شائع

استنساخ الماموث.. استحالة علمية أم معضلة أخلاقية؟

تعتبر تجارة العاج الخاص بالماموث مسموحةً قانونيًا باليابان، مقارنةً بتجارة أنياب الأفيال التي تُعد مجرمةً، لذلك يكثف السكان المحليون مجهوداتهم للبحث عن آثار الماموث التي تظهر عند ذوبان الجليد بسيبيريا بين الحين والآخر، بغية التجارة بها.

وطبقًا للبروفيسور أدريان ليستر، من متحف التاريخ الطبيعي، فقد عثر صيادو الأنياب هؤلاء على عدد من جثث الماموث خلال الفترة ما بين 2005 و2010، يقارب العدد الذي تم العثور عليه بالـ50 سنة التي سبقتها، ويرجع ذلك للذوبان الجليدي نتيجة الاحتباس الحراري.

في 2010، أعلنت اليابان العثور عن أنثى ماموث تعود حياتها لـ39 ألف عام مضت، بالقرب من ساحل أويوجوس تحديدًا عند بلدة يوكاجير، والتي تم اشتقاق اسم الماموث منها، لتعرف باسم يوكا.

اكتشاف فريد

بإجراء أبحاث مكثفة على الماموث الذي تم الإعلان عن العثور عنه، وُجد أنه أنثى انتهت حياتها حين كانت تبلغ من العمر ما بين الـ6 والـ11 عامًا، إلا أنها ظلّت محنطةً داخل الجليد في حالة جيدة.

وفقًا للباحث سيمون جريجوريف، فإن يوكا سقطت رأسًا داخل الماء قبل آلاف الأعوام، ولم تستطع النجاة بحياتها، وهذا ما يفسر بقاء كل أنسجتها، وأعضائها باستثناء بعض أجزاء من القدم، لأنه بحسب التقديرات، كان ذلك هو الجزء الظاهر من الجثة، الذي لربما تعرض للهجوم من بعض المفترسات على مدار السنين.

وبما أن يوكا ظلت في وضع تجمُّد ‑لم ينقطع- استطاع فريق البحث أن يحصل على عينة من دم الماموث، الذي يعتقد أنه أيضًا يحمل بداخله مضادات طبيعية للتجمد.

بعد امتلاك فريق البحث عينة من دم الماموث، وكما المعتاد، تمت مناقشة مدى جدوى محاولة استنساخ الماموث مجددًا، وإعادته للحياة بعدما انقرض قبل حوالي 10 آلاف عام كاملة، وتأكيدًا على ذلك السعي، تم نقل العينات التي تم الحصول عليها إلى خبير الاستنساخ الكوري هوانج هوو سوك، الذي يمتلك تاريخًا من محولات الاستنساخ للكائنات المنقرضة، كان آخرها استنساخه نوعا من الكلاب عام 2005.

هل يجب أن نعيد إحياء الماموث؟

هنالك رغبة حثيثة لدى المجتمع العلمي عمومًا لإعادة إحياء الأنواع المنقرضة إذا ما أتيحت الفرصة، وهذا ما أكده جريجوريف حين قال: «هذا الاكتشاف تحديدًا، يمنحنا فرصة عظيمة لإيجاد الخلايا الحية، والتي بدورها تجعلنا قادرين بشكل ما على تنفيذ مشروع استنساخ الماموث».

بينما اعترض البروفيسور أدريان ليستر على ذلك، معبرًا عن شكوك لديه، فقال: «لا أعتقد أن محاولات الاستنساخ تلك مُجدية». 

ما بين هذا الرأي وذاك، يجب أن نسأل عددا من الأسئلة المنطقية، الأول هو هل يستطيع الإنسان استنساخ الماموث بالفعل، والثاني هو ما مدى جدوى فعل ذلك من الأساس؟

يرى مايكل هوفيرتير، عالم الأحياء بجامعة يورك، أن هنالك طريقتين لا ثالثة لهما يمكن للعلماء استنساخ الماموث عبرهما.

الطريقة الأولى هي الأكثر مباشرة، عبر تكثيف البحث عن جثث مشابهة داخل القطبين، بغية إيجاد واحدة ما زالت تحتفظ بنواة تحمل الجينوم الخاص بها كاملا بداخلها، إذا حدث ذلك، آنذاك يمكن للعلماء تنفيذ تكنيكات الاستنساخ العادية بوضع هذه النواة داخل جنين، ثم وضعه داخل أنثى فيل، من ثم الانتظار حتى يولد ماموث بشكل طبيعي، لكن هذا الطرح يبدو مستحيلا، لأن الحمض النووي لهذه الكائنات قد أصابه تدهور دون شك، لأنها قد انقرضت منذ آلاف السنين.

الطريقة الثانية هي الأكثر تعقيدًا، حيث يمكن أن يحصل العلماء على بقايا الحمض النووي المتوفرة، ثم بناء خريطة الجينوم من الألف للياء، كما يحدث أحيانًا مع الفئران المحوّرة جينيًا، بعد ذلك يتم وضع الجينوم المُصنع داخل جنين فيل آسيوي، الذي يعتبر أقرب الأنواع للماموث.

هذه الطريقة تستلزم الكثير من الوقت، لأن استبدال الحمض النووي الخاص بالفيل الآسيوي بآخر للماموث، لن ينجح من المرّة الأولى، لكن هي عبارة عن سلسلة من العمليات التي يمكن أن تكلل في نهايتها بالنجاح أو الفشل.

بنفس الصدد شدد ليستر على أن هذه المحاولات تبدو غير منطقية على الإطلاق، فمن منطلق أخلاقي، وعلى أفضل الفروض سينجح العلماء باستنساخ ماموث أو اثنين، بالتالي سيتم وضعهم داخل أقفاص مؤمنة بالسلاح للحفاظ عليهم بالتأكيد، وهذا ما يتعارض مع طبيعة هذا الكائن الذي يعد من الكائنات الاجتماعية التي تفضل العيش بمجموعات كبيرة.

أخيرًا ترك ليستر السبب الأكثر منطقية لرفضه حين صرّح لصحيفة جارديان قائلا: «لا يجب علينا صرف الأموال على كائنات منقرضة بالفعل، لكن الأفضل أن نفعل ذلك للحفاظ على شركائنا الحاليين الذين يعاني بعضهم من الوقوف على حافة الانقراض».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى