هل تواجه أحيانا ذلك الموقف الذي يجمعك بشخص ثرثار يسهب في الحديث بصورة صادمة، للدرجة التي تجعلك تتململ وتفقد تركيزك من الأساس؟ هل تشعر حينها بأنك مستعد للهرب من ذلك الوضع المزعج بأي ثمن؟ أم أنك ترغب في ذلك الوقت بأن توضح له نقطة ضعفه القاتلة تلك؟
إن كنت ترغب في القيام بتلك المهمة الصعبة، فسيكون حلا أفضل لك وله كذلك، ولكنه سيكون أمرا شاقا أيضا، فلا يوجد على هذه الأرض من يحب أن يستمع إلى كلمات النقد، ويعرف أنه كان مملا أو وقحا أو كثير الكلام، حتى وإن كان ذلك في مصلحته.
عادة أم مرض؟
كثرة الكلام هي عادة سيئة جدا، تعرض صاحبها لمواقف سخيفة، على رأسها شعوره بعدم الترحيب ممن حوله، في الوقت الذي يظن نفسه شخص آثر بحديثه.
علاوة على ذلك، فكثرة الكلام تدل أحيانا على شعور المتحدث بالعصبية أو الوحدة، أو تدل على إصابته بأزمة ما نفسية، تجعله يخشى البقاء صامتا ولو لدقائق معدودة، وهو ما يتسبب في النهاية بشعور المستمع بالضيق وعدم الرضا.
كيف تعالج الموقف؟
بداية، يجب أن يكون توضيح تلك النقطة للشخص الثرثار في جلسة لا تضم شخصا آخر غيركما، بحيث لا يصبح الأمر وكأنها جلسة توبيخ أو إذلال. كذلك يجب أن يكون تقديم تلك النصيحة بأسلوب لائق، فلا يتم إلقاء جملة مثل “أنت شخص كثير الكلام” في وجهه، وانتظار مردود طيب، بل يقدم النصح تفصيليا، من خلال سرد جمل مثل “هل تسمح لي بأن أوضح لك نقطة مهمة؟ أنت لم تعطني الفرصة الكافية لتوضيح أفكاري”.
عليك أن توضح تلك النقطة، ولا تدع الأمر يتحول إلى مناقشة لا طائل لها، فأنت هنا تعطي توضيحا لأمر ما أنت فقط من شعرت به ورأيته وليس هو.
كذلك يجب الابتعاد عن رمي سهام النقد الجارح، والتعميم، وتقليل الشأن، كأن تقول له “أنت لا تدع أحد غيرك يتكلم” أو “يكرهك الناس جميعا بسبب تلك العادة السيئة” ، حيث لن يؤدي ذلك إلا لالتزامه برد فعل دفاعي جدا وغاضب، لن يعمل على تغييره للأفضل.
بالطبع يختلف الأمر كثيرا عندما يكون هذا الشخص مرؤوسك في العمل، حيث يمكن حسم الأمر من خلال اجتماع سريع، تؤكد عليه من خلاله أنه لم يعط الفرصة للآخرين بعرض أفكارهم مثلما فعل هو. ويمكنك في هذه الحالة حتى أن توضح له وقتا محددا للحديث عليه أن يلتزم به هو وزملاؤه، حتى يأخذ كل فرد حقه الكامل في الحديث.
وفي النهاية، كثرة الكلام هي عادة سيئة، لا تعالج إلا بالهدوء والحكمة، حتى تكافأ أنت فيما بعد، بالكثير من الصمت المريح.