ثقافة ومعرفة

تأثير الكوبرا.. عندما يتسبب حل المشكلة في تفاقمها!

عند مواجهة الأزمات، يلجأ للبعض لحلول علمية تأتي بثمارها سريعا، فيما يعتمد آخرون على أساليب أخرى تبدو أكثر ذكاء، ولكنها تؤدي أسفا لزيادة الطين بلة، كما حدث بقصة ثعابين الكوبرا في الهند، التي ظهر على إثرها مصطلح “تأثير الكوبرا” الشهير.

قصة “تأثير الكوبرا”

تأثير الكوبرا.. عندما يتسبب حل المشكلة في تفاقمها!

يعود ظهور مصطلح تأثير الكوبرا، إلى سنوات الحكم البريطاني للهند، حين شعرت الحكومة البريطانية بخطورة أزمة تفاقم أعداد ثعابين الكوبرا في البلاد، بعد أن انتشرت بسمومها القاتلة بكثرة، لتهدد سلامة الجميع في المدينة الهندية الشهيرة دلهي، ما نتج عنه ظهور حل عجيب، أدرك الجميع كم كان كارثيا في غضون فترة بسيطة.

أشار أحد المسؤولين إلى فكرة مختلفة، تتلخص في الاستعانة بأبناء الشعب الهندي للتخلص من الأزمة، عبر عرض مكافأة مجزية أمام كل ثعبان كوبرا يقتلونه، الأمر الذي وإن بدا كعلاج سريع للمشكلة، فإنه أوقع مسؤولي الحكومة البريطانية في أزمة أخرى، سببها التحايل الذي مارسه الهنود حينئذ.

غامر الكثير من فقراء الهند بحياتهم للفوز بالمكافآت تلو الأخرى بطريقة غير شرعية، إذ قاموا بتربية ثعابين الكوبرا بعد اصطيادها بدلا من قتلها، حتى تأتي لهم بالمزيد والمزيد من الثعابين، وتعود عليهم لاحقا بالأموال الطائلة عند تقديمها للحكومة البريطانية، إلا أن السحر انقلب على الساحر، مع وصول تلك الأفكار للبريطانيين، فألغت الحكومة اتفاقها المثير للجدل مع المواطنين.

في تلك اللحظة، أردك الهنود فجاة أن الثعابين صارت بلا فائدة، فأطلقوا سراحها لتطوف البلاد بكل حرية، لينتهي الأمر بزيادة أعداد ثعابين الكوبرا في الهند بدلا من تراجعها، ومن ثم زيادة حدة الصداع في رأس الحكومة البريطانية بدلا من علاجه!

قصة شبيهة

تأثير الكوبرا.. عندما يتسبب حل المشكلة في تفاقمها!

بالرغم من روعة تلك القصة، التي كشفت بإيجاز عن كارثة الاعتماد على حلول، لا تعالج المشكلات بقدر ما تزيدها سوءا، فإن التشكيك قد طالها من قبل بعض المؤرخين، الذين أشاروا لقصة أخرى أكثر مصداقية، وتم إثبات حدوثها في العاصمة الفيتنامية الحالية هانوي، حين انتشرت الفئران هناك إبان وقوع فيتنام تحت سيطرة الحكم الفرنسي، منذ أواسط القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن التالي.

توصل المسؤولون الفرنسيون حينئذ لحل لا يختلف كثيرا عن ذلك الخاص بالحكومة البريطانية، ويتمثل في تحديد مكافأة كبرى لقتلة تلك القوارض، يحصلون عليها مع تقديم كل ذيل فأر مقتول، إلا أن ردود فعل شعب فيتنام قد اختلفت قليلا في هذه القصة الحقيقية عن أفعال الهنود، لكنها اتفقت من ناحية الدهاء.

لجأ أبناء هانوي إلى قطع ذيول الفئران فحسب، دون قتلها كما كان يحدث في السابق، حتى يمكن لتلك القوارض أن تنجب المزيد من الفئران، التي لا تعني بالنسبة لفقراء فيتنام إلا المزيد من المكافآت، لذا زادت أعدادها في البلاد، وفشلت الخطة الفرنسية بعد أن زادت الأمور سوءا أيضا.

في النهاية، يرى المحللون أن سر فشل الخطط المشار إليها، لا يعود إلى سذاجتها أو غرابتها، بقدر ما يعود لعدم تنبه واضعيها إلى طريقة تفكير الأطراف الأخرى، التي لم تأبه إلا لكيفية تحقيق أعلى استفاده من الأزمة، بدلا من علاجها، حتى لو على حساب أرواحهم، ليصبح تأثير الكوبرا كالدرس القاسي، الذي ينصح الجميع بفهمه قبل فوات الأوان.

المصدر
طالع الموضوع الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى