الصحة النفسية

الضغط النفسي.. أسبابه وعلاجه بأبسط الخطوات

نتعرض جميعًا لأنواع مختلفة من الضغط النفسي، والتي تؤثر علينا سلبًا، بل وتؤدي أعراضها إلى إصابتنا بعدة أمراض، قصيرة أو طويلة الأمد، لذا من الضروري معرفة هذه الأعراض، والأسباب المؤدية إليها، الأمر الذي قد يساعدك في تحويل الضغط إلى حافز إيجابي، يعينك على التكيف مع البيئة، وإنجاز المهام المتراكمة على عاتقك.

مفهوم الضغط النفسي

الضغط النفسييعد الطبيب الكندي هانز سيلي، أول من صاغ تعريفًا لمصطلح الضغط النفسي، والذي استعار المصطلح من العالم الفيزيائي والفيلسوف الإنجليزي روبرت هوك، وكان ذلك في ثلاثينيات القرن الماضي، بعد أن وصف روبرت في قانونه عام 1658 العلاقة بين الإجهاد البدني ونتيجته، كما صنفه على أنه أحد تبعات الضغط الشديد، وقد تعددت التعريفات حول مفهوم الضغط النفسي، والتي تتمثل في:

  • مفهوم العالم تشارلز سبيلبرجر، حيث عرفه إجمالًا بأنه القوى الخارجية التي تحدث تأثيرًا داخليًا لدى الفرد.
  • بينما عرفه العالم جيرالد فينك، بأنه عدم قدرة الفرد على التكيّف مع الحياة الاجتماعية التي يعيشها، ومتطلبات الحياة، الناتجة عن إدراك عقلي خاطئ للأمور الحياتية، الأمر الذي يسبب القلق والتوتر العاطفي.
  • في حين عرفه بعض العلماء الآخرين على أنه أي نوع من التغيرات الطارئة على الفرد، والتي تسبب الضغوط الجسدية، كذلك النفسية والعاطفية، حيث إنه استجابة الجسم لأي تغير يتطلب العمل والانتباه.
  • بالإضافة إلى تعريف آخر، يتمثل في أن الضغوط النفسية هي العامل المؤثر على الفرد، والذي يكسبه قدرة التكيف مع البيئة، وتقديره لها بأنها شاقة جدًا ومرهقة، بل وتفوق استطاعته للتعامل معها، الأمر الذي يتسبب في إصابته بعدة أمراض.

أنواع الضغط النفسي

ورغم هذا التعدد في المفاهيم، إلا أن هناك إجماعا على المفهوم الذي وضعه أستاذ الصحة النفسية، سيد محمود الطواب، إذ عرف الضغوط النفسية على أنها: حالة تنتج عن عدم توازن مطالب الموقف، وقدرة الفرد على الاستجابة لهذا الموقف، وهو المفهوم الذي تحدث من خلاله عن نوعين من الضغط النفسي، يتمثلان في:

  • الضغط النفسي الصحي، وهو الضغط الذي يعمل كحافز للفرد، إذ يساعده على الإبداع وإنجاز المهام في أسرع وقت ممكن، في محاولة للتخلص من الشعور السلبي والأعراض المصاحبة للضغط والإجهاد.
  • الضغط النفسي المرضي، وهو الضغط الذي يثبط من عزيمة الشخص بشدة، ويقلل جهده، بل ويعرقل مسار حياته، وحسه الإبداعي الذي يسعى للنجاح.

الإجهاد النفسي

الضغط النفسي

لا يختلف مصطلح الإجهاد النفسي كثيرًا عن تعريف الضغوط النفسية، إذ يمكن اعتبارهما وجهين لعملة واحدة، حيث يعرف الإجهاد على أنه الآلية التي تستجيب بها عقولنا وأجسادنا، لجميع الأشياء المحيطة بنا، والتي تكون خارجة عن نطاق طاقتنا وقدراتنا.

وهو ما يدفع العقل في كثير من الأحيان إلى اللجوء لإلقاء المزيد من الضغوط على عاتق الفرد، وتحميل نفسيته وجسده أكثر من طاقتهما، في محاولة لتجنب الهزيمة أو الشعور بالفشل، سواء كان ذلك على مستوى المحيط الأسري أو العمل، مما قد يؤثر على الشخص سلبًا، ويتسبب في إصابته بأمراض عدة، وتختلف أنواع الإجهاد باختلاف أسبابها، والتي تتمثل في:

الإجهاد الحاد

يعد هذا النوع قصير المدى، والذي يمكن أن يكون إيجابيًا في أغلب الأحيان، أو أكثر إزعاجا، بحسب نوع الضغط، إذ يكون هذا النوع من الإجهاد هو الذي نواجهه غالبًا في حياتنا طوال اليوم.

الإجهاد المزمن

هو الإجهاد الذي لا ينتهي ولا مفر منه في حياتنا، مثل الضغوط الناتجة عن زيجة سيئة، فاشلة، مليئة بالمشاكل والعراقيل، أو الوظيفة المرهقة التي تستنزف طاقة صاحبها، بالإضافة إلى الإجهاد المزمن المتعلق ببعض الصدمات، وتجارب الطفولة المؤلمة، وهو ما يتسبب في حدوث عواقب خطيرة على الصحة.

الإجهاد العرضي الحاد

في هذا النوع يكون الإجهاد عرضيا وحادا أيضًا، إذ يكون متفشيًا في المحيط والبيئة الخاصة بالفرد، حتى يصبح أمرًا طبيعيًا، بل أسلوب حياة للشخص، الأمر الذي يخلق حالة من التوتر والضيق، والإرهاق المستمر.

أعراض الضغط النفسي

الضغط النفسي

لا بد وأن يقع كل منا تحت طائلة الضغط النفسي الشديد، الأمر الناتج عن مختلف مشكلات الحياة، والصعوبات التي نواجهها في محيط العمل، الدراسة، الأسرة، وهو ما يتسبب في عدة أعراض قد تكون قصيرة الأمد أو طويلة الأمد، والتي يكون لها تأثير خطير، وعدة آثار جانبية بمرور الوقت، ومن أبرز هذه الأعراض:

  • تسارع ضربات القلب.
  • صداع شديد.
  • كثرة تعرق اليدين.
  • الأرق وصعوبة النوم.
  • التقلبات المزاجية الفجائية.
  • الشعور بالدوار وآلام في الجسد.
  • انخفاض الطاقة والرغبة في العمل.
  • صعوبة في الهضم، أو مشاكل في الجهاز الهضمي بشكل عام.
  • الشعور بشد في عضلات الجسم، خاصة منطقة العنق والكتفين.
  • العدوانية في ردود الأفعال تجاه الآخرين.
  • المبالغة في التفكير وتهويل الأمور والمشاكل، مهما صغر حجمها.
  • فقدان حس الدعابة، وعدم الرغبة في الاندماج مع المحيطين.

كذلك يمكن أن يؤدي الإجهاد والضغط إلى استجابة الجسم العكسية، بمعنى أنه عندما يمثل لدى الفرد شعورًا بالتهديد أو الخطر، تكون أعراضه إيجابية، إذ يعمل على تحفيز الشخص ويعزز استجابته للضغط المحيط به، وهي العملية التي تتم عن طريق إطلاق بعض الهرمونات المعينة، مثل الكورتيزول والأدرينالين.

الأمر الذي يؤدي إلى تسارع نبضات القلب، وتحويل تدفق الدم إلى مجموعة العضلات الرئيسية، بالإضافة إلى تغيير عدة وظائف عصبية لا إرادية، مما يمنح الجسم مزيدًا من الطاقة والقوة، ويحفزه لإنجاز المهام المكلف بها في وقت قصير.

أسباب الضغط النفسي

الضغط النفسي

يختلف الضغط النفسي باختلاف المشكلات المسببة له، والتي تشمل عدة عوامل يواجهها الفرد طوال حياته، قد تتمثل أسباب الضغط النفسي في:

  • ضغوطات مستمرة في العمل.
  • العلاقات الأسرية الشائكة، والتي تجعل الفرد يعيش في دوامة من المشاكل غير المتناهية.
  •  المتاعب اليومية الناتجة عن الروتين، وتربية الأطفال، خاصةً بالنسبة للأم.
  • كذلك مشاكل الشؤون المالية، والتي تكون متعلقة بمقدار الدخل الضئيل، مقارنة بمتطلبات الحياة من أساسيات أو كماليات باهظة الثمن.

طرق العلاج

الضغط النفسي

العلاج الطبي

لا يوجد تشخيص أو علاج طبي محدد، للحالات التي تعاني من الضغط النفسي، إذ يتطلب علاج الضغط النفسي أن تكون لدى الفرد رغبة وعزيمة، وتركيز شديد على تغيير الموقف، وتطوير المهارات للتعامل معه، كذلك محاولة علاج الأعراض أو الحالات الناجمة عن هذا الضغط، وهو ما يتطلب اللجوء إلى بعض أنواع الأدوية المساعدة، مثل مضادات الحموضة والاكتئاب، والأدوية المضادة للقلق والضغط بشكل عام، والتي تكون بوصف طبيب مختص.

العلاج النفسي

الضغط النفسي

يتطلب العلاج النفسي أن يقوم الفرد بعدة نقاط هامة، أولها الدراسة المعرفية والسلوكية للحالة التي يمر بها، إذ يعد تحديد مسببات الضغط أهم خطوات العلاج، يليها محاولة التخفيف والتقليل من مستويات الضغط، الأمر الذي يتم عن طريق:

  • القيام بالأنشطة الجسدية المختلفة، وممارسة التمارين، بالإضافة إلى بعض تقنيات الاسترخاء التي تساعد في التخلص من الضغوط النفسية، مثل اليوغا والتأمل.
  • محاولة التخلص من جميع الأفكار السلبية، التي تسيطر على العقل وتزيد نسبة القلق والإجهاد، وهو ما يتم من خلال التركيز على التفكير الواقعي الإيجابي فقط.
  • تخطيط وتنظيم الوقت، مما يساعد في زيادة طاقة الفرد، ويمنحه شعورا أكبر بالسيطرة على جميع الضغوطات التي تعرقله، ويمكن تنفيذ هذا الأمر من خلال وضع جدول للأعمال والمهام اليومية أو الأسبوعية، بالإضافة إلى تدوين المشكلات وبعض الحلول لها.
  • تنظيم ساعات النوم ليلًا، مما يضمن للفرد قيامه بالمهام المكلف بها على أكمل وجه، حيث ترتبط قلة النوم بزيادة الضغط والإجهاد.
  • زيادة التواصل الاجتماعي مع الأفراد المحيطين، ومحاولة بناء علاقات اجتماعية مختلفة، سواء كان ذلك في محيط الأقارب أو العمل أو الدراسة، إذ يساعد بناء العلاقات والتحدث مع الأشخاص، في الحد من الضغوط النفسية بنسبة كبيرة.
  • التقليل من المشروبات الضارة، خاصة التي تحتوي على نسبة كافيين عالية.

وأخيرًا من الضروري أن يسعى الفرد لتقبل بعض الضغوطات كما هي، والتي لا يكون هناك مفر منها في حياته اليومية، كذلك زيارة طبيب مختص لطلب المساعدة والاستشارة، مما يسهم في سرعة العلاج، والخروج من دائرة الضغط النفسي.

المصدر
مصدر 1مصدر 2مصدر 3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى