بينما يفترض أن تتشكل قوات الشرطة من أكثر العناصر البشرية شجاعة، وحرصا على سلامة أبناء شعبهم، نفاجأ بأن أول رجالات الشرطة الذين ظهروا في أستراليا، كانوا مجموعة من المجرمين المحكوم عليهم بالسجن، وذلك منذ قرون طويلة مضت!
مجرم وشرطي
مع حلول عام 1788، وفي ظل الحكم الاستيطاني البريطاني لآرثر فيليب، على ولاية نيوساوث ويلز الأسترالية، تم تعيين مشاة البحرية لأجل تطبيق القانون، ما لم ينجح عند التطبيق مع انتشار الجريمة بوضوح في هذه الأثناء، الأمر الذي تطلب ابتكار فكرة أخرى لحماية أمن البلاد.
قرر الأدميرال آرثر فيليب حينئذ، تشكيل دورية شرطية خاصة لمراقبة الأوضاع الأمنية، لذا فمع قلة الأعداد والخيارات المتاحة من أجل تأسيس تلك الدورية، لم يجد الأدميرال أمامه إلا الاستعانة ببعض المجرمين المحكوم عليهم من قبل، والذين عرفوا بحسن السير والسلوك، لملء فراغ قوات الشرطة.
بدأ الأمر باختيار 12 رجلا للقيام بتلك المهمات الأمنية، قبل أن يختار المسؤولون دفعة جديدة من المجرمين في عام 1790، لسد الفراغ الخاص بشرطة مشاة سيدني، الأمر الذي بدأ يمتد لاحقا إلى ضواحي أسترالية أخرى، مثل تونجابي وباراماتا، علاوة على مدينة هاوكيسبيري الكندية، حتى أصبح من المعتاد أن تتألف قوات الشرطة هناك من المجرمين السابقين.
نتائج غير متوقعة
المثير أن البلاد خلال تلك الفترة شهدت بعضا من الهدوء النسبي، الذي شجع المسؤولين على مدار 30 عاما كاملة، على تعيين المجرمين في تلك المناصب الحساسة في الدولة، بجانب قوات شرطة أخرى تقليدية، بدأت في الظهور مع مرور الوقت، حيث وكلت بحماية المستوطنين في الأماكن النائية، ومراقبة البضائع أثناء نقلها، بما فيها من ذهب ومعادن نفيسة.
في النهاية، وبالرغم من عدم وجود وثائق وإحصاءات رسمية عن معدلات الجرائم في ذلك الوقت، من نهايات القرن الـ18 وحتى بدايات القرن الـ19، إلا أن أغلب الخطابات والرسائل التي بعثت خلال تلك الفترة، قد أشارت بوضوح إلى تراجع حاد في معدلات الجريمة بعد صدور وتنفيذ هذا القرار العجيب، الذي وإن بدا جنونيا للغاية، فإنه تمكن من جلب الأمان للشوارع الأسترالية، بعد المعاناة لسنوات من الانفلات.