الصحة النفسية

الاكتئاب بعد الولادة (Postpartum Depression).. وهل يصيب الآباء أيضا؟

بعض الأمهات يكن أكثر عرضة إلى الاكتئاب بعد الولادة (Post­par­tum Depres­sion)، وبشكل خاص مع ولادة أول طفل؛ لأن مجيء الطفل إلى الحياة له أثر كبير على والديه، وبشكل خاص والدته، فيثير ميلاده بداخلها الكثير من المشاعر، منها: الفرح، الخوف، والشعور بالقلق؛ لهذا إليكِ في هذا الموضوع كل ما تحتاجين معرفته عن اكتئاب ما بعد الولادة.

الاكتئاب بعد الولادة (Postpartum Depression)

الاكتئاب بعد الولادة

اكتئاب ما بعد الولادة واحد من أخطر الأمراض التي تصيب الأمهات بعد الوضع، فغالبًا ما يبدأ خلال يومين أو 3 بعد الولادة، وقد يستمر لأكثر من أسبوعين متتاليين، كما بعض الأطباء يعدونه واحدًا من مضاعفات الحمل والولادة، وكلما حصلت الأم على المساعدة بشكل أسرع، استطاعت التغلب على أعراض المرض، استعادت حيويتها، نشاطها المعتاد، وممارستها أمومتها بالشكل الطبيعي.

اقرأ أيضًا: إفرازات الحمل الطبيعية.. متى تظهر وما أبرز أنواعها؟

أعراض اكتئاب النفاس

تختلف علامات الاكتئاب بعد الولادة من أم لأخرى، وكذلك تختلف في حدتها ما بين الأعراض الطفيفة إلى الأعراض الشديدة لدرجة تجعل الأم عاجزة عن العناية بطفلها، أو القيام بأية أنشطة يومية معتادة، تظهر هذه الأعراض بعد وقت قصير من الولادة، وقد تظهر في بعض الأحيان في وقت مبكر أكثر أثناء فترة الحمل، وقد تظهر متأخرة بعد مرور وقت طويل على الولادة، وفي حالات أخرى تستمر لعدة أشهر، أو أطول من ذلك في حال عدم الإسراع في علاجه.

  • انعدام الرغبة في الحياة، وعدم الاستمتاع بأي نشاط كان مُحببًا إليها في الماضي أي: شعور تام باللامبالاة.
  • تقلبات مزاجية حادة في كثير من الأحيان تصل إلى الانفعال الزائد عن حده.
  • البكاء بصورة مفرطة، والشعور بالصداع المستمر.
  • عدم الارتباط بالطفل المولود، عدم الرغبة في حمله، والاهتمام به.
  • الانعزال عن العائلة والأصدقاء، وتجنب أية تجمعات مع المحيطين بها.
  • تقلبات حادة في الشهية، سواء: فقدان الشهية بشكل كبير، أو تناول كميات كبيرة من الطعام.
  • المعاناة الكبيرة من الأرق، أو النوم لفترات طويلة جدًا.
  • الشعور بالتعب المستمر، أو انعدام الطاقة.
  • الشعور بانعدام القيمة، أو العجز، أو الشعور بالذنب بشكل مستمر.
  • فقدان التركيز، عدم القدرة على التفكير بشكل واضح، والنسيان بشكل متكرر.
  • قد تُصاب الأم أحيانًا بنوبات من القلق، والهلع.
  • التفكير في الموت، والانتحار بصورة متكررة.
  • قد تصل خطورة المرض إلى حد إيذاء نفسها، وطفلها.

هل يُصاب الآباء باكتئاب ما بعد الولادة؟

اكتئاب الآباء بعد الولادة

يُطلق عليه الاكتئاب الأبوي بعد الولادة، فمن الممكن جدًا أن يُصاب الآباء بالاكتئاب بعد الولادة مثل الأمهات تمامًا، وتكون لديهم نفس الأعراض بالضبط، خاصة: التعب الشديد، الإرهاق، القلق الزائد، والنوم لفترات طويلة، يصاب بهذا النوع من الاكتئاب الشباب الذين يعانون من مشكلات في حياتهم الزوجية، أو يعانون من مشكلات مادية.

يعد أشهر سبب لإصابة الأب بالاكتئاب هو: تحول كل اهتمام زوجته تجاه طفلهما، وإهمالها لحياتهما معًا دون الانتباه لمشاعر زوجها، وتأثير المسؤولية الجديدة عليه؛ لذلك إذا كنت أبًا لأول مرة، أو أبًا لمولود جديد، وتشعر بالحزن، أو القلق أثناء حمل زوجتك، أو بعد ولادتها، تحدث إلى طبيب نفسي، أو اختصاصي رعاية نفسية؛ كي تحصل على الدعم والعلاج المناسبين، كذلك تفيد الجلسات العلاجية التي تجمع بين الزوجين؛ لمناقشة أفكارهما سويًا.

متى يجب اللجوء لطبيب نفسي؟

تستحي كثير من النساء من الإفصاح عن مشاعرهن الحزينة والسلبية بعد فترة الولادة، إلا أنه من المهم أن تتصلي بطبيب نفسي لتحديد موعد؛ كي تحصلي على مساعدة فورية تمكنك من الرجوع إلى مسار حياتك الطبيعي حتى تعيشي تجربة الأمومة الرائعة، ولا تخجلي أبدًا من الخضوع للعلاج النفسي، خاصة إذا كانت أعراض الاكتئاب مستمرة لأكثر من أسبوعين، أو كلما مرت الأيام زادت الأعراض سوءًا، أو بات من الصعب عليكِ الاهتمام بطفلكِ المولود حديثًا، أو دارت بداخلكِ أفكار عن الانتحار، أو إيذاء الطفل.

عليكِ طلب المساعدة من شريك حياتك، أو أحد من عائلتك، أو صديق مقرب لكِ، أو أي شخص عزيز؛ للرعاية بطفلكِ، واصطحابكِ للطبيب بشكل فوري، أو إذا كنتِ بمفردكِ اتصلي بالخط الساخن سريعًا.

أسباب الاكتئاب بعد الولادة

اسباب الاكتئابة بعد الولادة

لا يوجد سبب معين يمكن أن يُعول عليه في مشكلة الإصابة بمرض اكتئاب النفاس أي: مثل أي مرض نفسي ليس له سبب يتفق عليه الأطباء ويمكن علاجه، إلا أن هناك بعض المشكلات الجسدية، والمشكلات الانفعالية العاطفية لها دور كبير في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.

اقرأ أيضًا: مخاطر الولادة في الماء.. وهل تسبب غرق الطفل؟

المشكلات الجسدية والبدنية

بعد الولادة يخضع الجسم لكثير من التغيرات الهرمونية، حيث يحدث انخفاض كبير في هرموني: الاستروجين، والبروجيسترون، وكذلك قد يحدث انخفاض ملحوظ في هرمونات الغدة الدرقية؛ مما يتسبب بشكل أو بآخر بإصابة الأم بمجموعة من أعراض اكتئاب بعد الولادة، وشعورها بالخمول، والإرهاق.

المشكلات الانفعالية العاطفية

الشعور بالقلق خلال فترة الحمل عن مدى امتلاك الأم القدرة على العناية بالمولود الجديد، مع الحرمان المتكرر من النوم، ووجود الكثير من المهام التي على الأم القيام بها، وكذلك الشعور بالصراع تجاه تغير أسلوب الحياة جميعها عوامل تساهم في زيادة خطورة الإصابة بأعراض اكتئاب ما بعد الولادة.

عوامل الخطورة المرتبطة بأعراض اكتئاب النفاس

ليس شرطًا أن تعاني الأم من الاكتئاب بعد ولادة طفلها الأول، وإنما من الوارد جدًا أن تعاني منه عند ولادتها لأي طفل من أطفالها؛ فهو يحتاج إلى بعض العوامل، والظروف التي تؤدي للإصابة به، إلا أن احتمالية إصابتها بالمرض تزيد مع:

  • امتلاك الأم لتاريخ مرضي من مرض الاكتئاب سواء كان في فترة الحمل، أو قبل ذلك.
  • تاريخ مرضي سابق يؤكد وجود معاناة الأم من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة.
  • مرض الأم باضطراب ثنائي القطب (Bipo­lar Disease).
  • امتلاك الأم لتاريخ عائلي حافل لمرض الاكتئاب، أو أي اضطراب نفسي آخر.
  • مرور الأم بمرحلة حمل صعبة مرهقة جسديًا ومعنويًا، بل ومعاناتها من مضاعفات كثيرة تؤثر على: صحتها، وحالتها العامة.
  • مرض طفلها المولود بمشكلة صحية خطيرة لا شفاء منها، أو قد تسبب له الوفاة.
  • ولادة الأم لأكثر من طفل سواء توأم، أو 3 أطفال، بحيث يكون من الصعب عليها رعايتهم.
  • تعرض الأم لمشكلات كثيرة مع شريكها، أو فقدان عملها، أو فقدان شخص عزيز خلال فترة حملها.
  • حدوث حمل غير مرغوب به، أو مخطط له.
  • مرور العائلة بضائقة مادية تصعب عليهم الاعتناء بطفلهم.

مضاعفات الاكتئاب بعد الولادة

قد لا تمر أعراض اكتئاب ما بعد الولادة مرور الكرام، بل إنه من الوارد جدًا أن تُصاب الأم ببعض المضاعفات التي تؤثر على شكل حياتها وحياة أسرتها في المستقبل بشكل كبير، حيث إن من أهم هذه المضاعفات:

  • إصابة الأم باكتئاب مزمن يستمر معها لسنوات طويلة رغم خضوعها للعلاج الدوائي، والنفسي.
  • زيادة احتمال إصابة الرضيع بالاكتئاب خلال سنوات طفولته؛ مما يُصاب بمشكلات في النمو، وفي النطق، وكذلك البكاء بشكلٍ مفرط.
  • تواجه الأم صعوبات في: النوم، وتناول الطعام.
  • الآباء قد لا يعانون من مضاعفات خطيرة، إلا أن الشعور الدائم بالضغط العاطفي، والشعور بالقلق من المسؤولية الجديدة الخاصة بالمولود.

طرق الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة

اكتئاب بعد الولادة يحتاج من كل أم أن تكون على معرفة شاملة به، ليس فقط بالأعراض التي يسببها، والعوامل المؤدية للإصابة به، بل إنها بحاجة إلى معرفة طرق الوقاية؛ حتى تستطيع تجنب الإصابة به، حيث يمكن الوقاية منه من خلال:

  • استشارة طبيب نفسي خلال فترة الحمل، ومراقبة النفس جيدًا؛ لمعرفة إذا ظهرت أية أعراض اكتئاب بعد الولادة أم لا.
  • حضور مجموعات الدعم النفسي خلال فترة الحمل، وذلك لمشاركة الأفكار، والمشاعر مع الآخرين؛ مما يساعد في التخلص من الشعور بالحزن.
  • الخضوع للكشف الطبي الجسدي، والنفسي بعد الولادة، وذلك لاكتشاف المرض في بدايته، ومنعه من التطور.
  • الخضوع للعلاج النفسي بشكل سريع، ومباشر فورًا بمجرد اكتشاف أعراض المرض، أو شخّصه الطبيب.

اقرأ أيضًا: كيف تتخلصين من ترهلات البطن بعد الولادة؟

تشخيص أعراض اكتئاب بعد الولادة

تشخيص اعراض اكتئاب بعد الولادة

تشخيص أعراض الاكتئاب بعد الوضع يحتاج بشكل ضروري إلى طبيب نفسي يتحدث مع الأم بشكل تفصيلي حول: مشاعرها بعد الولادة، أفكارها تجاه نفسها، وطفلها، ومحاولة تقييم الحالة العقلية للأم، وتشجيع الأم على ملء استبيان تشخيص لمرض الاكتئاب.

لا بد أن يقوم الطبيب بالفحص الجسدي للأم جيدًا، وذلك حتى يتمكن من اكتشاف أي مشكلة جسدية قد تكون هي السبب الرئيس في إصابة الأم بأعراض اكتئاب بعد الولادة، كذلك لا بد من أن يطلب الطبيب اختبارات الدم المختلفة، وبشكل خاص اختبار هرمون الغدة الدرقية، واختبارات المخدرات؛ لاستبعاد أية أسباب أخرى للمرض.

طرق العلاج

رغم أن هذا النوع من الاكتئاب قد يختفى بمفرده بعد مرور عدة أيام، أو بالكثير أسبوعين، إلا أن بعض الأمهات تحتاج إلى جلسات علاج نفسي، وأخذ أدوية طبية؛ للتخفيف من حدة المرض لديهن.

العلاج النفسي

التحدث مع الطبيب، أو اختصاصي صحة نفسية عن المشكلة التي تواجهها، ومحاولة الوصول لأفضل طريقة للتعامل مع مشاعرها، ووضع أهداف بسيطة تساعدها في التعامل مع الاكتئاب، وتأثيره على حياتها، وهذه الطريقة تُعرف بالعلاج المعرفي السلوكي (Cog­ni­tive Behav­ioral Therapy).

العلاج بمضادات الاكتئاب

رغم أن مضادات الاكتئاب تنتقل بشكل رئيس إلى حليب الأم، إلا أنها لا تسبب أية آثار جانبية على الطفل؛ لهذا يوصي الأطباء المرضى بتناول هذه الأدوية لعلاج الاكتئاب، لكن تحت الإشراف الطبي؛ لتجنب الإصابة بأية أعراض جانبية من الأدوية.

تعمل هذه الأدوية على إعادة إفراز مركبين كيميائيين أساسيين، وهما: السيروتونين (sero­tonin والمسمّى أيضًا (5HT)، والنورأدرينالين (nora­dren­a­line)، وهما المسؤولان عن تحسين الحالة المزاجية للأم، كما أنهما يعدان أدوية آمنة نسبيًا، لكن يُتطلب إشراف طبي عند التوقف عن تناولهما.

العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)

إذا كانت الأم تعاني من حالة اكتئاب شديدة لا يمكن علاجها بالأدوية، أو بالعلاج النفسي، فمن الممكن أن تخضع العلاج بالصدمات الكهربائية التي تعمل على إعادة توازن كيمياء الدماغ، وذلك من خلال إحداث نوبة كهربائية في المخ.

نصائح للتخلص من الاكتئاب بعد الولادة

نصائح التخلص من أعراض الاكتئاب بعد الولادة

أي مرض نفسي يحتاج إلى بذل مجهود كبير من الشخص سواء من خلال: استشارة الطبيب، أو الخضوع للعلاج النفسي، أو تحسين أسلوب الحياة، وجميع تلك الأمور تحتاج إلى عزيمة كبيرة، وإرادة قوية؛ كي تستطيع الأم تخطي هذه المحنة دون أية مضاعفات؛ ولذلك إليكِ بعض النصائح المهمة:

  • حاولي الاسترخاء قدر الإمكان.
  • اطلبي الدعم من المحيطين بكِ، خاصة أسرتكِ، وأصدقاءكِ المقربين.
  • استمعي لتجارب الأمهات الآخرين، خاصة السيدات حديثي الولادة.
  • تجنبي التدخين، وتناول أية مشروبات كحولية، أو أية مواد مخدرة خلال فترة الحمل، أو بعد الولادة.
  • اتبعي نظامًا صحيًّا متوازنًا من خلال تناول أطعمة صحية مفيدة، وممارسة رياضة تساعد على تفريغ المشاعر السلبية، مثل: رياضة المشي.
  • قومي بتنظيم نومكِ جيدًا، واستعيني بمتخصص؛ كي يساعدكِ في تنظيم نوم طفلكِ مما لا يعرضكِ للأرق.
  • ابتعدي عن أية مسببات للضغط النفسي.
  • اطلبي من شريككِ أن يساعدكِ في العناية بطفلكما، ومساعدتكِ في أعمال المنزل.
  • مارسي هواياتك المفضلة في وقت مخصص لكِ وحدكِ؛ حتى تنعمي بقليل من الهدوء، والسلام الداخلي.
  • قومي بقضاء أوقات مع عائلتكِ، وأصدقائكِ للترفيه عن نفسك.
  • حاولي تعلم أساليب جديدة، وسهلة للعناية بطفلة دون بذل مجهود كبير، والشعور بالضغط النفسي.

اقرأ أيضًا حمى النفاس.. ومخاطر عدوى ما بعد الولادة

مشكلات نفسية أخرى قد تحدث بعد الولادة

هناك الكثير من المشكلات النفسية التي تصاحب ظهور مرض الاكتئاب لدى الأمهات بعد الولادة، وتكون ذات تأثير كبير على الصحة النفسية للأم، وهي تحتاج إلى تدخل سريع للطبيب النفسي؛ لتقييم حالة الأم، وتقرير ما إذا كان يجب أن تخضع للعلاج أم لا، وهذه الأمراض مثل:

بلوز الرضيع (Baby blues)

هو اضطراب نفسي عابر يصيب الأم خلال اليوم الثالث، أو الرابع بعد الولادة، ويكون عبارة عن رغبة مُلحة في البكاء، والرغبة في الانعزال، وانخفاض نسبة الثقة بالنفس، إلا أن هذا الاضطراب يزول خلال عدة أيام قليلة، وتعود الأم إلى حالتها الطبيعية.

ذهان ما بعد الولادة (postpartum Psychosis)

هي حالة نفسية حادة تدعو إلى القلق، وتحتاج إلى تدخل، سريع، حيث تعاني الأم من التقلبات المزاجية الحادة، الهلاوس السمعية، والبصرية، أو الإيمان بمعتقدات غريبة على الشخص، هذه الحالة تحتاج إلى دخول الأم إلى مصحة نفسية؛ لاستعادة توازنها الطبيعي.

الاكتئاب بعد الولادة يعد اضطرابًا منتشرًا للغاية بين الأمهات، خاصة بعد الولادة الأولى؛ لهذا فإن كل أم تحتاج إلى دعم نفسي قوي بعد وضعها لطفلها؛ حتى تستطيع تجنب الإصابة به، كذلك مساعدتها في العناية بطفلها، وتقديم النصائح المهمة عن كيفية الاهتمام بالطفل في أيامه الأولى قد يساعدها في التخلص من حالة الحزن، والاكتئاب التي قد تصيبها.

المصادر:

ويب ميد.

وامينز هيلث.

مارش أوف دايمز.

ويكيبيديا.

زر الذهاب إلى الأعلى