول، يتطلب تفسير الأحلام معرفة: تصرفات الحالم داخل الحلم، الأشياء والأشكال في الحلم والتفاعلات بين الحالم والشخصيات في الحلم، لذلك فإن الهدف النهائي لتفسير الأحلام هذا ليس فهم الحلم، لكن لفهم الحالم.

نتائج دراسات متعددة للحلم

تفسير الأحلام ما بين رغبات الإنسان المكبوتة وما يخفيه في عقله الباطن

درس كاري مورويديج ومايكل نورتون أحلام أكثر من 1000 شخص من الولايات المتحدة والهند وكوريا الجنوبية، ما اكتشفوه هو أن قلة من طلاب الجامعات الذين شاركوا في البحث يعتقدون أن أحلامهم كانت ببساطة استجابة الدماغ للتحفيز العشوائي، أو بمعنى آخر أنها مجرد عشوائيات تفكيرية لا مرجع لها.

بينما أيد معظمهم فكرة فرويد بأن الأحلام تكشف عن رغبات وحثات غير واعية، غير أن ما اكتشفوه هو أن الوزن والأهمية التي يعلقها الناس على أحلامهم تعتمد إلى حد كبير على تحيزهم، فمن الأرجح أن يتذكر الناس الأحلام السلبية إذا كانوا يشاركون أشخاصا داخل الحلم لا يحبونهم بالفعل، هم أيضا أكثر احتمالا لاتخاذ الأحلام الإيجابية على محمل الجد إذا كانت تنطوي على أصدقائهم أو أحبائهم.

بعبارة أخرى، يتحمس الناس لتفسير أحلامهم بطرق تدعم معتقداتهم القائمة بالفعل حول أنفسهم، والعالم، والناس من حولهم، ويقترح الباحثون أن هذه الأحلام يمكن أن تصبح أيضا نبوءة تحقق ذاتها، إذا كنت تحلم بأنك ستفشل في الامتحان، فقد تكون أقل تحفيزا للدراسة أو حتى تشدد على أنك تؤدي أداء.

انتشار تفسير الأحلام

تفسير الأحلام ما بين رغبات الإنسان المكبوتة وما يخفيه في عقله الباطن

مع فترة السبعينات انتشرت كتب ونظريات تفسير الأحلام بشكل كبير، ولعل أبرز ما تم تأليفه في تلك الفترة هو كتاب «لعبة الحلم» للعالم «آن فاراداي»، أوضح فيه التقنيات والطرق والوسائل التي يمكن للفرد استخدامها لتفسير حلمه، وقدم داخل كتابه هذا أدلة للرموز تساعد على تفسير وفهم ما يراه الحالم.

وظل ذلك التطور في تفسير الأحلام مستمرا حتى وقتنا الحالي، وأصبح كثيرون من الأشخاص يغيرون مسار حياتهم من خلال اتخاذهم لقرارات مصيرية بسبب أحلام شاهدوها حملت معاني لتحذيرات ما أو حثت على السير في طريق ما.

المصدر
طالع الموضوع الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى