الصحة النفسية

فصام الطفولة.. أشرس الأمراض العقلية والذهنية المبكرة

يؤكد العلماء خطورة مرض الفصام حينما يعاني منه البالغون أنفسهم، فما بالك بما يحدث عندما يسيطر على العقل في عمر مبكر، هذا هو ما نوضحه عبر الكشف عن تفاصيل فصام الطفولة، الذي يظهر بصيص الأمل في علاجه عند مقاومته في مراحله الأولى.

فصام الطفولة

يعرف فصام الطفولة أو الشيزوفرينيا عند الأطفال، بأنه أحد أشرس الأمراض العقلية والذهنية، حيث يهاجم الطفل من دون الـ13، ليتسبب في إرباك حساباته والتأثير بأسوأ الصور على تعامله مع واقع الحياة، في ظل المعاناة منه في مرحلة حرجة يبدو فيها العقل غير مكتمل النضوج.

يعد الفصام عند الأطفال من أكثر الأمراض العقلية ندرة، حيث يصيب طفلا واحدا من بين كل 40 ألف طفل، كذلك من الوارد أن تبدو أعراضه التي تشمل أفكارا وسلوكيات وأحاسيس غريبة، بعيدة عن ملاحظة الأشخاص المحيطين بالطفل لفترة، ليزيد ذلك من غموض وتعقيد شيزوفرينيا الأطفال الصغار.

أعراض الفصام عند الأطفال الأصغر سنًا

هي الأعراض المرضية المبكرة والتي تظهر على الطفل حينما يتراوح عمره بين عام واحد و3 أعوام، لتتمثل حينها في:

قلة الحركة

يبدو مريض الفصام الرضيع شديد الاختلاف عن الأطفال في مثل عمره، حيث يميل إلى الركود في مكانه دون حركة، بل ويطول الأمر به أحيانًا ليبدو مستقرًا في مكانه دون أي خطوة للأمام لفترات غير معتادة.

التأخر

من المؤكد أن تأثير فصام الطفولة على ضحاياه، يتسبب في معاناتهم من تأخر ملحوظ في عدد من المهارات العادية مقارنة بالأطفال الآخرين، ومن بينها التأخر في الحبو والمشي وكذلك الكلام.

الحركات المفاجئة

لا يبدو من المستغرب أن يقوم ضحية الفصام الصغير، ببعض من الحركات المفاجئة مثل التأرجح أو ضرب اليدين ببعضهما البعض.

سوء وضعية الجسم

تؤدي المعاناة من فصام الطفولة، إلى التأثير سلبًا على الحالة الجسدية للمريض، حيث يظهر ذلك جليًا في جسم الطفل الذي يبدو رخوًا، لتعد تلك أحد أبرز أعراض الفصام عند الأطفال التي تؤثر على المظهر.

يؤكد الخبراء والباحثون أن تلك الأعراض أو بعضا منها، قد تظهر أحيانًا عند المعاناة من أمراض أخرى بخلاف الشيزوفرينيا، كما يمكن لجزء منها أن يظهر على طفل لا يعاني من أي مشكلة عقلية من الأساس، ليكشف ذلك عن ضرورة الرجوع للأطباء القادرين وحدهم على تحديد الفروق بين تلك الحالات المختلفة.

أعراض الفصام عند الأطفال الأكبر سنًا

فصام الطفولة
أعراض فصام الطفولة

هي تلك المجموعة من الأعراض التي تصيب الطفل الذي تجاوز مرحلة الرضاعة، والذي يقل في الوقت نفسه عن عمر الـ13، لتبدو علامات المرض أكثر تطورًا ومن بينها:

صعوبة التفرقة بين الواقع والخيال

يقع مريض الفصام الصغير ضحية لحالة من التشوش تصيب عقله، لذا يصبح من الوارد أن تختلط عليه الأمور بدرجة مقلقة، إذ يعجز عن التفرقة بين أمور الحياة الواقعية والأمور الأخرى التي نسجها خياله، وربما بين الأشياء الحقيقية والأحلام الخاصة به، علمًا بأنه قد يفشل كذلك في التفرقة بينها وبين ما يشاهده على القنوات التلفزيونية من برامج ومسلسلات.

الأوهام

بينما تعد الأوهام المسيطرة على العقل من علامات الشيزوفرينيا عند البالغين، فإن الأمر لا يختلف كثيرًا بالنسبة إلى أعراض الفصام عند الأطفال، حيث يبقى الطفل ضحية لأوهام لا تمت للواقع بصلة، غالبًا ما ترتكز على مخاوف من التعرض للأذى، سواء من شخص أو من شيء ما، لتؤثر على سلوكياته التي تغلف بالرهبة والهلع.

الهلاوس

كذلك تسيطر الهلاوس على عقل الطفل المصاب بالفصام كما تفعل تمامًا بالمريض البالغ، حين تدفعه إلى سماع همسات غير واقعية، أو أصوات خيالية تطالبه بإتمام بعض المهام، فيما تتمثل الهلاوس أيضًا في رؤية أشياء من نسج الخيال، مثل أضواء لامعة أو رقعات داكنة.

القلق الشديد

لا تختلف الشيزوفرينيا عن الكثير من أمراض اضطرابات القلق من حيث التأثير على المزاج العام للمريض، سواء كان قد تجاوز مرحلة البلوغ والنضوج أو كان في مرحلة الطفولة، حيث يؤدي فصام الطفولة إلى معاناة ضحيته من القلق والتوتر الشديد، علاوة على سوء المزاج.

غياب تعبيرات الوجه

يبدو وجه مريض الفصام الصغير خاليًا تمامًا من التعبيرات الطبيعية التي يظهرها الأطفال الآخرون من نفس المرحلة العمرية، فسواء كان يجلس في صمت تام أو كان يتحدث مع الأشخاص المحيطين به، فإن وجهه يظهر بلا أي علامات تدل على الحزن أو الفرح أو أي من المشاعر الإنسانية.

السلوكيات الحائرة

يعاني مريض الفصام في مرحلة الطفولة من سلوك متحير لا يمكن تفسيره إلا من جانب الأطباء المتخصصين، حيث تعد التصرفات الغريبة والتي تشمل في بعض الأحيان التعامل كطفل أصغر سنًا بأعوام طويلة، وكذلك الجلوس في صمت والتأمل بلا هدف، من أعراض الفصام عند الأطفال، والتي تستحق الانتباه من جانب أفراد الأسرة دون تأجيل.

من جديد يشدد الخبراء على ضرورة استشارة الأطباء عند ملاحظة الأعراض المذكورة، وعدم الاعتماد على الرؤية الشخصية للأمر نظرًا لأن تلك الأعراض تبدو مشابهة لعلامات أزمات مرضية أخرى.

أنواع أعراض الفصام عند الأطفال

فصام الطفولة
أنواع أعراض الفصام عند الأطفال

يقسم الخبراء أعراض الفصام عند الأطفال إلى 3 أنواع مختلفة، بعيدة عن الأعراض المذكورة، حيث تتمثل في:

أعراض إيجابية

لا تتسم تلك الأعراض بالإيجابية المطلوبة دون شك، بل يقصد بهذا المصطلح أنها علامات إضافية أو زائدة عن الطفل الطبيعي، مثل تلك الأعراض الذهانية غير المتوافقة مع الواقع، والتي تشهد سيطرة أفكار غريبة وهلاوس وربما حركات جسدية غير معتادة على المريض الصغير.

أعراض سلبية

هي تلك الأعراض التي تكشف عن حرمان الطفل المصاب بمرض فصام الطفولة، من مهارات وإمكانيات يملكها الأطفال الآخرون من نفس عمره، لتؤثر سلبًا على سلوكياته ومشاعره، ومن ضمنها الانعزال عن الأصدقاء أو حتى أفراد الأسرة، والتحدث بقليل من الكلمات والاعتماد على الردود المختصرة أو عدم التحدث على الإطلاق، إضافة إلى إظهار القليل من المشاعر وربما عدم الكشف عن ملامحها من الأساس.

أعراض إدراكية

يعاني مريض فصام الطفولة من تلك الأعراض المؤثرة على طريقة تفكيره وتذكره للأمور من حوله، ليبدو حينها غير قادر على التركيز، أو حتى فهم الأمور البديهية التي لا يجد الأصحاء صعوبة في إدراك معانيها.

أسباب فصام الطفولة

فصام الطفولة
أسباب فصام الطفولة

يحاط مرض فصام الطفولة وأسبابه المؤكدة بجانب واضح من الغموض، إلا أن ذلك لم يمنع العلماء من توقع بعض العوامل التي قد تؤدي إلى المعاناة من شيزوفرينيا الأطفال، وهي:

العوامل الوراثية

هو العامل الأبرز الذي يتفق عليه الكثير من الخبراء، حيث تبدو فرص معاناة الابن أو الابنة من الفصام أكبر إن كان أحد أفراد الأسرة وتحديدًا أحد الأبوين مصابا به بالفعل، مع الوضع في الاعتبار أنه ليس سببًا كافيًا في ظل وجود الكثير من الحالات التي يعاني فيها الآباء من المرض العقلي المذكور، دون أن يتأثر الأبناء سلبًا.

أزمات الحمل

تؤدي الأزمات التي تعاني منها الأم خلال مرحلة الحمل إلى زيادة فرص إصابة الطفل بالفصام، فسواء تعرضت الأم للتوتر الشديد أو سوء التغذية أو للفيروسات والجراثيم، فإن النتيجة المؤسفة قد تظهر فيما بعد في تعرض الطفل لمرض الشيزوفرينيا.

إهمال الأم وعمر الأب

يرى بعض الخبراء أن قيام الأم خلال مرحلة الحمل ببعض السلوكيات شديدة الخطورة، مثل تعاطي المواد المخدرة أو شرب الكحوليات، قد يؤدي إلى إصابة الطفل بالفصام فيما بعد، مع العلم بأن عمر الأب المتقدم يعد من عوامل إصابة الأبناء بالمرض العقلي نفسه.

تشخيص فصام الطفولة

ينجح الأطباء المتخصصون وحدهم في تشخيص فصام الطفولة، فبينما تتشابه أعراض المرض كما ذكرنا من قبل مع أعراض مرضية أخرى، فإن الأمر يستحق عرض الطفل على الطبيب عند ملاحظة أي تغيرات مثيرة للجدل.

يحتاج الطبيب في البداية إلى وقت طويل ومجهود يذكر من أجل ملاحظة أعراض المرض على الطفل، وكذلك مدى استمرارها، للتفرقة بينها وبين أعراض أزمات عقلية ونفسية لا حصر لها.

يلجأ الأطباء أيضًا إلى بعض الفحوصات والاختبارات للتأكد أكثر وأكثر من عدم معاناة الطفل من أمراض أخرى، حيث تشمل تحاليل للدم واختبارات للجسم، علاوة على فحوصات شديدة الخصوصية للمخ، ليبدو ذلك كافيًا من أجل تحديد العلاج اللازم للطفل.

علاج فصام الطفولة

فصام الطفولة
علاج فصام الطفولة

يبدو أن عدم وجود علاج مؤكد لمرض فصام الطفولة هو أحد أسباب تعقيد تلك الأزمة العقلية الخطيرة، إلا أن بعض الخطوات التالية بإمكانها النجاح في السيطرة على أعراض المرض، وخاصة مع اتخاذها في وقت مبكر.

الأدوية العلاجية

هي تلك الأدوية القادرة على مواجهة أسوأ أعراض الفصام، والتي تعرف بمضادات الذهان، حيث يصف الطبيب دواء أو أكثر وفقًا للحالة ودرجة حدتها، أملًا في أن تقلل من ظهور الهلاوس والأوهام بالقدر المطلوب.

ينصح الأبوان بمتابعة تأثير تلك الأدوية العلاجية على الطفل، للتحدث مع الطبيب بشأن أعراضها الجانبية، كما يجب عليهم التأكد منه من احتمالية حصول الطفل على أدوية علاجية لأمراض أخرى، إذ ربما تتعارض مع علاجات الفصام.

العلاجات النفسية

بقدر أهمية الأدوية العلاجية الخاصة بالفصام، تأتي أهمية تلقي مريض الفصام في مرحلة الطفولة لبعض الجلسات النفسية، التي يمكنها من ناحية تقليل مشاعر القلق والتوتر المصاحبة لهذا المرض العقلي، تمامًا مثلما تنجح من ناحية أخرى في تحفيز المريض على التحكم في الأعراض المزعجة لأزمته.

من الوارد أن يتطلب الأمر حضور الأبوين لجلسات العلاج النفسي للطفل، من أجل تقديم الدعم المطلوب، وكذلك للتعرف على طبيعة المرض بصورة أكثر وضوحًا، ليبدو علاج الطفل في بعض المراحل مرهونًا بمدى العون المقدم من أفراد الأسرة.

جلسات تعلم المهارات

تتمثل صعوبة فصام الطفولة في كثير من الأحيان، في معاناة الطفل من هذا المرض العقلي في مرحلة مبكرة، ليمنعه من التطور بالشكل المطلوب على الصعيد الذهني والنفسي في وقت حرج، لذا تأتي جلسات تعلم المهارات لتعوض هذا النقص بدرجة أو بأخرى.

تشمل تلك الجلسات تدريبات على امتلاك المهارات الاجتماعية، التي تسهل عليه التعامل مع الأطفال الآخرين، كما تمنحه القدرة على إتمام المهام اليومية التقليدية، إلى جانب دورها الضروري في تعويده على تجاوز التحديات المختلفة، والتي يواجهها في المدرسة أو أي من الأماكن خارج المنزل.

الإقامة بالمستشفى

في بعض الحالات، يبقى وضع الطفل المصاب بالشيزوفرينيا في المستشفى لفترة مؤقتة، تتحدد بناء على رأي الأطباء، هو الخيار الأنسب، ما يحدث إن ظهرت فرص إيذاء الطفل لنفسه أو من حوله.

يحصل الطفل داخل المستشفى على العناية اللازمة، التي تغلف بمناخ آمن يضمن تلقيه العلاج على أيدي المتخصصين، مع العلم بأن بقاء الطفل في المنزل ولكن تحت إشراف شخص محترف، قد يبدو من الخيارات الواردة ولكن بعد استشارة الأطباء.

مضاعفات فصام الطفولة

يحذر الأطباء دومًا من خطورة تأخير بدء علاج الطفل، الذي تظهر عليه أعراض فصام الطفولة، ليس فقط بسبب توقع تدهور حالته يومًا بعد الآخر، بل كذلك لاحتمالية معاناته لاحقًا من مضاعفات تتمثل في:

  • المعاناة من أمراض عقلية ونفسية أخرى تزيد تعقيد حالته.
  • إيذاء نفسه بسلوكيات وأفعال خاطئة تتسبب في المشكلات له وللمحيطين به.
  • التفكير في الانتحار وربما اتخاذ بعض الخطوات الجادة في هذا الأمر المؤسف.
  • تعاطي المواد المخدرة أو المشروبات الكحولية والوقوع في خطر الإدمان الذي يتعارض دون شك مع العلاج.
  • التعرض لمشكلات قانونية أو مالية.
  • صعوبة الاعتماد على النفس أو النجاح في الدراسة، وبالتالي العجز عن الاستقلال والعمل في السنوات التالية.

في الختام، يبقى مرض الفصام مدمرًا لمرضاه من البالغين، لذا يعد فصام الطفولة أشد قسوة على عقول لم تكتمل بالدرجة المطلوبة، ما يكشف عن أهمية دعم الطفل المصاب بهذا المرض العقلي، مع علاجه على يد الأطباء المتخصصين بمجرد ظهور ملامح الأزمة.

المصدر
مصدر 1مصدر 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى