ملهمات

بقرة تتسبب في أحداث شغب فيخلدها السكان بنصب تذكاري!

توريف.. مدينة صغيرة تابعة لمقاطعة أبردينشاير الأسكتلندية، وكغيرها من المدن الصغيرة في الريف الأسكتلندي يعمل غالبية أهلها في الزراعة، إلا أن ما يميزها هو وقوع أحداث شغب وعنف فيها قبل أكثر من مائة عام، ولا تعنينا هذه الأحداث بقدر ما يعنينا السبب الرئيسي لهذه الأحداث والمفجر الحقيقي لها، ألا وهي البقرة «تورا كو»!

البقرة "كو".. تتسبب في أحداث الشغب ويخلدها السكان بنصب تذكاري!

قانون التأمين

تبدأ قصة البقرة «كو» في عام 1911، وهو العام الذي سنت فيه الحكومة البريطانية قانون التأمين الوطني، ووفقا لهذا المخطط الجديد، طُلب من العمال وأصحاب العمل المساهمة في دعم الحكومة وتمويل استحقاقات الدولة، عبر التأمين ضد المرض والبطالة، الأمر الذي أضحى إلزاميا لجميع العمال الذين تتراوح أعمارهم بين الـ16 والـ70.

ورغم أن التأمين الوطني في حد ذاته أمر جيد، إلا أن الناس في ذلك الوقت كانوا يشككون في الحكومة البريطانية، وظل العديد من المزارعين الأسكتلنديين غير مقتنعين بمزايا دعم الدولة للمحتاجين، فيما شعر البعض أن مستوى المساهمة المطلوبة منهم مرتفع للغاية، وأن التكلفة تفوق احتمالاتهم، وما من شأنه أيضا أن يزيد من تكلفة توظيف عمال المزارع، الذين يشعرون بالفعل أنهم يحصلون على الرعاية الجيدة، وبالتالي لن يستفيدوا شيئا من قانون التأمين الجديد.

الخروج على القانون

أخيرا حسم أحد المزارعين المحليين ‑ويدعى روبرت باترسون- أمره، وقرر أن يكون مثالا يحتذى به فقام بتوظيف الكثير من الرجال في مزرعته، ورفض ختم بطاقات التأمين لموظفيه، ما استدعى تدخل السلطات المحلية في الحال، واتهامه بارتكاب حوالي 20 مخالفة ضد قانون التأمين الوطني لعام 1911، وفرضت عليه غرامة مالية قدرت بنحو 15 جنيها إسترلينيا، بالإضافة إلى المتأخرات من اشتراكات التأمين الوطنية.

البقرة "كو".. تتسبب في أحداث الشغب ويخلدها السكان بنصب تذكاري!

دفع باترسون الغرامة، لكنه رفض دفع المتأخرات، وردا على ذلك أمرت المحكمة بالاستيلاء على جزء من ممتلكاته الخاصة بقيمة 7 جنيهات إسترلينية، وعندما جاء ضباط الشرطة ليحتجزوا ممتلكاته، لم يجدوا شيئا ذا قيمة باستثناء بقرة حلوب بيضاء، فقاموا بالاستيلاء عليها.

وتضامنا مع باترسون رفضت المزارع الزراعية التابعة لشركة «توريف» تنظيم عملية البيع، ولم يتقدم أي من منظمي المزادات المحليين لإجراء ذلك، الأمر الذي استفز السلطات، وحثها على جلب منظم من خارج المدينة لإقامة المزاد لبيع البقرة في وسط المدينة، أمام أعين المزارعين والبسطاء.

مزاد علني

اكتظت الساحة بالناس، بعد أن منح المزارعون نصف يوم عطلة حتى يتمكنوا من مشاهدة المزاد أو تعطيله، وسادت حالة من التوتر والترقب بين الحشد المضطرب، فيما بدا الانزعاج جليا على البقرة «كو»، قبل أن يسمع الحاضرون نباح كلب من مكان قريب، ففزعت البقرة وهربت من المزاد في غفلة من المنظمين، واختفت نهائيا بين الحشود، فيما يذكر البعض أن باترسون نفسه هو من قام بتقليد نباح الكلب لحث البقرة على الهرب.

بداية الشغب

تلا ذلك الأمر اندلاع أعمال الشغب والعنف، وشرع العشرات في قذف ضباط الشرطة بالفواكه والبيض والطعام الفاسد، ومن ثم الاشتباك معهم، وفي نهاية اليوم تم توقيف 8 من عمال المزارع، بما في ذلك باترسون، وتم تقديمهم للمحاكمة في أبردين بسبب سلوكهم غير المنظم وإثارتهم للشغب، لكن تمت تبرئة الجميع بسبب نقص الأدلة.

البقرة "كو".. تتسبب في أحداث الشغب ويخلدها السكان بنصب تذكاري!

وسرعان ما تم العثور على البقرة المهربة مختبئة في حظيرة مجاورة، فاقتيدت إلى أبردين للبيع في مزاد أكثر تنظيما، وهو ما تم بنجاح، ولكن السكان المحليين لمدينة توريف قاموا بالاجتماع فيما بينهم، وقرروا جمع المال لشراء البقرة من مالكها الجديد، وهو ما تم في الـ20 من يناير عام 1914، حيث عادت البقرة مرة أخرى إلى مالكها الحقيقي باترسون، واحتشد أكثر من 3000 شخص في انتصار واحتفال لمشاهدة البقرة، مزينة بشرائط وأكاليل من الزهور المجففة، وكتبت عليها بعض عبارات الاحتفال بالحرية، مصحوبة بفرقة موسيقية.

البقرة «كو»

توفيت البقرة «كو» بعد 6 سنوات ودفنت في إحدى مزارع باترسون، ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، فقد أصبحت البقرة من العلامات المميزة والشعارات الشهيرة في المدينة لسنوات عدة، وفي عام 1971 تم الكشف عن نصب تذكاري على جانب الطريق في ليندريم، قبل أن يرفع الستار أخيرا عن منحوتة «تورا كو» في وسط مدينة توريف، وهي بقعة معروفة الآن محليا باسم «Coo Corner».

المصدر
طالع الموضوع الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى