شخصيات مؤثرةشائع

يانج كيونجونج.. وهل حارب جندي كوري لثلاثة جيوش دفعة واحدة؟

خلال الحروب، تتباين الآمال والأحلام، كل يغني على ليلاه، قادة يسعون لجمع الغنائم، وجنود يطمحون فقط في العودة للديار، هذا هو القانون الذي نعرفه، حتى وإن كنّا نجهل هويّة من وضعه، في النهاية، الدُنيا طبقات، وهؤلاء الذين يتم وضعهم أمام المدفع، بالتأكيد هُم الأضعف.

لماذا نحارب؟ ربما سأل «يانج كيونجونج» سؤالًا شبيها قبل أن تنتهي حياته بلحظاتٍ، حين استرجع شريط حياته فوجد أنه قد حارب لصالح ثلاث دول بنفس الحرب، رغمًا عنه، فلم يكُن في الحقيقة يدافع عن وطنه، ولا منزله، ولا أي شيء يستدعي أن يعرض حياته للخطر، بل فقط كان أحد هؤلاء الذين يسكنون أسفل الهرم، يُرسل به إلى ساحة المعركة دون سبب واضح، ويبقى على قيد الحياة بالكثير من الحظ. في الغالب لم يجد كيونجونج إجابة على سؤاله، وكذلك لن نجد نحن.

حقيقة؛ لا نمتلك الكثير من الحقائق حول حياة يانج كيونجونج قبيل أن يخدم بالجيش، لكن ما يمكننا التأكيد عليه، هو أن ذلك الرجل قد وُلد في يوم الـ20 من مارس عام 1920، بمحمية كوريا اليابانية (كوريا الشمالية حاليًا)، وبخلاف هذه المعلومة، لا تتكاد تتوفر أية معلومات عن طفولته، تعليمه، أو حتى خلفيته الاجتماعية.

يانج كيونجونج.. جندي اليابان الشجاع

تعد الحرب العالمية الثانية أحد الفترات الراسخة بتاريخ البشرية، فبقدر الدمار الذي تسببت به والأرواح التي سلبتها، فأيضًا تركت آلاف القصص والروايات التي ظلّت تتناقلها الأجيال فيما بينها إلى أن وصلت إلينا، وتتضمن إحدى هذه الحكايات المذهلة جنديًا من أصل كوري قاتل ونزف من أجل ثلاث دول مختلفة: اليابان والاتحاد السوفيتي وألمانيا النازية.

بدأت قصة يانج كيونجونج في عام 1938، حين كان يبلغ من العمر 18 عامًا ويعيش في منشوريا التي احتلتها اليابان منذ العام 1931 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

مع بداية الحرب العالمية الثانية، تم تجنيده على الفور من قبل الجيش الإمبراطوري الياباني في فرقة جيش كوانتونج اليابانية للقتال ضد الاتحاد السوفيتي في شمال منشوريا، وفي ذلك الوقت، كانت فرقة كوانتونج هي الأكبر والأكثر شهرة بين جميع القوات اليابانية، حيث لعب جيش كوانتونج دورا في التحكم في الإدارة السياسية للدولة الجديدة وكذلك في الدفاع عنها، وهذا جعل قائد جيش كوانتونج بمثابة القائد العام المحلي الذي يمكنه الموافقة أو رفض أي أمر حتى وإن صدر من الإمبراطور الياباني شخصيا.

استمر كيونجونج في الخدمة في الجيش الإمبراطوري الياباني لمدة عام آخر حتى تم أسره من قبل الجيش الأحمر السوفييتي بمعركة خالخين غول التي نشبت في مايو من العام 1939.

يانغ كيونغجونغ

كانت معركة خالخين جول معركة مؤثرة بين اليابان والاتحاد السوفيتي، حيث ستحدد النتيجة النهائية للصراع الصراع الحدودي الشرس بين الدولتين على الحدود المنشورية/المنغولية، والتي هزم بنهايتها الجيش الياباني السادس بحلول سبتمبر من نفس العام.

ما بعد الأسر

وقع يانج تحت رحمة السوفييت، حيث تم نقله بعد ذلك إلى أحد معسكرات الأشغال الشاقة، لكن بسبب نقص القوى البشرية نظرًا لامتداد فترة الحرب، أجبر الاتحاد السوفيتي كل من يستطيع القتال أن يلتحق بالخدمة العسكرية، مما يعني أن كيونجونج، أصبح في طريقه لأن يشارك بالحرب العالمية الثانية مجددًا، لكن هذه المرّة عليه أن يدخل ميدان المعركة كجندي بالجيش الأحمر.

يانغ كيونغجونغ
إنزال نورماندي

استمر يانج كجندي مقاتل في صفوف السوفييت لنحو 3 أعوام، وبحلول العام 1943، زحفت القوات الألمانية المُعادية للسوفييت صوب الجبهة الشرقية لتبدأ سلسلة من المعارك بمنطقة «خاركيف»، تحديدًا خلال الفترة ما بين 19 فبراير و15 مارس من ذلك العام، وأدت هذه السلسلة من الهجمات الضارية من الجيش الألماني على نظيره السوفييتي إلى استعادة بعض مناطق النفوذ مثل مدينتي خاركيف وبلجورد.

بالفعل كما توقعت، تعرض كيونجونج مجددًا للأسر، وهذه المرّة من قبل الألمان، الذين كانوا يعانون أيضًا من نقص في الموارد البشرية، بالضبط، تم تجنيد يانج كي يصبح جنديًا بالجيش الألماني بل أنه حارب بجانب الألمان خلال عملية إنزال نورماندي الشهيرة عام 1944 بفرنسا.

ما قبل النهاية

في أعقاب خسارة ألمانيا النازية بقيادة «أدولف هتلر» للحرب، وتفتت الجيش الذي ظُن أنه لا يقهر، تعرّض الجندي البائس للأسر للمرة الأخيرة، وهذه المرّة ظّل تحت رحمة القوات الأمريكية حتى نهاية الحرب، التي أرسلته إلى أحد معسكرات أسرى الحرب البريطانية، نظرًا لعدم قدرتهم على التعرف على هويته، حيث كان لا يستطيع التحدث باللغة الألمانية أو حتى الإنجليزية.

حياة جديدة

أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية سراح يانج بعد انتهاء الحرب تماما في سبتمبر 1945، وفضّل بعد ذلك أن يستكمل حياته بشكل هادئ بأمريكًا عوضًا عن العودة مجددًا لوطنه ‑كوريا-، حيث عاش بقية حياته بولاية إلينوي الأمريكية.

وعلى الرغم من أن هنالك بعض المصادر تؤكد حقيقة وجود هذا الجُندي، إلا أن عقب وفاته بنحو 20 عامًا، صدر وثائقي كوري يؤرخ الفترة التي استعان بها الألمان بجنود أسيويين خلال الحرب العالمية الثانية، لكنه لم يشر مطلقا إلى قصة يانج كيونجونج، لتظل الحقيقة غامضةً، فهل حارب يانج للجيوش الثلاثة فعلا؟ أم أنها أسطورة جديدة تضاف إلى الأساطير المتعلقة بفترة الحرب الطاحنة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى