ثقافة ومعرفة

كيف ربحت «التماسيح» أغرب المعارك في الحرب العالمية الثانية؟

كما نعلم، شارك في الحرب العالمية الثانية نحو 70 مليون جندي على أقل تقدير من إجمالي 54 دولة حول العالم، مقسّمة بين دول الحلفاء ودول المحور، لكن المثير أنّ المشاركة في هذه الحرب لم تقتصر على البشر، فكيف حدث ذلك؟

اليابان والحرب العالمية الثانية

بتعريفها كإحدى دول المحور في الحرب العالمية الثانية، كانت الإمبراطورية اليابانية تسعى لبسط نفوذها العسكري على الدول المحيطة، وكان من ضمن هذه الدول، المنطقة التي تعرف حاليًا باسم ميانمار، وتحديدًا جزيرة «رامري».

قبل ذلك، كان قد استولى الجيش الإمبراطوري الياباني على الجزيرة في أوائل عام 1942، أثناء غزو بورما، وفي يناير 1945، هبطت قوات الجيش الرابع عشر الياباني في رامري وجزيرة تشيدوبا المجاورة، لإنشاء مطارات لتزويد حملة البر الرئيسية.

اقرأ أيضًا: “نافاجو”.. وقصص نادرة عن الحرب العالمية الثانية

معركة جزيرة رامري

الحرب العالمية الثانية
معركة جزيرة رامري.

في ذلك الوقت، سعت القوات البريطانية إلى إنشاء قاعدة جوية في منطقة جزيرة رامري أيضًا، لكن لشن المزيد من الهجمات ضد اليابانيين، ومع سيطرة الآلاف من قوات اليابان على الجزيرة، بدأت حرب مرهقة بين الطرفين، استمرت لنحو 6 أسابيع كاملة.

خلال المعركة، نجحت قوات المشاة البحرية البريطانية برفقة لواء المشاة الهندي الـ36، في تقسيم صفوف الجنود اليابانيين، وعزل نحو 1000 جندي ياباني بجزيرة رامري، ما كان يعني بداهةً ضرورة استسلامهم للأمر الواقع، ورفع الراية البيضاء.

مع ذلك، قررت الوحدة المكونة من 1000 جندي ألا تستسلم، وفي محاولة لكسر هذا الحصار، اختار اليابانيون القيام برحلة طولها 8 أميال عبر مستنقع غابات «المنغروف».

ماذا حدث؟

على الجانب الآخر، كان البريطانيون يعلمون أن اليابانيين يفرّون هربًا عبر مستنقعات المنغروف، لكنهم تركوهم ليواجهوا مصيرهم، حيث إن التماسيح ستفتك بهم دون شكٍ، وهذا ما يعني أن تماسيح هذه الجزيرة شاركت بشكل ما في تثبيت أقدام القوات البريطانية، ومساعدتها في تحقيق نصر مهم، بإحدى معارك الحرب العالمية الثانية.

في الواقع، عاشت الوحدة اليابانية الهاربة أياما صعبة جدًا، حيث وضعهم قرار الهروب أمام حتمية مواجهة الغابات الكثيفة بما تحمله بداخلها من بعوض وعناكب وثعابين سامة وعقارب، إضافة إلى مواجهة الجفاف والمجاعة. بينما ظهرت التماسيح عندما توغل اليابانيون في المستنقع، لكن الأسوأ من ذلك، هو أن تماسيح المياه المالحة تنشط في الليل وتتفوق في اصطياد فريستها في الظلام.

«تعد تماسيح المياه المالحة أكبر الزواحف في العالم، حيث يصل طول عينات الذكور النموذجية إلى 17 قدمًا و1000 رطل، وأكبرها يمكن أن يصل إلى 23 قدمًا و2200 رطل، وتعيش في المستنقعات كموطن طبيعي».

طبقًا للجنود البريطانيين الذين شاركوا في معركة رامري، التي تعد أغرب معارك الحرب العالمية الثانية، هجمت التماسيح بشكل مكثف على الجنود اليابانيين فور دخولهم المستنقع، بينما كانت أبرز رواية مباشرة لما حدث تأتي من عالم الطبيعة بروس ستانلي رايت، الذي شارك في معركة جزيرة رامري.

كتب رايت: «كانت ليلة 19 فبراير 1945 أفظع ليالي الحرب العالمية الثانية، حيث تجمعت التماسيح، التي تنبهت بسبب ضجيج الحرب ورائحة الدماء، متيقظة من أجل الوجبة التالية، المتمثلة في الجنود الهاربين من جزيرة رامري، مع انحسار المد، تحركت التماسيح على القتلى والجرحى وغير المصابين من الرجال الذين غرقوا في الوحل».

من بين 1000 جندي دخلوا المستنقع في جزيرة رامري، نجا 480 فقط، وصنف كتاب «غينيس» للأرقام القياسية مذبحة جزيرة رامري على أنها أكبر هجوم تماسيح في التاريخ.

ومع ذلك، تختلف التقديرات حول عدد القتلى، حسب البريطانيين هناك 20 رجلاً خرجوا من المستنقع أحياء وتم أسرهم، بينما أخبر هؤلاء الجنود اليابانيون آسريهم عن التماسيح، لكن عدد الرجال الذين ماتوا في فوضى التماسيح لا يزال قيد المناقشة؛ لأنه لا أحد يعرف عدد القوات التي استسلمت للمرض أو الجفاف أو الجوع على عكس الافتراس.

اقرأ أيضًا: تجارة الشاي.. وكيف خدعت بريطانيا الصين للحصول عليه؟

استسلام الإمبراطورية اليابانية

الحرب العالمية الثانية
استسلام اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية.

بعد حادثة رامري بأشهر قليلة، وقعت الإمبراطورية على وثيقة استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحديدًا بعد تعرّض اليابان لهجوم أمريكي نووي، دمّر مدينتي هيروشيما وناجازاكي تمامًا.

طبقًا للرواية التقليدية، كان سبب استسلام اليابان هو الهجوم النووي، لكن حسب وجهة النظر اليابانية، لم تكن اليابان تضع الاستسلام كحل مطروح، على الأقل في وقت الهجوم النووي، لكنها كانت ترغب في إنهاء الحرب بأقل أضرار، إلا أن المشكلة كانت في خرق الاتحاد السوفييتي اتفاقية الحياد مع الإمبراطورية اليابانية، ما جعل الاستسلام أمرًا مفروغًا منه.

حسب المؤرخ الياباني تسويوشي هاسيغاوا، قنبلة هيروشيما كانت ضربة خطيرة في الجسد الياباني، لكنها لم تكن الضربة القاضية.

 

في النهاية، استسلام الإمبراطورية اليابانية وهزيمتها بالحرب العالمية الثانية ما هو إلا نتاج لعدد من الأحداث المتلاحقة، أهمها بالتأكيد الهجوم النووي، في حين أغربها كان مساعدة التماسيح لجنود المملكة البريطانية في الاستحواذ على جزيرة رامري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى