آراء ومساهمات

مصطفى محمد يكتب: دلالات التجديد للعنبري

هناك حكمة تقول  «ما دمت قادرا» على أن تحلم بالنجاح، فأنت قادر على تحقيقه». ولكن الحلم وحده لايكفي لتحقيق النجاح، ما دام لم يقترن بخطة واستراتيجية واضحة تحوّله لحقيقة ملموسة، وأكثر ما تحتاجه عندما ترسم خارطة طريق تصل بك لأهدافك؛ هو متلازمة العمل مع الصبر! المبنية بالطبع على الموضوعية والثقة في أن الأمور تسير وفق ديناميكية صحيحة.

«الرؤية الواضحة» توجه بوصلة كتيبة الملك إلى النجاح

أشرنا في بداية الموسم و تحديدا بعد ما قامت إدارة نادي الشارقة، في توقيت مثالي، بتعديل مسار الفريق باختيار أحد أبناء النادي، المدرب الوطني عبد العزيز العنبري، إلى أهمية أن يتبع هذه الخطوة إعطاؤه الثقة والدعم ومنحه الفرصة الكاملة لتطبيق فكره ومشروعه الكروي. خاصة إذا ما أردنا المضي قدما في رسم خارطة طريق تعيد الفريق إلى منصات التتويج، ولكي نواكب القفزة والتطور الكبير السائد في مفهوم وأسلوب اختيار مدربين كرة القدم في العالم الآن. الذي أصبح يخضع لمعايير، أهمها وضوح الرؤية، التي ترتكز على بناء مشروع شامل حتى لو كان على مراحل، بعيدا عن الارتباط فقط باسم شخص بعينه و بدون استعجال! و ليس تفكيرا مرحليا بالقطعة يخضع لتوازنات المكسب والخسارة الآنية لبعض المباريات، أو لموقع الفريق بالجدول، الذي قد يكون غير معبر بدقة عن حالة الفريق الفنية أو ما يمتلكه من إمكانات، وذلك نتيجة لسياق وملابسات المنافسة.

وبلا شك لا يمكن لهذا «المشروع» أن يُبْنى بعيدا عن التقدير الواقعي للإمكانيات المتاحة بالفعل! و آلية تطويرها وربطها بسقف طموح معقول، قابل للتحقيق. وتوجد أمثلة كثيرة على هذا التوجه (العام) في فن إدارة كرة القدم، بمشاريع يخوضها مدربين كبار على مستوى العالم.

هذا ما سبقتنا إليه إدارة قلعة الملك التي شكلت لجنة فنية متخصصة لشؤون كرة القدم في مبادرة لافتة، ثم جددت عقد العنبري لمدة موسمين، ورسخت لسنة حسنة بالتعامل مع المدرب الوطني كأي خبير أجنبي، ولم لا! فمايسترو الشارقة يستحق ذلك ولا يقل عن أي مدرب أجنبي بل قد يزيد، كونه ابن قلعة الملك و قريب من نبض و احتياجات المنظومة وعلى دراية كبيرة بفريق الرديف الذي كان يقوده فنيا، وهو الرافد الأساسي للفريق الأول.

هذا بالإضافة لوجود (الجوهرة) السير جمعة ربيع إلى جواره في لجنة الكرة. وأيضا لدى عبدالعزيز العنبري معرفة و اطلاع كبير على مستويات جميع اللاعبين بالمراحل السنية، بما يسهل من قدرة المدير الفني على اتخاذ قرارات جريئة بتصعيد لاعبين من المواهب العديدة التي يمتلكها نادي الشارقة في هذه الفئات العمرية، التي تمثل مستقبله المشرق. وبالتالي توسيع قاعدة الاختيار وربطها بالفريق الأول. ناهيك عن أهمية هذه الخطوة في التدشين لتمكين الكفاءات من المدربين المواطنين، بعدما رأينا التجربة الناجحة لمهندس التدريب القدير مهدي علي. ليتوافق ذلك مع الرؤية الأشمل للدولة في هذا الاتجاه في مختلف المجالات، وهذا هو المكسب الحقيقي بل القيمة المضافة الثمينة للمشروع ككل، بجانب ما سبق ذكره.

همسة في الأذن العاشقة

الجميع يدرك مدى شغف واشتياق جماهير الشارقة لحصد لقب يزين تاج الملك. خاصة للأجيال الشابة من المشجعين الذين لم يعايشوا فترات زهو وسيطرة ناديهم على البطولات، والذي كان يتشرف ما يقرب من 10 لاعبين من الإمارة الباسمة، بتمثيل منتخب الإمارات منهم 6 على الأقل في التشكيلة الأساسية لمباريات كأس العالم 1990 . التعويل على التاريخ أمر جيد للغاية فهو دائما يبقيك على أمل ويحفزك للعودة إليه. ولكن لكي يحدث ذلك نطالب الجماهير الشرقاوية الوفية «بالصبر» والمؤازرة والالتفاف حول الفريق وعدم التعامل بـ «القطعة». لأن نسق المنافسة في عالم الاحتراف له أدوات وسياق مختلف عن ما كان يدور في الماضي! ولأن الوصول للهدف المأمول بإعادة الفريق إلى مسار الانجازات وتحقيق أفضل النتائج، من الطبيعي أن يحدث على مراحل.

نتمنى استثمار نظرة الرضى العام لمسيرة الفريق هذا الموسم تحت القيادة الفنية للعنبري، من قبل الجماهير و أركان المنظومة داخل الكيان الشرقاوي، والتي جاءت بسبب توفير مناخ من الأستقرار حول الفريق وتحسن النتائج الإيجابية، مما أعطاهم الاحساس بالثقة بأن فريقهم قادر على الدخول في دائرة المنافسة الجادة. ولم يعيقه عن الصعود أكثر في جدول الترتيب إلا فقدان اللاعبين للتركيز في بعض المباريات، خاصة عند مواجهة فرق مؤخرة الجدول، مباشرة بعد تحقيقهم انتصارات مستحقة على فرق المقدمة هذا الموسم.

وهذه النقطة تحديدا لو نجح العنبري في إيجاد حل لها باستنفار الدوافع لدى لاعبيه ونقل الحماسة والرغبة الشديدة الموجودة لديه شخصيا بقوة، و هي استعادة «ملك» التسعينيات (كما صرح العنبري من قبل) عندها سيصبح للفريق شأن آخر في المنافسة الفعالة على لقب الدوري الموسم القادم، أو على الأقل التواجد داخل المربع الذهبي كبداية لرحلة العودة من بعيد. وإن كان الوصول إلى منصة التتويج في أي بطولة قد يختصر زمن الرحلة إلى حد بعيد، بكل تأكيد!! والآن الأجواء مهيأة تماما، بعد أن استكشف العنبري جودة و نوعية المجموعة الحالية المتاحة له من اللاعبين على مدار الموسم واطلع على تفاصيل كل الفرق في دوري الخليج العربي.

فالكرة في ملعبه والصلاحيات معه لتدعيم الفريق في الميركاتو القادم و اختيار أفضل العناصر التي تتوافق مع فكره الكروي وتساعده على النجاح، إذا ما قرر هو الحاجة إلى ذلك.

إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى