الصحة النفسية

ما أوجه الفرق بين الذهان والفصام والاكتئاب؟

هل تعرف الفرق بين الذهان والفصام؟ ربما يعتقد الكثيرون أنهما أمر واحد، فيما يتبين أن الذهان هو جزء من الفصام، بمعنى أن المعاناة من الفصام أو الشيزوفرينيا تستوجب اختبار أعراض الذهان، فيما لا تؤدي الإصابة بالذهان دومًا إلى التعرض للفصام، ما نوضحه بالإشارة لمفهوم وأعراض وعلاج كل أزمة عقلية على حدة.

الفرق بين الذهان والفصام من حيث المفهوم

يرى الخبراء أن الذهان يعتبر من بين أعراض الكثير من الأزمات العقلية، حيث يفقد المريض بسببه اتصاله بالواقع، فيما يعتبر الفصام من الاضطرابات العقلية التي تحمل الكثير من الأعراض، ومن ضمنها الذهان نفسه، كما نوضح.

مفهوم الذهان

يشير الذهان إلى تلك الاضطرابات المتسببة في تشتت المريض، بدرجة تجعله بعيدًا تمامًا عن الواقع، حيث يحدث ذلك خلال ما يسمى بالنوبات الذهانية، المعروفة بدورها في تشوش ضحاياها، غير القادرين على التمييز بين ما يحدث على أرض الواقع وما يدور في خيالهم فقط.

يعد الذهان عرضًا من أعراض الكثير من الأمراض العقلية والنفسية، ومن بينها الفصام كما ذكرنا، علاوة على أمراض أخرى مثل اضطراب ثنائي القطب والاضطراب الفصامي العاطفي والاضطراب الوهامي أو الضلالي، فيما يمكن للنوبات الذهانية أن تصيب الشخص العادي حين يعاني من إدمان المخدرات أو الكحوليات، أو عندما يواجه الحرمان من النوم لفترات طويلة.

مفهوم الفصام

يبدو الفصام أكثر شمولية، حيث يصنف باعتباره من الاضطرابات العقلية المزمنة، التي وإن اختلفت درجات حدتها، فإنها تسبب في كل الأحوال في حالة من الارتباك لدى المريض، لتؤثر على مشاعره وسلوكياته وأفكاره.

تشهد حالات الفصام اختبار الكثير من الأعراض القاسية، من بينها الذهان المؤدي للهلاوس والأوهام، فيما يمكن للتأكد من معاناة الشخص من الفصام، ملاحظة مدى تأثير تلك الأعراض بصورة ملحوظة على حياته الاجتماعية والعاطفية والعملية.

الفرق بين الذهان والفصام من حيث الأعراض

الفرق بين الذهان والفصام
الفرق بين الذهان والفصام من حيث الأعراض

يظهر التشابه الأول بين كل من الشيزوفرينيا أو الفصام وبين الذهان، بالنظر لعلامات الإصابة بهما، والتي نكشف عنها في السطور التالية عبر تسليط الضوء على الفرق بين الذهان والفصام من حيث الأعراض.

أعراض الذهان

تبدو أعراض الذهان متنوعة لكنها توضح في كل الأحوال حالة الانفصال التي تحدث للمريض ما بين الواقع والخيال، حيث تتمثل في:

الهلوسة

هي جميع الهلاوس التي تسيطر على الحواس الـ5 للمريض، حيث يبدو مقتنعًا بأنه يرى ويسمع ويلمس ويشم ويتذوق أشياء غير موجودة من الأساس، فيما تعد الهلاوس الأكثر انتشارًا بين المرضى هي تلك المتعلقة برؤية الأشياء الوهمية وسماع والأصوات الخيالية.

التوهم

هي تلك الاعتقادات الكاذبة غير المبنية على أسس واقعية، والتي يفشل الجميع بإقناع المريض بعكسها مهما أظهروا من أدلة وبراهين، فيما تظهر تلك الاعتقادات في صورة شكوك حول التعرض للمراقبة أو الاستهداف، أو الظن بأن هناك رسائل سرية تصل إليه عبر التلفاز أو الراديو، علاوة على الاعتقاد بأنه خارق يسير بين البشر.

الهياج

يعاني المريض المصاب بالذهان من حالة هياج مستمرة، بحيث يزداد معدل تحركاته بشكل واضح للجميع، وكأنه غير قادر على الاسترخاء ولو للقليل من الوقت، كذلك تظهر على المريض حالة من التوتر العاطفي، تجعله غير متزن بالشكل الكافي، وخاصة مع اختباره للأعراض المذكورة سابقًا، مثل الهلوسة والتوهم.

التفكير غير المنظم

تظهر ملامح الذهان ببساطة مع ملاحظة تفكير المريض غير المنظم، والذي ينعكس على سلوكياته كافة، بل وتتضح ملامحه حينما يتحدث بعبارات لا تمت للمنطق بصلة، أو يكتب كلمات ليست مفهومة للآخرين، الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة تواصله مع من حوله بدرجة تزيد من تعقيد حالته.

المشاعر الاكتئابية

من المنطقي أن تؤدي الأعراض المذكورة إلى معاناة المريض من أعراض اكتئابية عدة، كالإحساس بالقلق الشديد ومواجهة صعوبات حادة في النوم، والانعزال عن الآخرين وعدم التمتع بالشغف في أي من نشاطات الحياة، بالإضافة إلى العجز عن أداء المهام الروتينية اليومية.

أعراض الفصام

تتعدد أعراض الفصام التي تشمل علامات الذهان علاوة على أعراض أخرى يجب على المريض اختبار 2 منها لمدة لا تقل عن 6 أشهر، حتى يتأكد الأطباء من أنه مريض بالفصام، حيث تشمل:

الأعراض الذهانية

وهي تلك المجموعة من الأعراض المرتبطة بالنوبات الذهانية، مثل رؤية أو سماع المريض أمورا غير حقيقية، والاعتقاد بأنه خارق عن المألوف أو ضحية لمحاولات قتل أو مراقبة على أقل تقدير، أو حتى بأنه يلقن بعض السلوكيات عبر رسائل سرية لا يراها ويسمعها إلا هو.

مشكلات التحدث

يبدو مريض الفصام عاجزًا عن التحدث بصورة واضحة للمستمع، حيث تجده أحيانًا يتكلم في أشياء غير منطقية بأي صورة من الصور، كما يمكنه الانتقال بسهولة شديدة من موضوع النقاش إلى موضوع آخر شديد الاختلاف عن سابقه، علاوة على أنه يتوقف كثيرًا عند التكلم ويبطئ أو يسرع من وتيرة تحدثه بدون أسباب منطقية.

السلوكيات المنفرة

يعاني مريض الفصام من صعوبة الاهتمام بالنفس، بدرجة تجعله يهمل مظهره أو نظافته الشخصية بصورة منفرة لمن حوله في بعض الأحيان، فيما تزداد الأزمة لدى ضحية الشيزوفرينيا حينما يدخل في حالة من التخشب، فلا يتحرك من مكانه ولا يتحدث مع أي شخص لفترة مريبة من الوقت.

البرودة

يظهر ضحية الشيزوفرينيا أو الفصام في كثير من الأحيان، في صورة شخص يعاني من برودة المشاعر، حيث يجد صعوبة من الأساس في فهم أفكار وأحاسيس البشر من حوله، جراء التشتت الذهني الذي يصيبه، كما يبدو وجهه هادئًا طوال الوقت دون الكشف عن أي علامات فرح أو حزن، ليظنه الكثيرون شخصا بلا روح.

الفشل التام

مريض الفصام محكوم عليه بالفشل على صعيد العلاقات الاجتماعية والعاطفية، أو من ناحية العمل أو الدراسة، إن لم يجد العناية والدعم في الوقت المناسب، حيث يجد صعوبة في أداء أمور الحياة الروتينية ليصبح الانتظام في وظيفة دائمة أو الالتزام بعلاقة زواج من الأمور المعقدة بالنسبة إليه.

الفرق بين الذهان والفصام من حيث الأسباب

الفرق بين الذهان والفصام
الفرق بين الذهان والفصام من حيث الأسباب

ربما يعد التشابه الأوضح والذي يقرب المسافات ويقلل من اتساع الفرق بين الذهان والفصام، هو ما يخص عدم توصل العلماء إلى أسباب الإصابة بهما، وإن كانت هناك بعض الترجيحات غير المؤكدة لكل منهما مثل:

العوامل الوراثية

تؤكد الأبحاث العلمية أن الكثير من حالات الفصام تشهد معاناة الأبناء لأبوين سبق وأن أصيب أحدهما بالاضطراب العقلي نفسه، ليكشف ذلك عن احتمالية وراثة هذا المرض المزمن، ولكن مع الوضع في الاعتبار أن تلك النتيجة قد لا تظهر في بعض الحالات التي يعاني خلالها أحد الأبوين دون معاناة الأبناء والعكس صحيح.

تغيرات إفرازات المخ

سواء عانى المريض من الفصام بما يحمل من نوبات ذهانية، أو كان مصابًا فقط بالذهان، فإنه يلاحظ مدى تأثره بتغيرات واضحة في إفرازات المخ من بعض النواقل العصبية، وفي مقدمتها الدوبامين، الذي يؤدي تغير نشاطه إلى ظهور الأزمات السابقة.

التعرض للإيذاء

من الوارد أن يعاني الشخص من الفصام أو الذهان جراء التعرض للإيذاء، سواء كان جسديًا أو حتى لفظيًا، وخاصة إن حدث ذلك في مراحل الطفولة التي يبدو فيها المرء أقل قدرة على التأقلم مع مشكلاته، علمًا بأن الصدمات لها دور واضح في زيادة فرص الإصابة بكلا الأزمتين.

الإدمان

لا يمكن تجاهل دور الإدمان، والممثل في تعاطي المواد المخدرة أو الإفراط في شرب الكحوليات، في زيادة خطر الإصابة بالذهان أو الفصام، فحتى إن كانت تلك الممنوعات غير قادرة على إصابة الأصحاء في بعض الأحيان بالاضطرابات العقلية، فإنها تبدو قادرة على تحفيزها لدى من هم أكثر استعدادًا للمرض.

الفرق بين الذهان والفصام من حيث العلاج

الفرق بين الذهان والفصام
الفرق بين الذهان والفصام من حيث العلاج

من جديد نلاحظ التشابه بين الذهان والفصام، ولكن تلك المرة من ناحية مدى التعقيدات المرتبطة بعلاج كل منهما، رغم أن بعض العلاجات لها دور في تقليل الأعراض ولو بنسبة مقبولة، كما يلي:

علاج الذهان

يعتمد علاج الذهان في المقام الأول على مجموعة من الأدوية تعد قادرة بدرجة ما على التحكم في الأعراض الذهانية المختلفة، مثل الهلوسة والتوهم أو صعوبة التفكير واتخاذ القرارات.

تعد مضادات الذهان هي الخيار المناسب في تلك الحالة، فما بين أدوية مثل هالدول وكلوزابين وأيضًا كلوربرومازين، تقل أعراض الاضطراب المزعج، إلا أن المريض لا يشفى بشكل كامل من خلالها.

يرى خبراء الصحة أن الدعم الأسري المقدم لمريض نوبات الذهان، يعتبر ضروريًا من أجل تحسين الحالة النفسية السيئة المرتبطة بهذه الأزمة، وكذلك لتحفيزه على تلقي العلاج الدوائي الضروري، حتى يتمكن المريض من الاستمرار والسعي في الحياة.

علاج الفصام

بينما يعد الفصام اضطرابًا عقليًا ذا قاعدة أكثر اتساعًا من الذهان، فإن علاجه يبدو أكثر تنوعًا أيضًا، وإن كان يتشابه أحيانا مع علاجات النوبات الذهانية، وهي مضادات الذهان القادرة على تقليل الهلاوس والأوهام، وكذلك مشاعر القلق والتوتر.

يعتمد الأطباء أيضًا على جلسات العلاج النفسي التي تساعد المريض على فهم طبيعة أزمته، ليبدو أكثر قدرة على تمييز الهلاوس والأوهام، وربما أكثر نجاحًا في تخطي عواقب المرض مثل الشعور باليأس وقلة الشغف.

تنقسم العلاجات النفسية إلى جلسات عدة، مثل العلاج السلوكي المعرفي والذي يدفع المريض لفهم سبب مروره بأعراض الاضطراب العقلي الخاص به، قبل أن يلزمه بتعديل طريقة تفكيره لأخرى أكثر منطقية.

كذلك توجد جلسات العلاج الفن، والتي تهدف إلى مساعدة المريض على التخلص من عبء أفكاره عبر بعض الفنون مثل الرسم، وخاصة مع صعوبة تحدثه عن أعراضه في بعض الأحيان، هذا بالإضافة إلى جلسات جماعية لأسرة المريض، بهدف إخبارهم بكيفية التعامل بالصورة الأمثل مع الفصام.

الفرق بين الذهان والفصام والاكتئاب

ربما يتشابه الذهان والفصام معًا من وجهة نظر الكثيرين، ولكن هل هناك علاقة بينهما وبين مرض الاكتئاب العادي؟

يرى الباحثون أن الاكتئاب المتسبب في معاناة المريض من الحزن الشديد والأسى وعدم الحماس تجاه نشاطات الحياة المتنوعة، لا يؤدي إلى تلك الهلاوس والأوهام المرتبطة بالفصام والذهان، ليبدو ذلك هو الفرق بين الذهان والفصام والاكتئاب من ناحية الأعراض.

يشير العلماء إلى الفرق بين الذهان والفصام والاكتئاب من ناحية أخرى تتعلق بقدرة المريض على التعامل مع أزمته، حيث تزداد فرص مريض الاكتئاب دومًا في التعبير عن مشاعره السلبية مقارنة بمريض الفصام أو الذهان، ليسهل ذلك من مهمة علاجه، مقارنة بمريض الشيزوفرينيا الذي لا يعرف كيفية القيام بالأمر من الأساس، ويبدو وجهه بلا أي علامات تدل على حزن أو فرح.

يتمثل الفرق بين الذهان والفصام والاكتئاب بصورة أكثر وضوحًا في فرص العلاج، فإن كانت النوبات الذهانية والشيزوفرينيا بشكل عام من الأمراض المزمنة التي لا يمكن للأطباء إلا السيطرة على أعراضها قدر المستطاع، فإن الشفاء من مرض الاكتئاب على الجانب الآخر يعتبر واردًا إن تلقى المريض الدعم النفسي والعلاجي المطلوب.

الفرق بين الاكتئاب الذهاني والفصام

الفرق بين الذهان والفصام
الفرق بين الاكتئاب الذهاني والفصام

إن كان الفرق بين الذهان والفصام والاكتئاب أصبح أكثر وضوحًا الآن، فإن الأمر يتطلب أيضًا إدراك هذا الفرق بين الاكتئاب الذهاني والفصام، والذي يكشف عن العلاقة بين هذا الاكتئاب شديد الخصوصية وبين الشيزوفرينيا.

المفهوم

يرى الخبراء والباحثون أن الاكتئاب الذهاني ببساطة، هو اضطراب ذهني يجمع بين أعراض كل من الاكتئاب السريري الشهير، والنوبات الذهانية التي سبق وأن تحدثنا عن علاماتها المؤكدة، فيما يعرف الفصام بأنه اضطراب عقلي يؤدي لظهور أعراض ذهانية كالهلوسة والتوهم علاوة على صعوبات التفكير.

الأعراض

تشمل أعراض الاكتئاب الذهاني إذن المرور بحالة دائمة من الحزن والألم وفقدان الأمل وعدم الرغبة في القيام بأي نشاط يذكر، إلى جانب اختبار تغيرات في الشهية والنوم وصعوبة التفكير أو اتخاذ القرارات وربما الوقوع تحت سيطرة الأفكار الانتحارية، فيما تزداد خطورة الأمر مع ظهور الأعراض الإضافية عن الاكتئاب العادي، والمعروفة باسم أعراض النوبات الذهانية والفصام، والتي تتمثل في الهلوسة والتوهم ومشكلات التحدث والتفكير والهياج.

توقيت النوبات

يؤكد الباحثون أن الفرق بين الاكتئاب الذهاني والفصام يتضح بالنظر إلى توقيت المعاناة من النوبات الذهانية، حيث ترتبط تلك الأعراض في حالة الاكتئاب الذهاني بالمزاج السيئ للشخص، فيما يمكن لتلك الأعراض الظهور في حالة الإصابة بالفصام في أي وقت، وحتى إن كان في مزاج عادي.

العلاج

أما عن العلاج فإن الفرق بين الاكتئاب الذهاني والفصام يصبح أكثر اتساعًا، فبينما يصبح مريض الشيزوفرينيا في حاجة دائمة للعلاجات الناجحة بدرجة أو بأخرى في التحكم في أعراض المرض وبصورة غير جذرية، فإن مريض الاكتئاب الذهاني يبدو أكثر قدرة على التعافي مع تلقي العلاج اللازم داخل المستشفيات، ولكن مع ضرورة المتابعة بصورة دائمة حتى لا تعود الأزمة من جديد.

في الختام، وبالنظر إلى الفرق بين الذهان والفصام وكذلك الاكتئاب والاكتئاب الذهاني، فإنه يبدو من المؤكد أن تلك الأزمات والاضطرابات العقلية والنفسية تحتاج دومًا إلى استشارة الطبيب المختص، والذي حتى إن عجز في الحالات الصعبة عن تقديم العلاج الجذري، فإنه قادر على وصف وسيلة التحكم في أعراض المرض.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى