الصحة النفسية

كيف تسهم النظرية السلوكية في علم النفس بعملية التعلم؟

تمثل النظرية السلوكية في علم النفس عنصرًا أساسيًا، في مجال دراسة سلوك الإنسان، إذ انشغل بها العديد من علماء النفس لعدة سنوات، نظرًا للصعوبة التي واجهوها في دراسة العمليات العقلية بشكلٍ موضوعي، الأمر الذي دفعهم للتوجه إلى اتباع قياس ومراقبة السلوك البشري.

فيلهلم فونت

النظرية السلوكية في علم النفس
العالم النفسي فيلهلم فونت

يعد فيلهلم ماكسيميليان فونت أحد أبرز مؤسسي علم النفس الحديث، كذلك علم النفس التجريبي، إذ كان من أشهر الأطباء والفلاسفة وعلماء الفيزياء، الذي قام بدراسة النظرية السلوكية في علم النفس، كما خصص علم النفس كأحد علوم الفلسفة والبيولوجيا، وجعل منه حقلا مستقلا للدراسة.

بالإضافة إلى قيامه بتأسيس مختبر رسمي، خاص بالبحوث النفسية في جامعة لايبزيغ عام 1879، والذي تمكن من خلاله من إثبات أن علم النفس علم منفصل عن جميع المجالات الأخرى، كما قام بدراسة بعض نظرياته، من بينها «النظرية السلوكية» وأنواعها وإسهامها في العديد من المجالات، فضلًا عن إصداره أول مجلة أكاديمية للبحوث النفسية، والتي خصصها لنشر أبحاث المعهد منذ عام 1881 إلى 1902.

النظرية السلوكية في علم النفس

تعد نظرية التعلم السلوكي، أو النظرية السلوكية في علم النفس، إحدى أبرز النظريات الكبرى في علم النفس، إذ تهدف إلى دراسة السلوكيات لدى الفرد، والتي تكون واضحة وظاهرة يمكن ملاحظتها بسهولة، وهو ما ينتج عن طريق القيام بعملية تحليل للظروف التي عاشها الفرد، وما سيترتب عليها بعد ذلك في بيئته المحيطة به، بالإضافة إلى الخبرات التي اكتسبها الشخص، من جميع التجارب التي مر بها خلال مراحل حياته المختلفة، والتي أدت بالتبعية إلى ظهور سلوكياته الحالية.

يمكن تعريف نظرية التعلم السلوكي أيضًا، بأنها المفهوم الشائع الذي يقوم بالتركيز على كيفية تعلم الطلاب، بالإضافة إلى تبني فكرة أن جميع السلوكيات يتم تعلمها أو اكتسابها من خلال تفاعل الفرد مع بيئته، إذ تنص نظرية التعلم على أن العوامل الفطرية أو الموروثة، لها تأثير ضعيف جدًا على تصرفات وأفعال الفرد، في حين أنه يتعلم جميع سلوكياته من خلال البيئة والمجتمع المحيط به، ومدى تفاعله معه في جميع مراحل حياته.

أنواع النظرية السلوكية

النظرية السلوكية في علم النفس

أوضحت النظرية السلوكية أنه لا يوجد دور لوعي الشخص في السلوك الخاص به، بعكس ما تَبَنته النظرية الوظائفية والنظرية البنيوية، بالإضافة إلى أنها رفضت أيضًا المفاهيم التي وضعها الفيلسوف سيغموند فرويد، الخاصة بتأثير اللاشعور في تحديد سلوك الفرد، و على العكس فقد أيدّت تأييدًا تامًا مفهوم السلوك البشري الملحوظ للفرد، ورجحت أنه السلوك الوحيد الذي يجب دراسته، باعتبار أنه من الممكن مراقبته وقياسه بشكلٍ موضوعي، وهو ما تهدف إليه النظرية، التي تنقسم إلى 3 أنواع تتمثل في:

السلوكية المنهجية

تبنى هذا النوع من السلوكية الفيلسوف، أشهر علماء النفس، جون برودوس واطسون، والذي رفض من خلال إيجاده لهذا النوع فكرة الإقرار بالتفكير الذاتي، والتأمل الباطني، أو ما يعرف بالاستبطان، إذ تعتمد السلوكية المنهجية على دراسة سلوك الأفراد فقط، دون القيام بدراسة البيئة المحيطة أو العمليات الذهنية الأخرى التي تسببت في هذا السلوك، مثل رغبات الفرد أو معتقداته الدينية المكتسبة من المحيطين به.

كما حاول جون من خلال نظرياته، إثبات فكرة أن الهدف من علم النفس هو التنبؤ بسلوك الفرد ومحاولة السيطرة عليه بعدة طرق، متغاضيًا عن حالة الفرد العقلية، حيث اعتبر أن هذه طريقة خاصة يمكن أن تتغير في أي لحظة.

السلوكية النفسية

تركز السلوكية النفسية على السلوك البشري، باعتباره مرآة لجميع العمليات العقلية، حيث يعتقد العلماء أن دراسة هذا النوع لا تتم إلا من خلال تحفيز الفرد من الناحية الفيسيولوجية، أو انفعالاته العاطفية، ويعد الفيلسوف برهوس فريدريك سكينر من أشهر الفلاسفة الذين تركوا تاثيرًا هامًا في نظرية التعلم السلوكية، خاصة تلك التي تتعلق بالسلوكية النفسية.

السلوكية التحليلية

تعمق سكينر في البحث ودراسة السلوكية النفسية، حتى استطاع التوصل إلى نتيجة أخرى، تؤمن وتعتقد بنظرية تفيد بضرورة اقتران سلوك الفرد، مع جميع المشاعر الداخلية والأفكار التي استولت على عقله، وهو ما تم الاعتراف به فيما بعد، لتصبح السلوكية التحليلية أحد أنواع النظرية السلوكية، التي تعرف أيضًا بالسلوكية الجذرية، أو المنطقية، والتي تركز على فكرة أن السلوك البشري هو الوجه الخارجي، لجميع العمليات العقلية التي تدور داخل الفرد.

النظرية السلوكية والتعلم

النظرية السلوكية في علم النفس

يمكن أيضًا اعتبار النظرية السلوكية شكلًا من أشكال إدارة الفصل داخل المدرسة، إذ يعتقد علماء السلوك أن تشكيل الفرد يتم بنسبة كبيرة جدًا عن طريق بيئته الخارجية، استنادًا إلى أن تغيير بيئة الشخص يؤدي بالتبعية إلى تغيير مشاعره، أفكاره وسلوكياته.

بالإضافة إلى ذلك فإن علماء السلوك يعتقدون أن الأفراد يتصرفون نتيجة استجابتهم للمحفزات الجسدية المحيطة بهم، سواء كانت هذه المحفزات داخلية أو خارجية، حيث يعتبرون طبيعة البشر نتاجًا رئيسيًا لبيئة الفرد الذي يعيش فيها، لذا إذا قدم المعلم تعزيزًا إيجابيًا، أو بعض المكافآت لطلابه، فإنهم سيحرصون على تقديم السلوكيات المرغوبة، بل وسيعملون على القيام بسلوك المعلم ذاته.

أبرز استراتيجيات التدريس السلوكي

يمكن للمعلمين الاستفادة من النظرية السلوكية، وتنفيذ بعض تقنيات استراتيجية التعليم السلوكي في الفصول الدراسية، ويتم ذلك عن طريق عدة طرق تتمثل في:

  • ممارسة المعلمين المهارات المختلفة والتدريبات، باستخدام عدة أنماط، الأمر الذي يساعد الطلاب على رؤية عملية التكرار، مما يعزز فهمهم، وهو ما تهدف إليه النظرية السلوكية.
  • كما يمكن للمعلم استخدام طريقة السؤال والجواب، إذ يستخدم هنا السؤال كمحفز، بينما تكون الإجابة هي رد الطلاب على هذا المحفز، ويفضل أن يقوم المعلم بزيادة صعوبة الأسئلة تدريجيًا، مما يساعد الطلاب ويزيد من تحفيزهم.
  • من الضروري جدًا أن يشارك المعلمين طلابهم بشكل مباشر، ومساعدتهم في مواجهة مشكلاتهم الدراسية أو الاجتماعية، مما سيمنح الطلاب التعزيز المطلوب، ويجعلهم يحاولون اتباع سلوك المعلم وتقليده، وهو ما تحث عليه نظرية التعليم السلوكي.
  • تعد المراجعات المنتظمة من أهم مبادئ التعزيز، في نظرية التعلم السلوكي، إذ يساعد الرجوع إلى المواد السابقة على الاحتفاظ بالمعلومات بشكل أفضل، بالإضافة إلى ضرورة إلقاء المعلم الكثير من كلمات الثناء والشكر، أثناء عملية التدريس، كذلك اتباع نظام المكافآت والهدايا، وبعض الامتيازات الأخرى للطلاب المتفوقين.

تطبيقات النظرية السلوكية

هكذا يمكن اعتبار النظرية السلوكية في علم النفس هي حجر الأساس، لبناء نظام تعليمي ناجح ومتكامل، وتقديم طرق تربوية مختلفة للأطفال، وهو ما نجحت فيه الدراسات السلوكية التي أجريت منذ عام 1910 حتى عام 1950.

ولكن الأمر لا يقتصر على المساهمة في التدريس وتعليم الأطفال فقط، إذ يتم تطبيق نظرية التعلم السلوكية في عدة مجالات أخرى، من بينها:

العلاج

من أبرز تطبيقات النظرية السلوكية أنها تستخدم في العديد من أنواع العلاجات، من أهمها علاج الأطفال المصابين بمرض التوحد، أو فرط الحركة، وغيرها من الأمراض الأخرى التي لا يستطيع الأبوان التعامل معها داخل المنزل، حيث تساعد هذه النظرية الأطباء في دراسة وتحليل سلوكيات الطفل، مما يؤثر عليه إيجابيًا ويمنح الأطباء فرصة تعليمه تقنيات ومهارات مختلفة وجديدة.

ابتكار عادات جديدة

تسهم النظرية السلوكية في زيادة قدرة الفرد على تبني عادات جديدة، ومختلفة عن تلك العادات التي نشأ عليها، أو اكتسبها من بيئته المحيطة، بالإضافة إلى أنها تساعده في التخلي عن بعض العادات السيئة، واستبدالها بعادات أخرى مفيدة، إذ لا يقتصر التغيير على مرحلة الطفولة فقط، بل يستطيع الشخص التغيير من سلوكياته وتطويرها أو تحسينها، في جميع مراحل حياته.

بواسطة
مصدر 2
المصدر
مصدر 1مصدر 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى