عجائب

حدثت بالفعل.. القصة العجيبة للمراهق الغامض كاسبر هاوزر

فوجئ سكان مدينة نورنبرج الألمانية بين ليلة وضحاها، بمراهق بينهم لا يعرفه أحد، يطوف البلاد وحيدا وينطق بكلام أغلبه غير مفهوم، ما أثار الغموض حول قصة هذا الشاب الصغير الذي يدعى كاسبر هاوزر، والذي ظلت قصته مثارًا للجدل الواسع عبر التاريخ وإلى الآن.

الظهور الأول

حدثت بالفعل.. القصة العجيبة للمراهق الغامض كاسبر هاوزر

ظهر كاسبر في مدينة نورنبرج للمرة الأولى، في الـ26 من مايو لعام 1828، حيث كان مراهقا لا يتجاوز الـ16 عاما، إلا أنه كان غير قادر على إطالة الحديث مع من حوله من البشر، فقط كان يكرر وظيفة والده وهي ضابط للفرسان، ويشير إلى أنه يرغب في أن يكون مثله.

بدأ كاسبر بمرور الوقت في سرد قصته العجيبة، والتي قال فيها إنه بقي حبيسا لسنوات طويلة لا يعرف عددها بالتحديد بداخل زنزانة مظلمة، وبواسطة شخص لا يعرف أيضا من هو، حيث كان يقدم له الخبز بصفة مستمرة، علاوة على المياه، بطانية صوف، العاب صغيرة تمثلت في أحصنة خشبية وكلب.

تأثر السكان المحليون برواية كاسبر، حيث قام على إثرها المدرس، جورج داومر، بتوفير الرعاية اللازمة للمراهق المسكين، فعلمه القراءة والكتابة وكذلك الرسم، الذي أظهر كاسبر من خلاله موهبة طبيعية لا يمكن الاختلاف عليها، حتى ظهرت للقصة جوانب أخرى أكثر غرابة.

عودة الخطر مع رسالة

حدثت بالفعل.. القصة العجيبة للمراهق الغامض كاسبر هاوزر

مرت فترة من الوقت، وصلت لنحو عام ونصف، أمضاها كاسبر في هدوء بمنزل المعلم داومر، حتى جاء يوم أكد فيه كاسبر أن الرجل الذي احتجزه من قبل، قد عاد من جديد، موضحا: «هاجمني بشفرة حلاقة، ثم هددني بالقتل إن لم أترك مدينة نورنبرج»، لاحقا تعرض كاسبر لحادث إطلاق رصاص لم يعرف مصدره، أدى لإصابة الشاب الصغير بجرح لكنه لم يتسبب في وفاته.

بالرغم من تأثر البعض بروايات كاسبر، إلا أن الكثير من سكان نورنبرج قد افترضوا كذب تلك القصص، في إشارة إلى قيام كاسبر بفبركتها من أجل لفت الانتباه، وأنه جرح نفسه بنفسه ليظل محط اهتمام السكان المحليين طوال الوقت، إلا أن الأمور لم تظل على حالها كثيرا، مع وقوع الحادث الأخير الذي أنهى رحلة كاسبر العجيبة.

حدثت بالفعل.. القصة العجيبة للمراهق الغامض كاسبر هاوزر

في إحدى ليالي ديسمبر الشتوية من سنة 1833، عاد كاسبر الذي تجاوز الـ20 من عمره لمنزله، وهو مصاب بجرح خطير في الصدر، مشيرا إلى أن رجل غريب طعنه في صدره وفر هاربا، قبل أن يترك بجانبه حقيبة تحتوي على رسالة غامضة، تتطلب قراءتها وضعها أمام المرآة لفهم معناها.

اشتملت الرسالة على كلمات غامضة، حيث يقول كاتبها: «من الممكن أن يقول لكم كاسبر من أنا ومن أين جئت، إلا أنني سأوفر عليه الوقت وأحكي، لقد جئت من الحدود البافارية عبر النهر، سأقول لكم حتى اسمي وهو M.L.O».

موت كاسبر وسره

حدثت بالفعل.. القصة العجيبة للمراهق الغامض كاسبر هاوزر

توفي كاسبر على اثر الطعنات النافذة التي تلقاها في صدره، بعد هذا الحادث بـ3 أيام فقط، الأمر الذي لم ينته معه الحديث عن غرابة حياة كاسبر، حيث تمسك البعض برأيه في كونه هو من ألف كل تلك القصص والوقائع التي أحاطت به، مستندين إلى أن طريقة كتابة الرسالة تشبه كثيرا اسلوب كتابة كاسبر، بل إنه طالما أخطأ بنفس الأخطاء اللغوية الموجودة بالرسالة المذكورة، مع الإشارة إلى أنه لم يرغب في قتل نفسه، فقط هو أخطأ بزيادة حدة الطعنة تلك المرة.

ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، حين أكدوا أن غموض قصة كاسبر، يعود إلى كونه ابنا شرعيا لعائلة أميرية، تسببت الخلافات في ابتعاده عن أسرته، إلا أن تحليل الحمض النووي الذي أجري في عام 1996، على عينة دم لكاسبر، أثبت عدم مطابقة الحمض النووي له مع تلك الأسرة العريقة، ما نسف فكرة انتماء الشاب الراحل لعائلة أميرية في ألمانيا.

في النهاية، مرت سنوات وقرون على حياة كاسبر المثيرة للجدل، إلا أن غموض تفاصيلها مازال يشغل بال البعض، فيما يبدو وأن الكلمات المكتوبة على قبره بمدينة آنسباخ الألمانية تلخص كل شيء عنه، فتقول: «هنا يرقد كاسبر هاوزر، اللغز في زمنه، والغامض في وفاته».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى