رياضة

يمين أم يسار.. ما هو موقف جماهير الأندية الأوروبية من القضية الفلسطينية؟ 

حسنًا، هذه المرة نمتلك خبرًا جيِّدًا؛ البشر لا يزال لديهم قدرة على التعاطُف، لكن ما يجعل هذه المعلومة البديهية جيدة بالفعل، هو أنّ بعض سكان العالم الغربي المُتحضِّر يتعاطف بالفعل مع القضية الفلسطينية، بل والمُدهش هو أن البعض منهم لا يعتبر المقاومة إرهاب، وهذا أمر عظيم. 

بالطبع، لم نصل لهذه الحقائق عبر بيانات حكومات الدول الغربية، التي لم تتوانَ للحظة قبل أن تخرُج مُنددة بعملية طوفان الأقصى، وأعلنت دعمها للكيان المُحتل الذي ينبغي أن يمتلك مُطلق الحرية «للدفاع عن نفسه». 

أتتنا هذه الحقائق عبر تفاعلات غير رسمية لجماهير كرة القدم داخل الملاعب الأوروبية، إحدى المنصات القليلة التي لا تزال قادرة على معارضة سياسات الحكومات، والتأكيد على أنّ الغرب لا يمكن أن يوضعوا في «سلة واحدة» حين نتحدَّث عن قضية إنسانية بهذا الحجم. وهذه المرة لن نُحدثك عن جماهير سيلتيك، الأسكتلندي، شريكة الكفاح.

والسؤال الآن ليس عن كيفية إعلان هذه الجماهير تضامنها مع القضية، بل عن السبب الذي دفع كل منها لإعلان هذا التضامن؛ لأن لكل منهم أسبابه. 

إسبانيا.. موقف واضح مُمتد 

بالجولة الـ10 من الدوري الإسباني موسم 2023/2024، رسمت جماهير ريال سوسيداد، أتلتيك بلباو وأوساسونا لوحات تضامنية، حيث رُفعت أعلام فلسطين بصورة جلية في المدرجات، مع هتافات واضحة دعمًا لغزة. 

في الواقع، لم تكُن هذه المرة الأولى التي تُظهر فيها الجماهير الإسبانية هذا الدعم، حيث تكررت هذه المواقف أكثر من مَرّة على مدار السنوات الأخيرة، خاصة من جماهير الأندية التابعة لإقليم الباسك. 

https://twitter.com/centregoals/status/1715711727797510186?t=XOEvKi__ET9cU3W5lwJCGg&s=19

حقيقةً، ما يجعَل موقف جماهير الأندية الإسبانية مُبررًا، هو تاريخ إسبانيا كبلد من القضية الفلسطينية، حيث كانت آخر الدول الأوروبية الغربية التي أعلنت اعترافها بدولة الاحتلال عام 1986، أي بعد نحو 40 عامًا من إعلان قيام الدولة المزعومة. 

لكن ما يجعل الجماهير الإسبانية أكثر حُرية من جيرانها في التعبير عن هذا التضامن هو الموقف الحكومي الواضح، الذي اعتبر ما يحدُث في حق غزة جريمة حرب، بل ومطالبة الشعب للنزول والتظاهر من أجل دعم القضية. وهذه ليست مفاجأة، على مدار تاريخها، اختلفت إسبانيا أيديولوجيًا مع الكيان المحتل؛ في السابق، كان فرانكو، المعروف بميوله النازية. وحاليًا، حكومة يسارية اشتراكية لا تُحبذ سياسات الولايات المُتحدة، وبالتالي لا تساند بممارسات دولة الاحتلال. 

فرنسا.. مفارقة باريسية 

منذ الـ7 من أكتوبر 2023، وحتى الـ19 من نفس الشهر، حظَر وزير الداخلية الفرنسي «جيرالد دارمانين» 9 مظاهرات مؤيدة لفلسطين. هذا التوجُّه مدعوم بالطبع بتصريحات الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» المساندة لدولة الاحتلال على طول الخط. وهذا ما امتد لساحة كرة القدم عن طريق حملات تشويه طالت كل نجوم كرة القدم ذوي الأصول العربية الذين أعلنوا مساندتهم للشعب الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي. 

لكن مع ذلك، يظل مُدرَّج «أوتويل»، الخاص بأكثر مشجعي باريس سان جيرمان صخبًا، آخر الأماكن التي يُمكن أن تُسيطر عليها الحكومة الفرنسية. 

https://twitter.com/PSG_Report/status/1711157374671618361?t=eGZs3Zf8qUiVbfoqjKZsYQ&s=19

على الرغم من نُدرة المعلومات المُتاحة، نجد أن مجموعة «CUP» التي تمثَّل الغصة في حلق السلطات الفرنسية، تمتلك موقفًا واضحًا بهذا الصراع، والذي سبق وأن أعلنوا عنه أكثر من مرّة عند مواجهة أي فريق يُمثِّل الكيان المُحتَل، عبر هتافات مناصرة لأهل فلسطين وغزة بشكل خاص ومعادية للكيان الصهيوني. 

ألمانيا.. الهروب من شبح المحرقة 

في ألمانيا، لن تَجد علمًا فلسطينيًا داخل مدرج كرة قدم. هذا هو الإرث الألماني، الذي يجعل دولة الاحتلال غير قابلة للمساس ولا النقد داخل البلاد. لماذا؟ لأنه طبقا للمستشار الألماني، أولاف شولز، الألمان مسؤولون عن حماية إسرائيل، نتيجة لشعورهم بالذنب العميق تجاه ما حدث في المحرقة «الهولوكوست». 

لكن، في القسم الثاني من الدوري الألماني، حيث لا يُسمح كذلك بإبداء أي تعاطف مع القضية الفلسطينية داخل الملاعب، أو حتى مِن قبل اللاعبين على وسائل التواصل الاجتماعي. خرجت رابطة مشجعي نادي «سانت باولي» ببيان يتنصَّل من دعم النادي للكيان المحتل. 

في البيان الذي نشرته الرابطة على وسائل التواصل الاجتماعي، اعترفت المجموعة أنّ هذه المساحة حساسّة جدًا بالنسبة للألمان والجالية اليهودية في ألمانيا، لكنهم مع ذلك قرروا توضيح موقفهم من هذا النزاع، والذي يتلخَّص في عدة نقاط تعبر عن وجهة نظرهم. 

https://twitter.com/thecasualultra/status/1715656475899462087?t=_ppEoJypK_evkxpRh-y_WA&s=19

أولًا: إدانة سياسات الاحتلال الإسرائيلي الاستعمارية، وثانيًا: إدانة التعدي على أي مدني أي كانت جنسيته. وثالثًا: المطالبة بحق سكان غزة في الحصول على الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية. 

إيطاليا.. مَن يُحب موسوليني؟ 

خارج الأوليمبيكو، وقبل انطلاق مباراة لاتسيو مع أتلانتا بالدوري الإيطالي في الـ8 من أكتوبر 2023، انتشرت صورة لمجموعة من أفراد «أولتراس لاتسيو» وهم يحملون لافتة كُتب عليها «الحرية لفلسطين». وهذه أيضًا لم تكن المرة الأولى التي تُعلن خلالها نفس المعلومة تضامنها مع القضية الفلسطينية، فما السر؟ 

https://twitter.com/thecasualultra/status/1711028067949306221?t=kiEFQ8uifAWvxHJBWXdbXw&s=19

عند البحث عن تاريخ أولتراس لاتسيو، نجد أن المجموعة تُمثل اليمين الإيطالي. بالضبط، هؤلاء هم من يحبون موسوليني. وهذه المعلومة تبدو كافية جدًا لفهم موقفهم تجاه هذا الصراع. 

في النهاية، ربما لا يمكننا التأكُّد إذا ما كانت الجماهير الأوروبية بالفعل تهتم بالقضية الفلسطينية وتتعاطف معها أم أنّها تفعل ذلك لأسباب تخص توجهاتها السياسية وتعارضها مع سياسات هذا الكيان المحتل. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى