ثقافة ومعرفةإبداع

كارثة بحرية.. عندما تأتي الرياح بما لا تشتهي “فاسا”

العام 1628.. انطلقت السفينة الحربية السويدية “فاسا” في رحلتها الأولى من ميناء ستوكهولم باتجاه بولندا، حيث كانت الحرب مستعرة للسيطرة على بحر البلطيق، إلا أن الرياح غالبا لا تأتي بما تشتهي السفن، فبعد 1300 متر فقط على الإبحار، ومع أول ريح تهب عليها، غرقت السفينة، وفقد العديد من الأشخاص على متنها حياتهم، لتنتهي رحلتها قبل حتى أن تبدأ!

السفينة فاسا

عندما تأتي الرياح بما لا تشتهي "فاسا".. كيف استفادت السويد من الكارثة؟

فاسا.. واحدة من أعظم القطع البحرية التاريخية، بنيت خلال العامين 1626- 1628، بناء على أوامر من ملك السويد جوستاف أدولفوس، والذي كان يسعى جاهدا لإحكام السيطرة على بحر البلطيق خلال فترة حكمه، لذا أصدر أوامره ببناء السفينة الحربية “فاسا” في الحوض الملكي لبناء السفن في ستوكهولم، والتي أرادها أن تجمع بين القدرة القتالية العالية، والتصميم الملكي المبهر الذي استلزم ترصيعها بالعديد من بالأعمال الفنية والزخارف، وشارك في بنائها 400 عامل، بطول 69 مترا وارتفاع 5 طوابق، وتم تجهيزها بـ64 مدفعا، لتصبح واحدة من أكثر السفن الحربية قوة وتسليحا وكفاءة قتالية.

كارثة بحرية.. عندما تأتي الرياح بما لا تشتهي "فاسا"

كانت السفينة فاسا ثقيلة للغاية، بسبب تحميلها عددا من المدافع يفوق طاقتها الاستيعابية، ما أفقدها التوازن والاستقرار، ورغم ذلك فقد حرص الملك على رؤيتها في المعركة، والدفع بها إلى البحر أملا في حسم الحرب الدائرة لصالحه، وفي يوم الإبحار، تجمع حشد غفير في الميناء لمشاهدة السفينة الحربية الملكية فاسا وهي تغادر الميناء، وكان هناك أكثر من مائة من أفراد الطاقم مع النساء والأطفال على متنها، حيث سُمح للطاقم باصطحاب أهليهم وذويهم وبعض المقربين في رحلتهم الملحمية الأولى.

رحلة لم تكتمل

كارثة بحرية.. عندما تأتي الرياح بما لا تشتهي "فاسا"

بدأت السفينة في الإبحار وسط طلقات المدافع الاحتفالية على طول الميناء، ولم تلبث إلا قليلا حتى هبت ريح عاصفة أفقدت السفينة توازنها على بعد 1300 متر فقط من الميناء، فمالت على جانبها وأخذت المياه في التسرب إلى داخل السفينة عبر فوهات المدافع، حتى امتلأت بالكامل وغرقت مباشرة في قاع البحر، وفقد حوالي 30- 50 شخصا من أصل 150 حياتهم.

استغرق وصول خبر غرق السفينة فاسا قرابة الأسبوعين للوصول إلى ملك السويد الذي كان في بولندا وقتها، فكتب رسالة غاضبة إلى المجلس الملكي في ستوكهولم مطالبا بمعاقبة كل الأطراف المذنبة، واتهم الجميع بالـ”الحماقة والإهمال”، إلا أنه في حقيقة الأمر، هناك جزء من اللوم يقع على الملك نفسه حيث كان يشرف بنفسه على بنائها، ويقترح بعض التعديلات والتصميمات العبثية التي ترضي طموحه.

كارثة بحرية.. عندما تأتي الرياح بما لا تشتهي "فاسا"

كان عدم استقرار السفينة وعدم جاهزيتها للإبحار حقيقة تم التغافل عنها، فالجزء الذي تحت الماء من الهيكل كان صغيرا جدا مقارنة بحجمها الهائل، وكانت السفينة تحمل الكثير من الوزن فوق طاقتها الاستيعابية، وقبل بضعة أشهر من إبحار السفينة، أعرب القبطان المسؤول عن الإشراف على بناء السفينة ونائب الأدميرال عن قلقه تجاه قدرتها على الإبحار، بعد اختبار أجراه يظهر كيف كانت السفينة ستنقلب على جانبها، في حالة وجود 30 رجلا يركضون ذهابا وإيابا عبر السطح العلوي، وتم إبلاغ القيادة حينها، إلا أن إلحاح الملك ورغبته الشديدة في وجود السفينة فاسا ضمن الأسطول السويدي في بولندا منعت المسؤولين من إبلاغه حقيقة الأمر.

الاستفادة من الكوارث

كارثة بحرية.. عندما تأتي الرياح بما لا تشتهي "فاسا"

بعد 333 عاما على الكارثة وفي العام 1961 تحديدا تم انتشال السفينة الغارقة من القاع، واستقرت على الشاطئ قريبا من موضع غرقها، قبل أن يبنى حولها أحد أبرز المتاحف في العالم، والذي تم افتتاحه في صيف 1990 وسمي على اسمها، وتم تصميمه بناء على حجمها وهيكلها، ومع مرور الوقت تحول هذا المتحف إلى أحد أشهر المقاصد السياحية في السويد والدول الإسكندنافية، حيث يستقبل قرابة المليون سائح سنويا.

المصدر
طالع الموضوع الأصلي من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى