شجرة الانبياء والرسل بالترتيب .. والفرق بين النبي الرسول، أرسل الله تعالى الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين للناس، حيث تختلف مهماتهم ولكن هدفهم واحد وهو عبادة الله الواحد، وتتمثل هذه المهمات في دعوة الناس لعبادة الله الواحد الأحد وترك الأصنام والوثنية، والتمسك بالأخلاق الحميدة، وقد جاء ذكر بعضهم في القرآن الكريم والبعض الآخر لم يُذكر، ونحن كأمة الإسلام نؤمن بأن الله أرسل في كل أمة رسولا؛ قال تعالى: «وإن من أمة إلا خلا فيها نذير»، وقال تعالى: «ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت».
ولا شك أن إرسال الأنبياء والرسل دلالة واضحة وعلامة وبرهان مبين على أن الله سبحانه وتعالى رحيم بأمته، وذلك لأن من رحمته بعباده أنه سبحانه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول؛ قال تعالى: «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا»، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم عدد الأنبياء وعدد الرسل جملة؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: (ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا)، وفي رواية: قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله، كم وفاء عدد الأنبياء؟ قال: (مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا).
الأنبياء الوارد ذكرهم في القرآن
وقد ورد ذكر خمسة وعشرين نبيا ورسولا في القرآن الكريم، ذكر منهم في سورة الأنعام ثمانية عشر، والباقي في سور متفرقة، وهم: آدم، وهود وصالح، وشعيب، وإدريس، وذو الكفل، ومحمد، صلى الله عليهم أجمعين.
قال تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا)، وقال تعالى: (وإلى عاد أخاهم هودا ..)، وقال تعالى: (وإلى ثمود أخاهم صالحا)، وقال تعالى: (وإلى مدين أخاهم شعيبا)، وقال: تعالى: ( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل)، وأما الثمانية عشر الذين ذكروا في سورة الأنعام فقال تعالى: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين* وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين)، ومن هؤلاء الخمسة والعشرين أربعة من العرب وهم: هود وصالح وشعيب ومحمد صلى الله عليهم أجمعين، ففي صحيح ابن حبان عن أبي ذر مرفوعا: «منهم أربعة من العرب: هود وصالح وشعيب، ونبيك يا أبا ذر».
الأنبياء الوارد ذكرهم في السنة النبوية
وقد نصت السنة المطهرة على أسماء أنبياء لم يذكروا في القرآن الكريم وهم شيث: قال ابن كثير: (وكان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر مرفوعا أنه أنزل عليه خمسون صحيفة).
ويوشع بن نون: ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غزا نبي من الأنبياء، فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئا» والذي دل على أن هذا النبي هو يوشع بن نون فتى موسى، قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس لم تحبس إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس».
وقد اختلف في ثلاثة ممن ورد ذكرهم في القرآن الكريم هل هم أنبياء أم لا؟ وهم ذو القرنين، وتبع، والخضر، فذهب طائفة من أهل العلم إلى أن ذا القرنين نبي من الأنبياء، وكذلك تبع، والأولى أن يتوقف في إثبات النبوة لهما، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أدري تبع أنبيا كان أم لا؟ وما أدري ذو القرنين أنبيا كان أم لا؟»، وأما الخضر فالراجح أنه نبي لقوله تعالى: في آخر قصته: (وما فعلته عن أمري) أي أنه قد أوحى إليه فيه.
شجرة الانبياء والرسل بالترتيب
وأتت شجرة الأنبياء بالترتيب على النحو التالي:
- أبو البشر وهو آدم عليه السلام ولقد أحياه الله تعالى لألف عام.
- شيث بن آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس وقد أحياه الله تعالى 856 عاما.
- سيدنا نوح وقد لبث في قومه ألف عام إلاّ خمسين.
- سيّدنا هود وقد لبث بقومه 446 عااً.
- سيدنا صالح لم يرد فترة مكوثه بقومه.
- أبو الأنبياء أو خليل الله سيدنا إبراهيم، وقد لبث بين قومه 137 عاما.
- سيدنا لوط وقد ذكرت قصته تفصيليا في كتاب الله تعالى ولم يرد فيها فترة مكوثه بقومه.
- شعيب عليه السلام .
- ذبيح الله سيدنا إسماعيل وقد لبث 137 عاما.
- إسحاق عليه السلام
- المنسوب إلى بني إسرائيل سيدنا يعقوب ولقد عاش بين قومه 147 عاما.
- أمّا عن سيدنا يوسف فلقد لبث بين قومه 110 عام.
- أيوب عليه السلام.
- ذو الكفل لم نعرف كم لبث.
- يونس عليه السلام.
- ابن عمران وكليم الله سيدنا موسى لم يذكر فترة مكوثه بين قومه.
- هارون أخ لموسى وقد مكث بين قومه 122 عام.
- إلياس ولم يُذكر فترة مكوثه.
- اليسع.
- سيدنا داود الذي استمر ملكه 40 عاما ومكث في الدنيا 100 عام.
- ابن داود سيدنا سليمان وكان عمره 52 عا.
- زكريا المتكفل بالسيدة مريم ومكث بالقوم 150 عا قبل أن يُنشر بالمنشار.
- يحيى عليه السلام.
- روح الله سيّدنا عيسى عليه السلام، وقد عاش على الأرض قبل أن يرفعه الله تعالى له 33 عا.
- خاتم النبيين والمُرسلين سيدنا محمد التي أتت رسالته للناس عامة وقد عاش بين قومه 63 عا.
الفرق بين النبي والرسول
على الرغم من وضوح الفرق بين النبي والرسول إلا أن عدد كبير من الناس لا يعلم الفرق بينهم، وبالرغم من أن الله أرسل الكثير من الأنبياء والرسل إلا إنه في كتابه العظيم لم يقص علينا سوى البعض منهم، تبعًا لقوله تعالى ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر (78) لذلك نوضح شجرة الأنبياء بالترتيب والفرق بين النبي والرسول
لكن في النهاية سواء كان رسولًا أو نبي أرسله الله فـ غايته هي إرشاد الناس لعبادة الله تعالى، ويكمن الفرق بين النبي والرسول الجوهري بين الرسول والنبي في الاختصاص الشرعي الذي أُرسَل له وهو ما ورد عن النبي محمد صل الله عليه وسلم في توضيح الفرق بين النبي والرسول، حيث أن الرسول هو (من قد جاء له وحي بالشرع وأُمِر من الله بتبليغه) وأما النبي هو (من أُنزِل عليه الوحي ولكنه لم يؤمر بالتبليغ، قياسًا على هذا فإن كل رسول نبي، ولكن ليس كل نبي رسول)
أوضح عدد كبير من الفقهاء والعلماء في الدين أن النبي يشترك مع الرسول فيما يتعلق بـ تبليغ الرسالة، وفي القرآن الكريم لم نجد تفريقًا واضحًا أشار الله عنه بين النبي والرسول، النبي هو الشخص الذي تم إرساله لكي يُقرر شريعة أنزلها الله على رسول قبله، لذلك نجد أن الأنبياء الذين أرسلهم الله جميعًا إلى بني إسرائيل قد جاؤوا بما تنص عليه شريعة نبي ورسول الله موسى عليه السلام وقد أقروا رسالته كما جاءت.
نرى بعد ذلك في الأمم التالية أن الله قد أرسل لهم رسول جديد لديه شريعة أخرى وشرع مختلف وجديد عن ما سبقه من شرائع سماوية أنزلها الله، حتى وإن اتفقت جميعها على رسالتها الأسمى وهي عبادة الله وحده ولكن في شرائعها الخاصة بها اختلفت فيما بينها.
ترتيب الرسل والأنبياء
تعددت الرُسل والأنبياء الذين أرسلهم الله لعباده على مدار حضارات وسنوات وعصور سميت بـ شجرة الأنبياء من آدم إلى محمد وكان الهدف من إرسالهم دائمًا هو إرشاد الناس إلى طريق الله لذلك هناك ترتيب الرسل والأنبياء وأول الأنبياء هو أبو البشر نبي الله آدم عليه السلام، خلق الله سيدنا آدم وخلق من ضلعه زوجه وهي حواء وأسكنهما في الجنة مُنعميين ومُترفيين، إلى أن وسوس إليهم الشيطان أن يأكلوا من شجرة قد حرمها الله عليهم.
نتيجة لفعلتهم هذه أمر الله بأن يهبطوا إلى الأرض، ثم ندم نبي الله آدم على فعلته وتاب إلى الله وقبل الله توبته وجعله خليفة له في الأرض يُعمِرها ويُسكِنها وينشر دعوة الله للناس ويأمرهم بالتوجه إلى عبادة الله وترك ما هو دون الله.
كانت هذه محل كيد وقهر للشيطان لأنه منذ بداية خلق آدم عليه السلام يحقد عليه ويستكبر وجوده مُختال النظر لتكوينه من النار وخلق آدم من الطين، وعلى الرغم من أنه نجح بالفعل في أن يُوقِع آدم في سوء أفعاله ولكن لم يفلح كيده في أن يغفر الله لآدم عليه السلام ويتقبله في عباده الصالحين ويعفو عن خطيئته بل ويجعله نبي في الأرض ينشر بها تعاليم دين الله ويدعو الناس لعبادته.
لذلك بغض الشيطان أكثر فأكثر من بني آدم وطلب من الله أن يجعله ولي لكل مُتكبر عنيد يُغويه بوسوسته وكيده، وكان لآدم عليه السلام دور كبير في تحذير الناس من الشيطان وذريته وعدم الانسياق لما يُوسوس به من كفر بالله وأفعال بغيضة وفيما يلي نذكر ترتيب الرسل والأنبياء مع قصتهم في دعوة قومهم.
إدريس عليه السلام
في بداية شجرة الانبياء حدثنا الله عن إدريس عليه السلام في كتابه الكريم حيث قال ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ، وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) مريم (56 – 57) أنزل الله على إدريس عليه السلام ثلاثين صحيفة أمره فيهم أن يدعوا قومه إلى الله وأن يكونوا ربّانيين ومُسلمين لله وحده لا شريك له، وقد آمن من قومه ألف إنسان.
بدأت دعوة سيدنا إدريس عليه السلام في خلال الفترة الزمنية الواقعة بين آدم عليه السلام وصولًا إلى نوح عليه السلام، وجدير بالذكر أن هذه الفترة قد استغرقت سنين طويلة للغاية وصلت إلى ما يقرب من عشرة قرون، وطوال الفترة الأولى من بعد سيدنا آدم عليه السلام كان الناس يعبدون الله ويمتثلون لأوامره كما أمرهم آدم عليه السلام.
لكن بعد فترة من الوقت وسوس لهم الشيطان بأن يتجهوا إلى عبادة ما دون الله من أوثان وأصنام، ويُعرف سيدنا إدريس عليه السلام بـ سِبط شيت عليه السلام، وهو جد سيدنا إبراهيم عليهم جميعهم السلام، ويُعرف أيضًا سيدنا إدريس بأنه النبي الأول الذي قد أختاره الله ونال شرف تبليغ رسالته من بعد آدم عليه السلام وأبوه شيت عليه السلام.
عاش سيدنا إدريس عليه السلام ما يقرب من اثنين وثمانين سنة، خلال فترة حياته لم يفعل سوى عبادة الله وإعمار الأرض وتبليغ رسالة الله لقومه وحثهم على ترك الأصنام والأوثان والتوجه إلى أبواب الله والتوبة عن هذه الأفعال، وكانت نبوة سيدنا إدريس عليه السلام أنه أول من خط بالقلم، وأول نبي ينظر إلى علم الكواكب والنجوم.
نوح عليه السلام
لكل نبي مُعجزة ونبوة ودلالة على أنه نبي ورسول مُرسل من الله عز وجل، ووكان سيدنا نوح عليه السلام ثاني نبي في شجرة الانبياء وواحد من الرسل الذين أرسلهم الله لهداية قومه بعد الكثير من الجهل والتعدي على الأوامر الإلهية بصورة بشعة وقد قال الله عن نوح عليه السلام في كتابه: ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)
سيدنا نوح عليه السلام نبي ورسول من الله تعالى وجده هو سيدنا إدريس تبعًا لنسبه حيث، نوح بن لمك بن متوشلخ بن خنخوخ بن إدريس عليه السلام، وُلد سيدنا نوح عليه السلام بعد 126 سنة من وفاة سيدنا آدم عليه السلام كما ذكر ابن جرير، ولكن بعض أهل الكتاب قالوا أنه وُلد بعد سيدنا آدم بما يقرب من 146 سنة، حيث جاء في الحديث أن المدة بين سيدنا آدم ونوح كانت عشرة قرون نسبةً إلى قول عبّاس (كان بين نوحٍ وآدمَ عشرةُ قرونٍ كلُّهم على شريعةٍ من الحقِّ فاختلَفوا فبعث اللهُ النبيين مُبشِّرينَ ومُنذرِين قال وكذلك هي في قراءةِ عبدِ اللهِ { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا)
بدأ سيدنا نوح عليه السلام رسالته بدعوة القوم إلى عبادة الله وتوحيده والبُعد عن الشرك به كما قال الله تعالى في قوله ( فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) خاطب سيدنا نوح قومه وكانوا مُتكونين من أهله وبدأ دعوته بأن يُذكرهم بحق القرابة عليه لكي يبدأوا بتقبل الكلام ومن ثم الدعوة إلى عبادة الله ثم إلى عشيرته وقومه عمومًا.
هود عليه السلام
قال الله تعالى عن هود عليه السلام في كتابه ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ، قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) الأعراف، ولكن لم يرد عن سيرة سيدنا هود تفاصيل عن نسبه للأنبياء وقد تم ذكر سيدنا نوح في القرآن 7 مرات وفيهم جميعهم لم يأتي ذكر أي تفاصيل تُنسب إلى نسبه، كذلك هو الحال بالنسبة للسُنة النبوية لم يأتي بها ذكر عن نسب سيدنا هود عليه السلام.
أما ما يتعلق بالكتب الخاصة بالتاريخ الإسلامي فقد وُرد نسب سيدنا هود عليه السلام خلالها وهو هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن غوص بن إرم بن سام بن نوح، وبُعِث سيدنا نوح إلى قوم كانوا يعبدون ما دون الله من أصنام وأوثان، ويُعتبر نبي الله هود عليه السلام أول الأنبياء من نسل العرب.
أرسل الله هود عليه السلام إلى قوم عاد والموجود في حضرموت في الأحقاف، وجاءت قصة سيدنا هو مع قومه في مواضع كثيرة في القرآن في السور المختلفة مثل سورة الأعراف، هود عليه السلام، المؤمنون والشعراء، كان قوم نوح يتميزون بحضارة عريقة ومميزة لأنهم قاموا ببناء البنيات الضخمة وهو ما ميّزهم عن غيرهم.
أنعم الله على قوم عاد بعدد كبير من النعم، مثل الأغنام والأنهار والبساتين وكذلك المواشي وغيرها من كل المُترفات التي تُساعدهم في تأسيس وبناء حضارة عريقة تدوم لسنوات، ولكنهم على الرغم من ذلك انحرفوا في إيمانهم وتولوا عن عبادة الله لذلك أرسل الله إليهم هود عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك ما دونه من أوثان وأصنام والجدير ذكره أن سيدنا هود هو ثالث نبي في شجرة الانبياء
صالح عليه السلام
كان سيندا صالح عليه السلام ضمن شجرة الانبياء والرسل ذكر الله صالح عليه السلام في القرآن الكريم حيث قال: ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الأعراف، أُرسَل سيدنا صالح عليه السلام إلى قوم ثمود وهم قوم ظالم ومتكبر منحهم الله الكثير من النعم والعطايا وعلى الرغم من ذلك عصوا الله كثيرًا واتجهوا إلى عبادة الأصنام.
يعود أصل قوم ثمود إلى قبيلة عربية سكنت ما بين منطقتي الحجاز وتبوت، عندما ازداد طُغيانهم أرسل الله لهم سيدنا صالح عليه السلام والذي بدوره قام بدعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وحثهم على ترك عبادة الأصنام التي لم تنفعم بشيئًا، ولكنهم على الرغم من ذلك رفضوا ولم يؤمنوا به وكان مُبررهم هو أنهم لا يقدرون على ترك ما كان يعبد أجدادهم وآبائهم.
لكنهم بعض فترة من استمرار ومثابرة سيدنا صالح عليه السلام في تبليغ رسالته قالوا له أنهم سيؤمنون بالله إذا تحققت مُعجزة وكانت المعجزة المطلوبة هي وجود صخرة كبيرة توجد بالقرب من مكانهم، قالوا له أن يخرج لهم من هذه الصخرة ناقة بمواصفات وشروط مُعينة، أتجه بعدها سيدنا صالح إلى المصلى وبات يدعو الله أن يُرسل إلى قومه هذه الناقة.
بالفعل أخرج الله لهم منها الناقة بالشروط التي وضعوها، أمن بعد هذه المعجزة القليل من القوم واستمروا في الكفر والطغيان ثم أجتمع بهم صالح عليه السلام وأمرهم بأن يتركوا الناقة تشرب من بئر مُحدد بصورة يومية وفي اليوم التالي يشربون هم من هذا البئر، إلى أن جاء تسعة من القوم وأتفقوا على قتل الناقة وبالفعل قاموا بذلك.
بعد أن وصل هذا الخبر إلى صالح عليه السلام غضب كثيرًا وتوعدهم بعذاب من الله شديد بعد ثلاثة أيام، في اليوم الأول كانت وجوه القوم مسفرة وفي اليوم الثاني محمرة حتى اليوم الثالث والأخير كانت مسودة، إلى أن جاء الأمر الإلهي العظيم بعذابهم عندما أشرقت الشمس جاءت معها صيحة من السماء أهلكتهم جميعًا.
إبراهيم عليه السلام
ورد ذكر إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم في قوله تعالى ( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) التوبة، كان لسيدنا إبراهيم عليه السلام صفات واضحة تحدث عنها الله في كتابه العزيز حيث قال: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي أنه كان سمح وحنيف عليه السلام.
كما قال الله عنه (إِنَّ إِبراهيمَ لَحَليمٌ أَوّاهٌ مُنيبٌ) بمعنى أنه لا يتعجل عقاب وجزاء غيره ولكنه كان حليمًا ويرجع إلى الله كثيرًا، وكذلك قال الله عنه بأن لديه قلب سليم كما قال في قوله تعالى (إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وغيرها الكثير من الصفات الحميدة، قام سيدنا إبراهيم بدعوة قومه للتوحيد بالله وترك عبادة الأوثان وأول من بدأ معهم الدعوة كان والده، الذي حثه على ترك عبادة الأصنام وأن يعود إلى الله وحده لا شريك له ولكنه أصر على موقفه.
أعتزل إبراهيم عليه السلام والده بعده، وبدأ يدعو قومه إلى عبادة الله وترك الأصنام ولكنهم لم يلقوا له بالًا مما دفعه إلى أن يقوم بهدم هذه الأصنام وترك كبيرهم وعندما سأله القوم من فعل هذا بآلهتنا رد عليهم بأن يسألوا كبيرهم، وهو ما دفعهم أن يُوقعوا عليه العذاب الشديد بأن يلقوه في النار ولكن على الرغم من فعلتهم هذه إلا أن الله أنقذه ونجاه بأن تكون هذه النار بردًا وسلامًا على جسده الشريف.
لوط عليه السلام
إذا كانت جميع الناس مؤمنة بالله ولم تُشرك به شيئًا فبالتأكيد لم تكن هناك حاجة إلى إرسال الأنبياء والرُسل، ولكن العلة الحقيقية هي لماذا كفر الأمم السابقة بالله على الرغم من أن الله منح لهم الكثير من النعم والعطايا التي تجعلهم مؤمنين به، ولكن بالنظر في الأقوام السابقة نرى أنهم كفروا إما اعتيادهم للكفر بالله كما كان يفعل أجدادهم وآبائهم، أو لأن فكرة الإيمان نفسها تتعارض مع شهواتهم ومصالحهم.
كان قوم لوط عليه السلام واحد من الأقوام التي كانت تتعارض شهوتهم ومصالحهم مع فكرة الإيمان، سكنوا في منطقة سدوم وهي في قرى الأردن ويُقال أنها مكان البحر الميت الموجود حاليًا، أرتكب قوم لوط ذنب عظيم فوق شركهم بالله وهو أنهم كانوا يأتون الرجال دون النساء وهو الأمر المُعاكس للفطرة التي شرعها الله وخلق بها عباده.
أُرسِل فيهم لوط عليه السلام يدعوهم بالحُسنى وتجنب مثل هذه الأفعال السيئة والتضرع إلى الله وعبادته، ولكن بالرغم من هذه الدعوات من لوط عليه السلام لم يُحرك فيهم ساكنًا واستمروا في فعل الفواحش وكانت زوجة لوط عليه السلام من الغابرين، أي أنها كانت سلبية لم تتخذ فعلًا يحسم موقفها اتجاه هؤلاء القوم، بعد ذلك جاء لسيدنا لوط عليه السلام ضيوف وهما جبريل وإسرافيل وميكائيل وكانوا على هيئة رجال شديدة الجمال.
رأى قوم لوط عليه السلام هؤلاء الضيوف وقرروا أن يُمارسوا معهم أفعالهم السيئة، ولكن أعترض طريقهم لوط وأقترح عليهم الزواج من بناته ولكنهم رفضوا وأصروا على موقفهم إلى أن أمر الله بعذاب هؤلاء القوم والقضاء عليهم تمامًا، وهو ما حدث بعد أن أمر الله لوط عليه السلام ومن آمن معه بالخروج من القرية الظالم أهلها، لكي يحل بهم عذاب الله الشديد وقال الله في عذابهم (وَكَذلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ القُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَليمٌ شَديدٌ).
إسماعيل عليه السلام
من اسماء الانبياء والرسل هو إسماعيل عليه السلام، فمر إسماعيل عليه السلام عدة محن خلال حياته بدأت مُنذ إن كان طفلًا عندما تركه أبوه إبراهيم عليه السلام هو وأمه هاجر في الوادي وفي ذلك الحين كان طفلًا لم يُفطم حتى آنذاك، في هذه الفترة لم تكن هناك أي علامات أو بوادر حول العيش بسبب عدم وجود مياه أو طعام ولكن لم ينساهم الله بعد مرور السيدة هاجر سبع مرات حول جبل الصفا وجبل المروة، وبعدها جلست بجانب طفلها إسماعيل وسمعت في بكاؤه الحاجة إلى العطش.
لكنها لم تيأس من رحمة الله وكانت على يقين بأن الله لن يتركهم وبالفعل ضرب إسماعيل عليه السلام أثناء بكاؤه الأرض بقدمه ومن موضع قدمه الشريف انفجرت الماء وهي بئر زمزم، الذي يفيض بالماء حتى الآن على كل المُسلمين.
ثم جاء الاختبار الثاني لإسماعيل عليه السلام والمحنة الأكبر في سن الشباب، عندما رأى أبوه إبراهيم عليه السلام أمر من الله بأن يقتله (فلما بلغ معه السعي قال يا بنى إني أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى) وجاء رد إسماعيل عليه السلام بكل إيمان وثقة بتدابير الله قائلًا له قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) لكن الله أفتدى نبيه الكريم بكبش عظيم.
ثم بعد ذلك قام سيدنا إسماعيل ببناء بيت الله مع والده إبراهيم عليه السلام حيث قال الله ‑تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ) وما إن تفرغ من بناؤه قاموا بدعوة القوم إلى عبادة الله وحده لا شريك الله، ودعوا الله أن يتقبل منهم عملهم بقولهما: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
إسحاق عليه السلام
والتالي في شجرة الأنبياء بالترتيب هو النبي إسحاق عليه السلام من بيت النبوّة حيث أن والده هو سيدنا إبراهيم وأخوه هو إسماعيل عليهما السلام ومن ذرية إسحاق كل أنبياء بني إسرائيل ومنهم يعقوب عليه السلام (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ).
سيدنا إسحاق عليه السلام هو ابن لسيدنا إبراهيم الذي كان أولي العزم من الرسل وذلك لأنه وقف أمام قومه وكان مغوارًا لا يُعتريه شيئًا ولا خوف ومن ذريته جاء إسحاق عليه السلام، بعد سنوات طويلة من عدم إنجاب سيدنا إبراهيم عليه السلام وزوجته السيدة هاجر وذلك تبعًا لما ورد في القرآن الكريم حيث قال الله — تعالى-: (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ)
يؤكد القرآن مرة أخرى على أن سيدنا إبراهيم رُزق بإسحاق عليه السلام وهو كبير في السن حيث قول الله تعالى على لسان نبيه (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) لذلك كان إسحاق عليه السلام بُشرى عظيمة لإبراهيم عليه السلام وزوجته.
نشر سيدنا إسحاق عليه السلام تعاليم الإسلام السمحة بين قومه وضرورة التوجه والتضرع إلى الله، وذلك لأن الأخلاق الحميدة بشكل عام هي صفات الرسل والأنبياء، ونتعلم من قصة إسحاق عليه السلام أن رحمة الله واسعة وأن قضاء الله وأقداره مكتوبة حتى وإن بدت مستحيلة لأن الله هو المُجيب القريب لقلوب عباده دائمًا وأبدًا.
يعقوب عليه السلام
ويأتي الدور على يعقوب عليه السلام في شجرة الأنبياء بالترتيب وهو بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، أرسله الله إلى قومه لكي يستمر في نشر تعاليم الإسلام على خُطى والده وجده وهو أيضًا يُسمى بإسرائيل ومنه يُنتسب بني إسرائيل حيث قوله تعالى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
ذكره الله بالمدح في كتابه العظيم حيث قال (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّن الصَّالِحِينَ*وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ) وكذلك وُرد عن النبي الكريم أنه مدح يعقوب عليه السلام حيث قال (الكريمُ، ابنُ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السَّلامُ).
شب وكبر يعقوب عليه السلام مع والده إسحاق في فلسطين وبعد ذلك أنتقل إلى أرض حرّان وتزوج وأنجب هُناك أولاده بما فيهم سيدنا يوسف وبنيامين عليهما السلام، كان قوم يعقوب عليه السلام هي إسرائيل وهو ما أتفق عليه جميع المُفسرين وهم نفسهم الموجودين حاليًا وذلك بسبب قول الله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ).
نشر النبي يعقوب عليه السلام دعوته سنوات طويلة وكان سيدنا يوسف هو أحب الأبناء إليه، وفي قصة يوسف الشهيرة مع أخواته أبيضت عين يعقوب عليه السلام من الحزن على يُوسف، حتى رده الله إليه وفي قصة يعقوب عليه السلام معنى جميل في حُسن الظن بالله والتوكل عليه دائمًا والثقة التامة في تدابيره مهما طال الزمن.
يوسف عليه السلام
تُعتبر قصة يوسف عليه السلام واحدة من أفضل القصص والمؤثرة في حياة الإنسان لذلك كان أهم من في شجرة اسماء الانبياء والرسل وقد قال الله تعالى عنها أحسن القصص حيث قوله تعالى (نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) وبالفعل هي واحدة من قصص الأنبياء التي ذكرها الله بصورة مُفصلة جدًا من حيث السرد وتتابع الأحداث.
بدأت قصة يوسف عليه السلام عندما ألقوه اخواته في الجب نتيجة لما ورد في قلوبهم من حقد وكراهية اتجاهه وذلك لأن والده كان شديد الحب له، وبعد ذلك رجعوا إلى والدهم قائلين له أن الذئب قد أكل يوسف وأخرجوا قميص كاذب مُلطخ بالدماء ولكنه لم يُصدقهم وقال لهم (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ).
بعدها ألتقط القوم سيدنا يوسف عليه السلام وباعوه إلى رجل في مصر وكبر يوسف عليه السلام في بيت العزيز وزوجته، حتى بلغ أشده حاولت أن تفتنه امرأة العزيز ولكنه دعا الله أن يذهب شرورها عنه وقال (مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)، بعد واقعة امرأة العزيز اجتمعت بالنسوة وأدخلت يوسف عليه السلام عليهن، وقد فُتنوا به أيضًا وعندما رأى ذلك نبي الله قال قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ).
بعدها أمر عزيز مصر أن يدخل يوسف السجن وقضى سنوات هُناك وتغيرت حياته بعد أن رأى عزيز مصر رؤية أحتاج فيها مُفسر، وقد وقع الاختيار على يوسف عليه السلام بعد أن قال عنه أحد الرجال الذي فسر لهم النبي في السجن حلمه حيث قال (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ).
بعدها أمر العزيز بخروج يوسف من السجن بعد أن ثبتت براءته أمام القوم، ثم أصبح عليه السلام وزير للخزينة، وفي خلال هذه الفترة ألتقى يوسف بأخواته من جديد وطلب منهم أن يحضروا إليه أخيه بنيامين، ولكن النبي يعقوب رفض في البداية ولكنه في نهاية الأمر وافق وأرسله معهم، بعد ذلك بقى النبي بينامين مع أخوه يوسف ينشرون تعاليم الله بين القوم.
ثم ألتقى مرة أخرى إخوة يوسف به بعد أن أرسل يوسف قميصًا له أمر أخواته بأن يلقوه على وجه يعقوب عليه السلام لكي يرتد له بصره، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك تحققت رؤية يوسف ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾.
أيوب عليه السلام
واحدًا من أهم اسماء الانبياء والرسل هو أيوب عليه السلام واحد من نسل الأنبياء وذلك وفقًا لما ورد في كتاب الله حيث (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)، فمن المُتفق عليه أنه من ذرية ونسل إبراهيم عليه السلام وذلك بسبب ما أتفق عليه العلماء في الضمير على العائد على إبراهيم عليه السلام وليس سيدنا نوح.
بدأت بعثة أيوب عليه السلام في خلال الفترة الواقعة بين موسى ويوسف عليهم السلام، أشتهر أيوب عليه السلام بـ صبره على البلاء وهو ما جعله قدوة في الصبر، وذكر الله عبده أيوب عليه السلام في القرآن الكريم حيث (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ)
دعا أيوب عليه السلام قومه إلى عبادة الله كما فعل النبيين من قبله، وبعد أن أُصيب بـ المرض الذي جعله عاجزًا تضرع إلى الله وظل يدعوه في ثبات ويقين بالإستجابة، وبالفعل هو ما حدث حين قال له الله عز وجل ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) شرب أيوب عليه السلام من نبع الماء واغتسل به وأذهب الله عنه المرض وشفاه.
أثنى الله على أيوب عليه السلام وعلى صبره على البلاء وثقته فيه حين قال في كتابه العزيز (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ)
ذو الكفل عليه السلام
ذكر الله نبيه ذو الكفل عليه السلام مرتين في القرآن الكريم الأولى كانت في سورة النساء حيث قول الله تعالى وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ) والثانية في سورة ص في قول الله تعالى (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ)
تعدد الأقاويل حول إن كان ذو الكفل عليه السلام نبيًا ام لا، وذلك بسبب أن البعض قال عنه بأنه رجلًا صالحًا كان يكفل قومه بمساعداتهم وإعطائهم ما يحتاجون من معونات بالإضافة إلى قيامه في تلبية حاجاتهم، كما أنه تميز بالعدل فـ كان يحكم بينهم ولذا سُمي بـ ذو الكفل.
قال البعض عنه أنه إذا وعد كا يُوفى بوعده، وقال عنه قتادة ومجاهد بأنه كان يحمل أعباء غيره في العمل لذلك كان ينول الثواب المُضاعف لذلك قيل عنه ذي الكفل، أما الحسن وابن تيمية وكذلك الرازي قال عنه بأنه كان نبيًا من الله وكان ذلك أيضًا أغلب آراء العلماء.
أما أبو موسى فقد قال عن ذو الكفل عليه السلام أنه كان هناك رجلًا صالحًا يُصلي مئة صلاة في اليوم، وعندما توفاه الله كفله ذو الكفل عن إتمام صلاته لذا سُمي بذلك الاسم، وقال عنه ابن السائب بأنه كان هناك ملك قام بقتل ما يقرب من 300 نبي ونجا منهم 100 نبي، ثم قال ذو الكفل بكفالتهم من الطعام والشراء وقضاء حوائجهم لذا سُمي بهذا الاسم، وباختلاف القصص فقد كان ذو الكفل عليه السلام رجلًا صالحًا يتصف بصفات الأنبياء والرسل وفقًا لما ورد في القرآن الكريم عنه من صبر، الوفاء بالوعود الإلهية ونشر الخير بين الناس وكان من اسماء الانبياء والرسل غير المعروفين.
يونس عليه السلام
وقد جاء يونس عليه السلام ضمن شجرة الأنبياء من آدم إلى محمد، فيُقال عن نسب نبي الله يونس بأنه يتصل نسبه إلى بنيامين شقيق نبي الله يوسف عليهم جميعهم السلام، تمت بعثة يونس في نينوى في مدينة العراق، واتصف قومه بالشرك والكفر بالله والظلم لأنفسهم ولغيرهم لذلك بعث الله فيهم يونس عليه السلام لكي يهديهم ويرشدهم إلى طريق الله تعالى، ولكنهم رفضوا رسالته واستمروا في عبادة الأوثان والأصنام ومن بينهم كان هُناك صنمًا كبيرًا يُطلقون عليه عشتار يُقدمون له القرابين ويعبدونه بشكل خاص.
يئس يونس عليه السلام من قومه وخرج إلى قوم ركب معهم السفينة وبعد أن وصلت إلى عرض البحر بدأت في التمايل، وعندها قرروا أن يلقوا أحدًا منهم تخفيفًا لحمل السفينة وفي كل مرة كان يتوقع الاختيار على يونس عليه السلام، وبالفعل ألقى بنفسه في عرض البحر لأنه كان مُوقنًا بأن الله سوف ينقذه وهو ما حدث عندما أدركه الحوت وأبتلعه.
في هذه الأثناء ظن يونس عليه السلام بأنه قد مات ولكنه عندما قام بتحريك يداه وساقيه تحرك فـ سجد شكرًا لله بأنه نجاه وبقى في بطن الحوت ثلاثة أيام، كان خائفًا فيهم بسبب الأصوات المُبهمة التي يسمعها والظلام الشديد ولكنه كان واثقًا في رحمة الله به وظل يُردد (لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنت من الظالمين) ثم بعد ذلك أمر الله الحوت أن يقذفه على اليابس وأنبت له شجرة اليقطين ليستظل بها ويأكل من ثمرها، ثم عاد إلى قومه فـ وجدهم مؤمنين بالله وموحدين به فـ بقى معهم ينشر تعاليم الله.
شعيب عليه السلام
يُعتبر نبي الله شعيب عليه السلام من الأنبياء العرب أرسله الله إلى قوم مدين الواقعة بين فلسطين ومكة، لُقب شعيب عليه السلام بأنه خطيب الأنبياء ويرجع هذا بسبب فصاحته والبلاغة التي كان يمتلكها في أحاديثه، منح الله قوم مدين الكثير من النعم في حياتهم سواء في عددهم أو قوتهم أو غيرها من النعم التي يحتاجونها لبناء حضارة والعيش في الترف يمتلكون البساتين والمحاصيل، وذكر الله تعالى قوم مدين حين قال (وَاذكُروا إِذ كُنتُم قَليلًا فَكَثَّرَكُم).
على الرغم من كل هذه النعم إلا أنهم كفروا وكانوا يعبدون شجرة من الأيك لذلك ترجع تسميتهم بأصحاب الأيكة، وأنتشر فيهم الفساد سواء التطفيف في البيع والشراء، أو البخس في حقوق الآخرين فـ دعاهم شعيب عليه السلام إلى الإيمان بالله والتحلي بصفاته وترك عبادة الأصنام، وفوق ذلك تعمد على إصلاح حياتهم الاجتماعية من خلال إقامة العدل والوفاء في الميزان والكيل.
كذلك دعاهم للحافظة على عدم البخس بحقوق الناس سواء المعنوية أو المادية، بالإضافة إلى زرع المحبة فيما بينهم، ولكن على الرغم من كل ذلك أصروا على كفرهم ولم يؤمن معه إلا القليل ثم أحل عليهم العذاب كما قال الله تعالى (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
كان هذا العذاب هو الصيحة أي الصوت العالي وكان صوتًا مُخيفًا يصدر من السماء (وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ)، ثم أنتقل عنهم شعيب عليه السلام هو ومن آمن معه إلى مكة حتى تُوفي هناك، وكان من شجرة الأنبياء من آدم إلى محمد غير المألوفين على أذننا.
موسى وأخوه هارون عليهما السلام
ذهب موسى وأخوه هارون عليهما السلام إلى قوم كانوا يعبدون الأصنام فـ أرشدهم إلى طريق الله وبالفعل اهتدوا فـ طلب موسى عليه السلام من أخاه هارون أن يبقى معهم ويُعلمهم ويرشدهم إلى طريق الله، وفي هذه الأثناء ذهب موسى عليه السلام إلى لقاء الله، كلم الله موسى من وراء حجاب فـ طلب موسى عليه السلام من الله أن يراه فأخبره الله بأن هذا صعب أن يتحمله البشر.
لكنه أمره بالتوجه إلى جبل وقال له أنه عندما يستقر سوف يتجلى للجبل، ثم تجلى الله لموسى عليه السلام فأغشى عليه من هول ما رأى، ثم استغفر الله عما بدر منه وغفر الله له وقال له بأنه ميّزه عن غيره من الأنبياء لأنه كان كليم الله أي يُكلمه دون الاستعانة بالملائكة، أمره الله بأن يأخذ الألواح ويأمر قومه بما فيها.
غاب موسى عليه السلام عن قومه 40 يومًا خرج في هذه الفترة خرج على القوم السامري وصنع لهم عجل وأمر القوم بعبادته، انساق الكثير من القوم وراءه وأنهاهم هارون عن فعلهم هذا لكنهم لم يلقوا له بالًا حتى عاد موسى عليه السلام وذهب إلى السامري ليسأله عن فعله وبعدها قام موسى بحرق العجل وأخبر القوم بعذاب الله لهم إن لم يتوبوا، وتوعد السامري بالعذاب في الدنيا والآخرة وفقًا لما ورد في القرآن الكريم (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا)؛[١٦] فلا إله إلّا الله وحده.[١٧] وهذه كانت قصة موسى وأخوه هارون عليهما السلام
إلياس عليه السلام
ذكر الله نبيه إلياس عليه السلام في القرآن الكريم حين قال (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ* أَتَدْعُونَ بَعْلا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ* اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ* فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ* إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ* وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ* سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ* إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) في سورة الصافات، كذلك قال الله تعالى عنه (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) الأنعام.
هو نبي من أنبياء بني إسرائيل أُطلق عليه عدد من الأسماء منها ياسين، آل ياسين والياسين، أرسله الله إلى بني إسرائيل بعدما انغمسوا في حبهم للمادية بكل صورها فـ جاء لهم إلياس عليه السلام بالكثير من المعجزات لتتناسب مع طباع بني إسرائيل وفي الوقت ذاته تُحقق الهدف من الرسالة وهي الدعوة إلى الله والتوجه له وحده.
بعد ما قام به النبي إلياس عليه السلام من معجزات بإذن الله من إحياء للموتى، إطفاء للنار، أمر النار ذات مرة أن لا تحرق امرأة الملك وذلك لأنها كانت مؤمنة، حبس المطر عن القوم ونزول الغيث وعلى الرغم من كل ذلك، لم تتغير طباع بني إسرائيل من الكفر، العناد والمجادلة فلم يؤمنوا وأصروا على فعلتهم حتى صاح بهم إلياس عليه السلام صيحة شديدة كرهوه بسببها، وخططوا لقتله لكن الله أنجاه وشق له جبل بقى فيه حتى وصل إلى سن الأربعين ثم عاد مرة أخرى لدعوة الملوك الجبابرة من القوم.
اليسع عليه السلام
توجد قرابة بين نبي الله إلياس واليسع عليه السلام قيل أنهم أبناء عم، وقيل أن اليسع ابن أخ إلياس وفي بعض الروايات أن اليسع تلميذ إلياس، ذكر الله اليسع عليه السلام في كتابه حين قال (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ)،[٣] وقال ‑تعالى-: (وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ).
أتبع اليسع عليه السلام في دعوته نهج إلياس عليه السلام وبدأ دعوته في القوم وحثهم على الرجوع إلى الله، وهب الله نبيه اليسع بالحكمة منذ صغره وقيل أنه سُمي بهذا الاسم نظرًا لسعته في العلم، سعيه الدائم في إظهار الحق فـ كان دائمًا يُلاحق أخطاء بني إسرائيل ويُوضح لهم الصواب والحق حتى كرهوه قومه وبدأوا يبتعدون عنه.
لكنه على الرغم من كل أفعالهم الشنيعة المعروفة عن طباع بني إسرائيل من قتل الأنبياء وتكذيب الحق إلا أن اليسع عليه السلام استمر في الدعوة إلى الله وحث القوم على عبادة الله وحده وترك كل ما يغضب الله، واتخذ في منهجه شريعة إلياس عليه السلام ولكن القوم ظل يطارودنه فـ تخفى في جبل قاسيون وبات يدعو القوم من خلاله.
يُعلمنا الله من قصة اليسع عليه السلام بأنه يُمكن أن يُرسل أكثر من نبي خلال نفس الفترة، كذلك يُوضح لنا ظلم وطغيان بني إسرائيل على مر العصور، وظلمهم لأنفسهم ولغيرهم وكذلك محاولاتهم في قتل الأنبياء وذلك هو حالهم لكل من يُعارض هواهم.
داوود عليه السلام
في بداية حياة نبي الله داوود عليه السلام كان عبدًا بسيطًا يعمل حدادًا، وقد وهبه الله القوة كان الحديد يلين بيده دون الحاجة إلى تسخين أو معدات وكان عليه السلام عبدًا صالحًا يعبد الله كما تعلّم من آباؤه وأجداده يعقوب وإبراهيم عليهم السلام، وكان صوته عذبًا فـ كان عندما يسبح الله أو يتلو الزبور يُسعِد الإنس والجن والدواب والطير وحتى الجماد فقد قال الله في كتابه العزيز: «وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ»
اصطفى الله عز وجل نبي الله داوود عليه السلام بالمُلك والحكم والنبوة والمال بعد أن ولاه بني إسرائيل أمرهم وإدارة شئونهم وأموالهم بعد معركة احتدمت بينه وبين جالوت فقتله فقد قال الله عز وجل في كتابه العزيز: «وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا يَشَآءُ ۗ »
وكذلك اصطفاه الله وفضله على كثيرًا من الأنبياء بالرسالة والكتاب فقد أنزل الله عليه الزبور وقال الله في كتابه العزيز: «وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا»
وقد كان نبي الله داوود عليه السلام من أعبد الناس على وجه الأرض فقد وصفه رسولنا الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام فقال: (أَحَبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داودَ عليهِ السلامُ، وأَحَبُّ الصيامِ إلى اللهِ صيامُ داودَ، وكان ينامُ نصفَ الليلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، وينامُ سُدُسَهُ، ويصومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا) ونبي الله دَاوُودَ هو من نسل بني اسرائيل وبالتحديد يهوذا ابن نبي الله يعقوب او كما يُسمي نبي الله اسرائيل عليهم جميعًا السلام.
سُليمان عليه السلام
ورث نبي الله سُليمان عليه السلام ملك أباه نبي الله دَاوُودَ فقد توفي أباه وهو في سن صغير جدًا، كان حوالي اثنتي عشرة عام وبعد أن ثبت نفسه في الحكم بحوالي أربعة أعوام شرع في بناء المسجد الأقصى المبارك، وذلك بناءًا على وصيته أباه نبي الله دَاوُودَ، ولقد فضل الله نبيه سُليمان على كثيرًا من أنبيائه أو بصفة عامة على كثيرًا من خلقه.
نبي الله سُليمان عليه السلام هو واحد من ضمن أربعة بشريين على مر العصور ملكوا الدنيا وما فيها، ولم يقف مُلك نبي الله سُليمان عليه السلام على حد ملكه على البشر فقد وهب الله نبيه القدرة على التحكم والسيطرة وتملك الجن ورضخ له جميع ملوك الجن وكان جميع الجن على الأرض تحت مُلكه وكان يحاكمهم ويسخرهم له فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ)
وقد سخر الله أيضًا لنبيه الريح فقال تعالى: (وَلِسُلَيمانَ الرّيحَ عاصِفَةً تَجري بِأَمرِهِ إِلَى الأَرضِ الَّتي بارَكنا فيها وَكُنّا بِكُلِّ شَيءٍ عالِمينَ) ولم يقتصر مُلك نبي الله سُليمان على الإنس والجن والرياح فقط فقد علمه الله عز وجل منطق ولغة الطير والحيوانات فقد قال تعالى: (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ)
وقال سبحانه وتعالى ايضًا عنه: (حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ .. فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِىٓ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحًا تَرْضَىٰهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ)
زكريا عليه السلام
نبي الله زكريا عليه السلام هو نبي من بني إسرائيل يرجع نسبه إلى نفس نسب أنبياء الله دَاوُودَ وسُليمان فهم جميعًا أبناء يهوذا ابن نبي الله يعقوب أو كما يُسمي نبي الله إسرائيل عليهم جميعًا السلام، ويوجد صلة قرابة ونسب بينه وبين بيت آل عمران وبالخصوص السيدة مريم عليها السلام الذي كان يتكفل بها.
كان عندما يدخل عليها ليطمئن لشؤونها يجد جميع أنواع الفاكهة في غير موسم وجودها وكان يجد الطعام والرغد الذي متع به ربنا عز وجل السيدة مريم عليها السلام فقد قال الله عز وجل: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
كان نبي الله زكريا عليه السلام يعمل نجارًا كما ورد عن نبينا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام، كان يكد ويتعب لا يتكل على أحد وهذا هو حال أغلب أنبياء الله، ظل يدعو نبي الله زكريا قومه ويحثهم على العمل والاجتهاد وعبادة الله، ومن معجزات الله لنبيه زكريا عليه السلام أنه عندما بلغ الشيب وامرأته كانت عاقرًا لا تُنجب فدعا ربه بذلك: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا*يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)
كان رد الله عليه أنه قال: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
يحيي عليه السلام
نبي الله يحيي عليه السلام هو ابن زكريا بن داوود عليهم جميعهم السلام، وهناك صلة قرابة تربط يحيي وعيسى عليه السلام ونسب يحيي امتداد ليعقوب عليه السلام، كما أوضحنا فيما يتعلق بالنبي زكريا أن الله رزقه بسيدنا يحيي وكانت هذه معجزة لنبيه، ولد يحيي عليه السلام قبل ميلاد عيسى بأشهر قليلة وكان حسن الشكل والطباع.
حيث كان قوي فيما يتعلق بأوامر الله وتربى على طاعة الله والحكمة التي دعا بها قومه طوال حياته وذكره الله في كتابه العزيز (يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيناهُ الحُكمَ صَبِيًّا)، وكان يحيي عليه السلام كريم على الرغم من فقره وكان بارًا بالوالديه وقال الله تعالى عنه (وَبَرًّا بِوالِدَيهِ وَلَم يَكُن جَبّارًا عَصِيًّا).
كان يمتلك يحيي عليه السلام من الحكمة ما تجعله قادرًا على محاورة الجميع والرد عليهم بالحجة والمنطق منذ صغره، كان يعرف تعاليم الله وأحكامه وفي سن الشباب أمره الله بأن يأخذ الكتابة بقوة وبالفعل حفظ نبي الله الكتاب وكان ذكي وحكيم بصورة لا تتوفر في غيره من الرسل.
عاش يدعو إلى تعاليم الإسلام السمح ويُرشد الناس إلى طريق الله والرجوع إليه فـ كان هو نفسه أواب أي كثير الرجوع إلى الله، كما كان يحفظ سلامة الله في حقوق عباده جميعًا فـ قال الله تعالى في كتابه العزيز (وَسَلامٌ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ يَموتُ وَيَومَ يُبعَثُ حَيًّا) أي حفظه الله وسلمّه من جميع الشرور بما فيها الشيطان والجزاء.
عيسى عليه السلام
وكان عيسى عليه السلام في المرتبة قبل الأخيرة في شجرة الأنبياء من آدم إلى محمد، فعيسى عليه السلام واحد من أولي العزم الخمسة، أرسله الله إلى قومه بمعجزة كبيرة وتوالت المعجزات في شأنه وأرسل معه الإنجيل، كانت ولادة عيسى عليه السلام المعجزة الكُبرى فـ ولدته أمه السيدة مريم العذراء دون أن يمسها بشر، وكما كان حمله شيء استثنائي وغير عادي فـ كانت ولادته أيضًا كذلك حيث أمر الله السيدة مريم بأن تتخذ مكان بعيد وتُوضع فيه حملها عند جذع نخلة.
ثم أوحى الله لها أن تهز جزع النخلة وتأكل من حباته، جاءت المعجزة الثانية وهي كلام عيسى عليه السلام عليه السلام في المهد وذلك بعد أن خاض القوم في شرف السيدة مريم، تكلم النبي فما كان من القوم إلا أن سكتوا جميعًا غير مُصدقيين ما يراون وذكر ذلك الله في كتابه عندما قال (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).
أتى الله عيسى عليه السلام عدد من المعجزات مثل شفاء المرضى، إحياء الموتى وكلك النفخ في الطير المخلوق من طين فـ يُصبح طيرًا حقيقيًا، ظل يدعو قومه إلى أن تأمر عليه اليهود خوفًا من أن يفتن قومهم وقرروا أن يقتلوه ويصلبوه ولكن رفعه الله إليه في السماء، وورد ذلك في القرآن الكريم (وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبّهَ لَهُم وَإِن الذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً، بَل رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً).
محمد عليه السلام
وكان محمد عليه السلام خاتم شجرة الانبياء، صلوات ربي وسلامه على أشرف الخلق وخاتم الأنبياء، يندرج نسل محمد عليه السلام إلى نبي الله إسماعيل بن نبي الله وخليله إبراهيم عليهم جميعًا السلام، نزل الوحي على محمد وهو يبلغ من العمر أربعون عامًا ظل يدعو الناس لعبادة الله ثلاثة وعشرون عامًا، إلى أن توفاه الله في عمر الثلاثة وستون عامًا.
عمل محمد عليه السلام في بداية حياته كراعي للأغنام إلى أن تزوج السيدة خديجة عند بلوغه الخامسة والعشرون من عمره، وبدأ يدير أمور تجارته في العمل وكان تاجر ناجح وذكي، عاش النبي محمد يتيمًا مات أباه قبل ولادته وماتت أمه وهو في السادسة من عمره وتربى في بيت جده وعمه.
كانت الرُسل والأنبياء من قبله إعداد وتمهيد لظهوره عليه السلام، حيث أن جميع الكتب والشرائع السماوية كان هدفها هي الإسلام وبنزول القرآن على محمد قد أكتملت الغاية من إرسال الأنبياء جميعًا، أنزل الله على نبينا محمد القرآن في شهر رمضان المبارك وفي القرآن هدى للناس وتُعتبر معجزة النبي الأولى هي القرآن ذاته.
حيث لا يوجد مثيل لهذا الكتاب في كل الأزمنة لأنه يتماشى في كل مكان وكل عصر، تعرض النبي في حياته إلى الكثير من الأذى وصبر عليها كـ غيره من الرُسل وأتم رسالته على أكمل وجه، بدأت دعوة النبي مع المقربين (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) إلى أن أنزل الله عليه قوله: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) بدأ من حينها صلى الله عليه وسلم مرحلة الدعوة الجهرية لجميع خلق الله ومنه شاع النور والهدى إلى البشرية كلها.