آراء ومساهمات

زياد فؤاد يكتب: حديقة البني آدمين.. متلازمة طهقني

هناك متلازمة نفسية لا أذكر اسمها، حالة من الرهاب تتكون عند الرجل قبيح الطلة إن ارتبط بامرأة جميلة، أو العكس إن ارتبطت القبيحة بشاب وسيم، تتكون عند البعض حالة جنونية، فيصبح الرجل مرتابا يشك دائما في خيانة حبيبته، والقبيحة تصاب بجنون ارتياب في كل خطوات حبيبها الوسيم، وتتكون آلية نفسية تلقائية خاصة عند المرأة فتحاول استضعاف حبيبها والسيطرة بشكل جنوني عليه وعلى كل خطواته، وتصبح وحشا كاسرا اعتقادا منها بأن ذلك هو السبيل للحفاظ على الحبيب..

بصرف النظر عن اسم الحالة النفسية، فما يعنينا هو وصفها، وجميلة كعهدنا دائما بالاسم لا تملك من الجمال شيئا.. كيان مستدير قبيح الطلة، متزوجة من شاب على قدر عالٍ من الوسامة.. وتلك هي مشكلتهما!

جميلة تدرك جيدا أن ثقب كوني تسبب في ارتباطها بزوجها، ولا تكذب المرآة أو تدعي جمالا ليس فيها، وبالطبع لديها نظر قوي يعلم كم هو الفارق شاسع بين قبحها ووسامة زوجها، وحلها الذي وجدته في عقلها الباطن أو ربما الظاهر أن تحيل حياته جحيما كي لا يجد المتسع النفسي والبراح العاطفي ليفكر أو يرى غيرها.

أمام الجميع لا تجد جميلة حرجا في أن تسب زوجها أو توبخه على فعله، تماما كما تفعل أم مع طفلها، دائما وعلى الملأ تظهر أنها المسيطرة، وتحاول محو شخصيته، بكل ما فيها من عزم وإصرار تستضعفه وتجعل منه ذليلا أمامها، لا يجرؤ على تدخين سيجارة في وجودها، لا يستطيع أن يتخذ قرارا دونها، سخرت كل إمكانياتها لتوقع بينه وبين كل من يعرفهم أو الذين يمكن أن يصبحوا أصدقاء محتملين له في يوم ما!

جميلة لم تشغل بالها بأن تنزل بوزنها أو أن تتحول من بالون إلى إنسانة طبيعية، لم تفكر نهائيا في أن تتجمل من أجله، ولكن بكل قوتها وضعفه تختار له كل ما لا يناسبه من ملبس كي يبدو قبيحا في نظر الآخرين، سخرت ذكائها الفطري لتحوله إلى ميدالية تضعها في جيب سروالها الواسع وسع معدتها، تضيق عليه في كل خطوة، تليفونه في يديها أكثر مما يحمله هو، جيوب محفظته هي وحدها التي تعلم ما بها وما لم يعد بها لأنها انتزعته، تتصيد أخطاء معارفه لتضرب علاقته بهم، تتصنع الأزمات مع أهله كي ينقطع عنهم ويصبح لها وحدها، همساتها صراخ، حديثها يسمعه من في آخر الحي فإن علا صوته تنهره بقسوة أمام الجميع، تضعه في قمقم بحيث لا يرى ولا يسمع غيرها.. حتى صار خاتما في إصبعها.. من وجهة نظرها..

أما في الواقع فقد أوجد زوجها الوسيم مخرجا، صار يعيش في كونين متوازيين، معها يجيد دور المستضعف، يسمع الإهانات ويجلس في وضع الجنين كسيرا ذليلا، وبمجرد أن يخرج من المنزل بداعي العمل يرتكب كل الحماقات والانحرافات، صار يقمع ويشخط وينطر ويتحكم في كل الشخصيات من حوله.. وبمجرد العودة للمنزل يرتدي قميص الطاعة باقتدار، لتستمر هي في مرض السيطرة ويظل هو مريضا بداء العصيان كل منهما في اتجاه موازٍ.. لا يلتقيان!

إخلاء مسؤولية: المحتوى في قسم الآراء والمساهمات لا يعبر عن وجهة نظر الموقع وإنما يمثل وجهة نظر صاحبه فقط، ولا يتحمل الموقع أي مسؤولية تجاه نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى