الصحة النفسية

أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية.. وهل يمكن تلافيها؟

تتعدد سمات السيكوباتيين المكروهة، فما بين عداء المجتمع والنرجسية وعدم التعاطف مع الآخرين وربما سلب حقوقهم إن سنحت الفرصة، نكشف عن أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية، والتي ربما تفصح عن كيفية وقاية النشء الجديد من صفات تلك الشخصية المريضة.

الشخصية السيكوباتية

أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية
الشخصية السيكوباتية

تعتبر الشخصية السيكوباتية من أكثر أنواع الشخصيات اضطرابًا، وكذلك أكثرها ميلًا لإيذاء الآخرين بمختلف الطرق، إذ تحمل بداخلها طاقة كراهية كبيرة، سواء للمجتمع المحيط بها أو للقوانين المنظمة للأمور الحياتية، لذا يتلخص أحد أبرز أهدافها في كسر القواعد مهما كانت.

يتمثل المصطلح العلمي لاضطراب الشخصية السيكوباتية في اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، حيث يكشف عن الأفكار الشريرة لدى تلك الشخصية، والتي تعجز تمامًا عن التعاطف مع الطرف الآخر، لذا يمكنها إيذائه دون تردد إن أرادت.

علامات الشخصية السيكوباتية

قبل الكشف عن أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية المريضة، نشير إلى بعض العلامات القادرة على فضح تلك الشخصية أملًا في الحرص منها قدر الإمكان.

  • حمل مشاعر كارهة باتجاه المجتمع، وسواء كان فاسدًا أم صالحًا في واقع الأمر.
  • العجز عن تحديد السلوكيات الإيجابية من بين السلوكيات الأخرى السلبية.
  • الشغف باستدراج عواطف الآخرين من أجل استغلالهم أسوأ استغلال.
  • عدم التردد قبل أخذ حقوق الأشخاص المحيطين ومهما بدت متانة العلاقة بينهم.
  • النرجسية الشديدة والاعتقاد بأن الجميع يجب أن يلبي رغباتهم دون تفكير.
  • التمسك بأهداف غير واقعية دون العمل على تحقيقها بصورة علمية.
  • القدرة على كسب تعاطف الآخرين بكلام معسول يخفي النوايا السيئة.
  • التمتع بقدرات فائقة على الكذب من أجل إخفاء المشاعر الداخلية شديدة السلبية.
  • عشق التجارب الخطيرة بصورة مرضية، كالسرقة ومحاولة الإفلات من العقوبة.
  • امتلاك تاريخ من الأذى النفسي وتحطيم الممتلكات وربما الاعتداء على الآخرين في سن الطفولة.
  • الرغبة الدائمة في كسر القواعد وتجنب اتباع الروتين ولو لوقت قصير.
  • لوم الآخرين وعدم التمتع بالشجاعة أو الثقة الكافية للاعتذار أو حتى الاعتراف بأي خطأ.
  • الاندفاع الشديد في ظل صعوبة التحكم في السلوكيات العامة المؤثرة على الجميع.
  • تعدد العلاقات العاطفية وربما كثرة مرات الزواج والانفصال بشكل ملحوظ.

أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية

أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية
أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية

بالرغم من عدم توصل علماء النفس إلى سبب مؤكد وراء معاناة البعض من ملامح السيكوباتية، إلا أن ترجيحات الباحثين تحصر أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية في النقاط التالية:

العوامل الوراثية

هي واحدة من أبرز أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية، وغيرها من الاضطرابات الشخصية، حيث يبدو انتقال السمات المضطربة عبر الأجيال واردًا بشدة، ولكن مع الوضع في الاعتبار أن خضوع الطفل لسلوكيات تربوية إيجابية وكذلك تلقيه للاهتمام والدعم النفسي المطلوب في المنزل أو المدرسة، يعني تقليل فرص إصابته بهذا الاضطراب وحتى إن عانى منه أحد الأبوين مسبقًا.

المشكلات الدماغية

ربما لا يدرك الكثيرون أن بعض الاختلافات لدى أدمغة بعض البشر، قد تجعل منهم سيكوباتيين عن جدارة واستحقاق، حيث لاحظ الباحثون أن مناطق مثل اللوزة الدماغية والفص الجزيري وكذلك قشرة فص الجبهة، لا تشهد النشاط الطبيعي لدى الشخصيات السيكوباتية، لذا فمع تخصص تلك المناطق من  الأساس في معالجة المشاعر وزيادة التعاطف، فإن سوء وضعها يجعل البعض متحفزًا لإيذاء الآخرين دون شعور بالذنب، ليعد ذلك من أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية.

الأخطاء التربوية

تتعدد السلوكيات الخاطئة التي قد يمارسها الأبوان، ليتسببا دون قصد في معاناة أحد الأبناء من اضطراب الشخصية السيكوباتية، حيث يلاحظ أن أساليب التربية العنيفة والتي تشهد معاقبة الأبناء بأكثر الطرق ألمًا، أحيانًا ما تساهم في ظهور شخص سيكوباتي Psy­chopa­thy بمرور الوقت، تمامًا مثلما يشكل هجر الطفل من جانب الوالدين أحد أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية.

الظروف الأسرية

إن كانت الجينات أو العوامل الوراثية تساهم بدرجة أو بأخرى في زيادة فرص معاناة البعض من اضطراب الشخصية السيكوباتية، فإن الأسرة قد تدفع بالطفل للوقوع في دائرة السيكوباتية العميقة بطرق أخرى، أبرزها تنشئته وسط عدد كبير من الأطفال، وربما تربيته على يد أحد الأشقاء الأكبر، مع المعاناة من الظروف المادية المتدهورة، والتي تربك حسابات الطفل لتشكل أحد أسباب الشخصية السيكوباتية.

السلوكيات الإدمانية

في الوقت الذي تتعدد فيه مخاطر الغرق في السلوكيات الإدمانية الخاطئة، والممثلة في الحصول على المواد المخدرة على سبيل المثال، فإن إحدى تلك المخاطر قد تتلخص في دعم وتحفيز أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية لدى الأبناء حينما تتشكل ملامحهم تحت رعاية أب وأم تعاني من الإدمان، حيث تتبدل الكثير من الأشياء بداخل دماغ الشخص المدمن، والذي عادة ما يظهر جانبه الشرير عند وقوعه تحت سيطرة إدمان الممنوعات، ليأتي ذلك بتأثيراته السلبية على الأبناء ضحايا الأسر السيكوباتية.

التصرفات المؤذية

لا يمكن تجاهل خطورة تعرض الطفل في مراحله المبكرة لعمليات إيذاء مستمرة، سواء كانت جسدية أو نفسية، حيث يبدو ذلك أحد أسباب الشخصية السيكوباتية، التي تعتبر في تلك الحالة ضحية لقسوة الأشخاص المحيطين في ظل غياب الرعاية والرقابة من جانب الأبوين.

كيفية الوقاية من اضطراب الشخصية السيكوباتية

يتفق خبراء علم النفس على أنه بالرغم من صعوبة وقاية البشر من الاضطرابات الشخصية مثل السيكوباتية، فإن الوقوف على أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية قد يساهم ولو بنسبة بسيطة في حماية الأجيال اللاحقة من أزمة تدمر صاحبها ومن حوله.

اتباع خطوات التربية الإيجابية

إن كان التحكم في العوامل الوراثية وكذلك احتمالية الإصابة بالمشكلات الدماغية يعتبر من المستحيلات، فإن تربية الطفل بطرق أكثر إيجابية لا تعد من الأمور المستحيلة، بل هو الطريق المطلوب اتباعه لحماية الطفل من الأزمات النفسية كافة، لذلك يحفز خبراء علم النفس دومًا على تشجيع الطفل بطرق إيجابية، بعيدًا عن اعتياد فرض العقوبات المبالغة على الطفل، والتي تعد من ضمن أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية لديه.

تجنب خطر الإدمان

ندرك جميعًا خطورة وقوع الإنسان في دائرة الإدمان المخيفة، حينها لن يكون المدمن وحده إن كان قد أنجب هو من يدفع الثمن، بل كذلك الأبناء الذين يواجهون حينها أوضاعا منزلية غير مريحة، وربما قرارات تعصف بأحلامهم مبكرًا في مرحلة الطفولة، ما يكشف عن أهمية اتخاذ قرار يتمثل في عدم الحصول على المواد الممنوعة، وخاصة بالنسبة لكل أب وأم.

علاج الأزمات المنزلية

يعد هجر الأبوين أو أحدهما للطفل، من ضمن أسباب الشخصية السيكوباتية التي تسيطر على ذهنه في تلك الحالة، لذا ينصح الأبوان بعلاج الأزمات الدائرة بينهما أملا في ألا يتعرض الطفل للحرمان من أحدهما، ومع الوضع في الاعتبار أيضًا أن التربية في منزل يعج بالأطفال ليست هي الطريقة الأفضل لتنشئة طفل سوي على الصعيد النفسي.

علاج الشخصية السيكوباتية

أسباب الشخصية السيكوباتية
علاج الشخصية السيكوباتية

إن كانت النقاط السابقة قد كشفت عن أسباب تكوين الشخصية السيكوباتية وكذلك كيفية تقليل فرص معاناة البعض منها، فإننا نشير الآن إلى الخطوات البسيطة التي يمكن اتخاذها لبدء رحلة العلاج المعقدة.

جلسات العلاج المعرفي السلوكي

يعتبر حضور جلسات العلاج المعرفي السلوكي، والقادرة على إقناع المريض بأزمته قبل أن تزيد سيطرته على أعراضها، من ضمن الطرق التي يلجأ إليها الطبيب النفسي، حيث يأمل مع مرور الوقت في نجاح مريضه على استجماع قواه، حتى لا يمارس ألاعيبه المخادعة من جديد لاستغلال البشر.

الأدوية العلاجية

من المؤكد أن العلم لم يتوصل إلى الآن إلى أدوية لعلاج الاضطرابات الشخصية، إلا أن الحصول على أدوية علاجية ربما تساهم في تقليل أعراض الاكتئاب أو الأزمات النفسية الأخرى المصاحبة لسيكوباتية العقل، يبدو من الخيارات الموفقة.

في كل الأحوال، يبقى علاج الشخصية السيكوباتية وحتى إن بدت الأسباب واضحة الملامح، من الأمور المعقدة تمامًا، لذا يبدو التأقلم مع محاولة تقليل الأعراض هو خيار المريض، فيما يبدو اجتنابه إن كان يشكل خطورة على من حوله، خيار الأشخاص المحيطين به.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى